Al-Quds Al-Arabi

سلطات السجون الإسرائيلي­ة تحرم الأسيرة خالدة جرار من تشييع جثمان ابنتها

- رام الله - القدس العربي:

أعادت الوفاة الطبيعية للمحامية سهى جرار ابنه الأسيرة خالد جرار، القيادية في الجبهة الشعبية والعضو السابق في المجلس التشــريعي، قضية الاســرى إلى الواجهة، وتحديدا عندما يفقد الأســير في السجون الإســرائي­لية شخصا قريبا منه، فتتغيب إدارات الســجون عن تعامل إنساني متجاهله فرصة إلقاء نظرة الوداع على جثمان الأحبة.

وهو ما جعل من نشــطاء وإعلاميون وحقوقيون يطلقون حملة إعلامية للضغــط والمناصرة، كما أصدرت مؤسســات مختصّــة بقضايا الأســرى أمس، بيانًا طالبــت فيه الصليب الأحمر الدولي والمؤسســا­ت الحقوقية والإنسانية، بالتحرك الفــوري لدى حكومة الاحتــال وإدارة الســجون للمطالبة الجدية والضغط بكل الوســائل الممكنة لإنهاء اعتقال خالدة والإفراج عنها فورًا، حتى تتمكن من وداع ابنتها ســهى للمرة الأخيرة.

وكانت عائلة جرار، مســاء أمس، قد أعلنت عن وفاة سهى جــرار، بعد العثور على جثّتها في منزلهــا، وقالت العائلة إنّ التشــخيص الأولي أشــار إلى أن الوفاة طبيعية، وأن سببها «نوبــة قلبية حــادة». وبعد إعــان الوفاة بســاعات تمكن محامون من «هيئة شــؤون الأســرى» و»مؤسسة الضمير»، صباح أمس، من إخبار الأســيرة جرار التي تقبع في ســجن الدامون الإسرائيلي، بنبأ وفاة ابنتها.

ونقلت جرار رسالة قصيرة لأهلها وللمتعاطفي­ن قالت فيها: «الخبر كثير بوّجع، موجوعة لأني مشــتاقتله­ا لسهى حبيبة قلبي.. بس ســلموا عالكل وخليهن يديــروا بالهن ع حالهن، وطمنوهن أنا قوية، قوية».

وذكر المحامي محمود حسّــان في تصريحات صحافية أنه يقــوم بمحاولة الحصــول على تصريح لمشــاركته­ا جرار في تشييع جنازة ابنتها. ولكن حتى «اللحظة لم نتلق ردًا».

وحســب بيان العائلة فإن جهودًا تبذل من قبل محامين في محاولة للإفراج المبكر عن الأسيرة جرار من سجون الاحتلال، للمشاركة في وداع ابنتها.

وأطلقت الحملة تحــت هاشــتاغ «#الحريةلخال­دةجرار» على المســتوى المحلي والدولي ، وهي التي تقبع في ســجون الاحتلال منذ ما يقارب عامــن، ومن المفترض أن تنهي حكمها خلال شــهرين، لنعمل بهدف تشــكيل حالة من الضغط على إدارة سجون الاحتلال لتطلق ســراحها في أقرب موعد حتى يتسنّى لها وداع ابنتها، وممارسة أبسط حقوقها الإنسانية.

دكتور الإعلام في جامعة القــدس أبو ديس، نادر صالحة، دعــا «لعدم دفن الابنة ســهى حتى خروج أمهــا خالدة، وإن طال الأمر أياما. هذا موقف يجب أن يُدعم بكل الســبل. موقف إنساني ووطني مشرف يجب أن ننتصر لها، وننتصر فيه».

وأضاف صالحة أن «معظم مطالبات الفلســطين­ي منذ دهر معجونة بالوجع والقهر والدموع، ولتحقيق حقوق إنســانية أساسية يجب أن تخوض حرباً في كل مرة».

أما الدكتور عبد الرحيم الشيخ، أستاذ الدراسات الثقافية في جامعــة بيرزيت فقال إنه «على الرغم مــن أخلاقية حملة تحريــر القائدة الوطنية خالدة جرار، الأســيرة في ســجن الدامون في حيفا المحتلة، لوداع ابنتها الراحلة سهى جرار في رام الله المحتلة، علينا دوماً أن نتذكَّر، كفلسطينيين، وأن نذكِّر أنصار الحرية والعدالة في العالم الذي نتوجَّه إليه بحملاتنا، أننا نواجه واحدة من أعنف دول الاستعمار الاستيطاني التي عرفها التاريخ، في تطبيق سياسات الموت والحياة».

وأشــار إلى أن إســرائيل تطبِّق نظامــن قضائيين: نظام عســكري للعرب، وآخر مدني للمســتوطن­ين-اليهود. وبناء عليهما، تسرِّح من المستوطنين اليهود، حسب «قانون ديري» وما تلاه بعد إتمام نصف المحكومية )حتى دون وجود مبررات إنسانية، بل لمحض حل أزمة الاكتظاظ في السجون، أحياناً(، فيما تحــرم الأســرى الفلســطين­يين من ذلك حتــى بوجود المبررات كلها، دائماً».

واعتبر الشيخ السياسات الإسرائيلي­ة بمثابة تحكم مباشر في سياســات الموت والحياة للفلسطينيي­ن في حدود فلسطين التاريخية، فهي تحرم الأســير من المشــاركة في وداع الموتى من أهله، اللهم عبر شاشــة تلفزيون فلســطين، وفي كثير من الأحيان تحول دون عقد مراســم العزاء من قبل الأســرى في الأقســام المختلفة في الســجن الواحد... موت فــي الداخل، وموت في الخارج، وموت في الموت.

وما تزال إســرائيل تحتفظ بجثامين ســبعة شــهداء من أبناء الحركة الفلسطينية الأســيرة، سواء استشهدوا تحت التعذيــب أو بالإهمال الطبــي، وذلك تنكيلاً بهــم وبذويهم ولاســتكما­ل محكوميَّاتهم حتى بعد استشهادهم. وهم: أنيس دولــة )1980(، وعزيز عويســات )2018(، وفــارس بارود (2019(، نصــار طقاطقة )2019(، بســام الســايح )2019،) سعدي الغرابلي )2020(، كمال أبو وعر )2020.)

والأســيرة خالدة جــرار قيادية فــي الجبهة الشــعبية، وانتُخبــت عام 2006 نائبًــا في المجلس التشــريعي المنحل، واعتقلها الاحتلال الإسرائيلي عدّة مرات، بين أحكام واعتقال إداريّ )دون تهمــة(، كان آخرهــا في تشــرين أول/ اكتوبر 2019، وحُكم عليها بالسّــجن لسنتين، وقد توفي والدها أثناء اعتقالها عــام 2017، ومن المفترض أن يتــم الإفراج عنها في أيلول/ ســبتمبر المقبل. وصدر بحقها أمر إبعــاد وأوامر منع سفر، وتعرضت لأشكال مختلفة من التنكيل والاضطهاد بنّاءً على نشاطها السياسي ودورها الوطني.

 ??  ?? الأسيرة خالدة جرار مع ابنتها التي وافتها المنية
الأسيرة خالدة جرار مع ابنتها التي وافتها المنية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom