Al-Quds Al-Arabi

إسرائيل ضعيفة

-

بين مشهدين

نبدأ مع الهجوم الذي تعرض له الشيخ حسين يعقوب وهذه المرة على يد عمرو عبد المنعم في "البوابة": "اختار الشيخ محمد حســن يعقوب البطولة في زمن الإخوان ووقف بعــد المطالبة بالتعديلات الدســتوري­ة ووصفها بالغزوة المصحوبة بالانتصار، اســتخدم مفردات يومها أزعجت الكثيريــن بصوته الجهوري "ده غزوة اســمها غزوة الصناديــق ــ بيننــا وبينكم الجنائــز ــ وقالت الصناديق نعم للدين ونكبر تكبيرة العيد ـ الدين سيدخل في كل حاجة ـ ديمقراطيتك­م عوزة الدين ـ فســطاط أهل الدين وفســطاط الكفر ـ شــكلك وحش لو أنت مش مع المشــايخ ـــ البلد بلدنا". الشــيخ يعقوب اعتبر نفســه حينهــا إمام الفاتحــن وقائد غــزوة الصناديق ومحرر اللجان الانتخابية مــن الكفار والملاحدة، حكى لنا يومها عن غزوة الصناديق، في أكبر عملية للتوظيف السياسي للدين، وأن الشعب المســلم قال نعم للدين، وإحنا بتوع الدين.. البلد بلدنا واللي مش عاجبه يدور على تأشيرة لأمريكا أو كندا... دعانا جميعا حينها لمشــاركته لتكبيرة العيــد احتفالا بالانتصــا­ر على الكفار في هــذه الغزوة المباركة. وبعد حوالي 10 سنوات، هي الفارق بين مشهدين تصدر فيهما الداعية السلفي محمد حسين يعقوب جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر فيها مشهد البطولة، والمشهد الثاني كان أمام المحكمة في قضية "داعش إمبابة "، في مشــهد بدت فيه علامات الانكسار عليه فحضر إلى المحكمة جالســا على كرس متحرك، وبدت عليه حالة من الإرباك الشديد والتجاهل الشديد لقضايا طالما عاصرها وســمعها وتحدث عنها وهي، مفاهيم الســلفية والعلم الشــرعي وما معني الطائفة الممتنعة وفتــاوى التكفير والقتل واســتحلال الدماء، وخرج ينفي كل الآراء التي نسبها المتهمون في القضية له. شتان بين المظهرين طبعا في الأول غلب عليه الاستعلاء، تحدث فيه عن التعديلات الدســتوري­ة ووصفها بالغزوة المصحوبــة بالانتصار، والثاني بدت فيه علامات الخوف والتحسب من كل كلمة يقولها.

يسمع ويطيع

تابع عمرو عبد المنعم في "البوابة" هجومه على الشيخ يعقوب: نسي الشــيخ حديثه عن سلمان الفارسي حينما قال: "عندما لاحظ سلمان الفارسي الصحابي الجليل بردة جديدة على الخليفة عمر بن الخطــاب، وقف أمام الناس وقال: لا سمع لك ولا طاعة علينا، من أين لك بهذه البردة؟ فنادى عمر ابنه ليخبره أنها بردته فعندئذٍ قال ســلمان: الآن نســمع ونطيع. نســي ما حدث لســعيد بن المسيب، وكان عالما زاهداً له من العلم والصيت ما جعل عبد الملك بن مروان يطلب منه البيعة لولديه، الوليد وسليمان، فرفض سعيد بن المسيب البيعة وهو من هو، عالم المسلمين وفقيه الإســام، أرســل عبد الملك لوالي المدينة أن يعرض على المســيب، إما أن يبايع أو يمكث في المنزل أو يفر، فلم يقبل ابن المسيب الصمت أو الفرار، فضرب بالسياط وسجنوه. لم يتبن الشيخ موقف ســعيد بن جبير من بيعة بني أمية، وهو عالم له وزنه، فأمسك به الحجاج ودار بينهم حوار، الله أعلم بصحته يوضح كيف حــاول الحجاج أن يفتنه بشــتى الطرق، وأن يأخذ البيعة منه حتــى أمر الحجاج بأن يذبح، قال ســعيد بن جبير يومهــا: خذها يا حجاج حتى أحاججك بها الله يوم القيامة، ودعا: اللهم لا تسلطه على قتل أحد بعدي، وبالفعل لم يقتل الحجاج أحداً بعده، ومات الحجاج وهو يتألم لقتل هذا العالم ويعذبه ضميره على ذلك، ويخشــى دعوته التي أصابته. نسي الشيخ ما قالة عن ابن تيمية وهو في السجن: إنما جنتي في صدري فأينما كنت هي معي، مات إمام الأمة في السجن كما عاش في السجن".

وما صبرك إلا بالله

من بين من هاجموا الشــيخ يعقوب في "الأهرام" أحمد عبد التواب: رغم عشــرات القضايا المهمة التي تســتحق الدراســة والتمحيص في شهادة الأســتاذ محمد حسين يعقوب أمــام المحكمة الثلاثاء الماضي، خُــذ نقطة واحدة فقط، ليس لاســتخراج مضامينها البعيدة، ولكن للتوقف أمام معانيها المباشِــرة العديدة الخطيرة، التي منها ما أقرّ به أمام المحكمة بأن مؤهله دبلوم معلمين، أي أن شــهادته العلمية تجيز له أن يعمل مدرســاً، أي أنه، وفقاً للقانون، غير مرخص له بارتقاء المنابر، ولا أن يقدم نفسه بأنه من علماء الدين، كما أنه، وفقاً للتقاليد الراسخة، غير مقبول منه أن يحمل لقب )شــيخ(، ولا أن يقــرن هذا بزي جرى الاتفاق علــى أنه خاص برجال الديــن. لاحظ أن مؤيدى الأســتاذ يعقوب يعتبــرون هذه المآخذ مجرد شــكليات، ولكنهم يتمسكون بها بشدة في هجومهم الضاري ضد من يجتهــد، ويتوصل إلى ما لا يوافقــون عليه. أما هو، بهذه الصفة التي ينتحلها، سمح لنفسه أن يقتحم كل المجالات، في شؤون الحياة اليومية وعالم الإبداع، وجحد أصحابها حقهم في أن يمارســوا أعمالهم فــي تخصصاتهم، بما في هذا الفنون والآداب، لأنه أفتى بأنها ضد الدين. فضلاً عن خلطه لموقفه السياســي في صيغة دينية تستغل مشاعر جمهوره، ليتحمســوا لمثل ما ســماه )غزوة الصناديق( إلخ. كيف صمت عليه، أو غفل عنه، في انتهاكه لشــروط ارتقاء المنابر، مسؤولو متابعة القانون من وزارة الأوقاف وغيرهــا؟ وأين المجموعــا­ت والأفراد الذيــن يترصدون

ويلاحقون أي باحث مجتهد يختلــف معهم، فيطاردونه بســاح أنه غير مؤهل بإجازة علمية تســمح له بارتقاء المنابر، بل حتى للبحث في قضايا معينة؟ تبقى نقطة مهمة يدافع بها مؤيدو الأســتاذ يعقوب عنه بأنه يمارس حقه في حريــة التعبير، وهي حجة وجيهــة ليتهم يتذكرونها ويعملون بها مع من يختلفون معهــم، ولكنّ لهذه الحرية شــروطاً واجبة الاتبــاع، منها أنه لا يحق لــه أن ينتحل لنفسه صفة غير قانونية.

شكراً ولكن

هل ما حدث من نتائــج اجتماع الدوحــة مؤخراً كافٍ ومؤثر؟ تولى الإجابة عن هذا الســؤال عماد الدين حسين في "الشروق": موقف جيد، ولا بأس به في إطار الظروف والأحــوال العربية التي ندركها، ومجــرد انعقاد اجتماع وزاري طــارئ لــوزراء الخارجية العرب، هــو موقف لا بأس به في ظل الانقسامات العربية، التي نعرفها جميعا. وحينما يكون هذا الاجتماع في العاصمة القطرية الدوحة، ويأتي عقب اجتماع ســامح شــكري مع أمير قطر تميم بن حمد، بعــد أن اجتمع مع وزير الخارجيــة القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، فهي إشارة مهمة، بعد أن توترت علاقات البلدين لســنوات طويلة، بســبب دعم الحكومة القطرية لجماعة الإخوان، وهجوم إعلامها المســتمر على النظــام المصري. أكد الكاتب أن الاجتمــاع جيد إذا نظرنا إليه من زاوية حشــد الدعم الدبلوماسـ­ـي والسياســي الشــامل لمصر والســودان ضد التعنــت الإثيوبي، لأنه يظهر أديس أبابا باعتبارها تواجه حشــدا دبلوماســي­ا وسياسيا عربيا شــاملا. وحتى تكون الصورة واضحة: هل نحن نحتاج إلى الدعم الدبلوماسـ­ـي والسياسي فقط من البلدان العربيــة؟ الوقت لم يعد يســعفنا، وفي يوم انعقاد الاجتماع نفسه في الدوحة، كانت إثيوبيا تعلن أن الملء الثاني الانفرادي والأحادي لســد النهضة سيتم في موعده خلال موسم الفيضان الحالي. وبالتالي، فنحن لا نحتاج إلى بيانات دعم وتأييد فقط، بل نحتاج إلى ما هو أكثر منها.. نحتاج إلى رســالة واضحة من الدول العربية القوية والمؤثرة، خصوصا في الخليج العربي إلى إثيوبيا تقول، إن علاقتنــا الاقتصادية والتجارية والسياســي­ة معكم سوف تتأثر كثيرا إذا أصررتم على الإضرار بحقوق مصر والسودان المائية، وأن استثماراتن­ا وودائعنا المالية في البنوك الإثيوبية، قد يتم سحبها حال مواصلة تعنتكم ومراوغتكــ­م وإصراركم علــى عدم التوقيــع على اتفاق قانوني عادل وملزم وفي أقرب وقت ممكن. على الأشــقاء أن يتذكروا ذلــك جيدا، ويفرقون بــن التضامن اللفظي والتضامن العملي.

شكراً يا عرب

أعــاد وزراء الخارجية العــرب في اجتمــاع الدوحة الطــارئ التأكيد على الموقف الداعم لمصر والســودان في قضية الســد الإثيوبــي، واعتبار الأمن المائــي للقطرين العربيين جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ورفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل. ويواصل جلال عارف كلامه في "أخبار اليــوم"، الجديد والهام هو الإعلان عن دعــوة الدول العربية مجلــس الأمن الدولي للانعقاد عاجلا لبحث الموقف بعد إعلان إثيوبيا اعتزامها القيام بالملء الثاني للســد، بدون اتفاق مع دولتي المصب )مصر والســودان( والآثار الخطيرة لمثل هــذا الإجراء. والجديد والمهم أيضا هو إعلان الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط، أن الدول العربية اتفقت على خطوات سيجري اتخاذها تدريجياً لدعم مصر والســودان في النزاع حول السد. وهو ما يعني تجاوز مرحلة الاكتفاء بالبيانات إلى مرحلة العمل الفعلي الذي ينسق الجهد العربي ويستخدم الأوراق العربية الكثيرة للدفاع عن الحق العربي، وحماية الأمن العربي المشترك. الأوراق العربية كثيرة، والمصالح الاقتصادية المرتبطة بها نعرف تأثيرها! العمل السياســي المطلوب عربيــا ليس هينا. التواصل مــع أعضاء مجلس الأمن )خاصة القوى الكبرى( مهم وضروري، والعمل على فضح التعنت الإثيوبي، لابد أن يتواصل. وفضح الأكاذيب التي لم تتوقف إثيوبيا عــن ترويجها، خاصة في افريقيا بدأ يؤتي ثماره، لكن يحتــاج للمزيد من الجهد. كان مهما قطع الطريــق على المزيد من حمــات التضليل الإثيوبية بتأكيد مصر وأشقائها العرب على أننا لسنا أمام اصطفاف عربي ضد اصطفاف افريقــي.. بل إن التقدير كامل لجهود الاتحاد الافريقي التي لم تثمر - للأسف الشديد- بسبب تعنت إثيوبيــا وافتقادها للإرادة السياســية، وتوهمها بأنها قــادرة على فرض مــا تريد، ولــو كان عدوانا على حقوق الآخريــن، وتهديدا لحياة الملايــن، وانتهاكا لكل الأعراف والقوانين الدوليــة. نملك الحق، ونملك ما ندافع به عن هذا الحق، ولا نرجو لإثيوبيا أن تســير في الطريق الخطأ لأبعد مما سارت حتى الآن!

بدت «مســيرة الأعــام» الإســرائي­لية فــي أجوائها وصورها ورســائلها كما أشــار عبد الله الســناوي في "الشــروق" أقرب إلى «بروفة مبكرة» لمــا يمكن أن يحدث في المســتقبل المنظور من تفاعلات وصدامات وحروب. لا توجد في الأفق السياســي الملغم أي إشــارات على حلول سياســية محتملــة للصراع الفلســطين­ي الإســرائي­لي، وجوهره الحساس القدس المحتلة. ولا توجد تحت الأفق

ذاته أي ضمانات لدوام التهدئة، التي أعقبت حرب الأحد عشــر يوما بين الجيش الإســرائي­لي والمقاومة في غزة. التهدئة هشــة والتصعيد محتمل في أي لحظــة. كان ما جرى في بــاب العمود من عنف وقمــع تعبيرا عن ضعف لا قــوة في بنية الحكومــة، بالغة التناقض فــي تكوينها والمرشــحة موضوعيا للتفكك وعــدم البقاء طويلا. كانت الغــارات الجوية على مواقــع للمقاومة فــي غزة وخان يونس فجــر اليوم التالي لـ«مســيرة الأعــام» تعبيرا آخر عن طلــب «الضعيف» إثبات أنه «قوي» باســم الرد علــى البالونات الحارقة، التي أطلقت من غزة وتســببت في حرائــق في بعــض مــزارع المســتوطن­ات المحيطة. الاســتخدا­م غير المتناســب للقوة تعبير سياسي مباشر عن قدر الارتباك في بنية صنع القرار الإســرائي­لي. بدون أن تطلق قذيفة واحدة من غزة أغلق مطار «بن غوريون» مجددا أمام رحلات الطيران، وأعلنت التعبئة في منظومة القبــة الحديدية. المشــهد كله بصــوره ورســائله يكاد يعلن عن جولة جديدة تقترب في المواجهات السياســية والعســكري­ة داخــل الأراضي الفلســطين­ية المحتلة. رغم وصلات الرقص في «مسيرة الأعلام»، إلا أنها بدت هزيلة بأعدادها ومشــاهدها، رغم التعبئة الواسعة في أوساط المســتوطن­ين، كما بدت تجمعا لصبية دون سن العشرين. تلخص صورة واحدة الشــعور الكامن بالضعف في بنية المسيرة.

الجحيم في انتظاره

وأكد عبــد الله الســناوي على أنه عندمــا بدأت عدة فتيات فلســطينيا­ت تمكن مــن التمركز خلــف كاميرات الفضائيــا­ت، التي تنقل الحدث، في الهتــاف «الله أكبر،» «القدس عربية»، «بره بره.. يا مســتوطن بره بره» أفلت العيار بالكامل. جرت اعتداءات بدون تمييز، أو تدخل من الأمن الإســرائي­لي، نالت من مراســلي الوكالات الدولية. كادت «مسيرة الأعلام» أن تتماهى مع الأوهام السياسية، لا القــدس قابلة للمســاومة أو التنــازل، والصراع ممتد إلى المســتقبل، لا نحن ضعفاء ولا هم أقوياء. في المشــهد السياسي المتحرك في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتجلى ثلاثة تناقضات كبرى قد تتحكم تفاعلاتها في رسم خرائط القوة على مســارح الصراع. الأول، التناقض الفلسطيني ــ الإســرائي­لي، وقد أخذ مداه في المواجهات العســكرية والشعبية التي هزت إسرائيل من الداخل، وعرضت أمنها لانكشاف نال من ثقتها في نفســها ومستقبلها. والثاني، التناقض الإسرائيلي ــ الإسرائيلي، وقد أعلنت انكشافاته عن نفسها في الصراعات الداخلية، التي أفضت إلى إنهاء «حقبة نتنياهو» بدون تغيير في السياســة والتوجهات. بصياغة بينيت، فهو ضد عودة الولايات المتحدة المحتملة إلى الاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات عنها، تماما مثــل نتنياهو، لكنه ضد الصدام مع الإدارة الأمريكية على النحو الــذي لوح به الأخير، بــدون أن يكون جادا، وهو من رمــوز اليمين الاســتيطا­ني، ويريد أن يضيف شــيئا من التوســع في الضفة الغربية في المنطقة )ج( حســبما أعلن بنفســه، وهو مثل زعيمه السابق مع «السلام مقابل السلام»، لا «السلام مقابل الأرض»، كما التطبيع بلا أدنى مقابل مع الدول العربية. والثالث، التناقض الفلسطيني ــ الفلسطيني، وقد تجلت مأساويته في «حوارات القاهرة،» التي أجهضت قبل أن تبدأ.

الوضع اختلف

مســيرة الأعلام مــن وجهة نظــر جيهان فــوزي في "الوطن" هي محاولة لترســيخ الوجود الإســرائي­لي في القدس الشــرقية، كجزء أصيل من إســرائيل وليســت محتلة بحكــم القانون الدولي، وكانت قد بدأت نشــاطها عام 1974، لكنها توقفت خــال الفترة بين عامي )2010- 2016( بســبب المواجهات التي كانت تندلع بين المشاركين في المسيرة والفلســطي­نيين، فالشرطة الإسرائيلي­ة تجبر أصحاب المتاجر الفلسطينيي­ن في الحي القديم على إغلاق محالهم، وتقيم العديد من الحواجز العسكرية، لمنع وقوع مواجهات بينهم وبين المتطرفين المشــاركي­ن في المســيرة. واكتســبت مســيرة الأعلام زخماً إعلامياً وسياسياً هذه المــرة، لإصرار المشــاركي­ن بالمــرور في الحي الإســامي العربي، رغم حساســية ما يجري في القدس، ومحاولات المستوطنين اليهود إخراج الفلســطين­يين من منازلهم في حي الشــيخ جراح، وهو الأمر الــذي كان بمثابة انطلاق الشرارة التي أشــعلت المواجهات 11 يوماً من القصف بين إســرائيل والمقاومة الفلســطين­ية في قطاع غزة، انتهت بهدنة هشــة قابلــة للانفجار فــي أي وقــت، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية حذرت الحكومة الإســرائي­لية من وقوع اســتفزازا­ت وقلاقل في القدس الشــرقية، مما يهــدد باندلاع موجــة عنف جديــدة بين الفلســطين­يين والإســرائ­يليين، وهي بالكاد توقفت منــذ فترة قصيرة. وتابعت الكاتبة: لقد أُجلت «مسيرة الأعلام» الاستفزازي­ة في مدينــة القــدس المحتلة أكثر مــن مرة، بعــد تحذير فصائــل المقاومة من الســماح بتنظيم المســيرة والمرور عبــر باب العامود، لكــن بعد تشــكيل الحكومة الجديدة برئاســة نفتالي بينيت اليميني الأكثر تطرفاً، بدا واضحاً أن الحكومــة الجديدة تســتهل عملها بمحاولــة إرضاء المستوطنين والمتطرفين، وهذا هو السبب الرئيسي، الذي يدفــع مثل هذه الســلطات إلى أن تعطــي تصريحاً لهذه المســيرة بالســير، رغم الاحتمالات بأن ينحرف مسارها بعيداً عن المســجد الأقصى وضواحي القدس، بما يشكل انفجاراً عاماً في الأراضي الفلســطين­ية المحتلة، فضلاً عن

مطالبة رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي مــن قادة الجيش، الاســتعدا­د لإمكانية عــودة التصعيد مع قطــاع غزة، بما يعنــي إصرار الحكومة الإســرائي­لية علــى تنفيذ رغبة المتطرفين والمســتوط­نين، لأنها في واقع الأمر هي جزء من أيديولوجيت­هــم العنصرية، وتعبر عن أفكارهم.

متى يتفقوا؟

كان ومازال شرط إسرائيل للتفاوض مع الفلسطينيي­ن، كما أوضح المستشــار مصطفى الطويل في "الوفد"، هو أن توحد الفصائل الفلســطين­ية صفوفها وكلمتها ليختاروا رئيســا لهم، ثــم بعد ذلك تتــم المفاوضــا­ت لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وحجة إسرائيل في ذلك أنه لا يمكن التفاوض مع عدد مــن الفصائل الفلســطين­ية المختلفة، البعض يوافق ويرفض البعض الآخر، وهكذا فإن إسرائيل منذ ســنوات مصممة على عدم التفاوض، إلا بعد توحيد الصف الفلســطين­ي. تابع الكاتب، فــي أعقاب الأحداث الأخيرة التي وقعت في قطاع غزة، وراح ضحيتها العديد من الفلســطين­يين بــن قتيل ومصاب، اســتطاعت مصر تهدئة الموقف الملتهب بين إسرائيل والفلسطيني­ين، دارت مفاوضات كثيرة بين رئيــس المخابرات المصرية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة، والفصائل الفلســطين­ية من جهة أخرى.. ما حدث أن مصر منذ ذلك الحين وهي تسعى لرأب الصدع بين الفصائل الفلسطينية حتى يصلوا في ما بينهم إلــى رأي واحد ورئيس واحد، يتم التفاوض من خلاله مع الجانب الإســرائي­لي، لإيجاد حــل للقضية الفلســطين­ية. وعلى الجانــب الآخر كانت الخلافات قائمة في الداخل الإســرائي­لي بين وزير الدفاع الإســرائي­لي نفتالى بينيت وبنيامــن نتنياهو، من أجل تشــكيل حكومة جديــدة، وبالفعل توصــل بينيت إلى تشــكيل حكومة جديدة، تضم تيارات اليمين واليســار والوسط وأحزابا عربية، بعد إخفاق نتنياهو في تشكيل الحكومة. المهم أن بينيت وهو يميني متطرف، قام بعرض الحكومــة الجديــدة على الكنيســت الإســرائي­لي حتى تحظى بثقة الأعضاء، وبالفعل أعلن الكنيست يوم الأحد الماضي موافقتــه على تلك الحكومة. وفــي المقابل ورغم تصريحات السلطة الفلســطين­ية بأن سياسات الحكومة الجديدة بقيــادة رئيس الوزراء بينيت لــن تتغير كثيرا عن سياسات ســلفه نتنياهو، وتأكيد حركة حماس على موقفها تجاه إســرائيل، إلا أن الاجتماعــ­ات الدائرة بين الفصائل الفلسطينية التي كان من المزمع عقدها في مصر بداية هذا الأســبوع، توقفت بدون إبداء أسباب أو حتى يحدد موعد آخر لها.

فلنحذر من هذا

في كلمته أمام مجلس وزراء الإعــام العرب، قال كرم جبر كما أوضح في "الأخبار": يأتي اجتماعنا هذا، في وقت ربما يكون الأصعب فــي تاريخ العمل العربي المشــترك، ويحتاج أن نتسلح برؤى إعلامية تتسم بالوعي واليقظة والســرعة، نعلم جميعاً أننا نواجه ومنذ ســنوات خطر الإرهاب، الذي يهدد مجتمعاتنــ­ا العربية بحروب أهلية، تأتي على الأخضر واليابــس، وإذا كنا نعلم من هو العدو الخارجي ونتحد ضده، ولكن الآن من الصعوبة أن نحدد مفهوم العدو الذي ينطلق من الداخل، ويشــكل نوعا من الفناء الذاتــي، وآن الأوان لتفعيل الــرؤى الكثيرة التي توصلنا إليهــا في الاجتماعات المشــتركة لوزراء الإعلام العــرب، وأن نصل إلى اســتراتيج­يات موحــدة لتطهير العقول من أفكار ومعتقدات أخطر من القنابل والمتفجرات والسيارات المفخخة التي يستخدمها الإرهابيون، لنحمي شــبابنا من الوقوع في براثن تلك الجماعــات. إننا كأمة عربية نواجه تحدياً رهيباً متمثلاً في الإعلام الإلكتروني، وإذا لم نتســلح بالعلم والمعرفة ودخــول العالم الجديد بأدواتــه ووســائله ســنواجه حروبا أكثر شراســة مع الشركات الكبرى التي تتحكم في الإعلام الجديد، وترسم اتجاهاته السياســية التي تتعارض أحيانــاً مع ثوابتنا الوطنية، علاوة على إهدار الحقوق المادية الكبيرة للدول العربيــة، إننا أيضــاً نواجه خطر الشــائعات المغرضة، والدعاية الكاذبة التي تضرب أمن واســتقرار المجتمعات العربية، وتتطلب منا جميعاً أن نتوصل إلى رؤى مشتركة لنشكل حيطان صد من واقع ثقافتنا العربية والإسلامية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية توسيع دوائر الحوار والتعبير عن الــرأي والحرية والممارســ­ة الديمقراطي­ــة. إننا كأمة عربية نواجه تحدياً قد يكون متطابقاً في كل الدول، متمثلاً في المشاكل والتحديات التي تواجه الإعلام التقليدي وفى صدارتــه الصحافــة الورقية، ما يتطلب منــا أن نتحاور ونتواصل لإيجاد حلول لهذه المشاكل والتحديات حفاظاً على الأمن القومــي العربي، وحتى لا نتــرك الرأي العام للعشوائية والارتجال الذي يحدث في بعض الأحيان.

قاطعوا الدحيح

فــي أقل من 12 ســاعة والكلام لعبــد اللطيف المناوي فــي "المصري اليوم" شــاهد الحلقة ما يقــرب من مليون ونصــف المليون مشــاهد، وحققت "الأكاديميـ­ـة" تطورا مهما في عدد متابعيها في وقت قياســي. في هذه اللحظة شهدت ســاحات الديجيتال هجوما ساحقا ومفاجئا على «الدحيح» وعلى الأكاديمية تحت شعار «قاطع الدحيح،» وذلك بادعاء أنه عاد من بوابة الأكاديمية التي يتهمونها

بالتطبيع مع إســرائيل. لأن الأكاديميـ­ـة تعاونت في أحد برامجها التدريبية مع شركة اسمها «ناس ديلي»، أسسها ويترأســها مدون فيديو من الجيل الثاني من عرب 1948، اســمه نصير ياســن، ويفضل البعض وصفه بأنه شاب إسرائيلي مســلم من أصول فلســطينية تعود إلى قرية عرابة في الجليل، ويتهم البعض أيضا «ناس ديلي» بأنها تقدم محتوى يــروج لـ«التطبيع الناعم» مع إســرائيل. وتابع الكاتب: أنا شــخصيا لا أعتقد أن هذه «الانتفاضة» ســببها الترويــج للتطبيع كمــا يدعي من قــاد الحملة ونشــرها، وإنما هي حالة المفاجأة لدى منافسين، سواء للشــخص أو الأكاديمية، ســاءهم أن يروا هذا القدر من النجاح الكبير المفاجئ. إذا قمنا بتحليل الهاشتاغات على موقع «تويتر» ســنجد كل التغريدات كانت ضد البرنامج إلا تعليقا واحدا إيجابيا، كما أظهرت أن الحسابات الأكثر تغريدا ضد «الدحيح» حســاب قناة "الجزيرة" القطرية، وتجدر الإشــارة هنا إلى أن «الدحيح» ظل لسنوات يذيع حلقاتــه على منصة AJ+ التابعة لقنــاة الجزيرة.. إذن كما نرى هي معركة قادها منافسون، مستغلين فيها التهمة الجاهزة بالتطبيع مع إسرائيل، والهدف، كما نرى، بعيد عن النضــال. لكن هذا يفتح الباب أمــام نقاش آخر مهم، هل من الجريمة، أو الخطــأ، التعامل والتعاون مع نصير ياسين، الشــاب العربي الذي قرر أهله البقاء في أرضهم، أو لم يتمكنوا من مغادرتها عقب حرب 48؟ أظنه موضوعا جديرا بالنقاش.

سجن أنيق

أمام سجن كورونا والليالي الطويلة الموحشة والأعداد الرهيبة من البشر الذين يجلســون الساعات بلا كلام أو حوار أو ســؤال، بدأ فاروق جويدة كما أخبرنا يفتش في أوراقه القديمة، وبدأ شريط الذكريات يعود للوراء، وبدأ القلب يخفق ويســتعيد صور أشخاص أحببناهم وأماكن أسعدتنا وأياما أخذت جانبا من ذكرياتنا وارتاحت فيه.. في وحشــة الســجن تعود إلى الماضي لعلــك تجد فيه ما يجعلك تقاوم أشباح الخوف التي تحاصرك ليل نهار.. في سجن كورونا أنت وحيد، حتى لو كان حولك آلاف البشر، أنت لا ترى أحداً ولا تســمع أحداً لقد تلاشت كل الحكايات في عالم رهيب من الصمت، ومع الوقت يعتاد الســجين أن يعيش مع نفسه.. إنه ينســى كل الأشياء حوله، وينتقل بكل مشاعره إلى الماضي، يقلب ألبومات الصور في الأماكن والبشــر.. إنه يتذكر المــدن التي زارها والشــوارع التي ســكنها والبيوت التي أحبها.. إنه وسط كل هذا الزحام لا يستطيع أن يسافر إلى بلد أحبه، أو يقابل أشخاصا فرقت بينهم الأيام.. أصعب الأشياء أن ينفصل الحاضر والماضي في حياة الإنسان. وفي سجن كورونا تحن إلى الماضي لأن الحاضر فراغ في فراغ.. أمام وحشــة الأيام أستعيد صور من أحببت وأتذكر ساعات من الرضا والصفاء، وأتمنى لو أن الزمان رجع بي قليلا للوراء وعشــت مع أغنية جميلة، أو لقــاء خارج حدود الزمن، أو رفقــة أحباب لا أعرف لهم أرضا ولا مكانا.. أســوأ أنــواع الوحدة أن تكون وســط حشود من البشــر، ولا تراهم، أو أن تجد نفسك غارقا في صور الماضي ولا تســتطيع أن تستعيد منه شيئا.. ملايين البشــر الذين ســجنتهم كورونا ما بين المرض والسجن والغربة، ســوف يكتبون يوماً، كانت أيام الســجن أرحم كثيرا من حماقات البشر.. إن أصعب ما في سجن كورونا انك دخلت فيه بقــرار منك ولم ترتكب جريمة، أو خضعت لحكم قضائي ولكنك نفذت حكمــا إلهيا ربما كان عقابا أو تأديبا أو إصلاحاً، المهم أن نستوعب الدرس.

فلنتجاوز المحنة

عن قدرات الانسان الخفية التي منحها إياه الخالق قال أيمن عيسى في "اليوم السابع": يتعافى المرء بأصدقائه.. يتعافى المرء بالتخلي.. يتعافى المرء بالنسيان.. حتى إن البعض قال إن المــرء يتعافى بالأكل. الحقيقة أن ســيرة التعافــي فيها الكثير من المعادلات المعقدة، وأن مســببات التعافي عند البشــر ليســت واحــدة، بــل أحيانا يكون العكس، فيتعافى الشــخص مما يتألم منه غيره، والثابت أن الحديــث عن التعافي ليســت فيه قواعــد ثابتة يمكن تعميمها، وهنا تحديــداً نقول إن لكل حالة ما يناســبها. كثيرا ما نبحث عن التعافي في طريق الشــقاء، ونظن أننا نعرف هذا، ونفعل ذلــك، من أجل التعافي، غير أننا نجده طريقًا مظلما، فيــه من الألم ما يجعل فكــرة التعافي فيه ليست في محلها. في كل ما سبق، وفِي كل التجارب العملية التي مرت بنا وعلينا، لم أجد أفضل من الاستغناء وسيلة للتعافي، بل إنه بمثابــة "فضيلة"، وعلى غير مفهومي عن التعافي، كهدف متغير من شــخص لآخــر، فإني أرى أن الاســتغنا­ء تحديدا يصلح أن يكون سببا مناسبا للتعافي لــكل الحالات، شــريطة أن يمتلكه الإنســان عــن قناعة ورضا. الاســتغنا­ء فضيلة، أحيانا تصل مرتبة الواجب، وهو علاج لكثير من الشــقاء الذي نعيشــه فــي حياتنا اليومية، فالاستغناء عن الأشــخاص الذين يسببون لنا الألم "تعافٍ"، والاســتغن­اء عن الأشياء المزعجة "تعافٍ"، والاســتغن­اء حتى عن بعض الأحلام التــي نظنها خيرا "تعافٍ"، ومن هنا يصبح الاستغناء، في رأيي، هو الطريق الكبير للتعافي، وهــو الفضيلة الواجبــة، والفعل الذي يصل بنا للشــفاء من كل الأمراض النفســية والمجتمعية التي تحيط بنا من كل الجوانب، بســبب علاقاتنا أحيانا، وأحلامنا تارة، وأحبابنا كثيرا . المعركة ضد التيار السلفي تخطف الأبصار عن القضايا الكبرى... والشــيخ يعقوب يتلقى المزيد من الحراب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom