Al-Quds Al-Arabi

حزبان مصريان ينتقدان الموازنة العامة لعدم مراعاتها الفقراء

أحدهما أكد أنها تحمّل الأجيال المقبلة عبء سداد القروض

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

انتقد حزبان مصريان مشــروع الموازنة العامة للدولة التي أقرها البرلمان، إذ اعتبرا أنها «لا تنحاز للفقــراء» و «تحمل الأجيــال المقبلة عبء ســداد القروض».

نواب الحزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» أعلنــوا في بيــان، رفضهــم مشــروع الموازنة في البرلمان التي «لم تراع الأوضاع المعيشــية للطبقات الفقيرة والوسطى ولا مصالحها ولا تطلعاتها».

مؤشــرات عديدة تناولها بيان الحزب للتدليل على رؤيته، جاء فــي مقدمتهــا أن «البند الوحيد الذي قلت مخصصاته في الموازنــة كان بند الدعم والحمايــة الاجتماعية، حيث يتحمــل المواطن في هــذه الموازنة ثمن الكهرباء والميــاه من دون دعم، وكذلك الطاقة باستثناء السولار».

مؤشر آخر اعتبره الحزب دليلا على عدم انحياز الموازنة للفقراء تمثل بـ«ثبــات مخصصات برامج الدعم النقدي )تكافــل( رغم ارتفاع معدل التضخم ما خفض من مستويات معيشة المستفيدين منها «.

ملف الضرائب

وأكد الحــزب أن «ملف الضرائــب يؤكد انحياز الموازنة ضــد مصالح الطبقات الوســطى والدنيا، حيث وصلت الضرائب المباشــرة )وهي الضرائب على الدخول والأرباح( إلى 37.7٪ من الإيرادات الضريبية، بينمــا الضرائب غير المباشــرة والتي يتحملها جميع المواطنين على اســتهلاكه­م وصلت إلــى 62٪ من الإيرادات الضريبية ما يســاهم في مزيــد من اللامســاو­اة ويؤكد عدم عدالــة النظام الضريبي، وحتى داخل الضرائب المباشــرة، نجد أن أكثــر فئة تلتزم بدفع ضرائبها بنســبة 100 ٪ هم الموظفون والعاملون بالدولة، والقطاع الخاص نتيجة اقتطاع الضريبة من المنبع».

التعليم والصحة

وزاد: «تتجلى انحيازات الموازنة بصورة أوضح في ملفي التعليم والصحــة، فبينما يرى حزبنا أن الانفــاق على هذين الملفين بصــورة مرضية تمتثل لأحكام الدســتور، هو الخطوة الأولــى في اتجاه بنــاء تنمية مســتدامة تفضي من ناحيــة إلى رفع مستوى المعيشــة للطبقات الوســطى والشعبية وتفضي من ناحية أخرى إلى رفع قدرات وكفاءات هذه الطبقات بحيث تتمكن من الدخول إلى ســوق العمل وتنشــيط الطلــب، مما يؤدي بــدوره إلى دوران عجلــة الاقتصاد وبناء التنمية المنشــودة، نجد اســتمرار الموازنة في عدم الالتزام بالنســب المخصصــة للتعليم والصحة، ويتــم التحايل على الأمر لإقناع النواب والرأي العام بأن هناك التزاما بالنســب الدســتوري­ة من خلال إضافــة أرقام من داخل وخــارج الموازنة على مخصصــات التعليم والصحة بشــكل غير دقيق ولا يخضع لأي معايير موضوعية يمكن التأكد منها.»

وحســب الحــزب «تذكــر تحليــات الموازنة القطاعيــة أن مخصصات التعليم العام القادم تبلغ 172 مليار جنيه أي بنسبة 2.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع العام المقبل، وهي نسبة تقل كثيرا عن الاســتحقا­ق الدســتوري المطلــوب، كما تبلغ مخصصات الصحة 108 مليارات جنيه بنسبة 1.5 ٪، من الناتج المحلــي الإجمالي للعام القادم، وقد حاولت وزارة المالية الوصول للنســب الدستورية من خلال إضافــة مجموعة أخرى مــن الأرقام من داخل وخارج الموازنة لمخصصات التعليم والصحة من دون تقديم أي تفاصيل عنها لنواب الشعب.»

وزاد «استخدم بيان لوزارة المالية الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي لحساب النسب الدستورية في حين أن اســتخدام النــاتج المحلــي الإجمالي المتوقع لسنة الخطة القادمة يجعل من مخصصات التعليم قبل الجامعــي والتعليم الجامعي والبحث العلمي غير مستوفية النسب الدستورية، وتتبقى فقط الصحة مســتوفاة للنســبة الدستورية حتى بافتراض صحــة الأرقام المركبــة بطريقة يكتنفها الغموض في وزارة المالية.»

ولفــت الحزب إلــى «التقديــرا­ت المختلفة التي تضمنتها الموازنــة للناتج المحلــي الإجمالي للعام الحالي» وتســاءل عن «مدى صحة هذه التقديرات واتســاقها مع وثيقة الحكومة، حيــث أتى في عدة مواضع في وثيقــة الموازنة العامة للدولة مرة 6.34 تريليــون جنيه، ومــرة 6.4 تريليــون ومرة 6.88 تريليون .»

تعويضات الأطباء

انتقاد آخــر للموازنة تناوله البيــان، تمثل في إصــرار الحكومة على عــدم توفيــر التعويضات الكافيــة للأطباء على نحــو دفع عــدد كبير منهم للهجــرة، حيث بــدا ذلك وكأنــه تأكيــد على أن تضحيات الأطباء في جائحــة كورونا غير مقدرة على الإطلاق.

ولفــت الحزب إلــى «إحدى المفارقــا­ت في ملف الصحــة، تمثلت فــي تخصيص 100 مليــار جنيه لمواجهــة جائحــة فيــروس كورونــا كان نصيب الصحة منها 16.4 مليار جنيه فقط».

وتابع: «علــى صعيد آخر لم تقدم وزارة الصحة تصورا واضحا لمشــروع التأمين الصحي الشــامل ولا برنامجــا زمنيــا واضحــا بتوقيتــات تنفيذ واحتياجات مالية».

واختتم الحــزب بيانه بـ«التحذيــر من الخطر الفادح لتزايد حجم الدين العام باطراد».

وذكر أنــه «علــى الرغم من وجود مؤشــرات اقتصادية إيجابية مثل ارتفاع الاحتياطي النقدي، وانخفاض العجز الكلي، إلا أننا نشــعر بقلق بالغ على مســتقبل الأجيال القادمة بسبب ارتفاع حجم الدين إلى نسبة 47.7 ٪ من استخدامات الموازنة العامة للعــام القادم بمــا يعــادل 1.17 تريليون جنيه».

وأكد أنــه «مع تمويل العجز الكلي كل ســنة من الاقتراض فإن الأمر سيزداد سوءا دون العمل على كيفيــة تخفيض العجز الكلي الســنوي وتخفيض حجم فاتورة الاقتراض التي تستقطع بشكل متزايد من مخصصات بنود التنمية كالتعليم والصحة، أو على الأقــل تقلل من فرص زيــادة تلك المخصصات للوصول إلى تغطية الاحتياجات الفعلية في هذين القطاعين».

حزب «التجمع اليســاري» أعلن هو الآخر رفض الموازنــة، وأرجــع موقفه إلــى اســتمرار انحياز السياسات الحكومية للأغنياء على حساب الفقراء ومحــدودي الدخــل والطبقة الوســطى وصغار المنتجين، مشــيرا إلى أن عوائــد العمل في الموازنة 28٪ مقابل عوائد التملك 72.٪

وأكــد أن «السياســة الماليــة تســتدعي زيادة مخاطر بقاء معــدلات الفقر على ما هــي عليه، بل وقــوع الطبقة المتوســطة حول خــط الفقر وعدم عدالة توزيع الأعباء والمصروفات بشــكل يعزز من انخفاض معامل العدالة الاجتماعية.»

وانتقــد «عدم وجــود مخصصات فــي الموازنة لتحمل فروق أســعار الســلع التموينيــ­ة، خاصة أن كافة المؤشــرات تشــير إلى ارتفاع أســعار تلك الســلع خلال العام المالي الجديد، وتحميل حاملي البطاقات التموينية فروق الأسعار.»

وهاجم كذلك «الاتجاه الحكومي لخفض الدعم، الذي انخفض فعليا إثر ارتفاع أسعار الزيت بنسبة 23.5 ٪ خلال الشــهر الجاري، ممــا خفض الدعم للفرد فــي بطاقة التمويــن من 50 جنيهــا إلى 46 جنيها .»

النائب عاطف مغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، شــدد على «ضرورة وجود مشروع وطني متكامــل ذي بعد اســتراتيج­ي طويل المدى لتحقيــق الاكتفاء الذاتي من الســلع الأساســية» مشــيرا إلى «تجاهل الموازنة العامة أيضا أزمة سد النهضة وانتشــار فيروس كورونــا وتأثيرهما في مسار الاقتصاد المصري .»

ترحيل أعباء القروض

وحــذر التجمــع من «اســتمرار الاعتمــاد على الاقتراض مــن الخارج، وترحيــل أعباء القروض للأجيال المقبلة» مطالبا بوضع «ســقف للاقتراض من خلال الســندات والصكوك وخلافه» كما طالب بـ«إعــادة هيكلة الأجــور، ودعم برامــج مكافحة الفقر المدقع والفقر متعدد الأبعاد، وتحقيق العدالة الاجتماعيـ­ـة، وهيكلــة الاقتصاد نحــو الاقتصاد الإنتاجي بدلا من الاعتماد علــى الاقتصاد الريعي الذي يتأثر بالعوامــل الخارجية كما حدث في أزمة فيروس كورونا»

ورأى أن «وزارة الماليــة تتعامــل مــع الديون باعتبارها عبئا يمكن ترحيله إلى الأجيال القادمة، ويفتح لها الطريق إلى مزيد من الاقتراض عبر خطة استبدال الديون القصيرة بديون طويلة الأجل».

ولفت إلى «لجــوء الحكومة إلى هذا الأســلوب بنــاء علــى توصية مــن المؤسســات الافتراضية الدولية )مؤسســة جى بي مورغان المالية( بهدف فتح الطريق للاســتدان­ة للحكومة المصرية بعد أن دخل سقف الاقتراض إلى الحد الأقصى من السقف الائتماني، ويتطلب هذا وضع سقف للاقتراض من خلال السندات والصكوك وخلافه».

وأوضح أن «سياســة وزارة الماليــة والحكومة تستند إلى إعادة هيكلة الدين العام عبر إطالة عمر الدين وتحويل القروض قصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل، وهو ما يعتبرهــا وزير المالية مهارة في إدارة الدين العام، وأن هذه السياســة تترتب عليها زيادة تكلفة القروض».

وتابــع « على ســبيل المثال أصــدرت الحكومة خلال السنة المالية الحالية سندات لتمويل الإنفاق الحكومي، منها شــريحة بقيمة 2 مليار دولار لأجل 30 عاما، اســتحقاق 2050 بفائدة 8.8 ٪ ســنويا، وفى فبراير/ شباط الماضي، أصدرت سندات بقيمة 1.5مليــار دولار لأجــل 40 عاما، اســتحقاق 2061 بفائدة 7.5٪، وهذا العائد يعــادل 7 أمثال العائد على ســندات الخزانة الأمريكية وقــت إصدار تلك الســندات، وفى الشــريحة الأخيرة من السندات المصــدرة تصــل قيمة القــرض عند أجل الســداد إلــى 7.3 مليار دولار بعد إضافة الفوائد، وحســب الموازنة العامة الجديدة يصل متوسط الفائدة على القروض الخارجية إلى 7٪، في حين تصل الفائدة على القروض المحلية من سندات وأذون خزانة إلى 14 ٪، منخفضة مــن 18 ٪ متأثرة باتجاه البنك المركزي لخفض أســعار الفائدة خلال العام الحالي بنحو 4 .»٪

طمأنينة كاذبة

وزاد «هذه السياسة تمنح الحكومة طمأنينة كاذبة على مســتوى أمــان الدين الخارجي، مما يشــجعها على مزيد من الاقتراض. وبهذه السياســة فإن وزير الماليــة الحالــي هو المتحكــم في مجمل السياســات المالية لأربعين عاما مقبلــة، ويحمل الأجيال الجديدة عبء ســداد الديون، التي تصل إلــى 64 ٪ من كافة مصروفــات الدولــة، أو 86٪ من كافــة الإيرادات، وتعادل 119٪ من الإيــرادا­ت الضريبية في الموازنة الجديــدة، ويفــرض علــى الحكومــات المقبلة عمل مخصصات لســداد تلك الديون وأعبائها، مما يحرم الاقتصاد من أموال كانت ستســتخدم لتحسين حياة المواطنين، وتطوير الإنتاج والبنية التحتية.»

ووافــق مجلس النــواب المصري الإثنــن الماضي على الموازنة العامة للدولــة للعام المالي ‪.2022/ 2021‬ وبلغت جملة اســتخداما­ت الموازنة العامة 2 تريليون و461 مليــار جنيه موارد الدولــة بالموازنة الجديدة، مقســمة إلى 2 تريليون مليار للجهاز الإداري للدولة، و185 مليارا و953 مليون جنيه للإدارة المحلية.

وبلــغ حجم إيــرادات الدولــة بالموازنــ­ة العامة الجديدة، وفــق مشــروع الموازنــة، تريليونا و365 مليار جنيه، فيما بلغ حجــم الضرائب المتوقعة ضمن الإيــرادا­ت بموازنــة العــام المالي المقبــل 983 مليار جنيه أبرزهــا 370 مليار جنيه الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية تريليون، و837 مليار جنيه مصروفات الموازنة.

وبلغت مصروفات الموازنة العامة للدولة المتوقعة تريليونا و837 مليار جنيه، فيما بلغ حجم باب الأجور والتعويضات للعاملين بالدولة 362 مليار جنيه، بينها 171 مليارا، و213 مليون جنيه للجهاز الإداري للدولة، و142 مليارا و320 مليون للإدارة المحلية.

وتضمن مشــروع قانون الموازنــة العامة للدولة للســنة المالية ‪/2022 2021‬تخصيص نحو 164 مليارا و246 مليونــا و875 ألف جنيه للمزايــا الاجتماعية، منها نحو 19 مليــار جنيه مخصصات معاش الضمان الاجتماعــ­ي، و70 مليــون جنيــه مخصصات معاش الطفل. وبلغ حجم المســاعدا­ت الاجتماعية نحو 135 مليــارا و6 ملايين و308 آلاف جنيــه، منها 134 مليارا و998 مليونا و276 ألف جنيه مساهمات في صناديق المعاشــات، و8 ملايــن و32 ألــف جنيه مســاعدات اجتماعية عينية. كما بلغ إجمالي حجم المنح بالموازنة من حكومات أجنبية مليــارا و85 مليون جنيه، و422 مليون جنيه منحا من منظمات أجنبية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom