Al-Quds Al-Arabi

كلها في يد الرئيس الجزائري: 3 سيناريوهات لتشكيل وزاري ربما يكون أرجحها «الحكومة التوافقية»

- « »

■ الجزائــر «الأناضــول»: فتحــت النتائج الرسمية المؤقتة للانتخابات النيابية المبكرة في الجزائر الباب أمام ســيناريوه­ات عديدة بشأن تركيبــة الحكومــة المقبلة، خاصــة أنها وضعت خيارات كثيــرة أمام الرئيس عبــد المجيد تبون، ربما يكون أرجحها "الحكومة التوافقية".

والثلاثــا­ء، أعلــن رئيــس الســلطة الوطنيــة المســتقلة للانتخابــ­ات محمد شــرفي، حصول "جبهــة التحريــر الوطنــي" )الحــزب الحاكــم ســابقاً( على 105 مقاعد، أي 25.79 في المئة من إجمالــي عدد مقاعــد المجلس الوطني الشــعبي )الغرفة الأولى للبرلمان( البالغ 407.

وشــكل أداء "جبهة التحرير" فــي انتخابات الســبت مفاجأة بعــد توقعــات بتراجعه، حيث كان الحــزب الحاكــم في عهد الرئيس الســابق عبــد العزيــز بوتفليقــة )1999 ـ 2019(، الــذي أجبرتــه احتجاجــات شــعبية مناهضة لحكمه على الاستقالة، في 2 نيسان/أبريل 2019.

فيما حصد المســتقلو­ن 78 مقعداً )19.16 في المئــة(، وحــازت حركــة "مجتمع الســلم" )أكبر حزب إســامي( 64 مقعــداً )15.72 فــي المئة(، ونــال "التجمــع الوطنــي الديمقراطـ­ـي" )ثانــي أحزاب الائتلاف الحاكم سابقاً( 57 مقعداً )نحو 14 فــي المئة(. وحقــق حزب "جبهة المســتقبل" )محافــظ( 48 مقعداً )11.79 فــي المئة(، وحزب "حركــة البنــاء الوطنــي" )إســامي( 40 مقعداً (9.82 في المئــة(، فيما حاز حزب "جبهة العدالة والتنمية" )إسلامي( مقعدين.

وباحتســاب مقاعــد الأحــزاب الإســامية، وهي حركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني وجبهة العدالة والتنمية، فقد بلغت 106 مقاعد.

ما ينص عليه الدستور

هــذه النتائــج تُظهر أن تشــكيل أغلبية داخل البرلمــان )50 في المئة + 1( يتطلب تحالف 3 كتل نيابية على الأقل، لبلوغ 204 مقاعد.

ويتوقــف تشــكيل الحكومــة علــى طبيعــة الأغلبيــة المســيطرة علــى البرلمــان، بحســب الدســتور المعــدل فــي تشــرين الثاني/نوفمبر .2020

ففي مادته 103، ينص الدستور على أن "يقود الحكومة وزير أول في حالة أسفرت الانتخابات التشريعية )النيابية( عن أغلبية رئاسية".

والأغلبيــ­ة الرئاســية تعنــي كتلــة نيابيــة تســتوفي نصابــاً معينــاً )50 فــي المئــة + 1)

وتتوافــق مــع برنامــج رئيــس الجمهوريــ­ة أو تدعمه.

وتضيــف المادة ذاتهــا أنه "يقــود الحكومة، رئيــس حكومة، في حــال أســفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية".

ويقصــد بالأغلبيــ­ة البرلمانيـ­ـة كتلــة نيابيــة (50 فــي المئــة + 1( معارضــة لبرنامــج رئيــس الجمهورية. ويتولى رئىس الــوزراء مهمة تنفيذ برنامج رئيس البلاد، أما رئيس الحكومة فيتولى تنفيــذ برنامــج الأغلبيــة البرلمانيـ­ـة المعارضــة. وبالنظــر إلــى مواقف أحــزاب "جبهــة التحرير الوطنــي"، و"التجمــع الوطنــي الديمقراطـ­ـي"، و"حركــة البنــاء الوطنــي" و"جبهة المســتقبل" الداعمــة لــكل المبــادرا­ت السياســية للرئيــس تبون، وبالأخص مشــروع تعديل الدستور، فإن البرلمان المقبل سيشــهد أغلبيــة داعمة للرئيس. وسريعاً، حسم حزب "جبهة التحرير الوطني"، متصدر النتائج المؤقتة إلى الآن، موقفه بإعلانه الأربعاء أنه "يضع نفســه تحت تصرف الرئيس تبون، من خلال الأغلبية الرئاسية".

وقــال الأمــن العــام للحــزب، أبــو الفضــل بعجي، في مؤتمر صحافي، إن "برنامج الحزب قريب من برنامج الرئيس، ونضع أنفسنا ضمن الأغلبية الرئاسية، ويبقى القرار بيده لاتخاذ ما يتوافق مع الدستور".

وبذلــك باتت أكبــر كتلة نيابيــة )105 نواب( تحــت تصــرف الرئيــس تبــون، ويكفيهــا أن تتحالــف مــع كتلتين أخريــن لتشــكل الأغلبية داخل المجلس.

حمس تطيل الترقب

وبالنســبة لحــزب "حركــة مجتمع الســلم" )حمس(، الحائز المرتبــة الثالثة )64 نائباً( بعد كتلة المســتقلي­ن، فقد كان معارضاً لنظام الحكم منذ 2012.

ومــع ذلك ربــط رئيــس الحركة عبــد الرزاق مقــري، مشــاركة الحزب فــي الحكومــة المقبلة بمدى تطابق برنامجها مع رؤيته السياسية.

وقال مقري، فــي موتمر صحفــي، الأربعاء: "ســندرس عــرض دخــول الحكومــة، وهــل يقتــرب من رؤيتنــا )؟( وهل فيــه جدية وحوار اســتراتيج­ي لخدمة البلد )؟( سندرس العرض ونقيــم واقعيته، ولدينا مؤسســات في الحزب هي من تحسم في الموقف النهائي".

وبشــأن كتلــة المســتقلي­ن، قال عبــد الحميد عثماني، نائب رئيس تحرير صحيفة "الشروق" الجزائرية )خاصة(: "إن المســتقلي­ن )78 نائباً(، ورغم تشــتت مشاربهم، ســيكونون رقماً نيابياً مهمــاً، بحكــم أن الســلطات الحاكمــة ســتدفع لجمعهم في كتلة نيابية واحدة داعمة للحكومة القادمة، بشــكل يجعلها تحظــى بغطاء برلماني موسع".

3 سيناريوهات

سير التيار في اتجاه الأغلبية الرئاسية يضع مصيــر تشــكيل الحكومــة المقبلة "بيــد الرئيس عبــد المجيــد تبــون" حســب رضــوان بوهيدل، محلل سياسي. وقال إن "وجود أغلبية برلمانية رئاســية يمنــح الرئيس تبــون خيــارات عديدة، خاصة أن الدستور يعطيه صلاحية تعيين وزير أول، دون شرط استشــارة الأغلبية في البرلمان مثلما كان عليه الحال في دستور 2016."

وأضــاف أن الاحتمالات تبقــى مفتوحة على حكومة "توافقية" مشــكلة من أحزاب عديدة، أو "حكومة سياســية" من الأغلبية النيابية الداعمة للرئيس، أو حكومــة "كفاءات" غير متحزبة، بما فيها أعضاء من كتلة المستقلين، يقدمها الرئيس كي تنال دعم الأغلبية الرئاسية في البرلمان.

ويتوقــع بوهيــدل الاســتقرا­ر علــى الخيــار الأول )الحكومــة التوافقيــ­ة(، نظــراً للظــروف الخاصــة التي تعرفها البلاد، بما يعطي الحاجة إلــى توســيع دائرة المشــاركة في اتخــاذ القرار التنفيذي، توخياً للاستقرار المؤسساتي.

والأربعــا­ء، قــال رئيــس حــزب "جبهــة المســتقبل" )48 نائبــاً( عبــد العزيــز بلعيد، في مؤتمــر صحافي، إن حزبه "ســيتحاور مع كافة التشــكيلا­ت السياسية للمســاهمة إيجابياً في اســتقرار الجزائــر والذهاب إلــى حكومة متينة والانطلاقة في إصلاحات حقيقية".

ويؤيد هذه القراءة المستشار السابق لرئيس الغرفــة الأولــى للبرلمــان، الخبيــر فــي الشــأن السياســي محنــد برقــوق، حيــث استشــرف الذهاب نحو "حكومة توافقية".

وقال للإذاعة الرســمية الأربعاء، إن "المشهد السياســي يقــوم علــى وجــود ســتة تكتــات حزبية، وهذه التكتلات متجانسة لوجود قواعد انضبــاط معتــاد عليها، وكذا وجــود تصورات متقاربــة فيمــا يتعلــق بالمصالح العليــا للدولة، وهو ما يعنــي أننا نتجه إلى كتل متوافقة داخل البرلمان".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom