Al-Quds Al-Arabi

حراك للمعارضة المصرية: زيارة لسفارة موسكو وخطاب للاتحاد الافريقي

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

دفع تأزم ملف ســد النهضــة الإثيوبي، خاصــة بعد ما شــهدته جلســة مجلس الأمــن الدولي من دعــم للموقف الإثيوبي، خاصة روســيا، أحــزاب المعارضة المصرية التي شــكلت «الجبهة الشــعبية للحفاظ على نهــر النيل» لبدء حملة لطرق أبواب ســفارات ومسؤولين أفارقة لحثهم على اتخاذ موقف أكثر دعما لمصر والسودان في أزمة سد النهضة الأثيوبي.

وأصــدرت الجبهــة التي تتشــكل من عدد مــن أحزاب المعارضة، بينها الكرامة والتحالف الشــعبي الاشــتراك­ي والدســتور والمصري الديمقراطي الاجتماعي و المحافظين، بيانــا ردا على تصريحــات رئيس الــوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

وقالــت الجبهة فــي بيانها: تابع العالم جلســة مجلس الأمن التي عقدت يوم 8 يوليو/ تموز الجاري، وما شــهدته من مواقف الــدول أعضاء مجلس الأمــن وكذلك مجموعة الأكاذيب التــي قدمتها إثيوبيا وتريــد أن تخدعنا وتخدع العالم بها ولكســب الوقت حتى يصــل مخزون المياه إلى 8 مليار متر مكعب ويســتحيل بعدها أي عمل تجاه الســد و تصبح هي صاحبة القول الفصل.

جلسة مجلس الأمن

وأضافت أن وقائع الجلســة تنبئ بــأن الدول الأعضاء فــي مجلس الأمن لن تتخــذ موقفاً موحــداً داعماً للحقوق الشــرعية للشعبين المصري والســودان­ي، لظروف بعضها يتعلــق بمواقفهــم الخاصــة من ميــاه الأنهــار والبعض الآخر نتيجــة لتأخر تحركنا أو دعمهــم للجانب الإثيوبي، وبالتالي ســيتم اللجوء إلى إعادة الملف الوجودي للشعب المصري والسوداني إلى الاتحاد الأفريقي لتمارس إثيوبيا تعنتها وتتحكم في مصــر وإرادة حياة 150 مليون مصري وسوداني وأجيالهم المقبلة.

وزاد البيان: تابعت الحركة الشــعبية للحفاظ على مياه النيل، التصريحات التي وجهها رئيــس الوزراء الإثيوبي

لكل من مصر والســودان والتي أدعى خلالها أن الشــعبين السوداني والمصري لن يتعرضا أبدا لضرر ذي شأن بسبب ملء السد، لأنه لن يأخذ سوى جزء صغير من التدفق، وهي تصريحات مراوغة الهدف بها تضليلنا وكسب الوقت، حتى اكتمال المــلء الثاني، وذلك بهدف فرض أمر واقع، لن يكون أمامنا بعده سوى الخضوع لشــروطه وما يمكن أن تمنحه لنا إثيوبيا مــن حقنا في الحياة أو الميــاه، ومن يملك المنح يملك المنع، وبذلك تتحكم إثيوبيا ـ ومن وراءها ـ في حياة الشــعبين المصري والســودان­ي وفي إرادة القرار المصري واستقلاليت­ه.

وتابعت: إن الدقائق وليســت الساعات التي تمر تحكم على مســتقبل شعبنا وأمتنا، ومن هذا المنطلق تؤكد الجبهة الشــعبية للحفاظ على مياه النيل موقفها الواضح من حق مصر والسودان باتخاذ كافة الإجراءات القادرة على وقف تعنت إثيوبيا ومنع استمرار الملء الثاني، بما في ذلك حقنا المشروع في استخدام القوة المسلحة في وقف العدوان على حياتنا ومصيرنا، وأن أي تفاوض لا يمكن أن يبدأ دون وقف الملء الثاني.

وطالبت بأن يشمل أي تفاوض توقيع إثيوبيا على كافة التعهدات الخاصة بالالتــزا­م بالقانون الدولي والاتفاقيا­ت التاريخية الخاصة بنهر النيل وعدم إقامة أي مشــروعات مستقبلية على نهر النيل إلا بعد موافقة دولتي المصب مصر والســودان، والاتفاق على وقف أي تعلية أو زيادة -الآن ومســتقبلًا- في سعة ســد النهضة )غير الشرعي( عن 14 مليار متر مكعب.

كما طالبــت بتوقيع اتفــاق ملزم بين مصر والســودان وأثيوبيا على شروط ملء الســد والإدارة المشتركة له بعد أن تكتفي بسعة تخزينية لا تتجاوز 14 مليار متر مكعب من المياه، ورفــض أي اتفاقيات مؤقتة والعمــل على الوصول لاتفاق دولي ملــزم يتضمن كافــة الأمور الفنيــة المتعلقة بســامة الســد بعد الاطلاع على كافة التصميمات وعملية التنفيذ، والنص القاطع على تجريم بيع المياه وتحويلها إلى

سلعة كما تخطط إثيوبيا.

الموقف الروسي الداعم لإثيوبيا في جلسة مجلس الأمن، دفع الحملة لتشكيل وفد زار السفارة الروسية في القاهرة، لتســليم خطاب موجه إلى الســفير الروســي في القاهرة جيورجي بوريســينك­و، يدعو روسيا لتغيير موقفها ودعم مصر والسودان.

وجاء في الخطــاب: «انطلاقا من عمــق العلاقات التي تربط دولة مصر ودولة روســيا الاتحاديــ­ة، التي وصلت ذروتها خــال حقبة الســتينيا­ت من القــرن الماضي، وما حققته تلك العلاقات من مســاندة روســيا دائماً للحقوق العادلــة للشــعوب ورفــض سياســة القطــب الواحــد واســتغلال­ها للشــعوب ومنعها من الحصول على حريتها واســتقلال­ها واســتغلال ثرواتها بما يحقــق التنمية لتلك الــدول، فإننا نؤكد علــى أن مصر لن تقف أبــداً عائقاً أمام مخططات التنمية التي تســعى إليها أي دولة خاصة الدول الأفريقية، إلا أنها تواجه خطراً وجودياً يتمثل في مشــروع سد النهضة الإثيوبي».

وتابع الخطاب: «التزمت مصر بالمســار التفاوضي على مدار عشــر ســنوات إلا أن تعنت حكومة إثيوبيا ومزاعمها الباطلة أفشــلت المفاوضات حول الحد الأقصى لسعة السد وقواعد ملء السد وتشــغيله، جولة بعد الأخرى، وآخرها جولــة مفاوضات كنشاســا، مــا يعتبر تهديــدا للحقوق المصرية والسودانية في نهر النيل ويمثل خطرا وشيكا على الشــعبين الواقعين بالفعل تحت خط الفقــر المائي ويعرقل فرص التعاون المشترك ما بين البلدان الثلاثة».

وزاد الخطاب: «اعترافنا بحق إثيوبيا في التنمية يجب أن يقابله احترام إثيوبيا لحق المصريين في الحياة واحترام حقوقهــا التي أقرتهــا الاتفاقات التي وقعــت أعوام 1891، ‪1993 ،1991،1959،1934،1929،1906 ،1902‬ ، مــع الأخــذ في الاعتبار الوفــرة المائية التي تنعم بهــا إثيوبيا. ولهذا فإنه ليس مبررا على الإطلاق أن تنتزع إثيوبيا حق التحكم منفردة في مياه نهر دولي وهو نهــر النيل، فهذا ليس فقط عدوانا على الشــعب المصري والســودان­ي بل هو تأسيس للفرقة ولنــزاع إقليمي قد تمتد آثاره لما هو أبعد مما يتصور الجميع».

وأعربت الجبهة عن «اندهاشــها من الموقف الروسي في مجلس الأمن، والذي لم يكن مؤيداً لحق الشــعبين المصري والسوداني في الدفاع عن مصدر حياتهما».

وتابعــت الجبهة: «نتفهم وضع قضية الأنهار بالنســبة لدولة روســيا الاتحادية، ولكــن الأمر مختلف بالنســبة لنهر النيــل، فهو ليس مجرد مصدراً للميــاه بل إنه المصدر الرئيســي وبدونه تتحول مصر ـ التي تعاني في الأساس فقراً مائياً كبيــراً - إلى صحراء جرداء، فبنظرة ســريعة لخريطة مصــر تجدها عبارة عن صحــراء يقطعها نهر هو شريان الحياة الذي أمد مصر بأسباب بناء حضارة عظيمة منذ آلاف السنين، ولا يزال يمنحها سبل الوجود».

التعاون مستمر

وقالــت إن «التعاون المســتمر بين مصر وروســيا في مختلف المجالات العســكرية والمدنية والتــي أثمرت عن العديد من المشــروعا­ت الكبيرة أهمها مشــروع الضبعة لتوليد الطاقة النووية، هــو انعكاس لعمق العلاقات بين البلدين والتي يمكن أن تــزداد خلال الفترة المقبلة، إلا أن إصرار الجانب الإثيوبي على قطع شريان الحياة عن مصر سيوقف مسيرتها التنموية ويؤثر ليس فقط على التعاون المشــترك بين مصر وروسيا بل على حياة الشعب المصري ومصيــره». وزادت أن «الجبهة الشــعبية للحفاظ على نهر النيل تؤكد على حرصهــا الدائم على التنمية في دول القارة الأفريقية، وذلك امتــدادا للدور المصري التاريخي الذي بدأته خلال حقبتي الخمســيني­ات والستينايت من القرن الماضي؛ في دعم الشعوب الأفريقية ضد الاستعمار، ومســاندة نضالهم من أجل الحرية ومن أجل التقدم بكل قوتها، سياسيً، وفنيا، واقتصاديا، وكل ما تحملته بسبب

ذلــك من عداء مــع الأنظمة الاســتعما­رية التي وصل بها الأمر إلى العدوان المســلح على بلادنا، ونحن نربأ بدولة روســيا الاتحادية التي طالما ساندت حقوق الشعوب في انتزاع حريتها واســتقلال­ها أن تســاند مثل تلك الأعمال العدائية التي تفوق في خطورتها على الشــعبين المصري والسوداني العدوان المسلح».

ودعت الجبهة روســيا لـ«مســاندة الموقــف المصري الداعي لوقف الملء الثاني لســد النهضــة لحين التوصل لاتفاق عــادل يضمن حقوق الدول الثــاث، وأن تتوقف إثيوبيا عن المماطلة بهدف اكتمال الملء لتفرض أمراً واقعاً يودي بحياة الملايين من الشعبين المصري والسوداني».

لم تكن هذه هــي الزيارة الوحيدة التي نظمتها الجبهة الشعبية في القاهرة، فقد سبقتها زيارة إلى رئيس الوفد الدائــم للاتحاد الأفريقي لــدى جامعة الــدول العربية، الســفير عبد الحميد بو زاهر، الذي أعرب عن ســعادته واهتمامه بلقاء الوفد، وتســليم خطاب ومطالب الجبهة إلى رئاسة الاتحاد الأفريقي.

وقال إنــه «يتوقع أن يعيد مجلــس الأمن القضية مرة أخرى للاتحاد الأفريقي» مشــددا علــى أن «الاتحاد لديه عقيــدة ثابتة بــأن مشــاكل أفريقيا ينبغــي حلها داخل البيت الأفريقي» لافتا إلى أن «مصــر يقع عليها دور كبير في التواصل مــع الدول الأفريقية لشــرح عدالة قضيتها والاســتمر­ار في المفاوضات ومحاولــة الوصول إلى أقل الأضرار، خصوصا أنه يرى أن هناك وجهات نظر لا بد أن تصل إلى باقي الشعوب الأفريقية ويقع على الدبلوماسي­ة المصرية دور كبير في هذا الشأن».

وأوضح محمد عبــد الغني، المتحدث باســم «الجبهة الشعبية للحفاظ على نهر النيل» أن «نص الخطاب تضمن مطالبة الاتحــاد الأفريقي القيام بدوره بشــكل فاعل بين مصر والســودان وإثيوبيا، بما يضمــن التوصل لاتفاق ملزم ونهائي بشأن قواعد وتشغيل سد النهضة».

وأضــاف أن «الخطاب فنــد تعنت إثيوبيــا ومزاعمها الباطلــة الــذي أدى إلى فشــل المفاوضات» مشــيرا إلى «حقوق مصر والسودان في مياه نهر النيل وفقا للاتفاقات الدولية التــي لا تحترمهــا إثيوبيا ومحاولتهــ­ا التحكم منفردة في ميــاه نهر النيل ما يمثل خطــرا وجوديا على مصر والسودان».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom