بركة: لا ينبغي توقع الكثير من الحكومة الإسرائيلية الجديدة وانضمام القائمة الموحدة خطأ جسيم
أكــد رئيس لجنــة المتابعة العليــا داخل أراضي 48، محمــد بركة، أن فلســطينيي الداخل أثبتوا في كل اختبــار للانتماء والهوية الوطنيــة، انحيازهم وانتصارهم لهما. ورأى أن السياســة الإســرائيلية تستهدف الوجود الفلســطيني في الداخل، مضيفا «الإســرائيليون يريدوننا دون قيــادة ». وأكد أيضا أنــه لا ينبغــي توقع الشــيء الكثير مــن الحكومة الإســرائيلية الجديــدة فيمــا يتعلــق بالقضيــة الفلســطينية، ومكانــة المجتمــع الفلســطيني في الداخل، أو حتــى الملف الاقتصــادي ـ الاجتماعي. مضيفا «لا أعتقد أنه يمكن التعويل على تغيير جذري في مواقف هذه الحكومة، لا سيما أنها تصرح بذلك.
وكان بركــة يتحدث خلال نــدوة حوارية حول «مستقبل العمل السياسي الفلســطيني في الداخل ما بــن الهبة الشــعبية وحكومة التغييــر» نظمت عبر نظام الزووم أمس بمبادرة المركز الفلســطيني للدراسات الإسرائيلية «مدار».
وقال في محاضرتــه إن الحكومة الإســرائيلية الجديدة ســتكون بالنســبة للقضية الفلســطينية كســابقاتها في أحســن الأحوال، أمــا على صعيد المجتمع الفلســطيني في الداخــل ومكانته، فلا يرى تغيرات جوهرية فيها، غير مســتبعد أن تكون هناك بعض الموازنات المحدودة.
ولفت فيمــا يتعلق بالمجال الاقتصــادي، إلى أن الحكومة الإســرائيلية تواصل سياسة سابقتها، بيد أنه أشــار إلى أنها أكثر تطرفا. واعتبر أن مســاندة القائمة العربية الموحــدة للحكومة وانضمامها إليها يمثل خطأ جســيما، محذرا من خطــورة هذا الأمر. موضحا أن انضمام القائم العربية الموحدة للحكومة يختلف عن أي شيء حصل في الماضي ويعني قبول السياســة المنهجية من قبل حكومة إسرائيلية تتنكر بالكامل لمنظمة التحرير، ومكانة المجتمع الفلسطيني في الداخل.
وتطــرق بركة الــى مطالبة بعــض أعضاء لجنة المتابعة العليا وهــي الهيئة السياســية الأعلى في أراضي 48، بإخراج الموحدة من صفوفها بدعوى أنها صارت جزءا من الحكومة الإســرائيلية، مشيرا إلى معارضته لهذه المسألة.
ويســوغ بركــة رفضه لهــذا الطلــب بالقول إن إخراج القائمــة العربية الموحدة مــن لجنة المتابعة العليا ســيدخلها في نقاشات لا أول لها ولا آخر، كما أنه ســيمس بعمل اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، وسيصب في صالح سياسة تفكيك المجتمع الفلسطيني في الداخل، التي تنتهجها إسرائيل.
وذكر أن مخاطر خروج الموحدة من لجنة المتابعة العليــا أكبر مــن تلــك المرتبطة باســتمرار الوضع الحالي، أي ببقائها فيها.
وأوضح أن محــاولات القائمة الموحــدة لتبرير انضمامها للحكومة الإســرائيلية، بالسعي لتحسين الوضــع الاقتصــادي ـ الاجتماعــي للمواطنــن الفلسطينيين في الداخل، أمر في غير محله. وأكد أن المجتمع الفلســطيني في الداخل يسعى إلى تحسين واقعه، بيــد أنه يرفض أن يكون ذلك على حســاب حقوق الشــعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال. وتابع «فــي كل اختبار للانتمــاء والهوية الوطنية، أثبت شــعبنا في الداخل انحيازه وانتصاره لهما». ورأى أن السياســة الإســرائيلية تستهدف الوجود الفلســطيني في الداخــل، مضيفا «الإســرائيليون يريدوننــا دون قيادة». وشــدد علــى أن الأحزاب العربية مقصّرة فــي التعاطي مع احتياجات المجتمع الفلســطيني في الداخــل، لافتا في المقابــل، إلى أن الانقســام بين فتح وحماس يمّثل أحد العوامل التي تعزز الطرح الذي تقدمه الموحدة.
ونوه إلى أن الهبة الشــعبية المعروفة بهبة مايو/ أيار أو هبة الكرامــة أبرزت مدى قوة وتأثير المجتمع الفلسطيني في الداخل على غير صعيد. مبينا أن دور هذا المجتمع يحتاج إلى تطوير ورعاية.
وذكــر أن لجنــة المتابعــة العليا تعنــى بتنظيم رأس المال البشــري في الداخل، ما دلل عليه بمؤتمر القدرات البشــرية الذي يقام بشكل دوري كل عام، وانطلق قبل خمسة أعوام. كما دلل على حيوية دور المجتمع الفلسطيني في الداخل، بما تقوم به الكوادر الطبية خاصة علــى صعيد مواجهة جائحة كورونا. وأوضح أن لجنــة المتابعة العليا تعمل لإعادة تفعيل الحركة الطلابية العربية في الجامعات الإسرائيلية، معتبــرا أن تنظيــم العمل الشــبابي وفي أوســاط الجامعــات، أمر ملح خاصــة وأن الظروف نضجت لتحقيق ذلك.
ورأى أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة قد تصمد وتستمر لفترة أطول مما يتوقع البعض، باعتبار أن بعض الكتــل المنخرطة فيها، قد تختفي من المشــهد السياسي في أي انتخابات مقبلة.
وتابــع بركــة «آمــل أن يتغلب التــزام الموحدة بقضايا شعبها على مكونات الحكومة وبقائها فيها».
وأوضــح أن المســتفيد من أي انتخابــات مقبلة ســيكون نتنياهو، ووزير الخارجيــة رئيس حزب «هناك مســتقبل» يائير لابيد، بيد أنه لم يســتبعد خروج نتنياهو بالكامل من المشــهد السياســي، ما سيفتح المجال لتشــكيل حكومة سيكون فيها لحزب الليكود أو أعضاء فيه دور مركزي.
وذكر أن تفســخ القائمة المشــتركة لم يكن له أي مبرر سياســي أو اجتماعي، إلا أنه كان هناك توجه من قبل الحركة الإســامية الشق الجنوبي للخروج منهــا. وتابــع «الأســباب الموضوعيــة التي دعت لتشكيل القائمة المشــتركة لا تزال قائمة» مشيرا إلى تطلعه إلى إعــادة هذه التجربة إلى ســابق عهدها رغم المصاعــب. وفي مــا يتعلق بتقييمه للمشــهد الفلسطيني أكد أن الانقسام مؤلم، ولا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني.
ودون أن يتطرق لاغتيال الناشــط الفلســطيني نزار بنات من قبل رجال أمن في السلطة الفلسطينية أضاف بركة «لا يوجد أي رابح فلسطيني من موضوع الانقسام، والرابح الوحيد والأخير منه هو إسرائيل والحركة الصهيونية، وأن تأثيــره كارثي على الكل الفلسطيني» مشددا على واجب إنهاء الانقسام على أساس الاتفاقات الموقعة.
في المقابل انتقــد بركة قرار تأجيــل الانتخابات العامة الرئاسية والتشــريعية، وأوضح أنه ينبغي تحويل موضــوع الانتخابات في القدس إلى فرصة، عوضا عن انتظار والتعويل على موافقة إســرائيل على إجرائها. ورأى أن إمكانية انخراط لجنة المتابعة العليا في منظمة التحرير ولو كعضو مراقب، يحتاج إلى نقاش وحوار موســع من قبــل مكونات المجتمع الفلســطيني في الداخل، كي لا تســتغله إســرائيل للمس بالمجتمع الفلسطيني.
وكانت الندوة قد افتتحــت بمداخلة لمدير وحدة «المشــهد الإســرائيلي» في «مدار» أنطوان شلحت، أشــار فيها إلــى أن الندوة جاءت فــي ظل تطورات ملفتة شــهدتها الســاحة السياسية الإســرائيلية، من أبرزها الهبة الشــعبية الفلسطينية التي جاءت للاحتجــاج على الأوضــاع الإســرائيلية والوضع الذاتي الفلسطيني، وتشكيل حكومة جديدة من دون وجود بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء السابق فيها، وعبر مشــاركة فصيل عربي فيها لأول مرة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، وهو ما وصفه البعض بأنه زلــزال فيما وصفه بعض آخــر بأنه تجاوز لخطوط حمر. ولفت إلى أن تســاؤلات عديدة تفرض نفسها في ما يتعلق بالمشهد الإسرائيلي، مثل العلاقة ما بين الهبة الشــعبية في الداخل والحكومة الإسرائيلية، وكذلك علاقة فلسطينيي الداخل بقضية فلسطين.