Al-Quds Al-Arabi

ما بين الصفقة النووية والانتخابا­ت الإيرانية: علاقة إطارية لجهتي النوايا والأهداف

- *

الانتخابات الإيرانية، التي ســتجري يوم 18 من هذا الشــهر، في ظرف إقليمي ودولي ساخن، وفي جميع ملفات المنطقة، التي يجري العمل، في الغــرف المغلقة على حلحلتها، أو إيجاد مخــارج وحلول لهــا، ومن الطبيعــي؛ أن تكون إيــران طرفاً فاعلاً فيهــا، هذه الملفات لهــا علاقة بالصفقــة النووية، التي يجري العمــل، أو التفاوض على عودة كل مــن إيران وأمريكا لها، إضافة إلى اســتحقاقا­ت الداخل الإيراني، الذي يعاني من مشاكل حادة، وعميقة.

هذه الانتخابات مهمة جدا لإيران؛ لحراجة موقفها ســواء

في الداخل، أو في المحيط العربي المجاور وغير المجاور لها، ولها فيه دور فاعل وحاسم، ويتصل بقوة موقفها في الداخل لناحية شــحن وحشــد عناصر القوة الاعتبارية والمعنوية، بما يلعب دورا مؤثرا في الخطاب السياسي الأيديولوج­ي الموجه للداخل والمحيط العربي في الآن ذاته، أو فــي الصفقة النووية، أو في بقية ملفات المنطقة، ذات الصلة. هذه الانتخابات على بعد أيام قليلة من هذا اليوم، الذي تســتمر فيــه المفاوضات بين القوى الدولية العظمى وإيران، التي لم يتوصل فيها أطراف التفاوض حتى اللحظة، إلى اتفاق، تعود فيــه كل من إيران وأمريكا الى الصفقة النووية، مع أن جميع المؤشــرات تؤكد على أن الاتفاق بين القوى الدولية وإيران، ســوف يتم، بعد حين، وبكل تأكيد. لكن الســؤال المهم، متى؟ هل يتم قبل الانتخابات الإيرانية، أم بعدها؟ وهذا هو السؤال الأكثر أهمية من أي سؤال آخر.

السيد علي خامنئي المرشد الإيراني، قال في خطبة الجمعة الماضية في طهران، يوم الرابع من هذا الشــهر؛ إن اســتبعاد بعض المرشحين، كان فيه ظلم. المرشحون الذين تمت المصادقة على خوضهــم الانتخابات الإيرانية المرتقبــة، كان أغلبهم من الأصوليين المتشــددي­ن، أمثال إبراهيم رئيســي )سبعة مقابل اثنين مــن الاصلاحيين(. الســيد حســن روحانــي الرئيس الإيراني الحالي، الذي لا يحق له الترشح، كونه فاز لدورتين، وفي رســالة له إلى الســيد علي خامنئي؛ وصف إبعاد تسعة من المرشــحين الإصلاحيين؛ بأنه ظلم كبير، ربما تجري إعادة المســتبعد­ين على ضوء تصريح خامنئي، لأن القول الفصل له في هذا المجال، وفــي غير هذا المجال. لكن هــل أن التعديل في قائمة المرشــحين إلى خوض الســباق إلى الرئاسة الإيرانية،

يغير من واقع الانتخابات تغييرا حاسما، لجهة الدفع الإعلامي، وما هو ذو صلة به، في إطار واسع جدا؛ لفوز أحد الإصلاحيين على ضوء المشــهد السياسي الجاري الآن في إيران؟ من وجهة نظرنا، هذا الأمر بعيد الاحتمــال، بل إن العكس هو الصحيح، أي أن الدفع، ســابق الإشارة؛ سوف يســتمر لناحية فوز أحد الأصوليين، وبالذات إبراهيم رئيسي، لضرورة المرحلة، سواء فــي الداخل الإيراني، أو في المحيــط الإقليمي، أو في البرنامج النووي الإيراني، المتصل بالداخــل الإيراني، وبجميع ملفات المنطقة، وبالمتغير الدولي.

لناحية ما ســبق، هل يتم الاتفاق على عــودة كل من إيران وأمريكا إلــى الصفقة النووية قبل الانتخابــ­ات الإيرانية، اي فــي جولة مفاوضات الأســبوع المقبل؟ وطبقا لقراءة المشــهد السياسي الإيراني؛ فإن هذا الاتفاق لن يحدث قبل الانتخابات الإيرانية، لأنه ســوف يــؤدي، أو يمنح قوة دفــع كبيرة جدا؛ لفــوز الإصلاحيين، وهذا لا يرضي مكتب الســيد خامنئي. في خطبة الجمعة ســالفة الذكر، قال خامنئي؛ نحن نريد أفعالا لا أقوالاً، وأضاف؛ لقد وجهت وفدنــا المفاوض على التركيز على هذه الناحية، أو علــى هذا الجانب.. ما يعني أن على أمريكا أن تقوم برفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في البداية وقبل كل شيء، وهذه هي العقبة الكبيرة في هذه المفاوضات، فأمريكا لا يمكن أن تظهر حاليا، مــن دون ضغط قوي، ومبرمج، ومحكم، بالموقــف الذي تكــون فيه؛ قــد رضخت لمطالب إيــران بهذه السرعة، والسيد خامنئي يعرف هذا جيدا، أي أن الجولة المقبلة ســوف تقف عند هذه النقطة، أي أن أي اتفاق قبل الانتخابات الإيرانية لن يشــهد النور.. وهي سواء قبلنا أو رفضنا، سواء

أحببنا أو كرهنا؛ لعبة ذكية جدا. هذه اللعبة ســوف تقود، في نهاية المطاف، وفي ظل حكومة أصوليــة إيرانية؛ إلى تصليب وتقوية الموقف الإيراني في جولات تفاوض ما بعد الانتخابات الإيرانيــ­ة، في مواجهــة موقــف أمريكي، ســوف ينخر فيه اليأس، ومن ثم يدب فيه الضعف، مــا يقود أمريكا ويجبرها؛ على النزول مرغمة، مــن على قمة جبــل عنجهيتها وغرورها وجبروتها، لأن لا ســبيل أمامها؛ إلا القبول بالشرط الإيراني، أي رفــع جميع العقوبــات المفروضة على إيــران، أو أن تكون وفي زمن مقبل قصير جدا، أمام واقع إيــران القنبلة النووية، أي امتلاك إيران للقنبلة النووية. هذا من جانب أما من الجانب الثاني؛ القبول الأمريكــي بالدور الإيراني في المنطقة العربية، أي تبادل أدوار مصلحي ونفعي، وبعبارة أخرى تلاقي مصالح ومنافع وأهداف.

في النهاية، نقول ألا تباً للأنظمة العربية، ولتبعيتها المشينة، والمضرة ضررا بالغا بحاضر الأمة العربية ومســتقبل أجيالها. القوى الدولية العظمى والكبرى؛ لا تحترم موقف ورأي التابع، ســواء كان أنظمة أو كيانات سياســية.. إنما تحترم من يحوز برنامجاً وطنياً، ويمتلك الطريق وبوصلة الطريق إلى تحقيقه برؤية عملية واضحة الخطوات، ويقف موقفا ثابتاً على قاعدة من الإســناد والتأييد الشــعبي، الذي يوفره؛ احترام النظام لإرادة شعبه، ويدافع عن مصالحه الآنية والاستراتي­جية بقوة وصلابة وإرادة، لا تكســرها الملمات فــي مواجهة هذه القوى العظمى بلا استثناء؛ على قاعدة، قرار وسيادة مستقلين.

الدول الكبرى تحترم من يحوز برنامجاً وطنياً، ويمتلك بوصلة الطريق، ويقف موقفا ثابتاً على قاعدة من الإسناد الشعبي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom