Al-Quds Al-Arabi

نقابة عمالية مغربية: أكبر مؤشر للأزمة الاجتماعية هو حجم الاحتجاجات الرافضة لسياسات الحكومة

- الرباط ـ «القدس العربي»:

قالت نقابة عمالية قوية في المغرب إن أكبر مؤشــر للأزمة الاجتماعية لقياس درجة الاحتقان الاجتماعي هو حجم الاحتجاجات الرافضة لسياسات الحكومة والتي تجابهها بالمقاربة الأمنية بدل الحوار، أو في أحســن الأحوال بالتغاضي عن حماية الحقوق والحريات النقابية.

وانتقد "الاتحــاد المغربي للشــغل" لجوء الحكومــة إلى إقصــاء النقابات فــي معالجة عدد من القوانــن الاجتماعي، وإمعانها فــي محاولة الإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة في المغرب.

وخلال مناقشة الحصيلة الحكومية في مجلس المستشارين )الغرفة الثانية في البرلمان المغربي(، اعتبر فريق النقابة العمالية المذكورة أن الحكومة تنســب إلى نفســها وُرَشًــا جاء أغلبها بمبادرة ملكية من قبيل ورشــة مدن الكفاءات والمهن، وورشة الحماية الاجتماعية، وورشة النموذج التنموي وغيرها.

وأضاف أن الحكومة لم تفلح لحد الآن في تنفيذ تلك الوُرش بشــكل ســليم، على الرغم من الهوامش التي يخولها لها الدستور لإبداع الحلول لمكامن الضعف البنيوية التي تعيق التحاق المغرب بالدول الصاعدة. %

ولاحظ أنها لم تســتطع إعادة الربط بالنمو )2,5 سنة 2019(، وخلق عدد مناصــب العمل التي تعهدت بها الحكومة، وإدماج الشــباب العاطل، والحد من انتشــار ظاهرة الفساد التي تســتنزف المالية العمومية وتؤخر نجاح الورشة التنموية، رغــم تحذيرات المؤسســات الدســتوري­ة خاصة "المجلــس الأعلى للحسابات" )المكلف بمراقبة تسيير ومالية المؤسسات العمومية في المغرب(.

وأشــار الفريق العمالي كذلك أن حكومة ســعد الدين العثماني لم تســتطع ملاءمة منظومة الجبايات )الضرائب( مع معايير الحَوْكَمة والشــفافي­ة ومبادئ العدالــة والإنصاف الضريبي، بل شــددت على خناق الضغــط الضريبي على الأجراء، وبالتالي على الطبقة الوســطى التي يتم الاستجداء بها كلما أعسرت مالية الدولة، عوض تضريب الثروة وتجفيف منابع الريع.

واســتطرد قائلاً إن البعد الاجتماعي لم يكن حاضراً في صلب السياســات العمومية، اللهم إذا كانت الحكومة تســتند لبعــض الإجراءات المتفرقة، كالرفع النســبي والمحدود لبعض الميزانيــ­ات وبعض البرامــج الاجتماعية التي تبقى معزولة وتفتقد للالتقائية والفعالية ولا تغير من واقع الهشاشة في شيء.

وتساءل فريق "الاتحاد المغربي للشغل"، قائلاً: "رغم تحسن بعض المؤشرات في مجال التعليم مثلاً، فهل مكنت السياســات الحكوميــة من نزع فتيل القنبلة الموقوتة التي يشكلها الهدر المدرسي؟ هل أصبحت المدرسة المغربية آلية وفرصة للارتقاء الاجتماعي لجميع المغاربة على قدم المساواة، سواء في المجالين القروي أو الحضري؟ أم ما زالت تواصل إنتاج الفوارق ومظاهر الإقصاء مع ما يشــكله ذلك من تفاقم لأزمــة الرابط الاجتماعي؟ كما ذكّر "بما عــرت عليه الجائحة من عجز وأعطاب هيكلية للمنظومة الصحية" في المغرب".

وتوالت تســاؤلات النقابــة العمالية: هل أعــدّت الحكومة مقاربة شــاملة للتعاطي مع قضايا النوع الاجتماعي؟ وإلا كيف تفسر أن 10,5 ملايين من النساء توجد خارج ســوق العمل وكل البرامج المعتمدة لتعزيــز الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والاقتصادي­ة الأساســية لم تفلح في تقليص أشــكال عدم المساواة والتخفيف من معاناة الإقصاء الاقتصادي للنساء.

وهــل لعبت الحكومــة دورها في حمايــة حقوق العمال؟ حيــث ظل المغرب

في 2019 يصنف ضمــــن فئة "البلــدان التــي تشــــهد انتهــاكات منتظمـة GRI( لحقـوقالعم­ـال"حســبتصنيـ­ـفمو شٔــــرالحقـ­ـوقالعالمي­ــة ،) وقال: "لعل في مآســي "روزامــور" و"لالا ميمونــة" و"المرس طنجة" دروســاً لأولي الألباب من الحكومة والباطرونا )أربــاب العمل(، حتى لا تتكرر مثل تلك الكوارث الاجتماعية"، في إشارة إلى حوادث شغل وقعت في عدد من الوحدات الصناعية.

واعتبر فريق النقابة العمالية أن أكبر مؤشر للأزمة الاجتماعية لقياس درجة الاحتقان الاجتماعي هو حجم الاحتجاجات الرافضة لسياسات الحكومة والتي تجابهها بالمقاربة الأمنية عوض الحوار، أو في أحســن الأحوال بالتغاضي عن حماية الحقوق والحريات النقابية، وهو ما يفسر النسبة الكبيرة للامنتمين في الانتخابات المهنية الأخيرة التي تتباهى الحكومة في ترديدها.

وأضاف قائلاً: "إن حصول الاتحاد المغربي للشغل على المرتبة الأولى كمنظمة الأكثر تمثيلية لم يكن من الســهل تحقيقه أمــام كل المضايقات ومحنة الحريات والحقوق النقابية التي يعيشها النقابيون والنقابيات في مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع العمومي".

وتابع: "نــكاد نجزم أن حصيلة هذه الحكومة هي الأضعف في تاريخ الحوار الاجتماعي، سواء على مستوى المأسسة أو النتائج. فقد ظلت العديد من الملفات الملحة عالقة، دون أن نلمس الإرادة السياســية في تنزيل المقاربة التشــاركي­ة وفاء بالتزامــا­ت المغرب الدســتوري­ة والدولية". ولفت الانتبــاه إلى أنه حتى في عز الأزمة ومــا تتطلبه من تفكير وإبداع جماعــي، اختارت الحكومة نهجها الأحادي في مقاربتها لأهــم القوانين الاجتماعية والمجتمعيـ­ـة كالقانون الإطار للحماية الاجتماعيـ­ـة، والقانون الإطار للجبايات والمرافق العمومية، ممعنة في محاولتها في الإجهاز على المكتســبا­ت الاجتماعية للطبقة العاملة، ولا أدل على ذلك محاولتها تمرير القانون التكبيلي للإضراب والقانون التكميمي للنقابات، والرفع من ســن التقاعــد لمنخرطي النظام الجماعي لمنــح رواتب التقاعد تحت طائلة الإصلاح خــارج منهجية الحــوار. واعتبر أن "إخــراج المغرب من عنق الزجاجة بحاجة لتدبير محكم على قاعدة الحوار واحترام الحكومة"، معربًا عن أمله في أن تشكل المرحلة السياسية المقبلة فرصة لتدارك ما فوتته هذه الحكومة وسالفة نهجها على المغرب من زمن تنموي وحقوقي لينعم كل المغاربة بالكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

 ??  ?? سعدالدين العثماني
سعدالدين العثماني

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom