Al-Quds Al-Arabi

كشف يوضح أسباب اغتيال سليماني... وتقديرات إسرائيلية: عودة خامنئي للاتفاق تبددت بمجيء بايدن

- عاموس هرئيل هآرتس 2021/7/13

■ يعتقد جهاز الأمن الإســرائي­لي أن الزعيم الأعلى في إيران، علي خامنئــي، لم يقرر بعــدُ تبني الصفقــة النووية الجديدة مــع الولايات المتحــدة، والقــرار النهائي فــي يديــه، واحتمالية التوقيــع مجدداً قد تتقلــص كلمــا اقترب موعــد أداء الرئيــس الإيراني الجديــد، إبراهيم رئيســي، لليمين في 5 آب القادم. وطلبت الإدارة الأمريكية في البداية ضمانات بالتوصل إلى اتفاق قبل تسلم رئيسي لمنصبه.

تم التوقيــع علــى الاتفاق الأصلي بــن الدول العظمــى وإيران في العام 2015، لكن الرئيس الأمريكي الســابق، ترامب، انسحب منه في العام 2018. وبعد ســنة على ذلك، بدأت إيــران تخرق الاتفاق بصورة منهجيــة وتزيد كميــة اليورانيــ­وم المخصــب الموجود لديهــم، خلافاً لالتزامها. ومنذ بداية ولاية الرئيس بايدن، قبل نصف سنة تقريباً، تم عقد ســت جولات محادثات بين إيران والدول العظمى. ولم يتم حتى الآن تحقيــق اتفاق في هــذه المحادثات، وتوصف الفجــوة بين إيران وأمريكا بأنها كبيرة جداً.

كتــب يونتان ليس، فــي «هآرتس» الأســبوع الماضي، بــأن من هم في محيــط رئيس الحكومة نفتالي بينيت، توصلوا إلى اســتنتاج بأن قدرة تأثير إســرائيل على موقف الولايــات المتحدة حول التوصل إلى اتفاق جديد محدودة جداً، وأن الخيار فعلياً هو بين استئناف الاتفاق القديم واستمرار الوضع القائم دون اتفاق ملزم.

بعــد أداء الحكومــة الجديدة لليمين، ســافر رئيــس الأركان افيف كوخافي إلى واشــنطن، وأجرى محادثات مع كبار الشــخصيات في الإدارة الأمريكية، بين فيها تحفظات إسرائيل من طبيعة الاتفاق الآخذ في التبلور. مع ذلك، تركز إسرائيل الآن، من جهة، على محاولة تشديد الطلبات من إيران بعد انتهاء سريان مفعول الاتفاق الحالي في العام 2030، ومن جهــة أخرى تركز على جهود زيادة التنســيق بينها وبين الولايات المتحدة في حالة حدوث خروقات إيرانية، وعلى بلورة رزمة التعويضــا­ت الأمريكيــ­ة لجهاز الأمن هــذا إذا ما عادت واشــنطن إلى الاتفاق. يتوقع بينيت أن يسافر إلى الولايات المتحدة بدعوة من بايدن في نهاية الشــهر الحالي أو في مطلع آب. ومؤخراً، كرس جزءاً كبيراً من وقته للنقاشات في المسألة الإيرانية.

تقدر إســرائيل أن خامنئي رحب بخســارة ترامب في الانتخابات، لأنه خشــي من هجوم أمريكي مفاجئ ضد المنشآت النووية بعد قرار الرئيس بأمر اغتيال الجنرال قاســم سليماني، رئيس «فيلق القدس» فــي حرس الثــورة الإيراني في كانون الثانــي 2020 )كتب الصحافي مايــكل بنــدر، في كتــاب جديد صــدر الأســبوع الماضي فــي أمريكا، أن ترامــب أوضــح بأنه قــرر اغتيال الجنــرال ســليماني لتجنيد دعم ســيناتورا­ت صقوريــن في الحــزب الجمهوري قبــل محاكمة العزل التي كانت تنتظره في الكونغرس(.

إن تســلم بايــدن لهذا المنصــب بعث الأمــل لدى إيران، ســواء في أوساط المحافظين أو المعتدلين، وتبدد الخوف من هجوم أمريكا. وفي الوقت نفســه، يبدو أن إحســاس الإلحاح لدى خامنئــي تبدد، وربما

يشــعر الآن بأن لا حاجة ملحة للتوصــل إلى اتفاق، رغم الضرر الكبير الذي تتسبب به العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترامب.

خامنئي )82 ســنة( شــخص يتمســك بالنظــرة التاريخيــ­ة طويلة المدى، ومســتعد للتضحية والمــرور بأوقات صعبة لضمان اســتقرار النظــام. في هذه المرحلة، بعد 32 ســنة على تعيينــه كوريث للخميني، ينشــغل أيضــاً بطبيعــة الإرث الــذي ســيتركه خلفه. «يبــدو أنه كان مســروراً من عقــد صفقة تضمن تســهيلات اقتصاديــة والعودة إلى حضن الأمم» قال مصدر أمني إســرائيلي. «لكنه لــم يقرر بعد. فهناك أفضليــة ثقافية، حتى دينية، في النظام الإيراني للتوصل إلى قرارات مهمة من خلال موافقة واسعة. لكن سيتم التوقيع على الاتفاق عندما يكون واضحاً بأن هذا ما يريده خامنئي. فهو من يعطي الحكم الأخير، ويصعب التنبؤ بما ســيحدث هناك. نعــرف أنه لا يحب اتخاذ قرارات صعبة، ويفضل تأجيلها بقدر المستطاع والحفاظ على الغموض.»

الدول المشــاركة في المفاوضات مع إيران كانت تفضل عقد صفقة خلال أقل من شــهر، قبل دخول رئيسي إلى منصبه. ويتوقع رئيسي، الذي يعتبر صقراً مقارنة مع الرئيس التارك حســن روحاني، أن يعين عدداً كبيراً من الشخصيات الرفيعة في الحكومة الجديدة. وهذا الأمر يحتــاج إلى فترة تكيــف لقيادة طهــران. ورغم أن القــرار النهائي بيد خامنئي، إلا أنه لا يجب تجاهل وزن الرئيس في هذه العملية.

تعتبر إســرائيل ســلوك خامنئي أثناء عملية الانتخابات الرئاسية في الشهر الماضي دليلاً على الثقة الزائدة. ففي الأسابيع التي سبقت الانتخابــ­ات، حدث شــطب كاســح لمرشــحين، بمن فيهــم محافظون بارزون، بذريعة أنهم غير مخلصين بما فيه الكفاية للثورة الإســامية. مع ذلك، فللنظام أســباب قلق ترتبط بابتعاد الجيل الشاب عن أفكار الثورة والانخفاض التاريخي في عدد المصوتين في الانتخابات وعدد الناخبين الكبير الذين وضعوا بطاقات بيضاء.

لا تتوقف ولو للحظة

رغــم تباطؤ محادثــات فيينا، يواصل المشــروع النــووي الإيراني التقدم. وإيــران تراكم المزيد من اليورانيوم المخصــب، وتقصر الفترة التــي تحتاجها لإنتاج القنبلــة إذا ما قررت فعل ذلــك. إن اتفاق 2015 أبقــى إيــران على بعد ســنة مــن إنتاج كميــة كافيــة مــن اليورانيوم المخصب. وهذه الفترة قصرت مؤخراً لبضعة أشهر، وخلال ذلك فإن أجهــزة الطرد المركزية التي تنتجها إيــران أصبحت صغيرة ومتطورة أكثر. وســتحتل النماذج المســتقبل­ية حيــزاً أقل، وســيكون بالإمكان تشــغيلها في منشــآت صغيــرة، محمية وســرية أكثر تحــت الأرض. والمعرفــة والتجربة التي يراكمها علماء الذرة في إيران في هذه الأثناء هي ذخر لا يستطيع أي اتفاق مستقبلي القضاء عليها.

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة النووية، الأسبوع الماضي، بأن إيران بدأت في إنتاج يورانيوم معدني، وهو عنصر مهم للجوانب العسكرية في البرنامج النووي. وأقوال الوكالــة تؤكد الادعاءات التي طرحتها إســرائيل في شــباط الماضي. مــع ذلك، وبعــد الحصول علــى كمية

يورانيوم مخصب بمستوى عال وبكمية كافية، ستكون إيران بحاجة إلى تطوير رأس نــووي متفجر لصاروخ بالســتي. وهي العملية التي يمكن أن تمتد لسنتين إضافيتين تقريباً.

باختصار، إيران قريبة من إنتــاج الذرة بدرجة أقرب مما كانت في 2018 قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وهي خطوة اتخذها ترامب بتأثير من رئيس الحكومة الإســرائي­لي السابق، نتنياهو. وثمة خطوة أخرى لنتنياهو أثبتت نفســها، وهي أن الوثائق التي ســرقتها إسرائيل من الأرشيف النووي الإيراني وفرت شهادات على خروقات لإيران منذ عشــرين ســنة تقريباً. ويمكن أنها عقدت أمــور النظام مع المجتمع الدولي.

ما زال الحساب مفتوحاً

تســتمر أحداث أمنية كثيرة فــي المنطقة تزامناً مع جــولات فيينا. يقــف الإيرانيون من وراء هجمــات بطائرات مســيرة وصواريخ على الســعودية وقواعد عســكرية أمريكية في العراق وسوريا؛ وهاجمت الولايــات المتحدة أهدافاً للمليشــيا­ت الشــيعية في ســوريا والعراق؛ وهاجمت إيران ســفناً ذات ملكية إســرائيلي­ة في المحيــط الهندي رداً على هجمات مشابهة نسبت لإسرائيل على سفنها في البحر الأحمر؛ وفــي نهاية الأســبوع الماضي حدث هجوم ســايبر واســع على نظام القطارات في إيران.

تعتقد إسرائيل أن نشــاطات إيران التي تنفذ في معظمها بواسطة مليشــيات شيعية، يتوقع استمرارها دون صلة بالمحادثات في فيينا، لأن طهــران لا تعتقــد أن هذه النشــاطات تعرض اســتمرار المحادثات للخطــر. مــا يزال لإيــران حســاب مفتوح مع إســرائيل بســبب عدة عمليــات تنســبها لها، على رأســها اغتيال عالم الذرة محســن فخري زادة، والتفجيرات المجهولة في المنشــآت النوويــة في إيران. مع ذلك، إيــران غير مســتعجلة للانتقــام، ويبدو أنهــا تفضل انتظــار الفرصة المناســبة لتنفيذ عملية مناسبة. «إن تصور الوقت هناك أمر مرن جداً» قــال مصدر أمنــي. «لا يوجــد إلحاح، كل شــيء يتعلــق باحتياجات النظــام ودوافعه». فــي نهاية الســنة الماضية، ظهر الميــزان الإقليمي للإيرانيين سلبياً، وسبب لهم قلقاً ما. وهذا يرتبط بعدة تطورات، نبع بعضها من خطوات أمريكية، ونســب بعضها الآخر لإســرائيل، مثل: اغتيــال ســليماني وفخري زادة، وهجمات ســاح الجو في ســوريا، وضغط العقوبات، وأضرار كورونا، واتفاقات التطبيع بين إســرائيل والإمــارا­ت والبحريــن. منــذ ذلك الحين، مــن وجهة النظــر الإيرانية، حدث تحســن واضح في القــوة الإقليمية التي ينجحــون في بثها: لم تحصل الســعودية على دعم بايدن ومســاعديه، وتعرضت لهجمات شديدة بالطائرات المسيرة من متمردين حوثيين في اليمن. وتعرضت الولايــات المتحدة لهجمات في العراق، في حين واصلت إيران التقدم، سواء في المشروع النووي أو في تطوير السلاح.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom