Al-Quds Al-Arabi

إثيوبيا محمية دوليا... ومفتيها تجاوز في حق شيخ الأزهر... ودبلوماسية مصر الناعمة لم تسفر عن حلول الانتظار خيارنا

إلغاء الاتفاق النووي مع روسيا... والمعاهدات مع أوروبا والصين مطلب لمواجهة مخطط الاستيلاء على النيل

- القاهرة ـ «القدس العربي» -من حسام عبد البصير:

الحقائــق لا يمكن تزييفها للأبد كما أن الأكاذيب ليس بوســع ســلطة ما دفنها للنهاية، وفي مســألة الصراع المائي مع إثيوبيا التي تســعى للسطو على نصيبنا التاريخــي من شــريان الحياة، بــدأت الأغلبيــة الصامتة تفيــق لحقائق عاصفة، الكثيــر منها مؤلم للجماهير ومحرج للســلطة، التي راهنت علــى دعم الأصدقاء، الذيــن عقدت معهم صفقات تجارية ضخمــة، وارتبطت بعلاقات تاريخية قبل أن يتنكروا للمصريين في اجتماع مجلس الأمن الأخير.

على مدار يومي السبت والأحد 10 و11 يوليو/تموز، صعّد كتاب هجومهم على الكبــار الذين يحكمــون العالم، ومن بينهم الصين وفرنســا وروســيا، وبالتأكيد تلقــت الإدارة الأمريكية مزيدا من الهجوم، بســبب الدعم الظاهر أحيانا، والخفي أحيانا أخرى لإثيوبيا. وطالب كتاب بضرورة إعادة تقييم العلاقات كافة مع عدد من البلدان، وذهب البعض لحد المطالبة بوقف المعاهدات التجارية الضخمة، وفي مقدمتها تلك التي وقعتها القاهرة مع موسكو بشأن محطة الضبعة النووية، التي تبلــغ تكلفتهــا 25 مليار دولار. وقد تفاقــم الخلاف مع أديس أبابــا وأصدقائها، الذيــن كشــفوا أقنعتهم مؤخــرا. ومن أخبار البرلمــان: أثار النائب محمد هاشــم عضو مجلس النواب، حالة من الجدل الشــديد تحت قبة البرلمان، بســبب اتهامه المرأة بأنها أحد أســباب التحرش، وهو ما اعترض عليه رئيس المجلس المستشار الدكتــور حنفي جبالي، وطالب بحذفه من مضبطــة المجلس، بعد موجة اعتراض واسعة من سيدات المجلس.

ومن أخبــار الامتحانات المدرســية: انتاب الحــزن طالبات القســم الأدبي في الثانوية العامة اللواتي أجهشن في البكاء بسبب صعوبة امتحان اللغة العربية، حيــث أكــدن أن: "الامتحان طويل وفيه أســئلة كثيــر غامضة ومحتــاج لمزيد من الوقت للإجابة".

موسكو تشبه واشنطن

استعاد الدكتور محمود خليل في "الوطن" مقولة لبطل حرب العبور: الــروس ضررهم أكثر من نفعهم. كانت تلك وجهة نظر الرئيــس الراحل أنور الســادات، ومن عاش حقبة الســبعيني­ات يذكــره، وهو يجلجل بأحــد أقواله المأثورة : «طردت 15 ألف خبير سوفييتي قبل حرب 1973 .. لأنني أردت أن تكون المعركة معركتنا». السادات كان على النقيض من الرئيس جمــال عبدالناصر ينظر نظرة ريبة إلى السوفييت. وحقيقة الأمر فقد كان للروس دور شديد الخطورة في العديــد من المحن التي مــرت بها مصر أيام عبدالناصر، فهم من نصحوه بالاندفاع نحو الانغماس في المستنقع اليمني، وحذروه من الدور الذي تريد السعودية أن تلعبــه هناك، وســعيها لإعادة حكم الأئمــة، وقيادة ثورة مضادة ضد حكم المشــير عبدالله السلال وغيره من الضباط اليمنيين الذين قامــوا بثورة اليمن. كان للروس دور خطير أيضا في نكسة 1967. فالكثير من القرارات التي اتخذها الرئيس عبدالناصــ­ر وترتب عليها اندلاع الحرب كان أساســها معلومة غير صحيحة جاءته من السوفييت مفادها أن إسرائيل تحشد قواتها على حدودها مع سوريا، وهي المعلومة التي ثبت كذبها ميدانيا، حين ذهب أكثر من مسؤول مصري إلى ســوريا لاستطلاع الأمر، وتأكدوا من هــدوء الأوضاع على الجبهة الســورية. الأخطر بعد ذلك تلك النصيحة المرعبــة التي نصحها الســوفييت لجمال عبدالناصر، بألا يكون المبادر إلى الضربة الأولى في حرب يونيو/حزيــران 1967. والعجيب أن ناصر ردد في مؤتمر عقده قبل بضعة أيام من الحرب أن الضربة الإســرائي­لية ســوف تقع خلال الأيام الأولى من يونيو، وعندما ابتدره بعض القادة مقترحين ضرورة التحرك بالهجوم، أجابهم بأنه يرى قدرا من الوجاهة في وجهة النظر الســوفييت­ية بامتصاص الضربة الأولى ثــم توجيه الضربات بعد ذلك إلى إسرائيل.

استدرجنا الأوغاد

من بين الغاضبين من اجتماع مجلس الأمن علاء عريبي في "الوفد": وزير الخارجيــة الإثيوبي صرح بعد صدور القرار، بأن مجلس الأمن انتصر للدبلوماسـ­ـية الإثيوبية، وأنــه لم يخــرج عما طالبنــا وصرحنا بــه. تصريحات الوزير الإثيوبي فسرها البعض بانحياز المجلس للموقف الإثيوبي، فهل بالفعل كان منحازا ضد مصر والســودان؟ قبل انعقاد المجلس بأســابيع روج الإعلام المحلي، لصدور قرار ملزم لإثيوبيا، بتحديد فترة زمنية للتفاوض، ووقف عملية الملء، لحين انتهاء التفاوض، هذه القراءات رفعت ســقف التوقعات لدى نســبة كبيرة من النخب والعامة على حد ســواء. عند اقتراب انعقاد المجلس بأيام فوجئنا بأن أغلب بلــدان العالم غير متفهمــة للملف، وأن بعض البلدان الأعضاء في المجلس تنحاز للموقف الإثيوبي، مثل الصين وروســيا، وهما من الدول دائمــة العضوية، وأنه من الصعــب تصويت دولتي كينيــا والنيجر ضد الموقف الإثيوبي، وكان مــن المعلوم لدى الجميع الموقف الأمريكي غيــر المحدد، وهو مــا يعني عدم دعمــه للموقف المصري السوداني، وقد أشــاعت تصريحات رئيس مجلس الأمن وهو فرنســي الجنسية شــعورا بالإحباط، بتأكيده على أن المجلــس غير معني ولن يضيف جديدا، وعلى الأطراف المتنازعة العودة إلى الاتحاد الافريقي. بعد انعقاد المجلس والاســتما­ع إلى كلمات الدول الأعضاء، وإعادة الملف إلى الاتحاد الافريقــي للتفاوض، بدون تحديــد فترة زمنية أو توصيــة بوقف الملء الثانب لحــن انتهاء المفاوضات، ردد بعــض الإعلاميين بأن مصر نجحت في نقل مشــكلة السد من الشــأن المحلب إلى الدولب، وهو حديث تنقصه الدقة. نعود للســؤال الذي طرحناه فــي بداية المقال: هل انحــاز مجلس الأمن للموقف الإثيوبــي؟ هل إعادة الملف إلى الاتحاد الافريقي بــدون فترة زمنية أو توصية بوقف الملء يعد انحيــازا؟ بعض البلدان الأعضاء كانت منحازة بالفعل للموقف الإثيوبي، والخارجية المصرية اكتشــفت انحيازها قبل أيام من الجلسة، وربما قبل فترة، واعتقدت أنها بمقدورهــا تغيير الموقف، وأغلب البلدان لم تكن ملمة بالملف ولا بفنياته، والحديث عــن أننا ذهبنا إلى المجلس لتدويل الملــف فقط محض هراء، ويجــب أن نعترف بأن موقف مجلس الأمن عمق بشكل كبير مشكلة السد.

إعلام غائب

لو كان هناك درس مستفاد مما حدث في جلسة مجلس الأمن ليلــة الخميس الماضي، التي ناقشــت قضية ســد النهضة الإثيوبي، فهو ما دعا اليه عماد الدين حســن في "الشروق" من ضرورة أن تعيد مصر النظر في كل علاقاتها الدبلوماسي­ة مع جميع البلدان على أساس موقفها من هذه القضية. الدروس المســتفاد­ة من هذه الجلسة كثيرة جدا، أهمها أن بعضنا فوجئ بالموقف الدولي شديد التخاذل في قضية شديدة الأهمية لنا. الآن القضية المصرية والمصيرية الأولى بــا منازع هي حقوقنا المائيــة، وليس فقط مجرد بناء ســد النهضة. هذه قضية وجوديــة تتعلق بحياتنا ومســتقبلن­ا، وبالتالي فمن الضروري أن نقيّم علاقتنا مع الآخرين على أســاس موقفهم من هذه القضية. الموضوع لــم يعد يحتمل المواقف الملتبســة أو المترددة أو المهزوزة، وما حدث في مجلس الأمن خلال الجلســة الأخيرة، كان

صادما للعديد مــن المصريين، أي متابع للمواقف الإقليمية والدولية الكبرى، كان سيعرف حتما أننا لن نحقق نتائج حاســمة داخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن. ومن ســوء الحظ أن غالبية وسائل إعلامنا لم تكن تولى هذه القضية اهتماما كبيــرا، بل إن بعضها أوهم الــرأي العام المصري أن العالم كله معنا في هذه القضيــة، ولذلك كانت صدمة لكثير من المصريين، حينما اســتمعوا لممثلي غالبية الدول الأعضاء الدائمين وغير الدائمين خلال الجلســة، التي لم ينتصر معظمها لموقفنا، بل ربما ســاندت إثيوبيا، لدرجة دفعــت وزارة الخارجيــة الإثيوبية للقــول إنهم حققوا نجاحا دبلوماســي­ا كبيرا في مجلس الأمن وللأسف معهم حق في هذا الاعتقاد.

أعداء الغد

شدد عماد الدين حسين على أن مواقف الصين وروسيا كانت شديدة السلبية، الصين لها مصالح اقتصادية كبرى مع إثيوبيا، لكن لا نعرف ســر الموقف الروسي الذي كان مفاجئا، حينما رفض التهديد باستخدام القوة، والغريب أنه في اليوم نفسه كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يأمر باســتئناف رحلات الطيران المباشر والعارض إلى المقاصد الســياحية المصرية، لدرجــة أن البعض قرأ في تزامــن التوقيت دلالة مهمة، وهي أنــه يحاول أن يرضي مصر في موضوع السياحة، ويرضي إثيوبيا في موضوع الســد، وليته فعل العكس! أعود مرة أخــرى لما بدأت به، أطالب حكومتنا ودولتنا وأجهزتنا ورئيسنا، وكل المجتمع المصري، أن نبدأ من الآن في إعادة النظر في كل علاقتنا مع العالم، بناء على موقفــه من هذه القضية، ودرجة تأييده لحقوقنــا المائية وصراعنا مــع إثيوبيا. علينــا أن نخير أي دولــة بين التعاون معنا، أو مــع إثيوبيا، وأننا نرفض صيغة أن يتم إطلاق تصريحات ودية لصالحنا، ثم تكون الكلمات الفعلية في مجلس الأمن بهــذا التردد والتلعثم. لدينا مشــروع الضبعة النووي مع روســيا بأكثر من 25 مليــار دولار، إضافة لصفقات الســاح الضخمة، ولدينا علاقاتنا الضخمة مع الصين وبريطانيا وفرنسا وأمريكا، وســائر الدول الكبرى إقليميا ودوليا. علينا أن نقول لهم جميعا، وبلغة صارمة وحاســمة، إمــا أن تكونوا معنا أو ضدنا. وتابع الكاتب بث حزنه: هــذه الصراحة يفترض أن تكون مع القريب والشقيق قبل الغريب. إمساك العصا من المنتصف، هذه الأيام في هذه القضية، لن يكون مفيدا. ولا يصح أبدا أن تكون بعض الدول العربية شــديدة الود مع إثيوبيا، بينما هي تشــن حرب وجــود على مصر. في ظل هذا الموقف الدولي المتخــاذل، فقد حان الوقت لنكون حاسمين، ونبدأ التفكير الصحيح في كيفية التصدي لهذه البلطجة الإثيوبية، التي اكتشفنا أخيرا أنها محمية دوليا.

المصالح «بتتصالح»

لا جديــد والكلام لجلال عــارف في "الأخبــار" في أن تكون، المصالح )وليســت المبادئ( هي الحاكمة للمواقف السياسية للدول في أزمة السد الإثيوبي، أو في غيرها من القضايا. ولا مفاجآت كبيرة في ما شــهدته جلسة مجلس الامن حــول الأزمة.. فإذا كانــت «المبــادئ» تؤكد عدالة قضيتنا ونزاهــة مواقفنا، وحرصنا على احترام القانون، وحفظ الأمن وتحقيق الاتفــاق الملزم الذي يحقق مصالح كل الاطــراف.. إذا كانت «المبادئ» تفــرض التضامن مع قضيتنا العادلــة، فإن «المصالح» ينبغــي أن تفرض على الجميــع أن يوقفوا العدوان الإثيوبــي، وتفرض على من يدعم الموقف الإثيوبي الآن، أو يتغاضى عنه، أن يدرك أنه سيكون أول الخاسرين إذا تصور أن «مصلحته» يمكن أن تتحقق بالوقوف مع عدوان يهدد حيــاة المصريين، ويهز اســتقرار كل المنطقة. ينبغي أن لا يقلقنا الحديث عن لغة «المصالح».. فمصالح العالم معنا لا يمكن أن تتحمل نتائج العبث الإثيوبي. ومن يدعم عدوان إثيوبيا ويشجعها على انتهاك القوانين هو الخاسر حتى بلغة المصالح. والأوراق التــي نملكها بهــذا الصدد كثيــرة ومؤثــرة، لكننا أيضا نحتاج - وبدون تأخير - أن نرى ترجمة فعلية للقرارات العربية، التي أكدت دعم مصر والسودان، وأكدت على أن قضية مياه النيل هي قضية أمن قومي عربي. في الاجتماع الوزاري العربي الأخير في الدوحــة، الذي أكد التضامن العربي في قضية الســد الإثيوبي، أعلن رئيس الاجتماع وزيــر خارجية قطر مــع الأمين العام للجامعــة، أن هناك قرارات بإجراءات فعلية سيتم تطبيقها تباعا. ولا شك في أن هذا هو الموعد الذي ينبغي أن تخرج فيه هذه القرارات إلى التطبيق الفعلي. في عالم يتحدث بلغة «المصالح» لا بد أن تكون هناك رســالة عربية )باللغة نفسها( إلى إثيوبيا أولا، ثم إلــى كل من يدعمها للإضرار بمصر والســودان. ينبغي أن لا تبقى إجراءات الدعم العربية حبرا على ورق، بل أسلحة في معركة حياة أو موت، بالنسبة لمصر التي لن يكون هناك أمن أو اســتقرار في العالــم العربي كله وهي تتعرض لهذا التهديــد الوجودي. إذا لم يكن هذا هو وقت تفعيل إجراءات الردع العربية.. فمتى يكون؟

محاولة للفهم

أكــد أكــرم القصاص فــي "اليوم الســابع" أن الجلســة الحوارية التي نظمها المجلس الأعلى للإعلام، برئاسة الكاتب الصحافي كرم جبر، مع الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الري والموارد المائية، بحضور كبار الكتاب الصحافيين والإعلاميي­ن في القناطــر الخيرية. اللقاء أتاح بعــض المعلومات المتعلقة بالنيل وموارده وطريقة إدارتــه، والطرق الحديثة فيها في الري والزراعة، بشــكل يضاعف الإنتاج ويقلل الإنفاق، ومع التأكيــد على أن مصر لن تتنازل عــن حقوقها التاريخية في مياه النيل، ومع حق الشــعب الإثيوبي فــي التنمية، بدون المســاس بحقوق مصر والســودان في مياه النيل. وأضاف الكاتب: اللقاء كان فرصة لطرح أســئلة والاستماع للخبراء، وأن ضمان حق المصريين في النيل يتوازى مع خطط لمضاعفة الاســتفاد­ة من المياه، وزير الري الدكتور محمد عبدالعاطي، أكد على أن الدولة جاهزة للتعامل مع أي طارئ في ما يخص قطاع المياه، وهناك تنسيق بين جميع أجهزة الدولة للتعامل حول قضية ســد النهضة، وأن أزمة سد النهضة بسبب عدم وجود اتفاق أو تنســيق، ونحن ندعو للسلام والتعاون بين كل الدول. وزيــر الري قال، إن الوزارة تبــذل جهودا كبيرة لضمان الاســتفاد­ة القصوى من كل قطرة مياه، مشــيرا إلى التأثير الإيجابي لمشروع تأهيل الترع في تحقيق عدالة توزيع المياه بين كل المزارعين، وقدم عدد من الفلاحين والمهندســ­ن الزراعيين شــرحا لتجاربهم مع تطبيــق نظم الري الحديثة، التــي وفرت لهم دخــا أعلى بتكاليف أقــل. الوزير وخبراء الــري قدموا عرضــا للتكنولوجي­ا في إدارة المــوارد المائية، مثل اســتخدام شــبكة للرصد «التليمتري» لقياس مناسيب المياه، واستخدام صور الأقمار الصناعية والنماذج العددية في التنبؤ بالفيضان والســيول، ورصــد التعديات، وقدمت الدكتورة إيمان سيد، رئيســة قطاع التخطيط، شرحا أكدت فيه أن كل شىء له علاقة بالمياه في مصر مرصود بالكامل.

حذار من صب الزيت على النار

أعجب ما قيــل في اجتمــاع مجلس الأمــن من وجهة نظــر نبيل عمر في "المصري اليــوم" كان في كلام المندوب الروســى وبيانه، إذ وقع في خلط متعمَّــد، متبنيا جوهر الموقــف الإثيوبي إلا قليلا، وهو موقــف لا يمت بصلة إلى سياســات روســيا المعلنة إزاء أي تهديدات تمســها من الغرب ومؤسســاته العســكرية والاقتصادي­ــة، حتى لو كانــت طفيفة. فالمندوب الروســي يعترف بأهمية الســد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لأنه يوفر المياه للملايين فــي إثيوبيا، الدولــة التي تعانى انقطاعا فــي الكهرباء، بينما لا يرى فــي انقطاع المياه عن الملايين في الســودان ومصر بالأهمية نفسها، وإنما هي مشاغل مشروعة بشأن التبعات الســلبية الممكنة من تشــغيل هذا الســد، وكأنه يجهل أن حصــة إثيوبيا من المياه عشــرة أضعاف حصة مصر والســودان معا، وقال نصا: «نعتــرف بأهمية هذا المشــروع لإثيوبيا وفي الوقت نفسه نشــير إلى المشاغل المشروعة لمصر والسودان»، يعني اعتراف بحقوق مقابل إشــارة إلى حقوق، ولا أعرف إلى أي القوانين والمواثيق الدوليــة اســتند وهو يصيــغ بيانه.. صحيــح هو ربط المشاغل المصرية والســودان­ية بغياب اتفاق حول تقسيم الموارد المشتركة، لكن لم يفسر كيف يكون هذا الاتفاق، إذا بُني على اعتراف بالحقوق مقابل إشارة إلى حقوق حسب وصفه. وطبعا أبدى المندوب الروسى قلقه من صب الزيت على النار، وتنامِي التهديد باستخدام القوة، وهو أمر طلب منعه وتفاديه، وطبعا من باب الدبلوماسـ­ـية الروسية لم يحدد مَن الذي أشعل النار، ومَن الذي يصب الزيت عليها. عبر الكاتب عن دهشــته لأن روســيا من أكثر دول العالم اســتخداما لخطابات التهديد، ولو سأل المندوب الروسي «غوغل» لشــعر ببعض الخجل من كثرة التهديدات التي لا تكف روســيا عن إطلاقها، ياه.. روســيا تهدد برد قاسٍ غير مسبوق على محاولة «إزعاج» لا تمثل خطرا وجوديا عليها، كما يمثل ســد النهضة خطرا على مصر، فهل يمكن أن نسأل المندوب الروســى: لو توسع الإزعاج إلى تهديد وجود روسيا نفسه، فماذا سيكون رد الرئيس الروسي؟ ويبــدو أن التهديد دفاعا عن حقوق روســيا وأمنها مباح وشرعي، لكن لو استخدمت مصر عبارات قوية محذرة من قضم حصتها في مياه نهر النيــل، مصدر الحياة لها، أحد أسباب وجودها، فهو «صب زيت على النار.»

من حيث بدأنا

أكد عمرو الشوبكي في "المصري اليوم" أن مصر نجحت في عرض قضيتها أمام العالم، أمام مجلس الأمن بوضوح وقوة، ولــم تُرْضِ كلمات بعض مندوبــي الدول الكبرى، خاصة المندوبين الروســي والصيني، الكثيرين في مصر، فكلمة المندوب الروســي عبّر فيها عن قلقــه «إزاء تنامي الخطاب التهديدي الذي لا يؤدي إلى حل متفاوض عليه.» وإذا كان الواقــع يقول إن مصــر لم تهــدد إثيوبيا، إنما الأخيرة هي التي هددتها ببناء ســد يمس شريان الحياة فيها، إلا أن رســالة المندوب الروســي الضمنية تقول إن الانتهاء من الملء الثاني، يجــب أن تقبله مصر، بدون أن تفكر في أي فعل قوى أو خشــن. ومع ذلك فإن الذهاب إلى مجلس الأمن لــم يضر بمصالح مصر، ولن يعوق معركتها من أجل الحفاظ على حقوقها المائية في مواجهة التهديدات الوجودية الإثيوبية. والحقيقة أن حصيلة جلسة مجلس الأمن تتجه نحو العودة مرة أخرى )ربما ثالثة أو رابعة( إلى المظلة الافريقيــ­ة، التي يجب في حــال قبولنا لها أن نشــترط أن تتوقف إثيوبيا عن إتمام الملء الثاني للسد، وأن يكون هناك سقف زمني للمفاوضات، كما أعلن الوزير سامح شكري. ورغم أن «حروب المياه » كما وصفها كثير من الخبراء والباحثين لن تُحسم في جلسة في مجلس الأمن، ولا توجد فيها معركــة بالضربة القاضية، إنما كلها معارك بالنقــاط، منها معركة الدبلوماسـ­ـية الخشــنة، وتمثلت في الذهــاب إلى مجلــس الأمن، والضغوط السياســية والاقتصادي­ة، وتشــمل أيضــا معارك الأفعال الخشــنة كالقوة العســكرية، أما الدبلوماسي­ة الناعمة فاستنفدتها مصر لسنوات طويلة ولم تسفر عن حلول.

وأشار عمرو الشوبكي إلى أن إثيوبيا قامت بالملء الأول العام الماضي، وحجزت ما هو أكثر من 4 مليارات متر مكعب من المياه خلف ســدها، وتنــوي مضاعفة هــذه الكمية مع الملء الثاني )وربما أكثــر قليلا( بعد الانتهاء من تعلية الممر الأوسط للسد، لكنها لن تســتطيع أن تصل إلى الكمية التي أعلنت عنها، وهــي 18.5 مليار متر مكعــب. وتابع الكاتب: يقينا العجز الإثيوبي عن اســتكمال التعلية لا يعني غياب ســوء النية، ولا عــدم الرغبة في الإضــرار بمصالح مصر والسودان، فلو لم تســتطع استكمال إنشاءات السد اليوم فســتفعلها غدا، وهو مــا يتطلب التعامل مــع هذه القضية باعتبارها قضية آنية وليســت مؤجلة. من المهم النظر إلى جلسة مجلس الأمن باعتبارها جزءا من معركة مصر للحفاظ على حقوقها المائية، فلم يكن يتوقع أن يتخذ الأعضاء الـ15 الدائمون وغير الدائمين، مواقف تختلف كثيرا عما استمعنا إليــه، والمهم هو البناء على تلك الخطــوة في الأيام المقبلة، سواء باستكمال الجهد لإصدار قرار من مجلس الأمن يستند إلى المشــروع التونســي، ويلزم إثيوبيا بعدم الملء الثاني وعدم الإضرار بمصالح مصر والســودان، أو وضع شروط ليســت زمنية فقط للعودة إلى المظلــة الافريقية، إنما أيضا بالتوقف عن استكمال الملء الثاني.

بطل مزيف

من بين الذين لاحقوا أبي أحمد في "الأهرام" علاء ثابت: مثلما يحاول رئيس الوزراء الإثيوبي الاختفاء خلف عدو خارجي من مشــاكله الداخلية، فإنه يســعى إلى إشعال الفتن بين الــدول الافريقيــ­ة، ويلعب على وتــر الوقيعة بين الافارقــة، ويدعي أن العرب يعــادون الأفارقة، وكأن مصر والســودان من قارة أخرى، أو أن شمال افريقيا في صراع مع جنوبها أو شرقها. لا يقرأ أبي أحمد التاريخ، ولا يعرف ماذا فعلت مصر مع محيطهــا الافريقي ودورها في تحريــر العديد من بلدان القــارة، وكان أبي أحمد يحاول أن ينال تأييد عدد من الدول العربية، ويسعى جاهدا إلى الحصول على رضاهم وتأييد الملء الثاني والتفاوض من أجل التفاوض اســتهلاكا للوقت، ولما أدانت جامعة الدول العربية تلك المراوغات، وأعلنت رفضها أي خطوة إثيوبية أحادية حول سد النهضة والملء الثاني انقلب على العرب جميعا، وأخذ يهاجم جامعة الــدول العربية، ويقول إنها تعــادي افريقيا، وإنهــا خرجت من البيــت الافريقي إلى البيت العربي ثم إلى مجلس الأمن، ويتجاهل أن مراوغاته وإفشــاله كل المباحثات والحوارات، وادعاء أن النيل حق إثيوبي، وأنها وحدها لهــا الحق في مياهه، ضاربا عرض الحائط بكل القوانين الدولية وحقائق التاريخ، بدلا من أن يعترف بأنه الذي أحبــط كل المباحثات وأن مصر صبرت عليه طويلا، ومضت من جلســات إلى أخــرى، وأنه من يراوغ ويفسد كل جهود الحلول الدبلوماسي­ة، ويستخدم خطابات شــعبوية لتحريض الداخل، متصورا أنه بذلك سيكسب شعبية، وأن تهويله بوجود مؤامرات وأن مصر ساعية إلى شن الحرب سوف يخرجه من أزماته.

رحمها الله

كثيرون نعــوا زوجة الرئيــس الراحل انور الســادات، ومن بينهم صلاح منتصر فــي "الأهرام: بقدر ما أحزن رحيل السيدة الفاضلة جيهان الســادات الملايين، بقدر ما أسعدهم موقف الدولة الكريم والراقي من توديعها وداعا رسميا يليق بتاريخها وحب الناس لها، ودفنها إلى جانب زوجها الشهيد محمد أنور السادات بعد 40 سنة من استشهاده، وهو الموقف نفســه الذي جرى مع الســيدة تحية كاظــم، أرملة الرئيس جمال عبدالناصر التــي دفنت إلى جــوار زوجها عام 1992 بعد 22 سنة من وفاة عبدالناصر. جاء تكريم السيدة جيهان في وفاتها، كما ذكر نعي الرئاســة المصريــة تكريما لزوجها «الشــهيد محمد أنور الســادات بطل الحرب والسلام، التي قدمت نموذجا للمرأة المصرية في مســاندة زوجها في أصعب الظروف وأدقها حتى قاد البلاد لتحقيق النصر التاريخي في حرب أكتوبر/تشــرين الأول المجيدة، الذي مثل علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث وأعاد لها العزة والكرامة». أحكي عن واقعة يشــهد عليها الله عندما اتصل بي بعض طلبة جامعة القاهرة عام 1978 وعرضوا عليّ كراسة استطلاع تم توزيعها على الطالبات حول سلوكهن الجنسي وقد تضمنت الكراسة أســئلة تفســد في حد ذاتها عقلية الطالبات، وكتبت في هذا المكان مقالين أنتقد ما ســميته «كراســة الجنــس» ونادانى المرحــوم علي حمدي الجمــال رئيس التحريــر وطلب منى أن أتوقــف عن الكتابة في هذا الموضــوع، فلما عرضت عليه الكراســة خجل مما قرأ وقال لي: أنت حر. وتصادف أن كان في اليــوم التالى اجتماع لنادي روتــاري القاهرة، تحضره الســيدة جيهان ونــادت زوجتي رحمها اللــه، وكانت على علاقــة بها وطلبت منها أن تعرفها علــى زوجها، وذهبت إلى السيدة جيهان لأجدها تعاتبني في رفق على عمل علمي تقوم به الجامعة، وكان ردي، سؤالها عما إذا كانت قرأت الكراسة، فأجابت بالنفي، ومرّ نحو شهر وتصادف أن حضرت السيدة جيهــان اجتماعا جديدا للروتاري ووجدتهــا تنظر ناحيتي وتطلــب الذهاب إليها وفــور وصولي قالت لــي: وأنا جاية عمال أفكر إذا كنت هتكون موجود علشان أقول لك أنا مدينة لك بالاعتذار، فقد قرأت الكراســة وأمرت بوقف الاستطلاع. وكانت وقتها زوجة رئيس مصر.

المتحرشون

أشــاد أعضاء مجلس النواب، بتعديل قانون العقوبات بهدف تشــديد العقوبات على جريمة التحرش الجنســي، ووفقا لنور علي في "اليوم الســابع" أشــادت النائبة غادة علي، عن تنسيقية شباب الأحزاب، بتحويل مشروع القانون جريمة التحرش من جنحة لجناية، لما يمثله من ردع للجاني، مطالبة بتوزيع قائمة بمرتكبي جرائم في المصالح الحكومية، ويتم منعهم من الترقي في الوظائف. كما شددت النائبة على أهمية حماية سرية البيانات للمبلغين، سواء خلال المحاكمة أو بعدها. جاء ذلك خلال مناقشة مشــروع قانون مقدم من النائب أشرف رشاد بتعديل قانون العقوبات، بهدف تشديد العقوبات على التحرش الجنســي، خلال الجلســة العامة لمجلس النواب برئاســة المستشــار الدكتور حنفي جبالي. وأكد النائب إيهاب منصور على ضــرورة التصدي لظاهرة التحرش الجنســي بــكل قــوة، مطالبا بان تكــون للدولة والحكومة برامج توعية في هذا الشــأن ليس فقط للشباب، وإنما أيضــا للأطفال، بحيــث يتم تعليمهــم كيفية مقاومة التحــرش. وطالب منصــور بحماية ســرية البيانات حتى تنجح المنظومة. وقالت النائبة سحر الجزار، في الوقت الذي تجد فيه المــرأة حاليا الدعم في المجالات كافة، وكان للبرلمان من القيام بدور تشريعي لحماية المرأة من أحد أشكال العنف وهو التحرش، لافتا إلى أن تغليظ العقوبة هو أســلوب ردع لمن يقوم بالتحــرش. وطالب النائب محمد عبد العزيز وكيل لجنة حقوق الإنســان وعضو تنســيقية شــباب الأحزاب، بمزيد من الوعــي والتوعية لخطورة التحــرش على مصر والمجتمع، لافتا إلى أهمية تقديم الدعم بكل أشكاله للمبلغات.

لقاح بلدنا

قضية إنتــاج الأدوية خطوة مهمة، كمــا يراها محمود الحضــري فــي "البوابــة" على طريــق تعزيــز القطاع الصناعي، وشــعار "صنع في مصر" ليصبح واقعا، بعدما رأينا حالة من الطمس لصناعاتنا بطرق مختلفة، ولا شك في أن الإعلان عن إنتاج لقاحــات كورونا بأياد مصرية، وعلى أرض مصــر خطوة نحو الطريق الصحيح، لتعميق الإنتاج الوطني الصناعي، والانطلاق نحو طريق نفتقده في بعض الصناعات، بفعــل الخصخصة، مرة والتصفية مرة أخــرى لصناعات عملاقة كانت لنــا فيها الريادة. إن صناعــة الأدوية واللقاحــا­ت في هذا الوقــت هو بمثابة العودة للطريــق الصحيح، ويمكن أن نعيــد كلمات عبد الحليم حافــظ مرة أخرى ونقول "لقاح مرضي من صناعة إيدي، والعــاج به ضمــان لصحــة ولادي وأحفادي". المؤشرات والأرقام حول صناعة وإنتاج اللقاحات مبشرة، وتأكيد على سعي الدولة المصرية لامتلاك القدرة للتصنيع المحلي للقاح فيروس كورونا، وفق رؤية واضحة للقيادة السياسية، وعلى رأســها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتأمين اللقاحات للمواطنين، التي تجسدت من خلال قيام الحكومة باعتماد كل اللقاحات التي أقرها العالم ومنظمة الصحــة العالمية، في خطوة اســتباقية لإنتــاج أي نوع من اللقاحات في اللحظة المناســبة، الذي بدأ يوم الاثنين الماضي بإنتاج الدفعة الأولى من لقاح "ســينوفاك" المضاد لفيروس كورونا، بمصنع "فاكسيرا".

وأعتقد أن توفيــر لقاح من إنتاج مصانعها، ســيقطع الطريق على أي مشــكلات تواجــه احتياجات المواطنين من اللقاحات، بعدما شــهدنا في الفترة الأخيرة تأخرا في توريــد ما تم التعاقــد عليه من كميات مــن لقاح كورونا، بســبب الطلب العالمي المتزايد على الدول المنتجة للقاح، وهذا ما لمســه المواطن في الأســابيع الأخيــرة من خلال طوابير الانتظار على مواعيد تلقي اللقاح.

البيانات التي تم الإعلان عنها على لســان رئيس الوزراء الدكتــور مصطفــى مدبولــي، ووزيــرة الصحة والســكان الدكتورة هالة زايد، مؤشــر مهم على توافر كميات كبيرة من اللقاحات، تغطي حجم الطلب، وتغطية احتياجات المســتقبل في ظــل التوجه نحو إقــرار التطعيم الدائم والســنوي ضد فيروس كورونا، بعدما تحوّل الفيروس إلى مرض مستوطن، سيتعايش معه البشر، مثل باقي الأمراض. رقم المرحلة الأولى لإنتاج لقاح "سينوفاك"، بواقع مليون جرعة، مع قدرة للطاقة الإنتاجية لمصنع 6 أكتوبر في الوردية الواحدة بواقع 300 ألف جرعة، مع توافر كميــات من المواد الخام تكفي للعمل ورديتين بطاقة 600 ألف جرعة فــي اليوم، معلومة مهمة جدا في اتجاه تلبيــة الطلب المتزايد من طالبي تلقــي اللقاح، وفي ضوء نمو وعي المواطنين بأهمية التطعيم بلقاح كورونا. سيبقي التحدي الفعلي الذي تســعى الدولة على مواجهتــه، يتركز في المواد الخام، ولا شــك في أن موافقة الصين علــى مضاعفة الكميات من المواد الخام، بالتعاقد مع الشــركة الأم لإنتاج وتصنيع 80 مليون جرعة لتلقيح 40 مليون مواطن، ليس نهاية المطاف، بل هناك خطوات أخرى للتعاقد مع شــركات عالمية لإمداد مصانع "فاكسيرا" بالمواد الخام.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom