Al-Quds Al-Arabi

شمال سوريا: موسكو تخرق اتفاق التهدئة وتجدد قصف إدلب ومحيطها وسقوط المزيد من الضحايا

- دمشق – «القدس العربي» من هبة محمد:

تستخدم روسيا إدلب كغيرها من المناطق في الشمال السوري، التي تنتشر فيها نقاط وقوات للجيش التركي كســاحة لإيصال رسائل لأنقرة وللغرب أيضــاً، وفي هذا الســياق يمكن وضع اســتمرار التصعيد العســكري من قبــل النظام السوري وروســيا على منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب والأرياف المتاخمة لها.

ورغم عدم انقضاء أسبوع على اختتام أعمال الجولة السادســة عشرة من اجتماعات أستانة، والتي انتهت بإجماع دولي على استكمال التهدئة شمال غربي سوريا، حتى موعد الجلسة المقبلة، إلا أن هــوة الخلافات التي تتســع بين روســيا وتركيا تجاه الملفات المتشابكة بين الطرفين ومنها ســوريا، تنعكس جليــاً على إدلــب ومحيطها، ولعل ما ســبق يعود إلى الضغوط التي تمارسها موســكو على أنقــرة، من أجل إضعــاف موقفها التفاوضــي، الأمــر الذي حــدا بالأخيــرة إلى مواصلة إرســال تعزيزاتها العسكرية إلى نقاط المراقبة ومواقع انتشار جيشها، فضلاً عن دعمها للفصائل العسكرية المســلحة، كرسائل أرادتها لكبح السياسة الروسية.

ضابط منشــق عن النظام الســوري، ترجم لـ»القــدس العربي» أســباب القصــف برغبة موســكو الضغط على تركيا وقال «تريد روسيا من تركيــا عدم تزويد أوكرانيا بســرب طائرات بيرقدار، وإيقاف العمل بإنشــاء كورفيت بحري لأوكرانيا» أما حجة الروس العلنية فهي «وجود مجموعات روسية مســلحة تعمل ضمن مناطق

جبال الزاوية، وهذه المنظمات لها نشــاط داخل موسكو».

وحول الموقف التركي، قال الضباط الواســع الاطــاع «الــرد التركي علــى الأرض هو قصف مصادر النيــران بالقذائــف المدفعيــة». ولعل احتمــالات التصعيد ممكنة، وهو ما تشــير إليه المعطيات الميدانية، حيث قالت مصادر متطابقة، أن التصعيد العســكري من قبل قوات النظامين السوري والروســي ترتفع وتيرته عبر توسيع رقعة اســتهداف إدلب وحماة والأرياف القريبة منهما ضمن منطقة خفض التصعيد.

المحلل العسكري والاستراتي­جي العقيد محمد عيد الأحمد، اعتبر أن روسيا لم تلتزم بأي اتفاق خلال كل الجلســات السابقة في استانة وفي كل مؤتمــر تزيد مــن وتيرة القصــف وخاصة على المدنيين، وترتكب المجازر لحظــة عقد المؤتمرات وهــذه السياســة اتبعتها في ســوريا للابتزاز السياســي والضغط على الجانب التركي الذي يعد ضامناً اساسياً في هذه العملية.

إذاً الهــدف وفق رؤية المتحدث العســكري لـ «القدس العربــي» هو خلــط الأوراق والابتزاز السياســي، وذلك «لتحصل على مــا لم تحصل عليه بقاعة المؤتمر الذي هو بالأســاس لا علاقة للشــعب به، ولم يكلــف أحد بتمثيلــه في هذه المؤتمرات التي لم تجلب للشــعب ســوى القتل والتهجير ولم تلتزم روسيا او النظام من خلفها بأي التزام».

الكلمة الفصل في هذا الملف «للجانب الأمريكي الذي فرض على الروس فتــح معبر باب الهوى والــذي كانت روســيا تحضر لمواجهتــه بفيتو كالعادة ومن ثم رضخت لمدة 6 أشــهر فقط ولكن تم السماح لفتح المعبر لمدة عام».

لذلك موســكو غيــر راضية عمــا يجري على الأرض، وتريــد إظهار ذلك من خلال اســتمرار القصــف، وربما تزيــد وتيرته ضمــن خطوط أمريكية لن تتجاوزها.

وأضاف الضابط الســوري «الــروس لديهم حجــج كثيرة لمواصلــة القصف وهــي محاربة الإرهاب والذي شــاهدناه منذ التدخل الروسي تدعــي قصف الارهــاب )داعش( فــي حين أنها تقصف المناطــق التي لا يتواجــد فيها دواعش. واليوم تكــرر نفــس العملية تقصــف المدنيين والقرى بحجــة تواجد الإرهابيين مــن القاعدة فــي تلك المناطق التي لا يوجد فيها غير ســكانها الأصليين من أبناء المنطقة».

ميدانياً، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، أن قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام اســتهدفت خلاله مناطق في العنكاوي بســهل الغــاب شــمال غربي حمــاة، وفليفــل وبينين وأطــراف الفطيرة والبــارة وكنصفــرة بجبل الزاوية فــي ريف إدلب الجنوبي، دون معلومات عن إصابات، وســط تحليق متواصــل لطيران الاســتطلا­ع الروســي في الأجواء. كما قصفت قوات النظــام بالمدفعية الثقيلة قــرى حميمات وقســطون وقليدين والزقوم والعنكاوي بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.

وقالت منظمة استجابة ســوريا، أن «ضحية جديدة ســقطت نتيجة اســتهداف قوات النظام الســوري لبلــدة حميمات جنــوب إدلب، حيث فقــدت طفلــة حياتها خــال إســعافها منطقة الاســتهدا­ف إلى مدينة إدلب» وناشــد الفريق الجهات الصحية والمنظمــا­ت الطبية العاملة في المنطقة إعادة تفعيل النقــاط الطبية في مناطق جبل الزاوية جنوبي إدلب وخاصةً أن «كافة قرى

جبل الزاوية لا تحوي ســوى نقطتين فقط، وهي غير قادرة على التعامل مــع الإصابات الحربية نتيجة الاستهدافا­ت اليومية للمنطقة.»

وقــال المرصد إنــه وثــق أمس مقتــل طفلة وإصابــة آخرين، جــراء قصف مدفعــي لقوات النظام اســتهدف قرية حميمات بسهل الغاب في ريف حماة الشــمالي الغربي، كما قتل عنصران من جيش الأحــرار بقذيفة مدفعيــة مركزة على موقعهــم في قرية الأربيخ شــرقي بلــدة تفتناز بريف إدلب.

تزامنــاً، دفعت القــوات التركيــة بتعزيزات عســكرية ضخمــة، بينهــا آليــات ومجنزرات ضخمة، فجر الثلاثــاء، إلى ريف إدلب الجنوبي بغية تعزيز قواعدها العســكرية، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع التركية «بيرقدار».

وقالت شبكة «بلدي نيوز» المحلية الإخبارية، «إن رتلاً عســكرياً ضخماً للقــوات التركية دخل فجر اليوم الأراضي السورية من معبر كفرلوسين في ريف إدلب الشمالي وتابع مسيره نحو مناطق ريف إدلــب الجنوبي». مشــيرة إلــى أن الرتل مؤلف من 42 آلية عسكرية بينها دبابة، وراجمة صواريــخ، ورافعة ضخمة، وجرافة عســكرية، وشــاحنات محملة بذخائر ومواد لوجســتية، إضافة إلى العديــد من العربات المصفحة المحملة بالجنود الأتراك.

وذكر المصدر أن الرتل توجه إلى مناطق ريف إدلب الجنوبي، مرجحاً إنشــاء نقطة عســكرية تركية جديدة حســب عدد الآليــات التي دخلت ونوعها. وتزامن دخول الرتل العسكري التركي مع تحليق مكثّــف لطائرة الاســتطلا­ع التركية «بيرقــدار» في أجــواء المنطقــة لحمايته من أي هجوم أو استهداف.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom