Al-Quds Al-Arabi

إرث نتنياهو: دولة ثنائية القومية أم... «دولة فلسطين»؟

بعد تعزيزه مكانة الأحزاب العربية و«حق العودة»

- دانييل فريدمان يديعوت 2021/7/11 وزير العدل الأسبق

مــاذا ســيكون إرث نتنياهــو؟ اتفاقــات إبراهيم، أم التطعيمات، أم تحرير أكثر مــن ألف مخرب مقابل جندي إســرائيلي واحد، ودفــع "خاوة" لحماس فــي غزة؟ من الصعب التخمين. ولكن مساهمته في تحويل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية قد تغطي على كل هذا.

ليس المقصود التخوف من أن تفقد إســرائيل الأغلبية اليهوديــة، أو أن يكون فيها عدد كبير على نحو خاص من الســكان غير اليهود. فالصعوبة تنشأ عندما يكون داخل الدولة جمهور واسع، ذو أيديولوجيا خاصة به، لا يسلم بطابع الدولة وبخطوطها الأســاس. جمهور كهذا، إذا ما جمع قوة وشــكل عنصراً مهماً لدى عموم الســكان فمن شــأنه أن يكافح ضد الأســاس الذي تقــوم عليه الدولة وضد المبادئ الأساس في قاعدتها. وقد يعمل أعضاء منهم بوســائل عنيفة ولكنهم قد يحاولــون تحقيق هدفهم في المسار السياسي.

جرت الخطوة الأولى في اتجاه الدولة ثنائية القومية بعد حرب الأيام الســتة عندما قرر وزير الدفاع موشــيه ديان شــطب الحدود بين إســرائيل التي في حدود الخط الأخضر وبين المناطق. هكذا، التقى العرب الإسرائيلي­ون فجــأة أقرباءهم في الضفــة الغربية وقطــاع غزة، بعد قطيعة قرابة 20 ســنة. كانت خطوة مهمة لبلورة الشعب الفلســطين­ي، والتي أدت إلى ضخ سكان فلسطينيين إلى نطاق دولة إسرائيل، وساهمت في ظاهرة تعدد الزوجات التي نشهدها أساساً في أوساط البدو في النقب.

جاءت المرحلة التالية مع الاســتيطا­ن فــي "المناطق" ]الضفة الغربيــة[، الذي تطور بخطوات كبرى مع صعود "غــوش إيمونيم" بعد حــرب "يوم الغفــران". وقام هذا الاســتيطا­ن، الذي يتواصــل حتى اليوم، على أســاس فرضية أنه من الممكن ضم المناطق بدون ســكانها، أو على الأقل بدون منحهم المواطنة. هذا وهم: ما كان ممكناً عمله قبل سبعين أو مئة ســنة ليس ممكناً اليوم، والاستيطان في المناطــق ]الضفة الغربيــة[، خارج الكتــل وفي قلب السكان الفلسطينيي­ن يشكل حافزاً مهماً لخلق دولة ثنائية القومية.

وهكذا نشــأت حركــة كماشــة لإقامة دولــة ثنائية القومية: مسيرة استيطان تضخ الإسرائيلي­ين إلى يهودا والسامرة، وبالتوازي ضخ سكان فلسطينيين إلى داخل الخط الأخضر، والذي يتم بطــرق مختلفة ومتنوعة. في بداية ســنوات الألفين، اتخذت خطــوات عملت على لجم هذه السياقات: القطيعة عن قطاع غزة، وأحكام الطوارئ في قانون المواطنة والدخول إلى إســرائيل والتي قلصت "حق العــودة" الفلســطين­ية إلى نطاق دولة إســرائيل بواسطة الزواج بشكل كاسح.

يواصل اليمين، سواء في المعارضة أم داخل الحكومة، تبني الاستيطان الإسرائيلي في المناطق ]الضفة الغربية[ في مواقــع حيث الوجود الفلســطين­ي المكثــف، وقضية بؤرة "أفيتار" تجســد ذلك. كما أن اليمــن يواصل تبني أيديولوجيا منع حق العودة الفلسطينية إلى داخل دولة إســرائيل – ولكن هذا الموقف تلقى مؤخراً ضربة قاضية، بعد أن وضع نتنياهو أمامه أيديولوجيا عليا، "الحكم فوق كل شيء". لقد سببت له هذه الأيديولوج­ية بداية بتسويغ ائتلاف مع حزب منصــور عباس، الخطــوة التي عملت كالســهم المرتد وأتاحت إقامة الحكومة برئاســة نفتالي بينيت. الخطوة الثانية التي استهدفت ضعضعة حكومة بينيت، انعكست في إفشــال تعديل قانون المواطنة. كان هذا انتصاراً أشــبه بالهزيمة: الحكومة لن تسقط، ولكن فتح الباب لدخول فلسطيني مكثف إلى نطاق إسرائيل.

وبالتوازي، فإن عــداء نتنياهو غير الملجوم للحكومة عزز مكانة الأحزاب العربية كلســان ميزان في الكنيست. لقد علمَنــا تاريخ الأحــزاب الحريدية جيــداً ما هي قوة لســان الميزان، ويمكن الافتراض بأن الأحــزاب العربية ستســتخدم قوتها لتعزيز حق العودة الفلســطين­ية إلى إســرائيل. قد نتخيل كيف ســتبدو الدولة حين يســعى اليهود للمحافظة على إرثهم الصهيوني، بينما سيســعى الفلســطين­يون لتحويلها إلى دولــة كل مواطنيها. وربما إلى دولة فلسطين في المرحلة التالية.

هذه هي مســاهمة نتنياهو الهائلة، ومن شـــأنها أن تذكر كإرثه المركزي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom