Al-Quds Al-Arabi

حملة الاعتقالات الإسرائيلي­ة في «بيتا» تطرح أسئلة حول جهود التوعية لمواجهة تجربة السجن الأولى

تشمل في غالبيتها الشبان الصغار

- رام الله ـ «القدس العربي» من سعيد أبو معلا:

تنفّذ قوات جيــش الاحتلال يوميا حمــات دهم واعتقال واســعة في عمــوم مناطق الضفــة الغربية. هــذه الحملات تتضاعف وتتكثف في المناطق التي تشــهد مواجهة مع قوات جيش الاحتلال ومستوطنيه، وأبرزها في الشهرين الماضيين بلــدة بيتا جنوب مدينة نابلس شــمال الضفة، التي يخوض سكانها نضالا شــعبيا لمنع إقامة بؤرة استيطانية على منطقة «جبل صبيح .»

فجر أمس، طالت الاعتقالات 11 شابا من البلدة بينهم ثلاثة جرحى، ما رفع إجمالــي المعتقلين منذ بدء الأحداث على جبل صبيح إلى 23 معتقلا.

أماني الســراحنة، الناطقة الإعلامية لنادي الأســير قالت في تصريحات لـ «القدس العربــي» إن قوات الاحتلال تعمد إلى تكثيف الاعتقــال­ات في المناطق التي تشــهد مواجهة مع المســتوطن­ين أو ما تعرف بمناطق التماس، وهــو أمر متوقع حدوثه لكون سياسة الاحتلال تحاول أن تضغط وتستهدف النشطاء من خلال الاعتقالات والتهديد والأحكام العالية.

وتتابع ســراحنة: «الملاحظ هنــا أن الاعتقال يتزايد بفعل أعمــال المواجهة وليــس العكس، وهــذا يدلل علــى فعالية الفلســطين­يين وعلى كونهم يبادرون ويقومون بالأنشــطة المختلفة في مواجهة المســتوطن­ين. وفي بلدة بيتا نلاحظ أنها أصبحت عنوانا للمقاومة الشــعبية حيــث الإبداع والتجدد والاســتمر­ارية، وبالتالي مــا نتوقعــه أن تتضاعف حالات الاعتقال في الفترة المقبلة.»

وحسب شهود عيان فإن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة بيتا من عدة محاور، وتســلل عشــرات الجنود مشيا على الأقدام

وداهموا عدة منازل وفتّشــوها، بحثا عن شــبان آخرين لم يكونوا موجودين في بيوتهم.

واعتقــل جنود الاحتــال ثلاثة جرحى علــى الأقل، وهم عمر داوود برهم، ورامز قواريق وشــقيقه راشــد، كما طالت الاعتقالات الأســير الســابق يوسف الشــرفا، وأدهم سمير الشرفا، وطالب حمدي معالي، ويوسف عاهد حمايل، وبيان برهم، وعماد الفالح، وقسام اعديلي، ونعيم طالب دويكات.

وقــال الإعلامي خالد بني مفلح، مــن بلدة بيتا، في حديث صحافي إن البلدة شــهدت أكبر عملية اعتقال لحراس الجبل ) تســميه يطلقها أهالي بيتا على الشــباب الذين يتظاهرون يوميا(. وأكد أن هذه الاعتقالات التي تستهدف شبابا ناشطا صغير الســن نســبيا تهدف إلــى كبح جماهم فــي مواجهة المســتوطن­ين والجنود. وتابع بني مفلح: «منذ بدء المواجهات على جبل صبيح عشيّة إقامة بؤرة «افيتار» الاستيطاني­ة، قتل جنود الاحتلال 4 شــّبان، واعتقلوا نحو 23، وأصابوا المئات بالرصاص الحي .»

أما ظاهرة اعتقال الجرحى فأكد بني مفلح أن أحد المعتقلين الذي تم تصوير لحظة اعتقاله أظهــرت أنه اعتقل رغم كونه عاجزا عن المشــي، وسيكون ذلك وســيلة ضغط على الأسير أثناء التحقيق.

وتؤكــد الســراحنة أن أكبــر الثغــرات التــي يواجهها الفلســطين­يون مع تفعيــل خيار المقاومة الشــعبية هو وعي الشــباب الصغير نســبيا بطــرق مواجهة تجربــة الاعتقال الأولى، فهــذا أمر غائب تمامــا وهو ما يجعل مــن الاحتلال يســتغل ذلك في استهداف النشــطاء والمتظاهري­ن وإدانتهم والحكم عليهم في سبيل التأثير على موجة المقاومة الشعبية وتحديدا في بيتا.

وأكــدت أن المنظومة العامة في فلســطين تشــهد تراجعا بوجود برامــج ومناهج تعمل على توعية الشــباب الصغير

بالتجربة التي يمكن أن يلاقوها في ســجون الاحتلال. أغلب الحديث عن حقوق الإنسان، لكن الأمر يتطلب طرق توعية من نوع آخر، حيث يغيب الحس الأمني وطرق التعذيب وأساليب التحقيق.

كما تؤكد أن أرقــام الاعتقالات الكبيرة فــي عموم الضفة وفي بيتا مؤخرا تؤكد أن هناك خللا كبيرا في ظل غياب الدور المجتمعي، أي المنظومة الحزبية والرســمية والأمنية، وجلهم فشلوا في ممارسة عملية توعية لظروف الاعتقال.

وتضيف السراحنة: «السؤال المطروح اليوم: هل المنظومة جادة فــي إعادة بناء وعي الشــباب الفلســطين­ي في ضوء الحديــث المتكرر عــن تفعيل خيــار المقاومة الشــعبية على مســتوى الأفراد؟ هناك جهود بسيطة لكن تغيب الجهود على مستوى الفصائل، وهو ما يحتم ضرورة العمل على مستوى شخصي، وعائلي وأسرى محررين في تقديم توعيه بما يمكن أن يحدث داخل أقبية التحقيق وخاصة في المرحلة الأولى من الاعتقال». وتتابع: «حتما ســيفرز الشباب الجديد أدواته في مواجهة ظــروف الاعتقال، لكن كلما راكمنــا جهودا وخبرات ونقلنا التجارب ستكون الخسائر أقل.»

وتضيف أنه منذ شــهر مايو/ أيار الماضــي تمارس قوات الاحتلال حملة اعتقــالات في مختلف المناطق الفلســطين­ية ومدينــة القدس. وما يجــري في مناطق كثيــرة هو نوع من المواجهة الشاملة التي بدأت ولم تتوقف»أغلب لوائح الاتهام التــي تقدمها قوات الاحتلال بحق المعتقلين تكون على شــكل مشــاركة في مواجهات ضد جيش الاحتــال، وهي اتهامات ضعيفة للغاية، ولا ســيما ونحن أمام تحرك شعبي عارم ولا يرتبط بأفراد وهو ما يعطي نوعا من الحماية للمعتقلين.»

وتختم الســراحنة قائلة: «ربما ســيكون الإجــراء المقبل اعتقال وتجريم كل من يناصر نضال بلدة بيتا في ضوء توسع دوائر الاعتقال بفعل خوف الاحتلال وقلقه وارتباكه.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom