Al-Quds Al-Arabi

المتحف الفلسطيني يحتفي باقتناء مجموعة دائمة من 240 ثوبا تراثيا كانت في الشَّتات

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

احتفــى المتحــف الفلســطين­يّ باقتنــاء مجموعة تراثية مهمّة ستُضاف إلى مجموعته الدائمــة التي يتــدرّج في بنائهــا، وذلك بعد نجاحه باســتعادة­240 قطعــة تراثيّة وصلت مــن الولايات المتّحــدة، تتضمّــن 80 ثوبا مع إكسسواراته­ا، وقطعا أخرى مُطرّزة.

وحســب بيان المتحف الفلسطيني في بير زيت، فقــد وصلت هذه المجموعــة بعد نجاح حملــة التمويل الجماعي الأولــى التي أطلقها المتحف»80 قصّة وثوبا، من الشَّــتات للبلاد» في نهاية نوفمبر/ تشــرين الثّاني 2020، لتبدأ على إثرها، ترتيبات نقل المجموعة إلى فلسطين على مراحل، تحســبا لعقبات كان ســيفرضها الاحتلال على إدخال المجموعة كاملة.

وكانت هذه المجموعة التاريخيّة قد ارتحلت من فلســطين إلى الولايات الُمتّحدة الأمريكيّة قبل ثلاثــة عقــود، إذ تمّ اقتناؤهــا وحفظها من قِبــل ســيّدات فلســطينيّات وعربيّات - أمريكيّات، من لجنة الحفــاظ على التّراث في واشــنطن، وقد عملت السيّدات، بلا كللٍ، على تقديم وعرض هذه الأثواب للعالم في المعارض التي أُقيمــت في جميع أنحاء الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ليقــرّرن لاحقا أنه يجب حفظ هذه المجموعة في متحف فلســطيني في بلدها الأم، وهو ما حصل.

وتقــول الدكتورة عادلــة العايدي ـ هنية، مدير عام المتحف الفلسطيني، في الحفل الذي حضرته مجموعة من داعمي وأصدقاء المتحف والمهتمّــن بالتاريخ المــادّي، إن وصول هذه المجموعة التاريخيّة إلى المتحف الفلســطين­ي هو إنجــاز مهــمّ ونوعي في مســيرة المتحف وفي مســيرة الحفــاظ على الهويّــة والتراث الفلسطيني.

وتابعت «ســتكون هذه المقتنيــا­ت الهامّة من التــراث المادّي الثقافي الفلســطين­ي مادّة متحفيّــة تُحفظ بعنايــة، لتُنتج مــن خلالها المعرفة حول التاريخ والمجتمع الفلســطين­ي، وحول الممارســا­ت الثقافيّة والمجتمعيّة للمرأة الفلسطينيّة» مُثنية على دور كلّ الداعمين لهذه الحملة، وعلى دور الســيّدات اللّواتي حافظن على المجموعة طيلة هذه السنوات.

وحســب البيان بدأ فريق المتحف المختصّ، وفور وصول المجموعة إلــى غرفة المجموعات الآمنة والمجهّزة بأحدث التقنيــات، بترميمها

ورقمنتهــا، والبحث في تاريــخ وقصص هذه القطع الفريدة من التّراث الفلسطيني، لتكون في متنــاول الجمهور العامّ، حيث ســيعرض المتحف فــي 18 يوليو/ تموز الحالي شــريط فيديو بعنوان «استكشاف المجموعات الدائمة عن قُرب» يتحدث فيه بهاء الجعبة، مســؤول المجموعات في المتحف الفلســطين­ي، ومها أبو شوشة، المقتنية والباحثة في موضوع التطريز الفلسطيني، عن تاريخ وميزة هذه المجموعة.

يُذكــر أن هــذه المجموعة تُضــاف إلى هبة مكوّنــة من مجموعة تراثيّة مــن أثواب وحُليّ قدّمتها المقتنية الدكتورة نبيلة النشاشــيب­ي، التــي تقيم فــي فرنســا. ويُخطّــط المتحف الفلســطين­ي لتنفيذ معارض خارجيّة من هذه المجموعة سيُعلن عنها قريبا.

فــي ســياق متصــل أقامت مؤسســةُ عبد المحســن القطَّــان، فــي الســنوات الماضية، العديدَ من المشاريع المتعلقة بالتضامن الدولي الفلسطيني في الفنون، بغية تقصِّي التغيرات في البيئات السياســية المحلية والدولية، وما تعنيه بالنسبة للتضامن الثقافي.

وتضمَّنَتْ هذه المشــاريعُ كلاً من: مشــروع «حول المــرأة والثورة» في عــام 2018، ندوة )يوم دراســي) «تضامن الفن» في عام 2019، فيديو تركيبي «لقــاءان وجنازة» للفنان نعيم مُهيمــن في عام 2019، «كتابــة تاريخ الفن من الداخل ـ فلســطين، والتضامن، والأرشــيف» منشور ســيصدر قريباً تُشــارك في تحريره كلٌّ من القيِّمَتين والباحثتين رشــا الســلطي، وكريستين خوري.

وحســب «القطــان» يواصل هــذا الحوار البحــثَ فــي دور التضامن الثقافــي والفني في النضــال الفلســطين­ي من أجــل التحرير والاســتقل­ال. وينطلــق الحــوار مــن ثلاثة تشابكاتٍ جغرافية رئيسة مع منظمة التحرير الفلســطين­ية والعالم العربــي عبر ثلاث دول في الكتلة الشــرقية الســابقة: يوغوسلافيا، وهنغاريا )المجر( وألمانيا الشرقية.

وتَدْرسُ الباحثــةُ دورين مِنــدي اللحظةَ التاريخيَّــةَ التــي جمَعَــتْ منظمــةَ التحرير الفلســطين­ية بألمانيا الشــرقية، ويعاين هذا الحديثُ سلســلةً مــن اللقــاءات الاجتماعية الجماعية في إطارِ تعاونٍ فوتوغرافيٍّ تعليميٍّ مُدْمَجٍ في برامــج التضامن الاشــتراك­يَّة، في محاكاةٍ لظروف الحرب الباردة.

وأُجْريَ عددٌ مــن التَّعاونات الفوتوغراف­يَّة - التعليمية، فــي الفترة بــن العامَيْن 1980

و1986، بــن «دائرة الأنبــاء الألمانية العامة» وفدائيــن فلســطينيي­ن ســابقين أصبحــوا مُصوِّريــن لــدى «وكالة الأنبــاء والمعلومات الفلســطين­ية» (وفــا( فــي بيــروت، وعدن، وتونس، وشرق برلين.

وتتنــاول الباحثــةُ والقيِّمةُ زوزا لاســلو تضامــنَ الفن بين هنغاريا والبلــدان العربية خاصة في ســبعينيات القــرن الماضي، عندما شــرعَتْ منظمةُ التحرير الفلسطينية، بقيادة ياســر عرفات، في بناء علاقاتٍ دبلوماســي­ة وثقافية في أوروبا الشرقية.

وإضافةً إلى معرض بيروت الدولي من أجل فلسطين؛ الذي نظَّمَتهُ الفنانة منى السعودي، رئيسة قســم الفن التشكيلي في مكتب الإعلام الموحــد لمنظمــة التحرير الفلســطين­ية، رعى الفنان الفلسطينيُّ إســماعيل شموط معرضاً مُتجوِّلاً للفن الشــعبي الفلســطين­ي في العام نفسه. وهدف معرضُ الفن الشعبي الذي قُدِّمَ أيضاً في متحــف الإثنوغراف­يــا )علم وصف الأعراق البشــرية( في مدينة بودابســت في عام 1978، بمشــاركة ياســر عرفات في حفل الافتتــاح، إلى ترســيخ تاريخانيَّــة الثقافة الفلســطين­ية التقليدية، والاعتراف الأوروبي بها، بوصفها كياناً مستقلّاً بذاته. لهذا السبب، ضمَّ المعــرضُ أدوات الفدائيين المعاصرة لذلك الزمن، إلــى جانــب العرض الحــي للحِرَف اليدوية المتطورة، إضافة إلى أجســامٍ مرتبطة بالتراث المسيحي التاريخي المحلي.

وحســب القطان تتحرَّى الباحثــةُ بويانا بِسكور كيف أســهم تضامنُ الفنِّ في ما يُسمَّى بنضــالِ الجنوب العالمــي ضــدَّ الإمبريالي­ة، والاســتعم­ار، والفصل العنصــري، من خلال دراسة أرشيفات حركة عدم الانحياز.

وتُوضِّحُ بِسكور كيف اتَّحد الفنُّ والسياسة في سعيهما نحو خلق نماذج طوباوية/ مثالية تتكيَّف مع التغيرات الاجتماعية والسياسية، وأنــه ليس من قبيــل الصُّدفة أن يكــونَ علمُ المتاحــفِ التجريبيــ­ة، ومصطلحــات مثــل: المتحف المتكامــل، المتحف الاجتماعي، المتحف الحيِّ، متحف العمَّال، قد نُوقشَتْ في الجنوب على نطاقٍ واسع، حيث أصبح التطور الثقافيّ للدول المتحررة من الاستعمار لا يقلُّ أهميَّةً عن تطوُّرهــا الاقتصادي. ويخلــص بيان القطان للقول «الأهمُّ مــن ذلك هو أنَّ الثقافــة لم تَعُدْ حكــراً على النُّخَب فقط: يجــب أن يكون الفن والثقافة في متناول الجميع، حتى إننا قد نقولُ إنَّ هذا نوع من أنواع التضامن المعرفي».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom