Al-Quds Al-Arabi

أفغانستان: المعارك مستمرة في عاصمة ولاية بادغيس واتفاق على تعزيز الحل السياسي بعد اجتماع طهران

بريطانيا تعلن سحب قواتها وتحذر من انهيار الحكومة

- لندن- «القدس العربي»- وكالات:

اشــتدت المعارك، أمس الخميــس، بين طالبان والجيــش الأفغاني لليــوم الثانــي علــى التوالــي فــي مدينــة قلعة نــو وارتفعت ســحب الدخان الأســود فوق عاصمة ولاية بادغيـــس هذه في شـــمال غرب أفغانســتا­ن. وأعلنت الحكومة إرســال مئات عناصر الكـــومان­دوس بالمـــروح­يات إلى ولاية بادغيس للتصدي للهجوم الذي تشــنه حركة طالبان، وهو الأول على عاصمة ولاية منذ بدء آخر مرحلة لانســحاب القوات الأمريكية.

وقــال مدير شــؤون الصحة في بادغيــس، عبد اللطيف روســتي، إن عشــرة مدنيين على الأقــل أصيبوا بجروح ونقلوا إلى المستشــفى المركزي في المدينة منذ صباح الخميس.

جهود دبلوماسية

والأربعاء، وبعد ساعات فقط على إعلان الجيش الأمريكي أنه أنجز انســحابه من أفغانستان بنسبة «أكثر من 90%» دخلت حركة طالبان التي اســتولت منذ أيار/مايو على مناطق ريفية واســعة واقتربت من عدة مدن كبرى، مدينة قلعة نو التي تعد حوالي 75 ألف نسمة.

وقــال حاكم ولايــة بادغيس، حســام الديــن شــمس، إن «طالبان اســتأنفت هجماتها على عدة أقســام من المدينة» لكنه أكد أنه «يجري صــد العــدو وهو يفــر». وأطلقــت القــوات الأفغانية هجومــاً مضاداً لاستعادة المدينة.

وأكدت ضياء غول حبيبي، وهي عضو في مجلس ولاية بادغيس، أن «الوضع لم يتغير فعلياً منذ الأربعاء» مشيرة إلى معارك «متقطعة» فــي المدينة. وقالــت: «بعض عناصر قــوات الأمن الذيــن انضموا إلى صفوف طالبان يساعدونهم ويقومون بإرشادهم».

والأربعــا­ء، أفــرج مســلحو طالبان عن مئــات المعتقلين في ســجن المدينــة وســيطروا على مركز الشــرطة. وعلــى «تويتر» قــال الناطق باســم وزارة الدفاع، فــؤاد أمان، إن «وحــدة كوماندوس وصلت إلى بادغيس الليلة الماضية وستطلق عملية واسعة النطاق».

وقال مســؤول أمني إن الهجوم «أثر أيضاً على الولايات المجاورة» وبينها هرات الواقعة على الحدود مع إيران حيث سقط إقليم حدودي مع بادغيس في أيدي المتمردين الليلة الماضية. وأضاف المصدر نفسه رافضاً الكشف عن اسمه: «هذا بث الذعر في كل مكان تقريباً».

وقــال مســؤولون محليون ومــن طالبان إنــه تمت الســيطرة على إقليمين في هرات، فيما كانت حركة طالبان تقترب من وسط الولاية.

وانتقد روس ويلســون، القائم بالأعمال الأمريكي، بشدة، الهجوم على بادغيس الذي «ينتهك الحقوق الإنســاني­ة» حسب قوله، و»يزيد مــن صعوبة حياة المدنيــن الأفغان الذين يواجهون أساســاً الجفاف والفقر وفيروس كورونا».

وحســب منظمــة «هيومــن رايتــس ووتش» فــإن حركــة طالبان أخرجت ســكاناً من بيوتهم في شــمال أفغانســتا­ن وتقــوم بنهب أو إحراق بعض المنــازل بينما يضاعف مقاتلوهــا هجومهم على القوات الحكومية.

وذكرت المنظمة غير الحكومية أن ســكاناً في باغ شــركت في ولاية قندوز تلقــوا إنذاراً صوتياً من المســـلحي­ن في نهايــة حزيران/يونيو يطلب منهم مغادرة منازلهم خلال ساعتين «حفاظاً على سلامـتهم.»

على مدى أشهر كانت طالبان تنتشر في محيط عواصم عدة ولايات فــي مختلــف أنحاء البــاد، فيمــا كان مراقبــون يتوقعــون أن تنتظر استكمال انسحاب القوات الأجنبية قبل أن تأمر بمهاجمة المدن.

وفي حين تستمر المعارك، اتفقت الحكومة الأفغانية وحركة طالبان على تعزيز الحل السياسي واستبعاد خيار الحرب لحل الأزمة.

وجاء ذلك في بيان مشترك صدر عقب اجتماع للأطراف الأفغانية، فــي العاصمة الإيرانية طهــران. وأضاف البيــان أن مباحثات طهران فرصة جديدة لتعزيز الحل السياسي في البلاد. وأشاد بجهود إيران وحســن نيتها لتحقيق الســام الأفغاني. وأكد استبعاد خيار الحرب لحــل الأزمــة القائمة فــي أفغانســتا­ن، محذراً مــن مخاطر اســتمرار الحرب. وشــدد على ضــرورة تعزيز الحل السياســي وبذل الجهود اللازمة من أجل ذلك. كما اتفقت الأطراف على تأســيس الآلية اللازمة من أجل الانتقال من الحرب إلى الســام الدائم في البلاد. كما ذكرت وكالــة «إنترفاكــس» الروســية نقــاً عن مصــدر أن وفداً مــن المكتب السياسي لحركة طالبان الأفغانية زار موسكو، الخميس.

انسحاب القوات البريطانية

إلــى ذلــك، أعلن رئيــس الــوزراء البريطانــ­ي، بوريس جونســون، للبرلمان أن «جميع القوات البريطانية المكلفة ضمن بعثة حلف شــمال الأطلسي في أفغانستان تعود الآن للوطن». وأشاد بما حققته القوات البريطانية وأقر في الوقت نفسه «بالمخاطر» التي تواجه أفغانستان. وأردف قائلاً : «لأسباب واضحة لن أفصح عن الإطار الزمني لمغادرتنا، لكن يمكنني إبلاغ )البرلمان( أن معظم جنودنا غادروا بالفعل.»

وقــال جونســون إنــه لم يقلــل من شــأن التحديــات التــي تواجه أفغانستان، مضيفاً أن الحكومة ستواصل تقديم المساعدات التنموية. وأضــاف: «آمــل ألا يقفز أحد إلى الاســتنتا­ج الخاطئ بأن انســحاب قواتنا يعني بطريقة ما نهاية التزام بريطانيا تجاه أفغانســتا­ن، لسنا على وشك الابتعاد ولسنا تحت تأثير أي أوهام بشأن مخاطر الوضع اليوم وما قد يحدث». وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن عدداً صغيراً من القوات سيبقى لحماية الدبلوماسي­ين.

وحذر رئيــس الأركان البريطانــ­ي، نيك كارتر، مــن احتمال انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية مع انســحاب القوات الأجنبية من البلاد. وقــال بعد الإعلان عن مغــادرة معظم القوات البريطانية أفغانســتا­ن إنه من «المنطقــي» أن تنهار الأوضاع في البلاد فــي ظل غياب القوات الأجنبيــة. وأضاف أن أفغانســتا­ن قد تشــهد وضعــاً مماثلاً للحرب الأهلية في التســعيني­ات، «حيث قد نرى انقســام بعض المؤسســات المهمة مثل قوات الأمن على أســس عرقية أو قبلية». وتابع قائلاً: «إذا حــدث ذلك أعتقد أن طالبان ستســيطر على جزء مــن البلاد، لكنها لن تسيطر على البلاد كلها بالطبع.»

 ??  ?? أفراد من عائلة أفغانية نازحة غادروا منزلهم خلال الصراع الدائر بين طالبان وقوات الأمن الأفغانية في منطقة إنجيل في هرات
أفراد من عائلة أفغانية نازحة غادروا منزلهم خلال الصراع الدائر بين طالبان وقوات الأمن الأفغانية في منطقة إنجيل في هرات

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom