Al-Quds Al-Arabi

بنوك لبنان عالقة في دوامة التراجع: الوظائف تتقلص والإقراض يهوي

-

■ بيــروت - رويتــرز: تقــوم بنــوك لبنــان، التــي كانــت محركاً للاقتصــاد ذات يوم عبر اســتقطاب ودائع بمليــارات الدولارات من الخــارج، بخفض الوظائف، وتشــهد انكماشــاً فــي دفاتر القروض وتلاحق السيولة لكى تظل قيد النشاط.

وقــال أربعة مصرفيين كبــار أن نحو ثلاثــة آلاف مصرفي، أو ما يزيد عن عشرة في المئة من قوة العمل في القطاع المصرفي، استقالوا أو خســروا وظائفهم منذ اندلاع الأزمة الماليــة في أواخر 2019، فيما تواصل الأرقام الارتفاع.

وتســري قيود فعلية على رأس المال، وحيل بين المودعين ومعظم مدخراتهــم وهوى الإقــراض للقطاع الخاص. وفي أبريل/نيســان، انخفضت القروض المصرفية 25 في المئة على أســاس سنوي إلى 33 مليار دولار وفقا لمذكرة صادرة عن «بنك بيبلوس».

وقال أحد المصرفيين الذي طلب عدم نشــر اسمه «القطاع مات. لا يقوم بالإقراض، ولا يحقق أرباحاً».

وتواجــه البنوك أكبــر تحد منذ الحرب الأهلية التــي دارت رحاها في الفترة بين 1975 و1990، وهو الصراع الذي أســفر عن أضرار أقل للبنوك وفقا لبعض المعايير. وكبدت الأزمة القطاع خســائر بقيمة 83 مليار دولار وفقا لتقرير حكومــي صادر في العام الماضي، وهو رقم يتضــاءل إلى جانبه الناتج الاقتصادي للبنــان البالغ 55 مليار دولار في 2019.

وقــال توفيق غاســبار، الخبير الاقتصادي الذي عمل مستشــارا لـ»صنــدوق النقــد الدولــي» ووزير مالية ســابق «الأزمة فــي لبنان بالأساس انهيار مصرفي في المقام الأول».

وشــكل قطاع الخدمات المالية في لبنان، الذي كان يصور نفســه في وقت ما على أنه سويســرا الشرق الأوسط، قرابة تسعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018.

وقال سليم صفير، رئيس «جمعية المصارف اللبنانية» أن البنوك الآن تصمد بفعل عوامل من بينها السيولة الناتجة عن «التخلص من المديونيــ­ة» إذ ينقــل الكثير من اللبنانيين أموالهم من البنوك لســداد ديون على أفراد وأخرى خاصة بالشركات.

وقال صفيــر، وهو أيضا الرئيــس التنفيذي لـ»بنــك بيروت» أنه «فــي الأوضاع العاديــة يكون الإقراض هو عمــل البنك، لكن في مثل تلــك الأوضــاع يمنحنا ذلك الســيولة، يمنحنا هواء جديــدا لمواصلة الصمود خلال الأزمة».

وحســب تقديره، فإن القطاع، الذي كان يوظــف نحو 28 ألفا قبل الأزمة، يعمل به الآن نحو 25 ألفا.

وقــدم المصرفيون الكبار الثلاثة الآخرون أرقاما مماثلة لخســائر توفيق غاسبار الوظائف في القطاع، وأضافوا أن الرقم سيواصل الزيادة.

وقالــت المصــادر أن معظــم فقــدان الوظائــف حصل فــي قطاع التجزئة المصرفية، الذي يخدم في المعتاد أنشــطة مصرفية أساسية مثل اســتقطاب الودائــع أو بيع القــروض إلى الشــركات الصغيرة والمتوسطة التي فقدت قوة الدفع أو ببساطة انهارت.

ويقول مصرفيون ومحللون أن أي إعادة هيكلة لبنوك لبنان البالغ عددها نحو 40 يجب أن يكون جزءاً من خطة إعادة هيكلة شاملة.

وقال مصرفي كبير آخر «لا توجد إســتراتيج­ية للقطاع المصرفي. نعمل في ظــل انعدام للرؤيــة» مضيفاً أن البنوك قــادرة على العمل فقط «في وضع الاستمراري­ة».

وقالــت وكالة التصنيف الإئتماني «ســتاندرد أند بــور»ز بعد أن تعثــرت الحكومة في ســداد الديــون العام الماضي أن المــدى الكامل للخســائر لن يتضــح إلا حين تعيــد الحكومــة هيكلة جبــل ديونها. وأضافــت أن تكلفة إعادة هيكلة النظام المصرفــي قد تتراوح بين 23 مليار دولار إلى 102 مليار دولار.

وأصــدر البنــك المركــزي توجيهــات للبنــوك بزيادة رأســمالها الدفاعــي 20 في المئة بحلــول نهاية فبراير/شــباط وطالبها بتعزيز السيولة بنسبة ثلاثة في المئة لدى بنوك المراسَلة التي تتعامل معها. وحسب رئيس جمعية المصارف صفير فإن البنوك أكملت الزيادة. وقــال «التوجيه الآخر كان بزيادة الســيولة الأجنبية» مضيفاً أن هذا «أكثر صعوبة إذ أنه يجب عليك تســييل بعض أصولك الأجنبية، وســيتعين على المودعين إعــادة تحويل بعض ودائعهــم في الخارج للبلاد...وهذا السبب في أنه يستغرق بعض الوقت».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom