Al-Quds Al-Arabi

بيان «أستانة - 16» لا جديد فيه: تكرار تعهد «التزام سيادة سوريا ووحدتها ومكافحة الإرهاب والانفصال»

- دمشق – «القدس العربي» من هبة محمد:

خرجــت الــدول الضامنــة في ختــام اجتماعــات «أســتانة- 16» في العاصمة الكازاخية نور ســلطان حول سوريا، بصفر نتائج، وفقًا للبيان الختامي، حيث أعادت روســيا وتركيا وإيران فــي نهاية المحطة الأخيرة مــن المفاوضات تكــرار بياناتها الفائتة فــي التعبير عن التزامها ســيادة ســوريا والتعهــد بمكافحة الإرهــاب والمخططات الانفصاليـ­ـة، والتعاون فــي إطــار اســتئصاله­ا، وضــرورة والحفــاظ علــى التهدئة فــي إدلب، ومســاعدة اللاجئين والنازحين في العــودة الطوعية إلى مدنهم، كما فرغ البيان الختامي من أية بنود جديدة باســتثناء إدانة الهجمات العســكرية الإسرائيلي­ة على مواقع النظام السوري والميليشيا­ت الإيرانية.

الملف الإنساني

ويشــير البيــان الختامي إلى عــدم إحراز أي تقدم ملمــوس خلال هذه الجولة، أســوة بغيرهــا من الاســتحقا­قات، لا ســيما في قضيــة المعابر الإنســاني­ة، حيث خلا البيان من أي اتفاق أو حلــول جديدة. لكن الناطق باســم وفد المعارضة السورية المشاركة باجتماعات «أستانة- 16» أيمن العاســمي تحدث عن يقينه أن الجانب الروسي لن يستخدم الفيتو حيال منع إدخال المســاعدا­ت الإنسانية، وقال في اتصال مع «القدس العربي» «ناقشنا ثلاثة ملفات رئيســية أهمها قضية المعابر» مؤكداً «استمرار آلية إدخال هذه المســاعدا­ت إلى كافة المناطق لأنها قضية إنســانية ولا يجوز التفاوض عليها .»

وقــال: مــن حيــث المبــدأ تم التوافــق على ضــرورة تدفق المســاعدا­ت وزيادتـــه­ا لــكل المناطق الســورية، وهناك إجمــاع من كافة الــدول على دخول المســاعدا­ت، والأرجح أن روسيا لن تســتخدم الفيتو لكن القضية هي حول مدة التفويض الممـــنوح لآلية إدخـال المســـاعد­ات ولن تـتجاوز ال 6 شـهور.

وتحدث العاســمي عن ضغط تركي وأمريكي وأوروبي على روســيا، مــن أجل تمرير قضية المعابر وضرورة فتحها لضمان دخول المســاعدا­ت الإنسانية إلى الشمال السوري. وقال «الموقف التركي كان ثابتاً ومسانداً للمعارضة» وطالب موســكو «بوقــف إطلاق النار ومنــع الخروقات في إدلب .»

وحول القضايا الأخرى التي تصــدرت طاولة المباحثات ومخرجاتها، قــال: «الملف الثاني هو موضوع اللجنة الدســتوري­ة، هنــاك تقدم في هذا الملف ســوف يظهر بعد الاجتماع القادم، كما أننا ناقشــنا ضرورة وقف إطــاق النار في الشــمال الســوري، وهنــاك إجماع دولي علــى ضرورة التهدئة ووقف القصف، على الأقل لمدة مؤقتة حتى الاجتماع القادم.»

وتطرقــت المباحثات وفــق المتحدث باســم وفد المعارضــة إلى قضية المعتقلين، وقضية محافظة درعا وحصارها من قبل الميليشــي­ات الإيرانية بعــد تهديد روســي بإعطاء الضــوء الأخطر للميليشــي­ات الإيرانية وفتح الباب أمامها للتوغــل واقتحام مدينة درعا على خلفية موقف الأهالي من الانتخابات الرئاسية .»

طعمة: درعا حاضرة

رئيس وفد المعارضة أحمد طعمة، قال في اتصال مع «القدس العربي» إن هذا الاجتماع شــهد إلى جانب ملفات أســتانة الاعتيادية ملفا جديدا، هو ملف المعابر الانسانية، كما ناقش أوضاع مدينتي درعا والباب.

وقــال طعمــة «كان مــن أولوياتنا قضيــة المعابر كونها ملــف حيوي، وناقشــنا الاتفاق المبــرم بين أنقرة وتركيا فــي 5 اذار 2020 واتفاق وقف إطــاق النار وتثبيــت خطوط التماس بــن القوات المتحاربــ­ة، وأكدنا أن النظــام لا يزال حتى الآن ينتهك خطوط التماس ويقصف المدنيين ويهجر أهالي منطقة جبل الزاوية والمناطق المجاورة لها».

وأضــاف في اتصــال مع «القــدس العربــي» تناولنا آفاق اســتئناف العمل باللجنة الدستورية خلال لقاء خاص جمع وفد المعارضة بالمبعوث الأممي غير بيدرسون، كما طرحنا وجهات نظرنا وسمعنا منه عن الجهود التــي بذلها خلال الفتــرة الماضية، كمــا أجرينا لقاء مــع الصليب الأحمر الدولــي، وبحثنا ملف المعتقلــن والمفقودين بالإضافــة إلى ملفين هامين حاليــاً، وهما ملف حصار درعا البلد وقطــع الكهرباء عن مدينة الباب من قبل النظام مما أدى الى توقف مضخات المياه وأنتج ذلك توقف المياه عن المدينة الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية أخرى.

ووفقــاً للبيــان الختامــي، فقد بحثــت الــدول الضامنة زيــادة وتيرة الأنشــطة الإرهابية في مناطق مختلفة من ســوريا، واتفقت على مواصلة التعاون بهدف اســتئصال تنظيمات «داعــش» و«جبهة النصرة» و«هيئة تحرير الشــام» والشــخصيا­ت والتنظيمات والكيانات المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» وغيرهما من التنظيمات المدرجة على لائحة الإرهاب الخاصة بمجلس الأمن الدولي، مع ضمان حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية وفقاً للقانون الدولي. مبدية قلقها إزاء زيادة تواجد وتفعيل أنشطة تنظيــم «هيئة تحريــر الشــام» والتنظيمــ­ات الإرهابية المرتبطــة بها، كما اســتعرضت الدول تطورات منطقة خفض التصعيد في إدلب، وشــددت على ضرورة دعــم التهدئة على الأرض من خلال تطبيق الاتفاقات المبرمة بهذا الخصوص بالكامل.

كما بحثت الدول الضامنة المستجدات في شمال شرق سوريا، وأدانت في بيانهــا الخميــس، الهجمات العســكرية الإســرائي­لية المتواصلة على ســوريا، معربة عن تمسكها بتقديم عملية سياســية قابلة للحياة وطويلة الأمد يقودها وينفذها الســوريون أنفسهم بمســاعدة الأمم المتحدة وفقاً لقــرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. مع التأكيــد على أهمية دور اللجنة الدســتوري­ة في جنيف وضرورة عقد اجتماع ســادس للجنة الدستورية فــي أقرب وقت ممكن على أن تلتزم اللجنة الدســتوري­ة في عملها بحزمة من الصلاحيات والقواعد الرئيســة للعملية كي تتمكن من تحقيق مهمتها في صياغة وإعداد إصلاح دستوري يحظى بموافقة شاملة من الشعب.

كما أعربت الدول عن قلقها بخصوص الوضع الإنســاني في ســوريا وتأثيــر جائحة فيــروس كورونــا، رافضــة العقوبات أحاديــة الجانب. مشددة على ضرورة تفعيل المساعدات الإنسانية إلى السوريين في كافة مناطق البلاد دون أي تمييز وتســييس وفرض شــروط مسبقة، وتطبيق مشــاريع تســتهدف إعادة إعمــار البلاد في أســرع وقت ممكــن، وأكدت علــى أهمية الإســهام في العــودة الآمنــة والطوعية للاجئــن والنازحين إلــى مناطقهم داخل ســوريا وضمان حقهم في العــودة والحصول على الدعــم. ودعت الدول الضامنة المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم اللازم إلى اللاجئين والنازحين السوريين، ورحبت في بيانها بعملية تبادل الأسرى التي نفذت في الثاني من تموز/يوليو.

عاصي: لا جديد

الباحث السياســي عبد الوهــاب عاصي، قال لـ «القــدس العربي» إن البيان الختامي لم يتضمّن أيّ بنود جديدة مُقارَنة مع الجولات الســابقة، باســتثناء إدانة الهجمات العسكرية الإســرائي­لية على سوريا؛ باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي ويجب إيقافه.

وأضــاف: على غرار الجولة الســابقة من مباحثات «أســتانة» لا يبدو أن الــدول الضامنــة توصلت لصيغة اتفاق يضمن تحقيــق تقدُّم ملموس بمســار الإصــاح الدســتوري، ولا حتــى تحديــد موعد لانعقــاد الجولة السادســة لِلّجنة الدســتوري­ة. واكتفى البيان بالتأكيــد على الحفاظ على التهدئة في إدلب مــن أجل تنفيذ جميع التفاهُمات المتعلِّقة بمنطقة خفض التصعيــد، يعني اســتمرار العمــل بموجب نظام وقف إطلاق النار لســتة أشــهر إضافيــة، أو لحــن انعقــاد جولة المباحثــا­ت رقــم )17( والتي تم تحديدها نهاية عام 2021.

وتشــير المعطيات وفقاً لرؤية الباحث إلى أن ما ورد في البيان لا يعني اســتبعاد الانــزلاق إلى عمليات قتاليــة جديدة في المنطقة؛ لا ســيما وأنّ الخلافات الثنائية قائمة بين تركيا وروســيا، ولم يتم حلّها على المستوى العســكري والأمنــي والإنســان­ي والاقتصــا­دي وحتى السياســي، لكنَّ الطرفين يُدركان ضرورة تقليل مستوى التنافُس في ظلّ الرغبة المستمرة للحفاظ على سُبل التعاون.

وأضــاف: «كان يُفتــرض أن يناقِــش الاجتمــاع قضايــا الُمســاعَدات الإنســاني­ة عَبْر الحدود إلى ســوريا، والعملية السياسية في إطار اللجنة الدســتوري­ة، ونظام وَقْف إطــاق النار» مرجحاً أن يســتمرّ التصعيد في إدلب مع إصرار روســيا على حَسْم مصير حركة التجارة والنقل، والرغبة فــي تقليص حجم الأزمــة الاقتصادية التي يعاني منها النظام الســوري، والحــرص علــى إعــادة فرض الأخيــر الســيادة علــى ملفّ المســاعدا­ت الإنسانية بالكامل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom