Al-Quds Al-Arabi

تجميد أمريكا «صندوق أبراهام» وإدانة هدم منازل الفلسطينيي­ن

-

■ كشــفت وســائل إعــام نقــا عــن مصــادر أمريكيــة وإســرائيل­ية خبر تجميد واشــنطن «صندوق أبراهام» الذي أعلــن عن إنشــائه بعــد توقيع اتفاقــي تطبيع بين إســرائيل وكل مــن الإمارات والبحريــن في أيلول/ ســبتمبر الماضي، وهــو صندوق اســتثمارا­ت مشــتركة بــن الإدارة الأمريكية والإمــارا­ت وإســرائيل وذلــك بعــد أن كان هــذا الصنــدوق قــد وافــق على أكثــر من 12 مشــروعا فــي مجــالات الطاقة والتكنولوج­يا المالية، وكان مقررا أن يضخ أكثر من 3 مليارات في ســوق الاســتثما­ر «بهدف تعزيــز التعــاون الاقتصادي وتشجيع الازدهار في الشرق.»

تزامن هذا الكشــف مــع إدانة ســفارة الولايــات المتحدة الأمريكيــ­ة هــدم قــوات الجيــش الإســرائي­لي لمنزل الأســير الفلســطين­ي منتصر الشــلبي في بلدة ترمســعيا شمال رام الله فــي الضفة الغربية، وقد تجاوز نــص الإدانة تخصيص الشــلبي، الذي هو مواطن أمريكي من أصل فلســطيني، إلى نقــد «الإجــراءا­ت الأحادية الجانــب التي تؤدي إلــى تفاقم الوضــع بما فــي ذلــك هــدم منــازل الفلســطين­يين كعقاب» وأعادت الســفارة تأكيــد النقطة الأخيرة بالقــول: «لا ينبغي هدم منزل عائلة بأكملها بسبب تصرفات شخص واحد.»

يكتســب الحدثــان الأخيــران أهمية نســبية مــن المقارنة بسياســات الإدارة الأمريكية السابقة في ظل دونالد ترامب والتي لم تكن تزاود على إدارة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في التطرّف اليميني والعنصري الإســرائي­لي ودعم الاســتيطا­ن فحســب بل قامــت عمليّــا بمحاولة إلغــاء لهدم مكوّنات القضية الفلسطينية والوجود السياسي والحقوقي الفلســطين­ي، عبر تجاهــل القوانــن الشــرعيّة الدولية فيما يتعلّــق بالاحتــال، والاعتراف بالقدس عاصمة لإســرائيل، ونقــل الســفارة الأمريكية إليهــا، والعمل علــى إلغاء حقوق اللاجئين الفلســطين­يين، واســتخدام التطبيع العربيّ لإلغاء المبادرة العربية للســام المرتكزة على عودة الأراضي المحتلة مقابل السلام، وتقويض أسس الدولة الفلسطينية برمّتها.

يتعلّــق الأمــر، إلــى حــدّ كبيــر، بالسياســا­ت الداخليّــة الأمريكيــ­ة التــي تحرّكهــا ديناميــات الحــزب الديمقراطـ­ـي والقــوى المحرّكــة فيه، وقد شــهدنا فــي الســنوات الأخيرة إشــارات مهمّة في اتجاه تقبّل جزء من الجمهور الديمقراطي للســرديّة الفلســطين­ية، ويعتبر انتخاب أمثال رشيدة طليب وإلهــان عمــر، والنقاشــا­ت الحادّة التــي تخوضانهــا رفقة زميلات وزمــاء لهن جزءا من هذه الإشــارات، التي أزعجت الإدارة الأمريكيــ­ة الســابقة إلــى درجــة أن ترامــب طالبهــن «بالعودة إلى بلادهن !»

يضاف إلى ذلك أن جزءا من الجمهور اليهودي الأمريكي صــار أكثــر معارضــة للاتجاهــا­ت العنصريــة المتطرّفة في

إســرائيل، وعلى حد وصف الصحافيــة اليهودية الأمريكية أرييلا أنغل، فــي مقالــة لـ«الغارديان» البريطانيـ­ـة، فإن هذا الجمهور بدأ يتراجع عن دعمه لإسرائيل، وأن أعداد المؤيدين للحقوق الفلسطينية بينه قد تزايد.

من نافل القــول إن الإدارة الأمريكيــ­ة الجديدة لم تتراجع عن سياســة دعم التطبيــع العربي مع إســرائيل، لكنّ المنطق السياسي الواقعي والعملي يســتوجب الترحيب بإجراءات كهذه، والبناء عليها، فالمواقف الأمريكية ليســت كتلة صلبة يمكــن التعاطــي معهــا بالطريقــة نفســها دائمــا، وإذا كان محرّكها الأساســي موجودا في الولايــات المتحدة الأمريكية نفسها، ويعكس نفوذ الكتل الجماهيرية الانتخابية وقدرتها على نشــر الأفكار السياسية المناهضة للاحتلال والعنصرية والتطــرّف اليمينــي، فإن النضــال داخل فلســطين الكبرى، وطرق تقديم الفلسطينيي­ن لنضالهم في العالم، مهمّ أيضا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom