Al-Quds Al-Arabi

«الذئب الطيب» أيمن عودة... بالعبرية أم العربية؟

- سارة هعتسني كوهن

■ النائــب أيمن عودة هــو أحد النــواب العرب المحببين لليســار في إســرائيل، فهو في واقع الأمــر العربي الطيب خاصتهــم. كاريزماتي، يقول ما يريدون أن يسمعوه، يتحدث بلطف، بابتسامة. قبل نحو سنة ونصــف، رفع تغريدة حطمت أرقاماً قياســية في العطــف، في التويتر الإســرائي­لي. ، يقــرأ قصــة لأبنائه الثلاثــة إلى جانب صورتــه، فكتب: «فــي نهاية يوم طويل، ينبغي وضع التهديــدا­ت الوجودية الثلاثة هذه للنوم .»!

هكــذا هــو أيمن عــودة بالعبريــة. موهــوب، ذو حس فكاهــي حاد، شــخصية تتطلع إلى العدل والســام، إنســاني، يسار شــرعي. هو لا يتنــازل ولا يتجــاوز الرســالة الأيديولوج­يــة، بالعبرية أيضــاً، ولكنه يحافظ على الحدود الرقيقة والواضحة. هكذا، يرفع رســائل الشراكة اليهوديــة العربية. «الحكومــة تريد التفريــق بين اليهــود والعرب. هم خاســرون لنــا طريقنــا»، كتب حين كان الميــدان لا يــزال جريحاً من الاضطرابــ­ات التــي أثار هــو نفســه حماســتها، بطريقتــه، بالعربية. ويســتخدم لغــة رقيقة نســبياً تجاه غــزة والقدس: «جئنا إلى الشــيخ جراح كي ندعم كفاح الســكان ضد الطرد»، كتــب، «هذا الكفاح هو لكل من يتطلع للسلام وللمساواة والديمقراط­ية». من لا يمكنه التضامن مع هذه الرســالة المتصالحة؟ وفي تغريدة أخرى بالعبرية، أطلق ســهامه تجاه النائب بن غبير وآريه كينغ، نائب رئيس بلدية القدس «من المهم أن نذكــر بأن هنــاك ممثلين للجمهور يشــعلون نار العنف ويشــجعون القمع، بمن فيهم نواب من الكنيست ونائب رئيس بلدية.»

ولكن مثل الإنســان الذي يتحول في منتصــف الليل إلى ذئب، هكذا أيمن المحبب بالعبريــة، يصبح محرضاً خطيــراً بالعربية. أمس، عندما

غمر آلاف الفتيات والفتيان شوارع القدس بأعلام إسرائيل، فيما كانت حماس منشغلة بتهديدات الحرب وإحراق حقول سكان النقب الغربي، أجري لقاء صحفــي مع أيمن عودة بالعربية، بالطبــع، وأثار الخواطر. «على الأســوار هنا، تماماً هنا، ســيرفع علم فلسطين، وستكون القدس عاصمة فلســطين المحتلة... شــعبنا الفلســطين­ي ســيجعلهم يخجلون وينسحبون من هذه المناطق». ليست رسالة متصالحة، فيما مشاغبون عــرب يحطمون مبنــى وزارة العــدل في شــارع صلاح الديــن المجاور. توجد قيادة، فهؤلاء ليسوا مجرد شبان هامشيين يشاغبون، والقيادة خطيرة.

هذه ليست المرة الأولى التي يصبح فيها الطفل المدلل لليسار محرضاً ومثيراً للتمرد. هكذا حصل أيضــاً في جولة العنف حول المدرجات في بــاب العامود، فيما ظهر أيمــن عودة بالعربية ودعا إلــى انتفاضة. ...« إلــى أن تكــون الانتفاضة الحاســمة التــي تنهي الاحتــال وترفع علم فلســطين فوق المســجد الأقص وفوق كنائس القدس وبوابات القدس المحــررة». المشــاغبو­ن العرب في القــدس، أولئك الذين صفعوا أناســاً أبرياء في القطاع، أولئك الذين ســكبوا كأس قهوة ساخنة على يهودي مر في الشــارع، أولئــك الذين نفذوا فتكاً بحق يهــودي كان يتجول مع كلبه، وصفهم ببوســت آخــر بالعربية «شــبان القدس الذيــن يثورون ضــد الاحتــال». يا لها من رومانســية. بالمناســب­ة، هل كنتــم تعرفون أنهم اعتقلوا المســاعد البرلماني لعودة؟ مفهوم أن «لا». كان هذا في قلب فترة الاضطرابات، وأيمن بالعربية وصف بأن هذا «اعتقال انتقام». لم يسأل أحد ولم يعرف لماذا اعتقل جمال. لأن هذا كان بالعربية.

من يــرد ان معرفة النائب أيمن عودة، فيجدر بــه ألا يزوغ بصره عن أيمن المحبب بالعبرية. فهو لا يقول إلا ما تريدون أن تسمعوه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom