Al-Quds Al-Arabi

لبنان: مخاوف مؤجلة من شُح إمدادات الطحين مع تراجع احتياطيات المركزي من العملات الأجنبية

-

■ بيــروت - الأناضــول: تســود الأســواق اللبنانيــ­ة مخــاوف مــن شُــحّ ســلعة الطحــن المستورد من الخارج، وسط تراجع احتياطيات النقــد الأجنبي لــدى البنك المركــزي الذي يدعم أســعار الطحــن مــن خــال تحملــه جــزءا من فروقات أسعار صرف قيمة وارداته.

وربط مســؤولون وخبراء بين توافر الطحين في لبنــان، واســتمرار مصرف لبنــان المركزي بدعم اســتيراد القمــح، في وقت تشــهد البلاد شُــحّاً غير مســبوق في توافر ســلع أساســية أخرى، كالوقود والأدوية.

ويأتــي هــذا القلــق، في ظــل اســتمرار أزمة اقتصاديــة طاحنة في البلاد، وانعدام أية بوادر لحلها، وتواصل الفراغ الحكومي منذ 10 أشهر، نتيجــة تعثــر تشــكيل حكومــة جديدة بســبب الخلافات السياسية.

ولفــت مصــدر مقــرب مــن وزيــر الاقتصاد اللبنانــي إلى أن اســتيراد القمح حاليــاً مرتبط بمصــرف لبنــان، الــذي يؤمــن الدعــم المالــي لاستيراد كمياته من قبل المطاحن.

واســتبعد المصــدر أن يتوقف دعم اســتيراد القمح حاليــاً، نظراً إلى أنه لا يشــكل عبئاً مالياً كبيراً مقارنة باستيراد الوقود والأدوية.

وتبلــغ كلفــة دعم مصــرف لبنان لاســتيراد القمــح ســنوياً 135 مليــون دولار، فــي حين أن كلفــة اســتيراد الوقــود )بنزين وديــزل( تبلغ أكثر من ملياري دولار في الســنة، أما كلفة دعم استيراد الأدوية ســنوياً فتبلغ نحو مليار و105 ملايين دولار.

ويدعــم مصــرف لبنان اســتيراد تلــك المواد من خلال تأمــن الدولار إلى مســتورديه­ا وفق سعر الصرف الرســمي، الذي يبلغ 1510 ليرات لبنانيــة، في وقت أن ســعر صــرف الدولار في السوق الموازية تخطى 15250 ليرة لبنانية.

ومنــذ أواخر 2019 اهتزت الليرة بعدما كانت ثابتــة عنــد ســعر صــرف 1510 ليــرات مقابل الدولار الواحد طيلة نحــو 20 عاماً، قبل أن تبدأ بالانهيار تدريجيا.

وأمس حــذر علــي إبراهيم، نقيــب أصحاب الأفران والمخابز فــي لبنان، من وقوع كارثة في حال تم التعامل مع استيراد القمح، كما يحصل حالياً مع استيراد الوقود.

ونتيجــة عدم توفر النقــد الأجنبي المخصص للاســتيرا­د، يعانــي لبنــان منذ أســابيع شــحاً فــي الوقود، مــا أدى إلى إقفــال معظم محطات البنزيــن، فــي حــن تصطــف طوابيــر انتظــار طويلــة، أمام المحطات القليلة التــي تتوفر لديها المشتقات.

لكــن إبراهيــم، طمأن بأنــه «لا بــوادر حالية لحدوث أزمة طحين، لأن الأمور تســير بالشــكل المطلوب، من خلال تأمــن الأموال اللازمة لدعم استيراد القمح من قبل مصرف لبنان المركزي».

وأضاف «طالما أن مصرف لبنان يوفر أموال الدعم في الوقت المناسب، لاستيراد القمح ومن دون تأخير، فهذا يعني أن الطحين مؤمن وكذلك الصناعات الغذائية الأخرى المتعلقة به».

ويدعم المصرف المركزي 85 في المئة من قيمة اســتيراد القمح وفق ســعر صرف 1510 ليرات للــدولار، إلا أن بعــض المطاحــن تواجــه أحياناً صعوبــة في تأمــن الوقــود لتشــغيل مولدات الطاقة خلال ساعات انقطاع الكهرباء.

وقال المســؤول النقابي «فــي حال توقف أو تراجــع دعــم اســتيراد القمح، فقد نشــهد أزمة فــي تأمين رغيــف الخبــز وغيره مــن صناعات الأفران للمواطنين، فضلاً عن ارتفاع أسعار تلك المنتجات بشكل تلقائي».

يذكر أنه مع اســتمرار الأزمــة المالية لأكثر من عــام ونصف العــام تراجعت احتياطــات لبنان مــن النقد الأجنبــي من متوســط 30 مليار دولار مطلــع 2020، إلــى قرابــة 16 مليــارا حاليــا، ما انعكس صعوبة في توفير الأموال اللازمة لدعم الاستيراد.

ويعاني لبنان أيضاً منذ أسابيع قليلة، نقصا حــاداً في الوقــود المخصص لتوليــد الطاقة، ما يتسبب بانقطاع الكهرباء لساعات طويلة تصل أحيانا إلى نحو 20 ساعة يومياً.

أمــا رئيس الاتحــاد العمالــي العام، بشــارة الأســمر، فأبــدى تخوفــه من أن يُقــدم مصرف

لبنان المركزي ووزارة الاقتصاد والتجارة، على رفع الدعم عن جزء من القمح المستورد.

وقــال «مــا كان مطروحــاً هــو رفــع الدعــم عــن اســتيراد القمح الــذي يســتخدم «للطحين الإكســترا» اي الــذي لا يســتخدم فــي صناعة رغيــف الخبــز، إنمــا فــي الصناعــات الأخرى كالمناقيــ­ش والحلويــا­ت والخبــز الإفرنجــي ومعجنات البيتزا وغيرها».

وأعطــى مثــالاً على أنــه في حال رفــع الدعم جزئياً سيصبح ســعر المنقوشة التي تعد وجبة الفقراء 16 ألف ليرة )10.5 دولارات وفق السعر الرسمي( بينما ســعرها الحالي حوالي 4 آلاف ليــرة )2.65 دولار( وكذلك الحال بالنســبة إلى كل الصناعات الأخرى المشتقة من الطحين.

وأضــاف أنــه لم يصــدر بعــد أي قــرار بهذا الخصوص»ونحــن نترقــب إلــى أيــن ســتتجه الأمور في الأيام المقبلة، ســيما وأن لبنان يشهد تغيــرات يومياً على الصعيــد الاقتصادي، نظراً للانهيار المالي والمعيشي المتسارع».

أمــا الخبيــر الاقتصادي جاســم عجاقة فقد اســتبعد أن يُرفع الدعم ولو جزئياً عن استيراد القمح. وأوضح ان استبعاده لهذا الخيار ينطلق مــن ســببين: «الأول أن لا أحد يجــرؤ على المس بالطحين في البلاد لأنها مسألة حساسة وتمس الأمن الغذائي والاجتماعي، والثاني هو أن كلفة دعمه منخفضة مقارنة بالوقود والأدوية».

إلا أنه لم يســتبعد ارتفاع سعر «ربطة الخبز» بســبب المكونــات الأخــرى التــي تدخــل فــي صناعاتها مثل السكر والخميرة وغيرها، والتي يؤمن دعم اســتيراده­ا مصرف لبنان حالياً على سعر صرف 3900 ليرة مقابل الدولار.

وتحــدد وزارة الاقتصاد اللبنانية أســبوعيا ســعر الخبز بناء على كلفة التصنيع والتوزيع، واستنادا إلى ســعر القمح عالمياً، وارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار الوقود.

وحســب جــدول أســعار الأســبوع الأخيــر الصــادر عن الــوزارة، يبلغ ســعر «ربطة الخبز» بــوزن 975 غرامــاً 3000 ليرة لبنانيــة )حوالي 2 دولار وفق سعر الصرف الرسمي(.

 ??  ?? لبنانيون يصطفون أمام مخبز في بيروت لشراء الخبز المدعوم
لبنانيون يصطفون أمام مخبز في بيروت لشراء الخبز المدعوم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom