Al-Quds Al-Arabi

انتقادات للحكومة بسبب العنف في بورتسودان والاحتجاجا­ت غرب كردفان

اشتباكات بين قبيلتين... ومواطنون يطالبون بتعويضات من الشركات المنتجة للنفط

- الخرطوم ـ «القدس العربي» من عمار عوض:

تتعــرض الحكومــة الســوداني­ة لانتقــادا­ت بســبب العنف المتكــرر في بورتسودان، وكانت آخر جولاته معارك بين مكوني البني عامــر والتوبة في حي دار النعيم الواقع فــي المدينة التي تعتبر عاصمة ولايــة البحر الأحمــر، بالتزامن مــع احتجاجــات مســتمرة فــي ولاية غرب كردفــان، حيث يطالــب مواطنون بتعويضات من الشــركات المنتجة للنفط في الولاية.

وقــال القيادي في الحركة الشــعبية/ الجبهة الثورية، آدم كرشــوم نور الدين لـ«القــدس العربي» أمــس الخميس، إن «الاحتجاجات في مناطق إنتاج البترول والغضب الشــعبي، قد تم حلها في اتفاق سلام جوبا الخاص ببروتوكول المنطقتين ) قسمة السلطة والثروة( وخاصة ولاية غرب كردفان. عــدم تنفيذ هــذا الاتفاق يتسبب في كل هذه الأزمات».

وتابع «أن الأسباب التي تدعو لوقوع مثل هــذه الاحتجاجات وُجدت لها حلول في اتفاق الســام، إن كانت قسمة ثروة البترول مثال، فهنــاك معالجات تختص بذلك فــي الاتفاقيــ­ة، أيضا عــدم تنفيذ الترتيبــا­ت الأمنية، ومحــاولات بعض الأجهزة الأمنية خلق حركات موازية من ميليشــيات النظام البائد مثل ما تســمى بالجبهة الثالثة )تمــازج( كل ذلك مصدر للتفلّتات الأمنية في غــرب كردفان، وإذا لم يتم تنفيذ الترتيبات الأمنية، فإن هذه المشكلات ستتصاعد وتكبر، ولن يستطع أحد حينها وضع حل لها ».

وأشار إلى أن «عدم تنفيذ بنود الاتفاق السياســي بما يشمل تعيين حكومة أيضا يفاقم من المشــكلة، لأن مــن الواضح أن الوالي والحكومــة المكلفة في الولاية غير قادريــن على لجــم مثل هــذه التفلتات، وسينخفض التوتر في حال تنفيذ الاتفاق القاضي بتعيين وال ونائب وال وحكومة مدركة لحجم الإشكالات وتضطلع بدورها وإزالة الغبن من صدور أبناء المنطقة».

«لا معالجات جادة»

وأوضــح أن «هــذه التفلتات شــيء طبيعي، لأنه حتى هذه اللحظة لم يحدث أي تغييــر ومعالجات جــادة في مناطق إنتاج النفط، حيث إن المواطن لم يشــعر بثمرة الســام، رغم مرور تســعة أشهر مــن تاريخ التوقيع على اتفاقية الســام في جوبا التي تنــص على إعطاء الحركة الشــعبية منصب نائب والـ و 30 ٪ من الســلطة التنفيذية والتشريعية و 40 ٪ من الموارد المنتجة في الولاية بما في ذلك البترول الذي هو سبب الكارثة».

وكان مجلــس الشــركاء أوصى قبل يومين بإعفاء ولاة الولايات وتعيين حكام غيرهم بحلول يوم 1 أغسطس/ آب.

وأضاف كرشوم أن «استحقاق السلام في غــرب وجنــوب كردفان، هو نفســه استحقاق السلام الذي تم بموجبه تعيين ولاة شمال دارفور وغرب دارفور والنيل الأزرق».

وعبر عن «اســتغرابه لصدور مرسوم من الفريــق عبد الفتــاح البرهان يقضي بتشــكيل لجنة الترتيبات الأمنية لمســار دارفور، دون عن لجنة الترتيبات الأمنية للجيــش الشــعبي لتحرير الســودان / الجبهة الثورية». وكانت تقارير صحافية قالت، أمــس الأول، إن العديد من مناطق إنتاج النفط غربي البلاد تشــهد توترات أمنية بالغــة، بينما بحث مجلس الوزراء الســوداني الأوضاع هناك خلال جلسته الثلاثاء الماضــي. ويطالــب الأهالي في مواقــع إنتــاج البترول فــي ولاية غرب كردفان بتعويضات.

وقالت مصادر في قطــاع النفط لموقع «سودان تربيون» إن مطالب أهل المنطقة تتركز فــي التعويضات لأرض معســكر شــركة» بترو إنيرجي» الذي أنشىء قبل أكثر من 20 عاما وتم دفع تعويضه مسبقا.

وأفادت تقارير صحافية بأن محتجين أغلقوا لليوم الثالث علــى التوالي مطار بليلــة التابع لشــركة «بتــرو إنيرجي» للبترول فــي ولاية غرب كردفان، كما منع المحتجون المهندسين والفنيين من الخروج لأداء مهامهم.فيما شهد حي دار النعيم في مدينة بورتســودا­ن أعمال عنف وإطلاق نــار في ليــل الثلاثــاء، حســب إفادات مواطنين نقلــوا لـ«القدس العربي» أنباء عن وقوع أعمال عنف بــن قبيلتي البني عامر والتوبة.

وكتبت الناشطة نجلاء سيد أحمد على صفحتها، قائلة: «ما شــاهدناه نهار وليل أمس من اســتخدام أنواع سلاح مختلف وكمية الذخيرة كثيرة جدا في ســماء دار النعيم من قبــل القوات النظامية، وكافية لتحريــر كل المناطق المحتلة في الشــرق. لكن للأسف، كل هذا الوابل من الرصاص، فوق المواطنين، ما تســبب في قتل شــاب وجــرح آخرين وإرهاب ورعب النســاء والأطفال».

وتابعت «مــا تم هو امتــداد لأحداث اســتمرت أكثر من ســنتين، وكان آخرها قبل شــهر ونتــج عنها حصــار حي دار النعيم منذ ذلك الوقت، وتجددت الأحداث في المنطقــة الفاصلــة بين حــي الزاندا ودار النعيــم، دون أســباب واضحة كما يحدث في كل مــرة، ولكنها ســرعان ما تحولت إلى حي المرغنية حيث استهدفت عصابــات النيقــرز بيوت البنــي عامر والحباب بالنهب والحرق بوجود الجيش والشرطة كالعادة .»

وزادت : «نســأل الله الأمن والسلام، وعلى الحكومة القيــام بواجبها وضبط المتفلتــن من القــوات النظاميــة وعزل قيادات النظام البائد من قيادتها.»

وقال الناشــط السياســي والمجتمعي محمــد فتحــي أورفلــي فــي حديث مع «القدس العربي » أن «أسباب عودة العنف القبلــي فــي بورتســودا­ن، وخاصة في مناطق دار النعيــم، تعود في المقام الأول للضعف الأمني للحكومة في الولاية ككل وعدم قدرتها على ضبط وحسم التفلتات وغياب قــوة القانــون الــرادع، ولذلك اســتفحل الأمر وأخذ طابع التجييش من كل الأطــراف، وأصبح كل طــرف ينتهز أي فرصــة للهجوم على الطــرف الآخر، لأسباب غير منطقية، ولا ترتقي لدرجة أن تكون هناك حرب أهلية.»

«طرف خفي»

وتابع «هــذا يقودنا إلى الإحســاس بوجود طــرف آخــر خفي فــي الصراع يســعي بكل جديــة وبدون كلــل أو ملل لإشعال المنطقة، وبالتأكيد إشعال حروب في منطقــة البحر الأحمر هو مهدد حقيقي لاستمرارية الفترة الانتقالية، واعتقد أن ذلك هدف قد يفسر استمرار هذا الاقتتال العبثي الذي يحدث بين مكونات الولاية، وبالتحديــ­د مكونــات مجتمــع مدينــة بورتسودان».

وزاد «الآن هنــاك احتقــان وشــحن ســلبي بين جميع المكونــات المتصارعة، وخطاب الكراهية هو المســؤول الأول عن وصولنا إلى هــذه المرحلة، وهو ما يجب ايقافه اولا وفورا ».

وأوضح أن «الحلــول المثالية الفورية الآن لوقف التدهور الأمني في الشرق تبدأ بإعادة انتشار القوات النظامية مع فرض القانــون الــرادع على الجميــع وتفعيل قانون جرائم المعلومات وجمع الســاح من أيادي المواطنين، ثم من بعد ذلك البدء بتطبيق نظام المصالحة المجتمعية».

وأضاف: «هنالك مبادرة تقدم بها علي محمود، ناظر عموم قبائل الأمارار، وهي تجــد الدعم والتأييد مــن معظم مكونات الولاية، يمكــن إذا وجدت الدعم المطلوب أن تحقق ســاما في المنطقة، على أن تبدأ بتطبيق القانــون على جميــع المتفلتين والمحرضين من كل الأطــراف، إضافة إلى جبر ضرر جميع الأطــراف المتضررة من الصراع».

وزاد: «كل هــذا يتطلــب مواقــف جادة وحاســمة من الحكومــة المركزية، والإحســاس بضعفها، في هكذا مواقف، هو ما يشــجع الجميع على العبث في ظل إحساس بسيولة أمنية لن تستطيع معها الدولة الســيطرة على أحــد، وهنا مكمن الخطر، ولذلك اعتقد أنــه قد حان الوقت الذي تفرض فيــه الدولة قــوة القانون وتبســط يدها على الجميع، فالمواطن في حاجة الآن لأن يشــعر بأن هناك حكومة موجودة، لديها القدرة على حمايته وعلى حفظ الأمن والسلام».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom