Al-Quds Al-Arabi

أمام تحدي حماس وشروط إسرائيل: هل تبدو جولة حرب أخرى على غزة مسألة وقت؟

- تل ليف رام

■ تعلن القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل بأن سياسة الرد تجاه قطاع غزة تغيرت وأن ما كان حتى حملة «حارس الأسوار» لن يكون.

ولكن مــع كل الاحترام للتصريحــا­ت، فإن هذه السياسة ســتختبر على مدى الزمن – وفي الميدان. فهي تتشــكل مــن القــرارات السياســة والردود العســكرية، وثمة تقدير بأن تتحــدى حماس هذه السياســة في المدى القريــب. ومن هنــا قد تكون احتمالات التصعيد أعلى.

فــي الماضي أيضــاً كانت حــالات أغــارت فيها طائرات قتالية لســاح الجو علــى أهداف لحماس رداً علــى حرائق اشــعلت في غلاف غــزة كنتيجة لإطلاق بالونات حارقة. ولكن لم تكن طريقة العمل هذه ثابتة على مدى الزمن، وغيرت إسرائيل مرات عديدة ردود فعلها كي تمتنع عن التصعيد.

في غارات ســاح الجو ليلة أول أمس، حافظت إســرائيل على المــدى والتوازن واختــارت ضرب أهــداف بنى تحتية لحمــاس لم تكــن مأهولة عند إلغارة، بــل ولا تعد أهدافاً نوعيــة. موقف الجيش الإسرائيلي هو أنه، بخلاف الماضي، سيواصل الرد

بشــكل ثابت ومنهاجي ضد اســتمرار الإرهاب من القطاع.

وبالتالي، في أعقاب استمرار إطلاق البالونات، ســيواصل ســاح الجو الهجوم. ولمــا لا تزال بين إســرائيل وحماس فجوات واسعة في كل ما يتعلق بالتفاهمات بعد الحملــة، فإن احتمال الوصول إلى تصعيد ومواجهة إضافية أعلــى بكثير من احتمال الوصول إلى تسوية.

ولكن تغيير السياســة تجاه القطــاع لا يرتبط فقط بطريقة اســتخدام القوة العســكرية. فالقسم الآخر من المعادلة التي تســعى إســرائيل لتغييرها يرتبط بالقناة السياســية. من ناحية إسرائيل، لم تنتــه الحملة الأخيرة بعد بإنجاز سياســي يضمن الهدوء والاســتقر­ار الأمني لمواطني إسرائيل بعامة وســكان الجنوب بخاصة. فإســرائيل تطرح هذه المرة شــروطاً أكثر تصلباً كي تصل إلى تســوية في القطاع، خصوصاً حول مسألة الأسرى والمفقودين وآلية رقابة أكثر تشدداً على الأموال والبضائع التي تدخل إلى القطاع.

وهي شــروط لا تعتــزم حماس قبولهــا، ومن الصعب أن نرى في هذه المرحلة توافقات بين منظمة الإرهاب وحكومة إســرائيل الجديدة. وعليه، فإذا ما قررت إســرائيل هذه المرة الوقــوف عند المبادئ التي تقــررت )المعابر تبقى مفتوحة بشــكل ضيق،

مجال الصيد لا يتسع، المال القطري لا ينقل وغيرها( وبالتــواز­ي لا ينجــح المصريــون فــي محاولات الوساطة ويواصل سلاح الجو الهجوم في القطاع – فإن التصعيد التالي سيكون مسألة وقت فقط.

حتى لو سعت إسرائيل لتغيير الاتجاه السياسي أو العســكري حيال القطاع، فإن مــن يتوقع حلولاً سحرية سريعة ســيخيب ظنه. فالطريق للوصول إلى غاية سياسية هدفها إحلال الهدوء والاستقرار الحقيقي فــي الجنوب، لا يزال طويــًا. صحيح أن حماس عدو ضعيف، ولكنها عنيدة ومتطرفة، وهي لا تعتزم التنازل بسهولة.

رغم تسويق نشــط للحملة الأخيرة باعتبارها حملة ناجحة، لم تتســبب بالأمر الأهم- تغيير في وعي العدو بحيث لا يكون مستعداً لأخذ المخاطرات لمواجهة عســكرية أخرى مع الجيش الإســرائي­لي. بعد شــهر من نهاية الحملة، إذا لم يسجل حتى الآن إنجاز سياسي، سيبدو الطريق إلى هناك طويلة قد يتضمن جولات تصعيد أخرى.

مــن حــق الحكومة الجديــدة طلــب الصبر من الجمهور، بشــرط واحد – أن تكون هــذه المرة حقاً طريقاً سياســية تعرض اتجاهاً آخــر. وعليه، على الحكومة واجب البرهان.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom