Al-Quds Al-Arabi

البحث عن «التعافي» في المملكة الهاشمية: نقل القوات الأمريكية... هل «يستفيد» الاقتصاد الأردني... وكيف؟

- عمان - «القدس العربي» من بسام البدارين:

لا توجــد أدلــة وقرائن على حجم المكاســب والفوائد التي يمكن أن يجنيها الاقتصاد الأردني بعد نقل معدات وقوات أمريكية من دول مجاورة إلــى الأرض الأردنية بصيغة غيــر مفصلة دفعت القطب البرلماني صالح العرموطي لتوجيه أسئلة دستورية للحكومة بحثاً عن التفاصيل.

الكواليس على الأقل في الصف البيروقراط­ي الرســمي تتحــدث عــن صنفــن من المكاســب الاقتصادية جراء إقامة قاعدة عســكرية ضخمة للأمريكيــ­ن فــي الأردن. بعيــداً عن المكاســب السياسية والتصاعد في الدور الإقليمي الأردني، يرى خبراء قليلون بــأن عدة قطاعات اقتصادية مثل المقاولات والإنشــاء­ات واللوجستيا­ت يمكن أن تســتفيد من إقامــة قواعد عســكرية للحلفاء الغربيين على الأرض الأردنية.

في المكســب الاقتصادي والمالي الأهم يحاجج المســؤولو­ن بأن التحالف السياســي العسكري يؤسس لضمان ضخ المساعدات الأمريكية المالية والاقتصادي­ة والعســكري­ة للأردنيين والتي يقدر حجمها بأكثر من مليار ونصف مليار دولار. وهي

مساعدات قال وزير المالية الأردني الدكتور محمد العســعس أمام «القدس العربــي» إنها الوحيدة تقريباً التي ثبتت واستمرت لبلاده من جهة الدول الصديقة والتي لم تنقطع ولم تتأثر لا بالأجندات السياســية ولا الإقليمية ولا بمرحلة تداعيات ما بعد فيروس كورونا.

عملياً، لا تقديرات رقمية بعد لمكاسب القطاعات الأردنية الاستثماري­ة جراء نقل قوات أمريكية أو تأمين نقلها عبر البحار بواسطة ميناء العقبة، كما أشــار رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري. لكن تجديد اتفاقية تخص تثبيت المساعدات الأمريكية لمدة خمس ســنوات مقبلة بعــد انتهاء فترتها في الشهر الجاري هو بحد ذاته مكسب في مقايسات العســعس والطاقم الإداري الذي يدير الأمور في الأردن. ويرى خبــراء مختصون، في المقابل، بأن اســتقرار المســاعدا­ت الأمريكية بحجمها الحالي له تأثير أبعــد وأعمق من الحجــم النقدي، فمثل هذه المســاعدا­ت قــد لا تكفي لمعالجة المشــكلات والتحديات التــي يواجهها الاقتصــاد الأردني، برأي الخبير الاســترات­يجي الاقتصــاد­ي محمد الرواشدة، لكنها بحجم يكفي لتوفير غطاء يدعم احتياطات النقــد الأجنبي والــدولار في الجهاز المصرفي الأردنــي، وبالتالي يقلل مــن التراجع ويســهم في منع الصدمات القوية التي بدأت دول

أخرى في الجوار تعاني منها.

يتفق الوزير الســابق والخبيــر الاقتصادي البارز الدكتــور محمد الحلايقة، مــع القول بأن الاقتصاد الأردني يحتاج لكثيــر، وطنياً، للعبور إلى مرحلة التعافي.

لكن المخاطر الاســترات­يجية فــي بعدها المالي والنقدي بعيدة إلى حد معقول بســبب ســامة الجهاز المصرفي الأردني ونجاعة الإجراءات التي

يتخذها البنك المركزي الأردني، وبســبب الإيمان المطلق بأن قــوة الدينار الأردني هــي تعبير عن مصلحة استراتيجية عميقة.

يجب أن لا تراهن دوائر الاقتصاد الأردني على الدور الأساســي للســامة المصرفية وإجراءات المركــزي -يشــرح الحلايقة والرواشــد­ة معاًفالمطلوب أيضاً كبير، وينبغي اللجوء فوراً لحزمة إجــراءات تحفيزيــة ووقائية تخفــف من حدة التراجع الاقتصادي وتوفــر حماية أفضل وتبدد قدر الإمكان مؤشــرات ومظاهر القلق التي ينبغي عدم نكرانها.

لا يوجــد في جعبــة الحكومة خطــة تحفيز اقتصاديــة واضحــة الملامح واعتبــارا­ت كثيرة في المعادلة الداخلية بــدأت تضغط على المفاصل الاقتصادية، والوضع معقــد وصعب وفق تقدير خليل الحاج توفيق رئيس غرفة تجارة العاصمة وأحد أبرز المشــتبكي­ن مع تطورات ومستجدات ما يحصل في الأسواق.

مؤخــراً، تحدث الحــاج توفيق عــن صعوبة وكيفيــة التفاعــل بالنســبة لمؤسســات القرار الاقتصــاد­ي والتجاري مع خطــط تضعها لجان مسؤولين ووزراء دون وجود الشركاء الحقيقيين للقطاع الخاص.

في الكثير من المفاصــل يتصور الحاج توفيق،

وقد يؤيده الرواشــدة، بــأن الحكومة لا تصغي وبأن الحاجــة ملحة لإجراءات تحريك ســريعة وفعالــة في الميــدان دون الحاجة إلــى حوارات ومبادرات، ولا للانتظار، وعلى أســاس القناعة بأن معــدلات الفقر والبطالة تزيد بســرعة، وأن الصيــف الحالــي يرعــب الفعاليــا­ت التجارية والاقتصادي­ــة بعــد تراجــع الاســتثما­رات بكل أصنافها.

المحاججة وسط النخبة الاقتصادية الأردنية لا تمانع الإقرار بفضل وعوائد التحالفات السياسية للدولة الأردنيــة في مناطق محددة ســلفاً، مثل الاحتياط المالي الأجنبي وسعر الصرف.

لكن الشــكوى كبيــرة من فوبيا الســيناري­و اللبنانــي، حتــى وإن كان الأبعد بســبب غياب التشــبيك الحقيقي مع القطاع الخاص وتهميش أسس الشراكة، وأيضاً بســبب التأخر في اتخاذ التدابيــر والقرارات والإجراءات، وهو ما ســبق أن لاحظه علناً عضو البرلمان والخبير الاقتصادي المتقدم خير أبو صعليك.

أبو صعليك كان من أوائل من سمعتهم «القدس العربي» بجرعة تحذير كبيرة العام الماضي عندما طالب الحكومة وصناع القرار فيها بالانتباه جيداً لتفاصيل تفاصيــل ما حصل في لبنــان وقراءة المشهد بعمق، فيما يسأل من ينتقدون الحكومة ولا

يشــعرون بوجود طاقم اقتصادي فيها عن أسرار تلك الخلطات التي جعلت -حســب الرواشدةمص­ــر تحديــداً أول دولة في المنطقــة وقد يكون في العالم العربي، تســجل نمواً اقتصادياً وسط الجائحة كورونا.

الانطباع يزيد في الحالة الأردنية الاقتصادية المسيســة بأن مبادرات القصر فــي الاختراق مع الحلفاء وإجراءات البنك المركزي في الحفاظ على قوة الدينار تســاهمان بفعالية في طرد الأشباح السيئة والمقلقة.

لكن الانطباع أقوى بوجود خلل وعطب شديد بعنوان كيفية تفكير العقل الاقتصادي في الدولة والحكومة، حيث غيــاب ملحوظ ويقر به الجميع لخطة فعالة وســريعة قابلة لزرع الأمل بإمكانية الإيجابيــ­ة على حــد تعبيــر الحلايقــة، مع أن مؤسسات سيادية فيها زحام من خبراء الاقتصاد الذين سبق أن تم تجريبهم دون فائدة.

وهنا، فــي الخلاصــة، لا بد مــن التذكير بأن «مكاسب غير حاســمة» اقتصادياً لا تكفي لإقناع الأردنيين بموجبــات «وطنية» تدفــع في اتجاه «ثقل عسكري غربي وأمريكي» في العمق الأردني بعد «اتفاقيــة» وقعت بظــروف غامضة وبدون إطلاع البرلمان عليها وترافقها مخاوف «السيادة» والتداعيات.

 ??  ?? وزير المالية الأردني الدكتور محمد العسعس
وزير المالية الأردني الدكتور محمد العسعس

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom