Al-Quds Al-Arabi

كيف تغلبت بومباي المدينة الأكثر اكتظاظا في الهند على الوباء

-

■ بومبــاي - أف ب:عندما وصــل وباء كوفيد-19 إلــى الهند، كانت بومباي مــن أكثر المدن عرضة للخطــر... لكن بعد مرور عــام، فاجأت أكثر مدن جنوب آســيا ازدحاما، كثرا بطريقة تعاملها الناجحة مع الموجة الثانية الفتاكة.

حتى أن غوراف أواســثي قطع مئات الكيلومترا­ت من منزله في ضواحي نيودلهــي لإحضار زوجته المريضة إلى أحد المستشــفي­ات في المدينة، ودفع لسيارة إسعاف أكثر من ألف دولار لقيادتها لمدة 24 ساعة متواصلة.

وقال الشــاب البالغ 29 عاما مســتذكرا محنة اســتمرت خمسة أيام في البحث من دون جدوى عن ســرير في الكثير من المدن بما فيها نيودلهي «لن أتمكن من الوفاء بالجميل لهذه المدينة».

وأضاف «لا أعرف ما إذا كانت زوجتي ستكون على قيد الحياة اليوم لولا المرافق الصحية في بومباي».

جثث في العنابر

بدأت الجثث الظهور مبكرا في عاصمة الهند المالية خلال الموجة الأولى من الوباء العام الماضي مع رجل ينهار على طريق مزدحم، وسائق عربة ريكشو ملقى على عجلة القيادة أو جثة ملقاة في الشــارع، في مشــاهد قاتمة تذكر بجائحة الانفلونزا العام 1918.

بحلــول أيار/مايو 2020 كانــت أبيغنيا باترا تعمل 18 ســاعة يوميا في مستشفى تيلاك العام المعروف باسم سيون. وقالت طبيبة التخدير البالغة 27 عاما «كان الأمر بلا نهاية». وقد وصف أقارب مرضى مشــاهد مؤلمة داخل عنابر مزدحمة، وقال رجل إنه اضطر لتغييــر حفاضات والدتــه المريضة بنفســه لأن الموظفين كانوا يعملون فوق طاقتهم.

وأظهر مقطع فيديو صوّر داخل ســيون وانتشــر على نطاق واســع عبر وســائل التواصل الاجتماعي، جثثا ملفوفة بأكياس بلاستيك سوداء تركت على أسرة في عنبر يعالج فيه مرضى.

في كل ليلة، كانت ترد آلاف المكالمات عبر الخط الســاخن الذي أنشــأته بلدية المدينة من مواطنين يائســن، العديد منهم ليس لديهم فرصة لدخول مستشــفى عام: لم يكن في بومباي إلا 80 سيارة إسعاف و425 وحدة عناية

مركزة لسكان يبلغ عددهم 20 مليونا. وقال إقبال شاهال الذي تولى منصب مفوض بلدية بومباي في أيار/مايو الماضي، إن شــيئا ما كان لا بد أن يتغير بسرعة.

ووفرت مستشــفيات ميدانية جديدة آلاف الأسرة، وقدّمت مرافق خاصة أجنحة لمعالجة المصابين بكوفيد-19 إلــى الحكومة وحوّلت 800 مركبة إلى سيارات إسعاف.

لكــن كل تلك الجهود لــم تكن كافيــة لمواجهة الارتفاع الســريع في عدد الإصابات. وقال شــاهال «كنــا نحتاج إلى مطاردة الفيــروس». وركز نهج اســتباقي على 55 حيا فقيرا بمــا فيها دارافي، وهو الأكبــر في الهند، حيث فرضــت تدابير صارمة مصحوبــة بتطهير للمراحيــض العامة واختبارات شاملة وجهود تطوعية ضخمة لضمان أن أحدا لن يجوع.

وتم تحويــل كل الاختبــار­ات الإيجابية في بومباي إلــى «غرف حرب»

يديرهــا أطباء يقومون بفرز الحالات وتحديد مكان إرســال المريض، بغض النظر عمــا إذا «كان وزيرا أو من كبار الشــخصيات أو من ســكان الأحياء الفقيرة». بحلول نهايــة العام 2020، بدا أن الهند ربما تغلبت بأعجوبة على الوباء وتم تخفيف قيود الإغلاق. لكن في بومباي، لم تفكك السلطات سريرا واحدا في المستشفيات الميدانية التي أصبحت مهجورة الآن.

وهذا يعني أنــه عندما ارتفع عدد الإصابات في آذار/مارس، كانت المدينة أفضل اســتعدادا من الكثير من المدن الهندية الأخرى حيث كاد نظام الرعاية الصحية ينهار.

وفي العاصمة نيودلهي وأماكن أخرى، توفي مرضى خارج المستشــفي­ات واكتظت محارق الجثث. لكن ليس في بومباي.

ورغم وجود كثافة ســكانية أعلــى بكثير من العديد مــن المدن الأخرى، شهدت بومباي معدلات وفيات أقل بشكل ملحوظ.

لكن المدينة لم تســلم رغم ذلك، واستذكر شــاهال إحدى ليالي نيسان/ أبريل عندما واجهت ســتة مستشــفيات نقصا حادا في الأكسجين ما عرض 168 مريضا لخطر الموت ما لم يتم نقلهم إلى مرافق أخرى. وقد نجا الجميع. وأضاف شاهال «كنا نتوقع وصول موجة ثانية».

صحوة

تتذكر باترا تلقي مكالمات من زملاء لها في نيودلهي كانوا يبحثون بيأس عن معدات طبية. وقالت «كأطباء، لا يمكننــا القيام بالكثير في غياب البنية التحتية». وأوضح روبن ماســكارين­اس الشــريك المؤســس لمنظمة «خانا شــاهيي» غير الربحية والتي تتخذ فــي بومباي مقرا لها، أنــه كان يتلقى عشرات الرسائل كل صباح من أشخاص يتسولون للحصول على الأكسجين والأدوية، لكن مع استمرار تفشي الوباء، كانت الطلبات ترد في معظمها من خارج المدينة. ورغم أن ذلك شــكّل «مفاجأة ســارة» لشاهال، فقد بقي حذرا وهو يســتعد لموجة ثالثة، يتوقع أن تؤثر خصوصا على الأطفال، من خلال تخزين الأكسجين وبناء مستشفيات ميدانية للأطفال وتوسيع القدرات في المستشفيات العامة.

وختم «لقد كان ذلك بمثابة صحوة بالنسبة إلينا».

 ??  ?? سكان «بومباي» يرجعون لحياتهم الطبيعية
سكان «بومباي» يرجعون لحياتهم الطبيعية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom