Al-Quds Al-Arabi

علماء من دول العالم يقتربون من تطوير علاجات لـ «كوفيد-19» بمشاركة باحثين من مؤسسة قطر

- الدوحة ـ«القدس العربي» من سليمان حاج إبراهيم:

يشــارك باحثون في مؤسســة قطر في أبحاث عالمية يقودها علماء من جامعــات عالمية مرموقة، يمكن أن تساهم في إنتاج علاجات وتعزز الحماية التي تمنحها اللقاحات لمواجهة كوفيد 19.

ومن الممكن أن تســاعد هــذه النتائج في توفير العلاجــات مســتقبلًا، وفــي إظهــار أهميــة دَور الدراسات الجينية في فهم الأمراض المعدية. وتأتي هذه النتائــج في واحدة من أكبر الدراســات التي أجريت على الإطلاق والتي بحثت مسألة الارتباط على مستوى الجينوم، وشملت نحو 50000 مريض بفيروس كوفيد -19 ومليوني عنصر تحكم من غير المصابين.

وتضافرت جهــود آلاف العلماء حــول العالم منذ مــارس/ آذار 2020 للإجابة على ســؤال مُلح ومعقد: ما هــي العوامل الوراثيــة المؤثرة والتي تُنتج اختلافات كبيرة في شدة الإصابة بفيروس كوفيد -19؟ لماذا يتأثر بعض المرضى بشدّة بينما البعض الآخر يعاني من أعراض خفيفة، أو تكون إصابته دون أعراض على الإطلاق؟

وكشف الملخص الشــامل لنتائج هذه الدراسة حتى الآن، والذي نُشر في مجلة «نيتشر» - المجلة العلمية متعــددة التخصصات الرائدة في العالم - عن 13 موقعًا في الجينوم البشري، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعدوى أو بشدة الإصابة بفيروس كوفيد19. كما حدّد الباحثون العوامل المســببة الأخرى، ومنها التدخين، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم.

واعتبر الدكتور حمدي مبارك، مدير الشــراكات البحثية في برنامج قطر جينوم، في هذا الســياق، أن العلماء من جميع أنحاء العالم تحركوا بســرعة فائقة للكشــف عن دور علم الوراثة في تباين شدّة الإصابة بكوفيــد-19، التي تعد من أهم الســمات المميزة والمحيرة بالنسبة لهذه الجائحة.

وأشــار الباحــث، الذي يعمــل أيضــاً المحلل الرئيسي لمجموعة البيانات القطرية، إلى أن تحديد العوامــل الوراثية يمكن أن يؤدي فــي النهاية إلى اكتشــاف علاجات تعمل بالتناغم مع الحماية التي تمنحهــا اللقاحــات، وأنّ كلا النهجــن ضروريان لتحسين الوقاية من كوفيد-19 وعلاجه.

وأضــاف حمــدي مبــارك: «كلمــا ازداد فهمنا لمســببات شــدّة الإصابة بكوفيــد -19، ارتفعت كفاءتنا فــي علاجه وإدارتــه. وبنــاءً على هذه النتائــج، يتــم تطويــر الاختبــار­ات الجينيــة الضروريــة للتنبؤ بمســار المرض، ويتــم تقييم العلاجــات المحتملة واســتخدام الأدويــة الأكثر تناسبًا .»

ويشــارك برنامج قطر جينوم، عضو مؤسســة قطــر، وبصفته العضــو الأول والوحيد من العالم العربي في هــذا الاتحاد العالمي، والذي يُطلق عليه اسم «مبادرة الجينوم المضيف لكوفيد -19» حيث انطلقــت المبادرة فــي مــارس/ آذار 2020 من قبل الباحثين أندريا جانا، ومارك دالي، من معهد الطب الجزيئي في فنلندا، وجامعة هلسنكي، ومعهد برود في معهد ماساتشوســ­تس للتكنولوجي­ا، وجامعة هارفارد.

وتوسعت المبادرة لتصبح واحدة من أكبر أوجه التعاون فــي علم الوراثة البشــرية، وتضم حاليًا أكثر من 3500 مؤلف و61 دراسة من 25 دولة.

ولإجراء تحليلاتهم، قام المشاركون في المبادرة بتجميــع البيانات الســريرية والوراثية من زهاء 50000 مريــض ثبتت إصابتهــم بالفيروس، ومن مليونــي عنصــر تحكّم عبــر العديد مــن البنوك الحيويــة، والدراســا­ت الســريرية، وأيضًــا من بيانات المشاركين في شركات الاختبارات الوراثية الأمريكية مثل «تونتي ثري آند مي».

ونظرًا للكــم الهائل من البيانــات التي تدفقت من جميــع أنحاء العالم بما في ذلك أكثر من 13000 جينــوم من قطــر، تمكــن العلماء من اســتنباط تحليلات متينة وذات قيمة إحصائية بسرعة أكبر، كونها ناتجة عن تنوع كبير في السكان، بشكل أكبر وأغنى مما يمكن أن تمتلكه أي مجموعة خاصة.

ومن هذا المنطلق، قام فريــق العلماء حتى الآن بتحديد 13 موضعًا في الجينــوم، حيث كان تكرار اثنين منهما أعلى بين المرضى من أصل آســيوي أو شرق أوسطي، مقارنة بالمرضى من أصول أوروبية، مما يؤكــد أهمية التنــوع العرقي فــي مجموعات البيانات الجينية.

وأوضح الدكتور مارك دالي: «لقد حققنا نجاحًا أكبــر بكثير من الجهود الســابقة فــي أخذ عينات متنوعة جينيًا لأن الجهــود تضافرت للوصول إلى الأفــراد في جميع أنحاء العالــم. أعتقد أن الطريق

أمامنا لا يــزال طويــلًا، لكننا نحقــق تقدمًا جيدًا للغاية .»

وقال الدكتور ســعيد إســماعيل، مدير برنامج قطر جينوم: «كنّا من أوائل المشــاركي­ن في المبادرة لأننــا قدّرنا مــدى أهمية تمثيل الجينوم الشــرق أوســطي والعربي في مثل هذه الدراسات لتعزيز التنوع وتمكين الاكتشافات الجينية، وتجنّب تغيّب الجينوم العربي عن مثل هــذه الاتحادات العالمية الرائدة» ومن خلال هذه المشاركة، يأمل الفريق أن تشــير نتائج هذه البحوث إلى استخدامات أفضل وأدق للأدوية المتوفرة.

وسيســتمر الباحثون فــي دراســة البيانات الجديدة فور ظهورهــا لتحديث نتائجهم من خلال النشر في قســم «المســتجدا­ت» في مجلة نيتشر، ومن المقرر أن يبدأوا في دراســة ما هو مختلف لدى المرضى «ذوي الإصابة طويلة الأمد» الذين تستمر أعراض الإصابة لديهم عدة أشهر، مقارنة بالمرضى الآخريــن، وسيســتمر العمل على تحديــد المواقع الإضافية المرتبطة بالعدوى وشدّة الإصابة.

إلى ذلك، عبّرت الدكتورة أسماء آل ثاني، رئيس برنامج قطر جينوم، عن مدى الالتزام نحو تحقيق أهداف المبادرة قائلة : «نحن حريصون على تسخير بياناتنا وقدراتنا لمواصلة المســاهمة في مبادرات الاتحاد، لتصب في خدمة المصلحة العامة في ضوء أي تطورات تتعلق بالصحــة والوقاية للأفراد في جميع أنحاء العالم .»

وبرزت قطر مركزاً إقليمياً رائداً لأبحاث الجينوم ذات التأثيــر العالمــي، وهي الدولــة الوحيدة في المنطقة التي تســاهم في مبادرة الجينوم المضيف لكوفيــد-19، الصــادرة في مجلة نيتشــر، وهذا يُسجّل ضمن الإنجازات الكثيرة بهذا الصدد، والتي تشمل إصدار تجمع بحوث قطر جينوم، أول وأكبر دراسة شاملة على مستوى الجينوم لسكان الشرق الأوسط في مجلة «نايتشر كوميونيكاي­شن.»

 ??  ?? الدكتور حمدي مبارك
الدكتور حمدي مبارك

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom