Al-Quds Al-Arabi

هذا ما سيحل بأردوغان لو بكّرت تركيا انتخاباتها الرئاسية

- المحرر الاقتصادي هآرتس/ ذي ماركر 2021/7/15

■ للحظــة مــا، كان لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان أمل بمــرور العاصفة التي أثارها سادات بكر- أحد رجال المافيا في تركيا ويعيش في المنفى ويملك قناة "يوتيوب" ويحمل ضغينة عميقة ضد حكومة أردوغان. لقد شاهد ملايين الأتراك في هذه السنة الأفلام التي عرضها بكر، والتي يجلس فيها وهو يرتدي قميصاً وراء طاولة، وأمامه مسبحة، ويوجه انتقاده للرئيس التركي وحكومته. لم يزعجه أن بكر رجل مافيا مجرم.

اتهامــات بكــر، وإن كانت غيــر مدعومة بالأدلــة، فإنها قاســية؛ فقد اتهــم ابن رئيس الحكومــة الأســبق بتجارة المخدرات، وقــال إن عضو برلمان كان مشــاركاً في موت امرأة شــابة. وحســب قولــه، اضطر إلى إرســال أشــخاص لضرب سياســي آخر لأنــه أهان أردوغــان. وتحمــل أيضاً مســؤولية الهجــوم على هيئــات تحرير الصحــف الكبرى في الدولة، وقال إن وزير الداخلية سليمان صويلو، اقترح عليه حماية شرطية.

حصلــت أفلام بكر الثمانية على ملايين المشــاهدا­ت. وطالب سياســيون في المعارضة وحتــى أعضــاء في الحــزب الحاكــم، حــزب العدالــة والتنميــة، بفتح تحقيــق في هذه الاتهامات. وقد أشارت الاتهامات إلى أن المافيا أصبحت شريكة في الائتلاف الحكومي، قال كمال كلتشــدار أوغلو، رئيس حزب المعارضة الأكبر. "حتــى لو كان واحد في الألف من هذه الادعاءات صحيحاً فهو كارثة"، قال جميل تشتشــيك، وهو شــخصية رفيعة في حزب العدالة والتنمية.

فــي 20 حزيران أعلن بكر أنه ســيوقف نشــر الأفلام فــي الوقت الحالــي. رجل المافيا الــذي كما يبــدو يعيش في الإمــارات قال إن الســلطات المحليــة حذرته من أنه ســيكون

معرضاً للاغتيال إذا اســتمر في ذلك. هدنــة أردوغان كانت قصيرة. فبعد يوم على إعلان بكــر، أعلنت وزارة العدل الأمريكية بأن الشــرطة في النمســا اعتقلت رجــل أعمال تركياً، ســيزجين باران كوركماز، الــذي تم ذكره في عدد من الأفلام. اتهــم الأمريكيون كوركماز بتبييــض أكثر من 133 مليون دولار، حصل عليها بالخداع من خلال حســابات بنكية في تركيا ولوكســمبر­غ. اتهم رجل الأعمال بأنه هو وعضوان من طائفة تؤيد تعدد الزوجات مــن يوتا وأصحاب شــركة للوقود، خدعــوا وزارة المالية الأمريكية عندمــا قدموا طلبات كاذبة لتســهيلات ضريبية على اســتخدام الوقــود المتجدد. تقدر الخدعــة بمئات ملايين الدولارات. وحســب لائحــة الاتهام، فإن كوركماز وشــركاءه أنفقوا الأموال على شــراء شــركة طيران وفنادق في تركيا وسويسرا، وبيت على البحر في إسطنبول، ويخت يبلغ طوله 46 متراً، وحاولوا أيضاً تطوير شــبكة علاقات مع أردوغان. جايكوف كينغســتون الــذي اعترف بدوره في الخدعة قبل ســنتين، تم توثيقه ذات مــرة مع الرئيس التركي في حفل استثمارات في تركيا.

كوركماز الــذي ينفي دوره في الاحتيال، قد يجد نفســه عالقاً في محادثات مهمة جداً مع المحققــن الأمريكيين. وقال بكر إن كوركماز، الذي يجــري ضده تحقيق في تركيا، فرّ من الدولة في السنة الماضية بفضل تحذير تلقاه من وزير الداخلية.

كما ســرب بكر أيضاً أســماء عدة شــخصيات رفيعــة في الحكومة، بمــن فيهم رئيس الحكومة الســابق تحت أردوغان، ورئيس وكالة المشــتريا­ت الأمنيــة في الدولة، وقضاة وضباط في الشــرطة، وصحافيون يؤيدون الحكومة، الذين حسب قوله، نزلوا في فندق قرمز الفاخر، بالمجان على الأغلب.

احتمالية أن يتم فتح تحقيق رســمي في أعقــاب اتهامات بكر ضعيفة، لكن أردوغان لم

ينجــح في التملــص من قوة هذه الفضيحة. مؤيدو حزبه الذيــن تحملوا بصمت أدلة على الفســاد في الفترة التــي كان فيها الاقتصاد مزدهــراً، هم الآن أقل تســامحاً؛ لأن ارتفاع مستوى المعيشة وانهيار سعر العملة تقضم مداخيلهم، والتضخم ارتفع 17.5 في المئة في حزيران، وهذا رقم قياسي في السنتين الأخيرتين.

تراجعــت الليــرة إلى حضيض جديــد أمام الــدولار، بالأســاس بعد أن بــدأ أردوغان بالضغــط على البنك المركزي لخفض الفائدة. ويدعي البنك الدولي أن الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت خلال وباء كورونا ألقت 1.6 مليون تركي آخر إلى الفقر في السنة الماضية.

للمرة الأولى منذ ســنوات، يظهر أردوغان هشــاً ضعيفاً. وحســب اســتطلاع لشــركة الأبحاث "تركيا ريفرو"، فإن تأييــد حزب العدالة والتنمية انخفض إلى 26 في المئة. وهي النســبة الأدنى منذ إنشــائه قبــل عقدين. ولو جرت انتخابات رئاســية الآن، فسيخســر أردوغان أمام أي مرشــح من المرشــحين الثلاثة المحتملين. ســيتم إجــراء الانتخابات في 2023، لكن 58 في المئة من الأتراك وكذلك أحزاب المعارضة، يريدون تبكير موعدها.

أردوغان يفقد اتصاله الساحر. الديكتاتور التركي أمر مؤخراً مؤسسات الدولة بضبط ميزانياتها ووقف مشاريع البناء والعقارات، وإن كان أعطى إعفاء من ذلك لمكتب الرئيس بالطبع. بعد بضعة أيام على ذلك، نشر عدد من الصحافيين صورة لمقر الرئاسة الذي يقدر بـ 74 مليون دولار والذي فيه بركة سباحة وشاطئ على شكل الهلال التركي، والذي بني من أجل أردوغان على شاطئ البحر المتوسط. وبالنسبة لزعيم بنى نفسه كبطل للشعب، لا يبدو هذا جيداً على الإطلاق.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom