Al-Quds Al-Arabi

بعد نقاشات حادة ليومين: مجلس النواب الليبي يعلق جلساته لنهاية الشهر الجاري دون نتيجة

- طرابلس – «القدس العربي» من نسرين سليمان:

مجلس النواب الليبي، ورغم توحيده بشــكل رســمي علناً مع تشــكيل ســلطة تنفيذية جديدة، إلا أن الخلافات مازالت تطفو على سطح العلاقات بين نوابه، على أساس التوجهــات القديمة والرؤى، وســعياً من بعض الأطراف لخدمة من يدعمونه بالصوت والكلمة.

ومع دخــول الربع الثالث من ســنة 2021 لم يســتطع مجلس النواب كجهة تشــريعية مــن تأدية وإتمام أي من الاستحقاقا­ت المناطة به بسبب هذه الخلافات التي مازال يتمسك بها، فليبيا ستدخل الشهر السابع من السنة بدون اعتماد للميزانية، فضلاً عن قرب الانتخابات بدون تحديث لمنظومة المناصب السيادية، إضافة إلى رفض حسم مسألة القاعدة الدستورية والدستور.

ورغم الدعوات المتكررة لعقد جلســة لمناقشة الميزانية العامة للدولــة، إلا أن اعتمادها باء بالفشــل في كل مرة، بل خرج النواب عن سياق موضوع الميزانية إلى مواضيع

أخرى أثارت جدلاً وتعديات باللفظ واليد بعضهم ببعض.

الناطق باســم المجلس التشــريعي، وعقب جلســات اســتمرت ليوم، خــرج ليعلن عن تعليق الجلســات مرة أخرى دون التوصل لحل في قضية الميزانية.

وقال المتحدث الرسمي باســم مجلس النواب عبد الله بليحق، إن المجلس قد قرر اســتدعاء الحكومة في الجلسة المرتقبة المقرر إقامتها في 29 من الشهر الجاري .

وأضاف أن المجلس يشــدد ويؤكد على ضرورة تضمين الحكومة القوانين الصادرة عن البرلمان فيما يخص الباب الأول من الميزانية.

وقــال إن المجلس ســيعمل على إحالة رســالة للبعثة بشأن تصريحات رئيس مجلس الدولة، التي وصفها بأنها متنصلة من اتفاق بوزنيقة، وتابع بليحق ملوحاً بتصرف أحادي أنــه إذا لم ينفذ مجلــس الدولة اتفــاق بوزنيقة فسنقوم بمسؤولياتن­ا تجاه الشعب.

تصريحــات بليحق جاءت عقب جلســات حادة خلال اليومين الماضيين، فقد وصلت حدة النقاش في اليوم الأول إلى اســتخدام الأيدي واللكم والشتم والسب على الهواء مباشرة، وعلقت الجلســة وألغيت لتستأنف الثلاثاء غير

منقولة على الهواء ومغلقة.

عضــو مجلس النــواب الليبي أبوبكر ســعيد، قال في حديث لـ"القدس العربي" إن الجلســة افتتحت الاثنين في ظروف غير مناسبة، وأغلب الأعضاء غير متفائلين بإنجاز عمل إيجابي يساعد في إتمام المصادقة على قانون مشروع الموازنة العامة لسنة 2021م .

وتابع أنه ومن العادة ووفقاً لما هو معمول به أن يُفتتح النقاش لأي بند بكلمة لأعضــاء اللجنة المختصة، لعرض التفاصيل على أعضــاء المجلس وما اتخذتــه اللجنة من إجراءات أو لقاءات بهذا الشأن، وهذا للأسف ما لم يحدث في هذه الجلســة، ولم تُعــط الفرصة للجنــة التخطيط والمالية والموازنة العامة لشــرح التفاصيــل، خاصة أنها اجتمعــت قبل يوم واحــد فقط مع الســيد رئيس حكومة الوحدة الوطنية ووزراء، في طرابلس.

وقال سعيد إن رئاسة المجلس أعطت الكلمات للأعضاء، وبدأ النقــاش في مواضيــع متنوعة لا علاقة لهــا بالبند المطروح، مضيفاً أن الخلاف الــذي حصل جاء عقب طلب النائب عبــد الوهاب زوليه نقطة نظــام لتوجيه الحديث للبند المطروح وعدم الدخول في مواضيع أخرى قد تحدث

جدلاً واســعاً داخل قاعــة المجلس، باعتبــار أن التدخل الأجنبي في ليبيا مثبت رسمياً وليس مقتصراً على الوجود التركي، فهنــاك تدخل روســي )فاغنــر(، والجنجويد، وغيرهم. والحديث عن خــروج القوات الأجنبية يجب أن يشــمل الجميع، مؤكداً أن رئاســة المجلس لم تهتم بالأمر وعملت خلافاً لما هو معمول به في اللائحة الداخلية، وَهُو إعطاء الأسبقية لنقاط النظام.

وقال ســعيد إن بعض الأعضــاء قد اتفقــوا مع هيئة الرئاسة عبر تكليف لجنة التخطيط والمالية للاجتماع مع وزراء الحكومة الذيــن وصلوا لطبرق بنفس اليوم، وهذا ما تم فعلاً يوم الثلاثاء، حيث بدأت لجنة التخطيط والمالية باجتماع مشترك مع فريق حكومة الوحدة الوطنية، مضيفاً أن الاجتماع كان مثمراً.

وعقب الاحتماع، عقد المجلس جلسة مغلقة لبحث قضايا أخرى مختلفة ولم تُفض بأي قرارات. وفي نهاية الجلسة، اتفق على تأجيل الجلسة أسبوعاً آخر لإعطاء الفرصة إلى لجنة التخطيط والمالية لاستكمال مناقشتها مع الحكومة.

وأوضح ســعيد أن الاتفاق مع رئاســة مجلس النواب كان يقضي بأن تُعقد الجلســة القادمة يوم الإثنين الموافق 21 حزيران/يونيــو الجاري في مدينــة طرابلس، وتفاجأ الأعضــاء فيما بعد بخــروج الناطق الرســمي ليعلن أن الجلســة المقبلة ســوف تُعقد يوم 29 تموز/يونيو المقبل، وهذا مخالف لما تم التوافق عليه .

وعلــى هذه الوتيرة، لا توجد أي مؤشــرات -حســب متتبعين- لانفراجــة قريبة وحقيقية في قضية واحدة من القضايا العالقة لدى برلمان طبرق الداعم لحفتر، المعلن عن تمرده وخروجه عن سلطة حكومة الوحدة الوطنية.

فرغم اقتراب الانتخابات، لم يســتطع مجلسا النواب والدولة من حســم واختيار القاعدة الدستورية المناسبة، فرئيــس مجلس النــواب مــازال يصرح بشــكل دوري لرفض الشــعب لمشروع الدســتور رغم عدم قيام الشعب بالاســتفت­اء عليه، فضــاً عن قضية المناصب الســيادية السبعة، التي لم يجد المجلسان حتى الآن أرضية مشتركة يتناقشان ويتفقان من خلالها.

وللأســف، ومع اقتراب انتهاء مدة ولاية هذه الحكومة المؤقتة، تبقــى النتائج والإنجازات المحققــة مرهونة بما يتوفر من إمكانات للحكومة، كالميزانية وما يصلح ويوحد من مؤسسات من خلال المناصب السيادية .

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom