Al-Quds Al-Arabi

طالبان تدعو سكان المدن إلى الاستسلام لتجنب القتال وتسيطر على ولاية يسكنها الهزارة الشيعة

الحركة تحذر تركيا من عواقب إبقاء قواتها في أفغانستان وفرنسا تطلب من رعاياها مغادرة البلاد

- لندن- «القدس العربي»- وكالات

دعت حركة طالبان، أمس الثلاثاء، سكان المدن الأفغان إلى الاستســام لتجنب المعارك في المــدن وحذرت تركيا من إبقاء قواتها في البلاد بعد إنجاز الانســحاب الأمريكي الكامل. وقال أمير خان متقي، وهو مسؤول كبير في الحركة في تغريدة نشــرها ناطق باسم طالبان: «الآن ومع انتقال المعارك من الجبــال والصحارى إلى أبــواب المدن لا يريد المجاهــدو­ن القتال داخــل المدن من الأفضل أن يســتخدم مواطنونــا والعلماء كل القنوات للدخــول في اتصال» مع طالبان بهدف «التوصل إلى اتفاق منطقي لتجنيب تعرض مدنهم لأضرار .»

وأمير خان متقي وزير الإعلام والثقافة في نظام طالبان الســابق ‪-2001( )1996‬يدير «لجنة الدعوة والإرشــاد» في حركــة طالبان التي يتوجه إليها عســكريون أو رجال الشــرطة ومســؤولون حكوميون وموظفون في القطاع العام أو مجــرد مواطنين، إذا كانوا يريدون الانشــقاق أو الاستســام للحركة. وتابع في رسالة صوتية نشرها على تويتر ذبيح الله مجاهد الناطق باســم الحركة أن طالبان «تؤكد لكل السكان أن أفغانســتا­ن ستكون وطنهم جميعاً وأنه لن يسعى أحد للانتقام.»

مناطق ريفية

وبعد الاستيلاء في الشهرين الماضيين على مناطق ريفية واســعة خلال هجوم أطلقته مع بدء الانســحاب النهائي للقوات الأجنبية مــن البلاد في مطلــع أيار/مايو، تطوق طالبان عدة عواصم ولايــات. ولا يبدي الجيش الأفغاني الذي بــات محروماً من الإســناد الجــوي الأمريكي المهم، مقاومة شديدة ولم يعد يسيطر ســوى على المدن الكبرى ومحاور الطرق الرئيســية. وهذه الدعوة من طالبان تذكر بالاســترا­تيجية التي اســتخدمته­ا عند اســتيلائه­ا على الســلطة في منتصف التسعينيات: محاصرة المدن وإرغام الزعماء التقليديين على التفاوض على استسلام. وسقطت عدة مناطق في ولاية مجــاورة لكابول في الآونة الأخيرة فــي أيدي طالبان مــا أثار مخــاوف من أن تهاجــم قريباً العاصمة أو مطارها الذي يشــكل طريــق الخروج الوحيد للرعايا الأجانب من المدينة.

في الســنوات الماضية، هاجمــت طالبان مدنــاً كبرى

بدون التمكن من الحفاظ على ســيطرتها عليها. اســتولت مرتين لفترة وجيزة في 2015 و2016 على مدينة قندوز في شــمال البلاد وفي عام 2018 على مدينة غزنة على بعد 150 كلم جنوب غــرب كابول قبل أن تطرد منها بشــكل نهائي. وفي تموز/يوليو، هاجمت للمــرة الأولى منذ بدء هجومها الحالي عاصمة ولاية، قلعة نو )شــمال غــرب(. الثلاثاء، أعلنت وزارة الدفــاع الأفغانية أن القوات الأفغانية طهرت بالكامل المدينة، عاصمــة ولاية بادغيس، بعد عدة أيام من المعارك. لكن الحركة سيطرت أيضاً على منطقتين في ولاية باميان )وسط( بعد «انسحاب تكتيكي» للقوات الأفغانية كما أعلن عضو المجلس المحلي محمد حسن أسدي الثلاثاء. وهذه الولاية تسكنها أقلية الهزارة الشيعية التي تعرضت لتجــاوزات كثيرة من جانــب طالبان خــال حكمها. منذ ســقوط نظامها، لم تتمكن حركة طالبــان من دخول هذه الولاية حيث فجرت في آذار/مارس 2001 تمثالين عملاقين بوذيين ما أثار موجة تنديد عالمية.

وفي مــوازاة ذلك، قتــل أربعة مدنيين وجرح خمســة آخرون في انفجار في العاصمة الأفغانية الثلاثاء، حسبما أعلنت الشرطة. ووقع الانفجار في ساعة الذروة «في وسط كابول»، وفق ما صرح المتحدث باســم الشــرطة فردوس فرمرز للصحافيين بدون إعطاء المزيد من التفاصيل. الحي الذي وقع فيه الانفجار الذي لم يعرف مصدره بعد، هو بين الأحياء التي يرتادها عدد كبير من الأشخاص في كابول.

قرار غير حكيم

والثلاثاء، حذرت حركة طالبان بشــدة تركيا من إبقاء قــوات في أفغانســتا­ن لحمايــة مطار كابــول بعد إنجاز انســحاب القوات الأجنبيــة المرتقب بحلــول نهاية آب/ اغسطس. وأعلنت الحركة في بيان أن «قرار القادة الأتراك ليــس حكيماً، إنــه انتهاك لســيادتنا ولوحدة وســامة أراضينا وهو مخالف لمصالحنــا الوطنية»، وذلك بعد أيام على إعلان الرئيــس التركي رجب طيب اردوغان أن أنقرة وواشنطن اتفقتا على «ســبل» ضمان أمن مطار كابول في المستقبل بعد انسحاب القوات الأجنبية. وأضافت: «نعتبر إبقاء قوات أجنبية في وطننــا من قبل أي دولة كان ومهما كانت الذريعة على أنه احتلال والمحتلون ســيعاملون على هذا الأســاس ». وتابعــت الحركة : «إذا لم تعد الســلطات التركيــة النظر في قرارهــا مواصلة احتــال بلادنا» فإن طالبان «ستقاومها كما قاومت 20 عاماً من احتلال» أجنبي.

وجاء تحذير طالبــان بعد تأكيد وزيــر الدفاع التركي خلوصــي أكار، أن المحادثــا­ت مــا زالــت متواصلــة مع الأمريكيين من أجل تشــغيل وتأمين الحمايــة لمطار حامد كــرزاي بالعاصمــة الأفغانية. وأشــار فــي تصريحات للصحافيــن، الثلاثــاء، إلــى وجــود نقــاط تم الاتفاق عليها مــع نظيره الأمريكي لويد أوســن، وكذلك تطورات إيجابيــة لمبــادرات اتخذتهــا تركيا ضمن حلف شــمال الأطلســي «الناتو». وقــال أكار: «نقول إخوتنــا الأفغان لوجود روابط تاريخية وثقافيــة تربطنا معهم، لقد فعلنا كل شــيء من أجل تحقيق المصالحة والاســتقر­ار والأمن للشــعب الأفغاني، وســنواصل العمل في نفس المســار». ولفــت إلى أنّ المحادثات مــع الأمريكيــ­ن إيجابية، قائلاً: «يوجــد دول أخرى تريد مســاعدة أفغانســتا­ن، ونحن نتواصل معها. إنها عملية ذات أبعاد متعددة يتم التنسيق فيها مع إخوتنــا الأفغان ومع الناتو ومع الاتحاد الأوروبي والمجتمــع الدولــي». وأوضــح أنّ تركيــا موجــودة في أفغانستان منذ 20 عاماً دون اتخاذ مهام قتالية واقتصارها على مهام استشــارية وصيانــة وإعمار. وتابــع: «نقوم بتشــغيل مطار حامد كرزاي منذ 6 ســنوات، وما يلي هذه المرحلة يتمثل بهدفنا في تقديم الإسهامات من أجل تحقيق الأمن والاســتقر­ار والرفــاه لإخوتنا الأفغان. وتشــغيل المطــار وبقائه مفتوحــاً». وبيّــن أكار أنّ تشــغيل مطار العاصمة كابول رغبة دولية، لأنّ الدول لن تبقي ممثلياتها الدبلوماسـ­ـية بأفغانســت­ان ما لم يكن المطار يعمل. وفي الأثناء، دعت فرنسا، أمس، جميع مواطنيها في أفغانستان

لمغادرة البلاد بسبب مخاوف أمنية، حسبما أعلنت السفارة الفرنسية في كابول. وقالت السفارة في بيان: «ستخصص الحكومة رحلة خاصة فــي 17 تموز/يوليو صباحاً، تنطلق من كابول، للســماح بعودة جميع أفراد الجالية الفرنسية إلى فرنســا» مشــيرة إلى أنــه «لن يتم تســيير أي رحلة إضافية» ودعت «رســمياً جميع الفرنسيين إلى ركوب هذه الطائرة الخاصة». وأبلغت الســفارة الفرنســيي­ن الذين ينوون «البقاء في أفغانســتا­ن إلى ما بعد 17 تموز/يوليو، بأنها لن تكون قادرة على ضمــان أمن مغادرتهم». وأكدت أن «طاقم الســفارة يقوم بعمله»، في إشارة إلى استمرار وجود التمثيل الدبلوماسـ­ـي في الوقــت الراهن، مضيفة: «نواصل مهامنا، مع المحافظة، الآن أكثر من أي وقت مضى، على دعمنا لجمهورية أفغانستان الإسلامية.»

 ??  ?? جنود من القوات الأفغانية الخاصة بعد معارك مع مقاتلي طالبان في قندهار
جنود من القوات الأفغانية الخاصة بعد معارك مع مقاتلي طالبان في قندهار

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom