Al-Quds Al-Arabi

قانونياً... هل انتهى خطر نتنياهو على إسرائيل؟

- إيهود باراك

■ الجملة الرئيســية في خطاب بنيامين نتنياهو في الكنيســت هي «ســنعود حالاً». كان خطابه فارغاً ومنحلاً مــن ناحية سياســية ومليئاً بالتشــويه­ات والأكاذيب ومشــبعاً بتعظيــم الذات – لكنــه ما زال خطاباً تحريضياً وتهديدياً. أقترح التعامل مع التهديد بجدية، وترجمــة الضرورة لمنعه إلــى قاعدة عملية واضحة وقاطعة. بعد الإهانةالت­ي حدثت في جلســة أداء اليمين )التنمر المتعمد(، في الوقت الذي يلتف فيه نتنياهو بصمته بدلاً مــن أن يقوم ويقول «أوقفوا هذا التطاول على الفور» – لا يمكن تجاهل الخطر.

منذ خمس سنوات ونتنياهو يقوم بتحطيم أي أثر من بقايــا الفخامة والحقيقة والثقــة بالحياة العامة. تحيط به حاشــية تظهر مثل هجين من طائفة تم غسل دماغها ومنظمــة إجرامية. ليس عبثــاً أنهم يضعون حراســة على المدعــن العامين والمستشــا­ر القانوني للحكومــة والشــخصيا­ت العامة وكل مــن يعتبرون معارضين له. خلال السنوات، حقق نتنياهو إنجازات ستســجل لصالحه، لكن استغلال قســم الولاء له في محاولــة للتهرب من رعب القانون، يحجبها. يســعى نتنياهو لإخضاع النيابة العامــة بالتهديدات إلى أن تمنح له صفقة مخففة. وبعد ذلك، سيحاول في مشهد يعرض فيه نفسه كضحية، ابتزاز العفو من الرئيس. سيتم ذكر كل هذه الأمور في سجلات التاريخ على أنها استسلام الدولة للابتزاز بالتهديد من قبل من يرأسها.

زعيما حكومة التغييــر، يئير لبيد ونفتالي بينيت، يجب أن يفهما بأن نتنياهو الجريح واليائس سيكون معارضة منحلة وعديمة المســؤولي­ة ومنفلتة العقال. شاهدنا المقدمة مع بداية الأسبوع. في جهوده للعودة إلى الحكــم وعلى خلفيــة رعب القانــون، لن يتردد نتنياهو في تنغيص حياتنا حتى بثمن المس بمصالح إسرائيل، ولن يردعه إشعال النار في أي مكان، والمس بالعلاقة بين إسرائيل وأمريكا، وحتى المس بالأمن. لا، هذا غير شرعي، مثلما أن مشــهد العنف اللفظي الذي انتظــر رئيس الحكومــة المنتخب، بينيــت، كان غير شــرعي. «من حســن الحظ أنه لم تكن لديهم كراسي «كيتر» البلاســتي­كية»، هذا ما قاله أحد الشباب وكان يجلس بجانبي. يعرف ذلك أيضــاً كبار قادة الليكود الذين يأملون، من مكانهم في «دير الصامتين»، القيام بعمل قاطع من قبل الحكومة لإنهاء عهد نتنياهو أيضاً من أجلهم.

يمكــن إجازة قانونين فــي الكنيســت، وكلٌّ منهما يمكنه رفع التهديد: الأول، قانون يحدد سقف ولايتين أو ثماني ســنوات لرئيس الحكومة، إلى جانبها فترة تجميد تبلغ أربع ســنوات قبل أن ينتخب أي شخص مرة أخرى. والأفضل منه قانــون يحدد ما هو مفهوم ضمنــاً، أن متهماً تجري محاكمتــه على مخالفات مثل تلقي الرشوة، لا يمكنه تشــكيل حكومة في إسرائيل. من الواضح للجميع أن لا يوجد بند كهذا في القانون، لأنه لم يخطر ببال المشــرع أن مشكلة كهذه يتوقع أن تثــور، بالضبط مثلمــا لم يخطر بالبــال أن الجمعية العامة لأصحاب الأسهم في بنك كبير ستنتخب رئيس البنك السابق الذي يحاكَم بسبب سرقة أموال البنك. سيتدخل محافظ بنك إسرائيل على الفور ويمنع ذلك. ومجرد عملية ســن قانون من هذه القوانين، حتى لو تم تحديها في المحكمة العليا، ستســرع عملية التوديع العام والشخصي – العاطفي والسياسي لنتنياهو.

الحكومــة الجديــدة، التــي كثيرون منــا يأملون نجاحها، هي تشكيلة حديثة وقابلة للعطب، خصوصاً في الأشهر الخمسة الأولى، إلى أن يتم تمرير الميزانية الأولى التي تشــمل ســنتين. نتنياهــو يبني جهوده لإسقاطها على تجربته السياســية والهالة السحرية التي لم تتبدد بعد، وعلى عمليات الشــبكات المتشعبة المتاحة له، وعلى رأس المال السياسي الذي راكمه في الـ 12 ســنة من حكمه، وعلى التكتل الداخلي لطائفة مؤيديه، وهذا إلى جانب احتماليــة أن خللاً أو حدثاً غير متوقع ســيجعل الحكومة تفقــد الأغلبية وتنهار. في هذه الظروف الحساسة، من المرجح أن عدم إبعاد نتنياهو عن الســاحة السياســية بشــكل كامل يبدو مقامرة غير مســؤولة، وســيكون ثمنها باهظاً جداً. وفي المرة القادمة، سيكون من الصعب إصلاح الضرر، وربما غير ممكن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom