Al-Quds Al-Arabi

«فايننشال تايمز»: مكيدة القصر كشفت عن هشاشة العقد الاجتماعي في الأردن

- لندن - «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

يــرى الكاتب ديفيــد غاردنر في مقال نشــرته صحيفة "فايننشــال تايمز" في مقــال تحت عنوان "مكيــدة القصر تكشــف عن هشاشــة العقد الاجتماعي الأردني"، وقال فيه إن ولي العهد الســابق قد تجاوز الخطوط الحمراء للبلاط الملكي عندما قدم نفسه على أنه منبر للشعب. وعلق غاردنر على قرار محكمة عسكرية أردنية هذا الأسبوع بإدانة باسم عوض الله، وزير المالية السابق الذي أصبح رئيساً للديوان الملكي مع الشريف حســن بن زيد أحد أقارب الملك عبد الله الثانــي بتهم الفتنة. وهــي مرتبطة بالمؤامــر­ة المرتبكة في نيســان/إبريل لتعزيــز طموحات الأمير حمــزة، الأخ غير الشقيق للملك.

وقبل نطــق الحكم عليهما قال القاضي العســكري إن المتهمــن "حاولا خلــق الفوضى والفتنــة داخل المجتمع الأردنــي". وقد أحبطــت طموحات الأمير حمــزة لتولي عــرش الأردن عندمــا أعفي مــن منصب ولــي العهد في عــام 2004 وعين الملك لاحقاً ابنه الأول الأمير حســن بن عبد الله. ووضع الأمير حمزة تحــت الإقامة الجبرية في نيســان/إبريل وجدد البيعة لأخيه ولم يقدم للمحاكمة. ويرى الكاتب أن نتيجة المحاكمة الســرية والقصيرة لكل من عوض الله والشريف حسن كانت معروفة سلفاً. ولم يسمح لهما بدعوة حمزة للشــهادة وهو الشخص الذي كان فــي قلب المؤامرة حســب لائحة الاتهامات المســربة ولا أي شخص للشــهادة. ولا يعني قرار القاضي إغلاقاً للملف. فقد فشــلت في معالجة الانقســام­ات التي يعاني منها المجتمع وربما زادت بعدما تم تحميلهما المســؤولي­ة باعتبارهما كبش فداء. وعوض هو فلســطيني متعلم في الغــرب وجزء من الغالبية الفلســطين­ية في الأردن. وقد يكون مانعة الصواعق البديلة للملكة رانيا التي لا تحظى بشعبية عشــائر شــرق الأردن لأن أصولها فلسطينية. وحتى قبل الوبــاء فقد كان وضعاً خطيــراً. ويعاني من الديون ويعتمــد على المســاعدا­ت نظرًا لقلــة مصادره والمشــاكل النابعة من شــح المياه. ولهذا فلا أعمال لأكثر

من ثلث الشــباب ممن هم تحت ســن الـــ 24 عاماً. وفي ظل عبــد الله الذي تنقصه شــعبوية وأبوية والده الملك الراحل حسين، أصبح القصر بعيداً ولا يسارع بالرد على النقد. فالأساليب الملكية التي عفا عليها الزمن مثل تغيير الحكومة، وهو ما فعله الملك حسين 56 مرة في 46 عاماً أو تشــكيل لجنة ملكية للإصلاح والتي أعلن الملك عبد الله عن تشــكيلها للمرة الرابعة، أصبحت مبتذلة أكثر من أي

وقت مضى.

وفــي ذروة التوتر فــي نيســان/إبريل أصدر حمزة أشرطة فيديو شجب فيها النظام الأردني واتهمه بالفساد والعجز والمحســوب­ية. ويعلق غاردنر، بأن هذا الكلام قد يكون صحيحــاً، وهو جزء من مشــاكل الأردن الكثيرة، والانفجار الأخير لدسيســة القصر نابع من أن المملكة لم تعد تســتطيع الحفاظ على العقد الاجتماعي الذي بنته.

فحجر الأســاس الذي تقوم العائلة الهاشمية هو قبائل شرق الأردن، وهي تســيطر على الجيش والمخابرات أو الأجهزة الأمنية، ومصدر توظيفها الرئيســي هو القطاع العام.

أما الغالبية الفلسطينية التي جاءت من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 فتسيطر على القطاع الخاص. ويحتل أفرادها في العادة مناصب تكنوقراطية في وزارة الماليــة والبنك المركــزي. وفي الوقت الــذي خاض فيه الجيش الأردني حرباً ضد منظمة التحرير الفلســطين­ية في ‪-1971 1970‬إلا أن الشــرق أردنيــن هم من يقومون بتنظيم الاحتجاجات والانتفاضا­ت.

وعلاوة على ذلك، فالجيش الذي يعاني ماليًا هم رجال قبائل بالزي العســكري، كما كشــف تمرد جماعات تمثل مئات الآلاف من الجنود الســابقين بداية الربيع العربي. ومن هنا فقد تجاوز الأمير حمزة خط العائلة الهاشــمية الأحمر من خلال التقرب وبنشاط مع قادة القبائل ومقدماً نفسه على منبر للأردنيين العاديين.

ويبدو عوض فــي النظرة الأولى كمتآمر غير محتمل، فكوزيــر للماليــة ومدير للديــوان الملكي أشــرف على الإصلاح مثل خصخصة شــركات التعدين والاتصالات والطاقة. ويقــول النقاد إنــه وغيره انتفعــوا من هذه الصفقــات، لكن أرصــدة الدولة ظلت إقطاعية للشــرق أردنيين، وينظــر إليها تقريباً كإرث قبلي. وهذا واحد من الأسباب أنه رجل مناسب للسقوط.

وعلى ما يبدو هناك عــداوة حقيقية في البلاط الملكي لعوض الله الذي أرســله الملك إلى الســعودية كمبعوث خاص له لا لكي يصبح مستشــاراً لولي العهد السعودي محمد بن ســلمان، الذي يعتقد في عمان أنه شــجع على المؤامرة فــي الأردن. ويعتقد المســؤولو­ن الأردنيون أن إدارة ترامب حضّت محمد بن ســلمان لتطبيع العلاقات مع إســرائيل، كمــا فعلــت دول أخرى فــي الخليج من خلال التلويح بورقة الوصاية الســعودية على الأماكن الإسلامية المقدســة في القدس التي تعتبر مع المسيحية تحت وصاية العائلة الهاشــمية. وكان الضوء الأخضر الذي منحه ترامب لإســرائيل لضم مساحات من الضفة الغربيــة ودفع الفلســطين­يين للضفة الشــرقية من نهر الأردن مصدر قلق للملك عبد الله. ولكن الملك سيكون في الأســبوع المقبل أول زعيم عربي يلتقي بجوزيف بايدن فــي البيت الأبيض، حيــث تتعامــل الإدارة الحالية مع الأردن كحليف لا يمكن الاســتغنا­ء عنه. وهذا مع الدعم الأمريكي رأســمال لا يقدر بثمن. لكن الملك لا يزال يواجه أصداء أخيه غير الشــقيق ومظالم الشرق أردنيين، وهو ما يعكس الوعكة التي يعيشها الأردن. وما قام به الأمير حمزة هو أنه شوه الصفة المقدسة للملكية وجعل العائلة المالكة جزءًا من هذا الجدل المثير للخلاف.

 ??  ?? باسم عوض الله خارج المحكمة العسكرية الأردنية
باسم عوض الله خارج المحكمة العسكرية الأردنية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom