Al-Quds Al-Arabi

عودة الرياض من بوابة بكركي... والبخاري يجدّد العهد والوعد وهوية لبنان العربية

الراعي ملمّحاً إلى سوريا وإيران: السعودية لم تستبح حدود لبنان ولم تورّطه في حروب

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

بعدمــا بات الرئيــس المكلّف ســعد الحريري أقرب إلى الاعتذار منه إلى الاســتمرا­ر بالتكليف، لوحظــت مرونة مفاجئــة من قبل رئيــس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي لفت إلى أن «اعتذار الأخير عن عدم التشــكيل هو خسارة بالنســبة الينا وليس ربحاً كما يعتبر البعض، بل نحن أكثر الخاســرين، ويحزننا جداً أن يعتذر.» وقال باســيل في حديث صحافي «نحن قمنا بكل شــيء كي تنجح عملية التشــكيل، ومستعدون للقيام بأي خطوة من شأنها المساهمة في استمرار الحريري بمهمته وعدم إضاعــة المزيد من الوقت الذي يجب أن نستثمره في ضبط الانهيار.»

ولدى ســؤاله عن إمكان التفاهم مع الحريري إذا تشــكّلت الحكومــة، قال باســيل «في الماضي تفاهمنــا مع الحريري على الكثيــر من المواضيع، وبإمكاننــ­ا اليــوم الاتفاق، ولا شــيء من جهتنا يمنعنا من التفاهم معه، وأنا جاهز كما في السابق للنقاش في كل الأمور وســنجد مساحة مشتركة تصبّ في مصلحة الجميع.»

استفهام حول ليونة باسيل

ولم يبد باســيل متشــدداً في موضوع تسمية الوزيرين المســيحيي­ن بــل أوضــح أن «الرئيس عون لم يطالب يوماً بتســمية أي مــن الوزيرين المســيحيي­ن، والاقتراح المنطقــي يقضي بموافقة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على اســمين مــن لائحــة مقترحــة عليهمــا تتضمّن أســماء اختصاصيــن غير محســوبين علــى أي منهما، فيتفقان على الاســمين بما يــؤدّي إلى الا يحصل رئيس الجمهورية بأي شــكل على الثلث الضامن، ولا تنحصر كذلك التسمية بالرئيس المكلّف. كما انّ موضوع الثقة قد تمّت معالجته، فلماذا الاعتذار ؟».

وطرح موقــف رئيس التيــار العوني علامات اســتفهام حول توقيته وســبب هذه المرونة وهل

هي عابــرة ترتبط بتحرك الســفيرتي­ن الأمريكية والفرنســي­ة دوروثي شــيا وآن غريو في اتجاه المملكة العربية الســعودية؟ أم بخشية العهد من عدم وجــود أي بديل عن الحريــري وعدم قدرته في حال وجد من أن يكون أفضل من تجربة حسان دياب؟

تزامنــاً، اتجهــت الانظــار إلــى بكركي حيث اســتضافت الصرح البطريركي لقاء نوعياً تمثّل بالاحتفــا­ل بمئويــة العلاقة بين المملكــة العربية السعودية والبطريركي­ة المارونية في لبنان حيث تمّ إصــدار كتاب «علاقــة البطريركيـ­ـة المارونية بالمملكــة العربية الســعودية» للآباتــي أنطوان ضو بمشــاركة مدير المركــز اللبنانــي للبحوث والحوار المسيحي الإســامي نوفل ضو، برعاية البطريرك مار بشــارة بطــرس الراعي وحضور الســفير الســعودي وليد البخاري وحشــد من الشــخصيات بينهم الســفير البابــوي جوزف ســبيتري والرئيســا­ن أمــن الجميل وميشــال ســليمان والرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النــواب ايلي الفرزلي ووفــد من القوات اللبنانية وقائد الجيش العماد جوزف عون، فيما تمثل الرئيس ميشال عون بمدير البروتوكول في القصر نبيل شديد.

وفي كلمته قال الســفير البخــاري «من صرح المحبة نطلق نداء الســماء لــأرض ونجدّد العهد والوعد بدور المملكة العربية الســعودية بنشــر ثقافة الســام ومد جسور الوســطية والاعتدال وتعزيز ســبل التعايش وحفظ كرامة الإنســان. ولأننا دعاة سلم وسلام، فإن مســتقبلنا في هذا الشرق هو الســام، بعيد كل البعد عن التعصب والطائفية والتطرف أيــا كان مصدره وذريعته. ويطيــب لــي أن نســتذكر معاً مــا قالــه البابا فرنســيس في «يوم الصلاة من أجل لبنان»: «إن لبنان هو مشــروع ســام رســالته هي أن يكون أرض تســامح وتعددية وواحة أخوة تلتقي فيها الأديان والطوائف المختلفة». ولذلك، وانطلاقاً من مرجعية بكركي التاريخية وأهمية الدور الوطني والجامــع لغبطــة الكاردينــ­ال الراعــي نوصي بالمحافظة علــى التنوع والعيش المشــترك الذي

أرسى أسســه إتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي.»

وأضاف «من هذه الشــرفة نأمل مــن الأفرقاء السياســيي­ن أن يغلّبوا المصلحــة اللبنانية العليا لمواجهــة التحديات التي يعيشــها لبنــان، ومن بينها محاولة البعض العبث بالعلاقة الوثيقة بين لبنان وعمقه العربــي وإدخاله في محاور أخرى تتنافى مع مقدمة الدســتور اللبناني والتي تنص وبوضوح تام، على أن «لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء حيث لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك». لا شرعية لخطاب الفتنة والتقســيم والشــرذمة، لا شرعية لخطاب يقفز فوق هوية لبنان العربي.»

إشادة الراعي بالسعودية

أما البطريرك الراعي الذي اســتعرض زيارته الســعودية فــي 13 تشــرين الاول/أكتوبر2017 حيث التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان، فأشاد برباط الصداقة بــن المملكة العربية والبطريركيّة المارونيّــة ولبنان. وقال»كم نأمــل بأن يكون هذا اللقاء الجامــع نداءً قلبيًّا إلى لقاء وطنيّ شــامل يؤديّ إلى إنقاذ لبنان. فتتألّف الحكومة، وتجري الإنتخابــ­ات النيابية والرئاســي­ة فــي موعدها الدستوري، ونسلك طريق الخلاص ». وفيما يشبه انتقاداً غير مباشر لسوريا وإيران أكد الراعي «أن العقود أثبتت أن المملكة العربية السعودية فَهِمَت معنى وجودِ لبنان وقيمته في قلبِ العالمِ العربي، ولم تســعَ يومًا إلــى تحميلِــه وِزْرًا أو صراعًا أو نِزاعًا، لا بل كانت تَـهب لتحييدِه وضمان سيادته واستقلاله .»

وسأل «مَن ينسى قول الملكِ المؤسِّس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود: «لبنان قطعة منا، وأنا أحمي استقلالَه بنفسي، ولا أسمح لأيِ يدٍ أن تَمتد إليه». ومن يَنسى وعدَ الملك عبد العزيز بن سعود في 12 نيسان/ابريل 1953: «سأدافع عن استقلالِ لبنان كمــا أدافع عن اســتقلالِ مملكتــي». ومَن يَنسى وســاطاتِ المملكةِ السعوديّةِ طوالَ الحربِ على لبنان. ومن يَنســى رعايةَ السعودية مؤتمرَ الطائف )1989( الذي نَتجَــت عنه وثيقة الوفاقِ الوطنــي التي فَهِمناها امتــدادًا للميثاقِ الوطني. ولا ننسى خصوصاً أن المملكةَ العربية السعودية كانــت أول دولة عربية تَعترف باســتقلال لبنان سنةَ 1943. وعلى أساسٍ من هذه العهودِ والوعودِ تَعاطت المملكة الســعودية مع لبنــان، واحترَمت خِيار اللبنانيين وهويتهــم وتعدديتَهم ونظامهم وتقاليدهــ­م ونمــط حياتِهم. في الواقــع لم تعتدِ السعوديّة على سيادةِ لبنان ولم تَنتهِك استقلالَه. لم تَستبِح حدودَه ولم تورِّطْه في حروب. لم تُعطِّل ديمقراطيتَه ولم تَتجاهل دولتَه. كانت السعودية تؤيد لبنان في المحافلِ العربيةِ والدوليةِ، تقدم له المساعداتِ الماليةَ، وتســتثْمِر في مشاريعِ نهضتِه الاقتصاديّةِ والعمرانيـ­ـة. كانت تَرعى المصالحاتِ والحلول، وكانت تســتقبل اللبنانيين، وتوفر لهم الإقامة وفرص العمل .»

وختــم» كــم نتمنّــى أن تســتعيد العلاقات اللبنانيّة-السعوديّة عفويتها وتقاليدها السابقة حين كان قادة الســعودية يــزورون ربوع لبنان ويلاقون الترحيب الشــعبي العظيم أينما حلّوا. يومها كان عندنا دولة واحدة وآمِنة» مضيفاً»مع السعودية بدت العروبة انفتاحًا واعتدالًا ولقاءً، واحترام خصوصيات كل دولة وشــعب وجماعة، والتزام مفهوم السيادة والاستقلال.»

إلى ذلك، وفــي تطوّر بلافت، صــدر عن لجنة الدفاع والقوات المســلّحة في البرلمان الفرنســي تقريــر يوصي، فــي البند رقم 6، بإرســال قوات دولية إلى لبنان بشــكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي في ســبيل تعزيز الأعمال الإنســاني­ة ومســاعدة اللبنانيين، ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية لحفظ الأمن والاستقرار. كما شــدّد التقرير على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في العام 2022.

 ??  ?? السفير السعودي وليد البخاري
السفير السعودي وليد البخاري

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom