Al-Quds Al-Arabi

إلى بايدن: لمن تركت أفغانستان والشرق الأوسط؟

بإرخاء لجام «طالبان»...

- زلمان شوفال معاريف 7/13/2021

■ ليس مفاجئاً أن يتذكــر الناس مع إخلاء القوات الأمريكية من أفغانســتا­ن الانســحاب الأمريكي من فيتنام والانســحا­ب الإسرائيلي من جنــوب لبنــان. ثمة فــوارق: بينمــا كان التــورط الأمريكي فــي فيتنام وبقــدر ما أيضاً في أفغانســتا­ن زائدين من ناحيــة مصلحتها القوميــة، كانت لحــرب لبنان الأولــى -ولو جزئياً- أهــداف مبررة. إضافــة لذلك، لم تكن فيتنام أو أفغانســتا­ن تعرضــان أمن الولايات المتحــدة للخطر، بينمــا كان لبنــان ولا يزال حاضنة للعدوان والإرهاب ضد إسرائيل.

لكن كان للحــالات الثلاث ولا تــزال نتيجة أخرى: في فيتنام ترك رجــال الجنوب، حلفاء الأمريكيــ­ن، لمصيرهم. وفي أفغانســتا­ن وضع مستقبل آلاف الأشخاص الذين ساعدوا القوات الأمريكية في خطر جســيم وفــوري، أما نحن فـ«نسينا» رجال جيش لبنان الجنوبي.

ربما كان إخلاء الجيش الإســرائي­لي للحزام الأمنــي في جنــوب لبنــان مبرراً مــن ناحية اســتراتيج­ية وبمراعاة الرأي العام، لكن مثلما قال الدبلوماسي الأمريكي القديم دنيس روس، مؤخراً فإن انســحاب إســرائيل أمــام إرهاب «حزب الله» دفع الفلســطين­يين لاســتنتاج أن العنف مجد ضد إســرائيل، وهكذا زرعت بذور الانتفاضة الثانية. وثمة خطوط موازية في هذا السياق: نبعت المعركة الأمريكية في أفغانستان من قرار لمكافحة إرهاب القاعدة، لكن الانسحاب أمام طالبان قد يصب زيتاً إضافياً على شــعلة الإرهاب، وليس في أفغانستان فقط.

كل هذا يطرح أســئلة أخــرى تخرج أهميتها عما حصل أو قد يحصل في أفغانستان: بأي قدر لا تزال أمريكا على صلة بالشــرق الأوسط؟ وما قدرة ردعها ضد تهديدات خارجية؟ للســؤالين آنفي الذكــر أهمية كبيرة علــى نحو خاص من ناحية إسرائيل وشركائها في اتفاقات إبراهيم. بشــأن الســؤال الأول، كتب خبير السياســة الخارجيــة البروفيســ­ور وولتر راســل ميد، مؤخراً، بأن بعد أحداث غزة والفشــل الأمريكي الذريع في بنغازي وقتل السفير الأمريكي هناك، وفي ضوء رغبة واشــنطن للتراجع من الشرق الأوســط ونقل المركز الاستراتيج­ي لأمريكا إلى الشرق الأقصى- فإن حضور الولايات المتحدة بدأ يقل فــي المنطقة بما في ذلك بشــأن للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

رغم الميــول آنفة الذكر، وربما بســببها، من ناحية إسرائيل، ستبقى الولايات المتحدة ذات صلة أكثر مــن أي وقت مضى، ســواء بالمعنى السياســي والأمنــي أم من حيث تماثــل القيم بينهمــا -حتــى وإن قامت لإســرائيل محافل تعاديها في السياســة والرأي العام الأمريكي، ولا ســيما في الحزب الديمقراطـ­ـي – وكذا من حيث دور إسرائيل بصفتها دولة قومية للشعب اليهودي. إن إحدى مهام كل حكومة إسرائيلية، بما فيهــا الحالية، هي الإبقــاء على الجمرة في هذه المواضيع.

وماذا عن الســؤال الثانــي، أي قدرة الردع الأمريكية؟ قضى اســتعراض اســتخباري لـ «واشنطن بوست» مؤخراً بأن «الرئيس بايدن اصطدم بوجود حــدود لقدرته على ردع جهات أجنبية، بما فيها الميليشيات العاملة تحت رعاية إيران في العراق وسوريا وجهات روسية تنكل

بالمصالح الأمريكية». وحســب الاســتعرا­ض، فإن «شــكل عمل بايدن في هذه المســائل، كفيل بأن يقرر مستقبل علاقات الولايات المتحدة مع قوة عظمى إقليمية )إيران( مصممة على توسيع نفوذها، ومــع قوة عظمــى أخرى )روســيا( تواظب على جهودها لتقويض مكانة أمريكا».

اضطر الرئيس بايدن أن يتناول هذه المعضلة مؤخــراً عندمــا هبطــت عشــرات الصواريخ والحوامــا­ت على جنــود ودبلوماســ­يين في العراق وســوريا، وانتقــده الجمهوريون على عجزه، ويحاول اليســار في حزبه حرمانه من الصلاحيات القانونية للعمل. كما يمكن لحكومة إســرائيل الحديثــة العهد أن تضــع أمام هذه المعضلة الأمريكية أســئلة متحدية في المستقبل القريب أيضاً. لا يذكر اســتعراض «واشــنطن بوست» مفاوضات اســتئناف الاتفاق النووي مع إيــران، لكنه موضوع ســيقرر مكانة أمريكا العالمية والإقليمية، شــراً كان أم خيراً، ســواء تجاه أعدائها أم تجاه أصدقائها.

 ??  ?? الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom