Al-Quds Al-Arabi

«نيويورك تايمز»: ماذا ستفعل أمريكا بسفارتها في كابول مع تقدم طالبان واقترابها من العاصمة؟

- إبراهيم درويش:

قالت لارا جيكس في تقرير نشــرته صحيفة «نيويــورك تايمــز» إن إدارة الرئيس جوزيف بايدن مصممة على بقاءٍ دبلوماســيٍ في كابول برغم المكاسب التي حقتها حركة طالبان.

فالتقدم الســريع لطالبان فــي معظم أنحاء أفغانســتا­ن، أثــار المخاوف في واشــنطن من دخول مقاتلي الحركة إلى العاصمة كابول، مما سيجبر الحكومة الأمريكية على إخلاء السفارة هنــاك، لكن الدبلوماسـ­ـيين الــذي خرجوا من إغلاق دام شــهراً بسبب فيروس كورونا عادوا للعمل بشكل اعتيادي.

وبدأت السفارة الأسبوع الماضي العمل على إصدار تأشــيرات الهجــرة للمترجمين الأفغان وغيرهم ممــن عملوا مع الحكومة الأمريكية، مع اقتراب الحــرب التي مضى عليهــا 20 عاماً من نهايتها. ومن يوم الأحد، تخطط السفارة لمقابلة 200 متقدم بطلبات هجرة كل يوم. وسيُســمح للدبلوماسـ­ـيين الذين عادوا للعمل في مكاتبهم بالخروج من مجمع الســفارة الضخم وإجراء مقابلات في المحور الدولي بالعاصمة. وسيصل فريق جديد من الدبلوماسـ­ـيين إلى الســفارة للعمل فيها لمدة عام.

وقــال ســكوت وينهولــد، المســاعد الأبرز في الســفارة: «جاءني البعض وســألني: هل سأحافظ على عملي؟ وهل يجب علي الاستمرار بالقدوم إلى هنا؟». وأضاف: «نرغب وبشــكل كامل بالحفاظ على السفارة هناك مفتوحة.»

مخاوف

وســتغادر معظــم القــوات الأمريكيــ­ة أفغانســتا­ن الشــهرَ المقبل، فيما تخلى قائدها الجنرال أوســن ســكوت ميلر عن منصبه يوم الإثنــن. وأثار انســحاب القــوات الأمريكية المخــاوفَ حــول أمــن الســفارة، وتحــدث مســؤولو الســفارة عن المخاوف المتزايدة بين الدبلوماسي­ين الأمريكيين والعاملين فيها. وقال وينهولد إنه ســمح للدبلوماسـ­ـيين الأمريكيين بمغادرة المجمع بــدون تعرضهم لعقاب، لكنه لا

يعرف أحداً قَبِل العرض. وقال: «قبِل الأشخاص العمل في منصب خطير وصعب، فيما كان يعتبر بالضرورة محور حرب لوقــت طويل». وقال: «من رفع يده وقال: نعم سأخدم، أعتقد أنها نوع من القبول بأن موافقتهم تعني أن هناك مخاطر ولهذا وقّعوا وقبلــوا». وعندما خرجت القوات الأمريكيــ­ة من العــراق قبل عقد، ظــل موظفو الخارجية في الســفارة التي تتعرض لهجمات مــع القواعد العســكرية الأمريكية فــي أربيل وغرب الأنبار بشكل مستمر.

ويبدو أن المســؤولي­ن الأمريكيــ­ن افترضوا أن استمرار عمل الســفارة في كابول سيواجه المشاكل نفســها، إلا أن تقدم طالبان أثار الشك

في قدرة القوات الأفغانية التي دربتها الولايات المتحدة على منــع طالبان من الســيطرة على العاصمــة. وكان جيمــس جيفــري، الســفير الأمريكي الســابق في العراق، مستعداً لإغلاق الســفارة ببغــداد عندما غــادرت القوات عام 2011، لكنهــا ظلت مفتوحة حتــى بعد صعود تنظيم «الدولة» عــام 2014 وهجوم الجماعات الشــيعية الذي كاد أن يختــرق دفاعاتها عام .2019

وقــال جيفري، الجندي الســابق الذي قاتل في فيتنام، إن الســفارة الأمريكيــ­ة في كابول يجــب أن تكون جاهــزة للإجــاء أو تخفيض عدد العاملين فيها. وأضــاف: «يجب ألا تواجه

سيناريو لا تستطيع فيه إجلاءهم»، بشكل يعيد منظر عمليات إجلاء الســفارة في سايغون عام 1975 بعد ســيطرة قوات شــمال فيتنام عليها. ففي تلك العملية ســاد الذعر وتم إجلاء ما تبقى من الدبلوماسـ­ـيين الأمريكيين من على ســقف السفارة.

وقال جيفري إن مصير الســفارة في كابول يعتمد على تفاوض حركــة طالبان مع الحكومة الأفغانية والتوصل لتسوية، مع أن تجربة العام الماضي بين الطرفين فشــلت. وأضاف جيفري: «يمكنك فحص طالبان لاكتشــاف اســتعداده­م للتفــاوض وإن كان هناك وقــف إطلاق للنار». و»عندها ستظل الســفارة مفتوحة، وفي حالة

بــدأت الأمور بالانهيــا­ر مثل عــام 1975 فعلينا إخراج هؤلاء الرجال .»

ورفــض الرئيس بايــدن بقــوة المقارنة مع فيتنــام. وقــال الأســبوع الماضي فــي البيت الأبيض: «لن تكون هناك ظروف يتم فيها إجلاء الناس من على سقف السفارة من أفغانستان.» وأكد الرئيس أنه راغــب بالحفاظ على الوجود الدبلوماسـ­ـي في أفغانستان: «سنواصل العمل عبــر دبلوماســي­ة مصممة والبحث عن ســام واتفاق ســام ينهي كل هذا العنف السخيف.» وتعتبر الســفارة الأمريكيــ­ة واحدة من أضخم السفارات في العالم، وتضخّم عدد العاملين فيها خلال عملية زيادة عدد المدنيين الذي تصادف مع زيادة أعداد القوات الأمريكية في عام 2010.

وتم توسيع المجمّع وأُنفق عليه مئات الملايين من الدولارات، حيث أضيف إليه مكاتب وشــقق ســكنية للعاملين وبوابات محصنــة وجدران واقية مــن الرصاص وتمتد علــى 15 فدانا، أي مســاحة جزيرة ليبرتي في مينــاء نيويورك. ويعمــل فيها حوالــي 4 آلاف موظف منهم 1400 دبلوماسي أمريكي ومتعهد ومسؤولين يمثلون وكالات الحكومــة الأمريكية الأخــرى. وتم نقل الموظفين غيــر الضروريين في نيســان/ أبريل قبل بدء ســحب القوات، وهناك خطط تخفيض أخرى في الأفق.

تفاوض أمريكي – تركي

ويقــول المســؤولو­ن العســكريو­ن إنهــم يتوقعون بقاء 650 جندياً من أجل توفير الحماية للسفارة، وسيتم نشر عدد منهم في مطار كابول الدولي حتى أيلول/ ســبتمبر. وتتفاوض إدارة بايــدن مع تركيا لكي تتســلم الأمــن في المطار بعد خــروج القــوات الأمريكيــ­ة والناتو منه. وقــال النائــب الجمهوري عن تكســاس، مايك ماكول: «بقاء الأسئلة بدون أجوبة حول حماية السفارة والمطار أمر مثير للقلق. يواصل الرئيس وعوده باستمرار الدعم الإنساني لأفغانستان، ولكنك لا تســتطيع تقديم الدعم الإنساني بدون ســفارة، ولا يمكن الحفاظ على السفارة بدون مطار كابول». وأكد بايدن أنه ينسق مع الحلفاء الدوليين لتأمين المطار. وكان واضحاً أنه لا يثق بطالبان التي قال قادتها إنهم يريدون الحصول على شــرعية دولية ويثق بقــدرة قوات الأمن الأفغانية للدفاع عن البلد. ويرى مايكل أوهالان، من معهد بروكينغز إنــه طالبان لو تقدمت نحو العاصمة فلن تســتطيع السيطرة عليها بالكامل أو المنطقة الدولية. ولو كان هذا هو الحال فهناك فرصة للحفاظ على السفارة مفتوحة.

وهناك عدد من الســفارات الأجنبية تخطط البقاء حتى بعــد إكمال الانســحاب الأمريكي. ويخطط الدبلوماسي­ون الأمريكيون لاستئناف المحادثــا­ت مع الحكومــة الأفغانيــ­ة والبعثات الأجنبيــة الأخرى وممثلــي المجتمــع الدولي بالإضافة للمنظمــات غير الحكومية التي تتلقى 3.9 مليار دولار أمريكي من الدعم منذ عام 2002.

وفي تلك الفترة أرسلت الولايات المتحدة 39 مليار دولار على شــكل مساعدات غير عسكرية. وتعهد وزير الخارجية أنتوني بلينكن بالإفراج عــن 600 مليــون دولار كمســاعدات جديــدة خصصتهــا إدارة ترامــب في تشــرين الثاني/ نوفمبر.

آثار مدمرة

ويرى جيفري أن إغلاق الســفارة في كابول ســيترك آثاراً مدمرة على النظــام الذي عملت الولايات المتحدة علــى تصميمه في كابول على مدى العشــرين عامــاً الماضية، كما ســيحدّ من التأثير الأمريكــي في التفاوض بــن الحكومة الأفغانية وطالبان. وســينظر بقيــة العالم إلى إغلاق الســفارة كهزيمة. وتقــول ليزا كيرتيس من مركز الأمن الأمريكي الجديد: «سيشــوه هذا ســمعة أمريكا الدولية لو لم تســتطع الولايات المتحدة الحفاظ على وجودها الدبلوماسـ­ـي.» وأضافت: «هذا وضع مختلــف، وآمل أن تصمد الحكومة فــي كابول وتعمل الولايــات المتحدة ما بوســعها غير بقــاء القوات لدعــم الحكومة الأفغانية». وقال وينهود مستعيدًا ما قاله زميل مع المارينز عندما أعيد فتح الســفارة عام 2001 بعد إغــاق منذ 1989: «عندما أغلقنا الســفارة انتظرنا عقداً لإعــادة فتحها»، وأضاف وينهود أن الســفارة في كابول «هي عملية ضخمة» فهي عن الالتزام بالتعهدات التــي وعدت بها أمريكا الأفغان، وهي عبارة عن مليارات الدولارات من جانب الخارجية وحدها.

 ??  ?? قوات أفغانية على إحدى جبهات القتال ضد طالبان
قوات أفغانية على إحدى جبهات القتال ضد طالبان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom