Al-Quds Al-Arabi

«فايننشال تايمز»: دول الهامش الأوروبي تبحث عن علاقات مع النظام السوري

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

نشرت صحيفة «فايننشــال تايمز» تقريراً لمراسلتها في بيروت كلوي كورنيش، قالت فيه إن دول الهامش الأوروبية تفكر بعلاقات مع ســوريا، مشــيرة إلى أن رغبة الدول الصغيرة التواصل مع دمشق تعكس التحدي الذي يواجه الكتلة الأوروبية.

وأضافت أن الــدول الأوروبية الصغيرة بدأت وبشــكل حذر بترطيب العلاقات مع نظام بشــار الأسد، بعد أسابيع من إعادة انتخابه، في عملية نُظر إليها وعلى قاعدة واسعة بالمهزلة. وانتقلت قبرص إلى سفارة جديدة في دمشــق، أما صربيا فسترسل سفيرا، وهذه المرة الأولى التي تغيّر فيها مســؤول دبلوماســي بارز منذ اندلاع الحرب قبل عشــرة أعوام. وتعلق الكاتبة أن هذه خطوات صغيرة ولا تعبر عن نقطة تحول، ومن المســتبعد أن تتبعهــا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبــي وبخاصة الدول القوية مثل ألمانيا وفرنسا. إلا أن التحركات وإن كانت مترددة إلا أنها تمثل تحدياً للكتلة الأوروبية التي تواجه مع تطبيع الوضع في سوريا مع مرور الوقت.

وقال لوري فاوتشــر، المحلل البارز في مجموعــة الأزمات الدولية، إن التحركات التي تقوم بهــا دول الهامش الأوروبي «تضعف موقف الاتحاد الأوروبي ويعرف النظام الســوري جيداً كيفية الاستفادة من هذا». وقتل 500 ألف شــخص في الحرب الأهلية التي اســتخدم فيها الأســد السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة لكي يرعب ويرهب السكان.

وتوقف الاتحاد الأوروبي عن إرســال السفراء لتقديم اعتمادهم لنظام متهم بجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. وبعد سيطرة نظام الأسد على 70 من سوريا المحطمة، عبرت الدول الصغيرة عن رغبة بفتح قنوات مباشــرة مع دمشق، وبعضها لأســباب براغماتية. وأرســلت أثينا مثلاً، قائماً بالأعمال إلى دمشــق في العام الماضي. ونقلت الصحيفة عن الخبير نيكولاس بروتونوتار­يوس قوله: «اليونان مهتمة بأن تكون حاضرة في بلد تؤثر فيه التطورات هناك على مصالحنا القومية، مثل أزمة الهجرة».

فمع وجود 3.6 مليون لاجئ ســوري في تركيا، فمن غير المســتغرب أن «ترغب اليونان بالمســاعد­ة في بنــاء البلد حتى يتمكن الســوريون في اليونان وتركيا من العودة إلى بلادهم» حســب دبلوماســي. ولا ترغب أثينا فقط بعمل هذا، فقد زعمت الدنمارك في نيســان/ أبريل، أن دمشــق

وضواحيها باتت آمنة لعودة اللاجئين إليها. وحاولت روســيا التي تدعم نظام الأسد إقناع الدول بأن سوريا باتت آمنة.

ومع أن القتال قد هدأ في عدة مناطق من البلاد، إلا أنه لا يزال محتدما في أجزاء أخرى من البلاد، وبخاصة شمال- غرب سوريا التي تسيطر عليها جماعة موالية للقاعــدة. وتعلق الصحيفة أن وجود مقاتلين أوروبيين في صفوف هذه الجماعة، ربما كان ســببا في محاولة دولهم التعامل مع نظام الأســد. وورد في إيجاز داخلي للأمم المتحدة العام الماضي، أن المخابرات الأجنبيــة مهتمة بـ»المعلومات التي تقدمها المخابرات الســورية عن آلاف الإرهابيين )الأوروبيين( الحقيقيين والمشتبه بهم.»

وأشــار التقرير إلى أن بعض الدول العربية ترى أن هناك سببا لإعادة العلاقات مع دمشــق. فقد أعادت البحرين والإمارات فتح سفارتيهما عام 2018، على أمل مواجهة تأثير إيران، الحليف العسكري للأسد، بالإضافة لمواجهة عدوته تركيا التي تسيطر على جزء من شمال سوريا.

لكن هناك مقاومة لعودة ســوريا إلــى الجامعة العربيــة نظرا لتردد نظام دمشــق بالدخول في عملية سياســية ذات معنى. وبدون تســوية سياســية، فإن الاتحــاد الأوروبي الذي دفــع المليارات في المســاعدا­ت يعارض مســاعدة نظام مــارق ودفع مليارات الــدولارا­ت من أجل إعادة تعمير ما دمرته الحرب. ويقول كرم شــعار، الاقتصادي والمحلل السوري، إن «ألمانيا وفرنســا مهتمتان بتســوية طويلة الأمد للنزاع وليس عملية سياسية فاشلة». وتحولت محاولات الأمم المتحدة إلى مجرد جمع النظام والمعارضة للتوافق على مسودة دستور جديد، ولم تنتج هذه ثماراً بعد.

ويرى دبلوماســي أوروبي أن التحركات للتعامل مع النظام مقصورة «على دول الهامش في سياســتنا الســورية، وفقط الدول الأعضاء التي لديهــا حدود مع ســوريا أو قلقة من الوجود التركي هــي من تحاول فتح قنوات مباشــرة مع دمشــق». ومع ذلك، فهذه المحاولات على الهامش هي التي تنذر بانقســاما­ت، فرغم التــردد الأوروبي لتمويــل عمليات إعادة الإعمــار تقوم عدة دول بتمويل برامج يمكن اعتبارها ضمن جهود الإعمار مثــل إعادة تأهيل المــدارس. ويقول فاوتشــر: «يمكن اســتمرار الموقف الأوروبي لمدة طويلة، والســؤال عما يحدث بشــكل ملموس». وأضاف: «هناك فجوة بين الموقف الأوروبي السياسي وما يجري على الأرض ». وفي النهاية يشتكي بعض الدبلوماسي­ين في الجنوب الأوربي أن نظراءهم من دبلوماسيي الشــمال الأوروبي لا يفهمون رغبتهم بعلاقات جيدة بمنطقة البحر المتوسط. وقال الدبلوماسي: «هذا عن التواصل وليس الدعم.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom