Al-Quds Al-Arabi

هل يخوض بينيت حرباً جديدة على غزة لتعويض فشل «حارس الأسوار»؟

- تل ليف رام معاريف 2021/6/16

■ قد تكون مسيرة الأعلام في القدس المحفز والمفجر الذي يؤدي إلى تصعيد سريع مع غزة، ولكنه ليس العامل الوحيد.

حتــى لــو واصلوا تســويق حملــة «حارس الأســوار» كحملــة ناجحــة جــداً وذات إنجــازات اســتثنائي­ة علــى المســتوى التكتيكي، فلا يمكنها أن تعتبر هكذا على المستوى الاستراتيج­ي، إلا إذا انتهت بإنجاز سياسي واضح لإسرائيل.

عملياً، حتى بدون مســيرة الأعلام، يبدو الأمر متجهاً نحو تصعيد إضافي أكثر مما هو تســوية. فقد مر نحو شــهر منذ الحملة، لا يلوح مثل هذا الإنجاز في الأفق بعد.

أمس، انشغلنا بتوســع في اســتئناف إرهاب البالونات والنار في غلاف غزة وفي مسألة ما إذا كانت حماس ستطلق النار. نشــرت القبب الحديدية على نطاق واســع، وأجريت تعديلات في حركة الطائرات للهبــوط في مطار بن غوريون لاعتبارات عملياتية. وفي هذا ما يشــهد على مشــكلة. انتهت الحملــة دون أن تعطي إنجازاً سياســياً واضحــاً يعبر عن الإنجازات المزعومة التي تحققت في الميدان.

لم تكن الحملة جولة تصعيد عادية أخرى. فقد اســتخدم فيها الجيش الإســرائي­لي قدرات وخططاً احتفــظ بها ليوم الأمــر، حتى لمعركة أوســع بكثير تجاه حمــاس، تحت مهمة الوصول إلى حسم وانتصار وليس فقط ردع ومس بالقدرات.

مســألة ردع منظمة متطرفة مثل حماس، مســتعدة لأخذ ســكان القطاع كرهائن لتحقيق اســتراتيج­يتها ومعتقداتها الدينيــة والوطنيــة، تبدو مســألة معقــدة جــداً للتحليل الاستخباري.

إن المــس بقدراتها في هذه الحملــة وإن كان ذا مغزى أكبر مما في جولات تصعيد ســابقة، إلا أنــه لا تزال هناك علامات اســتفهام، ولا ســيما في كل ما يتعلق بمنظومات الصواريخ التي تملكها منظمات الإرهاب في القطاع.

بعد الحملة حددت إسرائيل مستوى أعلى كشرط للتسوية مما في حملات سابقة: حل مسألة الأسرى والمفقودين كشرط لإعمار غــزة، حيث تعمــل المعابر إلى القطاع بشــكل ضيق،

وتغيير آلية نقل أموال المســاعدة إلى القطــاع من قطر ومن الأسرة الدولية، بحيث تمر عبر السلطة الفلسطينية وبرقابة دوليــة، وبإعلان إســرائيلي أن ثمة رداً عســكرياً حاداً أكثر بكثير من جانب إسرائيل.

«ما كان لن يكون»، هكذا وعد رئيس الأركان افيف كوخافي في نهاية الحملة، وســتوضع هذه الإعلانات قيد الاختبار في الفترة القريبة القادمة، عندما يتضــح بأن احتمال التصعيد أكبر بكثير من احتمال نجاح المصريين أو أي وســيط آخر في إحلال وقف نار طويل المدى.

من غير المستبعد أن تنشــأ جولات تصعيد أخرى بحجوم مختلفــة إلى أن يتــم التوصل إلــى تفاهمات بين إســرائيل وحماس.

«ليست الحرب سوى استمرار للسياسة بوسائل أخرى»، كتب كارل فون كلاوزفيتس قبل نحو 200 ســنة. وفي صورة مرآة معاكسة، يفترض بالحرب أن تؤدي إلى نتائج سياسية.

هــذا هو التحــدي الأول والأهــم الذي يقف أمــام رئيس الوزراء نفتالي بينيت، ولكن في الطريــق إليه، ثمة احتمال غير صغير بــأن يكون قد تدهور إلى مواجهــة أخرى قبل أن يكون ممكناً تحقيق إنجاز سياسي.

كلاوزفيتــ­س، الذي يــدرس كتاباته حتــى اليوم ضباط الجيش الإســرائي­لي بالتأهيلات المختلفة، قال جملة مشوقة أخرى: «ما من أحد يفتح حرباً دون أن يوضح لنفســه قبل كل شيء ما يقصد من ورائها وكيف سيديرها».

لم تبادر إســرائيل إلى المعركة الأخيرة فــي غزة، ولكنها إلى داخل جولة محدودة تحت تعريف تحقيق الردع وضرب القدرات، قد أخرجت فكرة عملياتية إلى حيز التنفيذ وخططاً وأحابيــل خطط لها لحملــة بحجم آخر تمامــاً، تحت مفهوم الحسم.

إن الإنجازات العملياتية التي يعزوها الجيش الإسرائيلي للحملــة الأخيــرة لا تعبر عن نفســها حتــى الآن في إنجاز سياسي، ولعل الفجوة هذه هي النقطة المركزية في تحقيقات الجيش التي تجرى هذه الأيام قبيل جولة أخرى من شأنها أن تأتي باحتمالية عالية قريباً.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom