Al-Quds Al-Arabi

رسالة إلى مشبهة الأطفال بالأفاعي: أفتخر بوصفك لي فلسطينياً غبياً

- عودة بشارات هآرتس 2021/7/12

■ إذا كان الأمر جيداً بالنسبة لك فإنه سيئ لي، والعكس صحيح. هل سيأتي اليوم الذي سنقول فيه "إذا كان الأمر جيداً لك فهو لي كذلك، وإذا كان ســيئاً لك فســيئ لي أيضاً؟". تظهر الإشارات أن الطريق مــا زالت بعيدة. لذلك، ليس هناك أكثر صحة في هذه الأثناء من "تربية الأمل"، كما قال الشــاعر محمود درويش.

الاثنين الماضي، في ســاعة متأخرة في الليل، شــاهدت أعضاء كنيســت من القائمة المشــتركة وهم يصرخــون فرحاً عقب إســقاط قانون منع لم شــمل العائلات، تزامناً مع حالة حداد لأعضاء كنيســت آخرين في الائتلاف. نعم، يبدو أنه بعد 119 سنة يمكن القول بأن الصهيونية جاءت لتحزن العرب بقدر ما جاءت لتدعم اليهود. لذلك، إزاء البكاء والعويل في أعقاب إســقاط القانون، أقترح بأن يجب إعلان موعد التصويت، 5 تموز، كيوم حداد وطني. وفي هذه الأثناء، يجب عدم نســيان محاسبة الذين خانوا مبادئ الدولة القومية التي تطحن الشــعب الآخر بشدة، إلى درجة اعتبار أن خلية عائلية واحدة كاملة هي تجمع يعرّض وجود الدولة للخطر.

يزداد الظلام هنا ويخيم من يوم إلى آخر. وعندما تم ســن قانــون القومية في حينه، كان قد صوت ضده 55 عضو كنيســت من العرب واليهود. والآن، حتى في حصن العدالة، المحكمة العليا، صودق على قانون القومية بالإجماع تقريباً. وعارضه واحد فقط، هو القاضي العربي جورج قره. وفي مكان ما قرأت أنه تمتم بمرارة، وقال: "من كانت يده في المياه ليس كالذي يده في النار". ولو كان قاضي المحكمة العليا عربياً، فســتكون يده في النار أيضاً. ونحن اليوم شهود على كسوف مختلف، فظل دولة القومية غطى على نور العدالة.

في وقت ما اعتقدنا أنه إذا كان هناك يســار في إســرائيل فثمة أمل بأن يكــون الوضع أفضل. ولكن للأســف، الوضع بائس حتى في هذا الأمر. في هذه الأثناء، تبدو مهمة حياة اليســار هي الحفاظ على الحكومة الجديدة كي لا يفترسها نتنياهو. ومن أجل ذلك، يبدو أن اليسار مستعد لتحمل كل ظلم شريطة أن يكــون هذا من نصيب العرب. طالما ظل العرب يدفعون الثمن فســيبقى اليســار كريماً جداً: بدءاً من مسيرة الكراهية في القدس، ومروراً بالخضوع لمســتوطني "أفيتار"، وانتهاء بقانون تفريق العائلات. هذا الكرم يحرج حتى اللامعقول، احضروا لي يساراً في العالم يؤيد تفريق العائلات.

معلقون محترمون ينتقدونني عندما أصف مجموعة هذه الأحزاب الهستيرية كيسار، وهم على حق. لذلك، وبعد تفكير عميق، قررت إبقاء الاســم "يسار" على حاله، مع إضافة صغيرة جداً، "نتن". لذلك، من الآن فصاعداً لا تقولوا "يسار"، بل قولوا "يسار نتن". ومن الأفضل وضع الكمامة أثناء ذلك كي لا تواجهوا قذارة نفاقه.

لنترك "اليســار النتن" ولنركز على رمز الفترة، اييلت شــكيد، التي يمكن تلخيص موقفها من العرب بكلمتين: خســرتم، تحملوا. هذا ليس مزاج شــكيد وحدهــا، بل هو المزاج الذي يحــرك معظم المجتمع اليهودي في إســرائيل: أن تؤلم العرب بقدر المستطاع؛ هل انتصرتم حول لم شمل العائلات، هذه المرة؟ احذروا، لأنهم الآن ينتظرونكم في الزاوية مع قانون الأساس: الهجرة. ولا مكان لعصفور عربي هنا.

مع ذلك، آسف لإبلاغكم بأن المشترك بين الشعبين آخذ في التضاؤل؛ من الجيد أن ما زالت هناك شمس تضيء على الجميع، ومــن الجيد أن ما زالت هناك أمطار تنزل على الجميــع، وحتى من الجيد أن هناك كورونا تضر بالجميع بدون فرق في الدين والعرق والجنس.

وحسب تعريف شكيد، المنظرة المبتذلة، نحن العرب "أغبياء". لذلك، حسب رأيي، أن تكون غبياً أكثر احتراماً وإنسانية بألف مرة من أن تشاركها على صفحة "فيسبوك" بمنشور يشبّه الأطفال الفلسطينيي­ن بالأفاعي التي يجب قتلها قبل أن تكبر.

أنا فخور بأن أكون غبياً. وبالنسبة، لي كل الأطفال هم، مثلما كتب يهوشع سوبول، فرح ونعمة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom