تونس: تململ داخل الائتلاف الحاكم والمعارضة... والنهضة تنفي تلقي قياداتها تعويضات من الحكومة
واشنطن تحذّر من «عمليات إرهابية» تزامناً مع تهديدات بالاغتيال لأحد النواب
دعــت حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس بعض مكونات الائتلاف إلى توضيح موقفها من الحكومة بعد توجيههم انتقادات لاذعة لها، كما نفت -من جهة أخرى- شائعات تحدثت عن تلقي قياداتها تعويضات من الحكومة، في وقت شــهدت فيه الكتلة الديمقراطية انسحاب رئيسها السابق محمد عمار بسبب خلافات مع عدد من الأعضاء.
وحذّرت الولايات المتحدة من "عمليات إرهابيــة" داخل تونس، في وقت كشف فيه رئيس حركة الشعب زهير المغزاوي عن تعرض النائب عن الحركة هيكل المكي لتهديدات بالاغتيال من قبل متطرفين.
وخلال جلسة عقدها البرلمان التونسي، الخميس، لمناقشة مشروع قانون المياه، خاطب رئيس كتلة حركة النهضة عماد الخميري، أمس، بعض النواب الداعمين للحكومة بقولــه: "وضحوا مواقفكم وتموقعكم الحقيقي. مداخلات النواب الداعمين للحكومة هــي أقرب للمعارضة الراديكالية )...( ما أفســد الحياة السياســية في تونس هــو هذه التموقعات التي يكــون فيها أحدهم مســانداً للحكومة من جهة، ويعبر في البرلمان عــن مواقف ضدية راديكالية جذرية أقرب للمعارضة ما يسيء إلى الحياة السياسية ومكونات الكتل".
وكان عــدد من نــواب الائتلاف الحاكــم انتقدوا مشــروع القانون الذي تقدمت به الحكومة وطالبوا بإعادته ومراجعته مجدداً قبل مناقشته من قبل البرلمان.
وخلال الأيام الأخيرة، وجه نواب من الائتلاف الحاكم انتقادات للحكومة، فيما عبر نواب آخرون من الائتلاف )قلب تونس( في مناسبات عدة عن عدم رضاهم عن أداء رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
ونفى الخميــري حصول أي من قيــادات "النهضة" علــى تعويضات من الحكومة، حيث تحدى نواب المعارضــة أن يقدموا "دليلاً يؤكد أو يثبت تلقي أي مناضل سياسي مهما كان انتماؤه لمليم واحد من المالية العمومية"، مضيفاً: "لدينا بعض الأطراف التي تكذب وتصدق كذبها فتحاول إقناع وإيهام الرأي العام به، كمسألة التعويضات المالية للمناضلين التي لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع".
وتابع الخميري بقوله: "المالية العمومية في تونس معلوم مصدر كل مليم فيها وإلى أين يوجه، وما يروج حــول حصول مناضلين على تعويضات هو كذب وافتراء لن يصدقه التونسيون، وهي مسرحية سيئة الإخراج. وتونس اختارت طــي صفحة الماضي من خــال عدالة انتقاليــة حقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة يطوى بها صفحة الماضي نهائياً".
وكان رئيس مجلس الشــورى عبد الكريم الهارونــي، دعا -في فيديو تم تداول بشكل واســع على مواقع التواصل- رئيس الحكومة هشام المشيشي
إلى تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل عيد الجمهورية المصادف للخامس والعشــرين من الشهر الجاري، مشــيراً إلى أن "ضحايا الاســتبداد لن يقبلوا مجدداً أي عرقلة لصندوق الكرامة"، كما اعتبر أن عدم تفعيل الصندوق "يعتبر جريمة، ولن نسمح بارتكابها"، وهو ما دفع المعارضة لاتهام حركة النهضــة بمحاولة ابتزاز الحكومة ودفعهــا لصرف تعويضات
لأنصارها.
وأعلن محمد عمــار، القيادي البارز في حزب التيار الديمقراطي والرئيس السابق للكتلة الديمقراطية، اســتقالته من الحزب والكتلة البرلمانية، حيث كتب على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك تحت عنوان "الأحزاب وسيلة والوطن غايــة. الوطن قبل الحزب": "أعلن اســتقالتي النهائيــة من الكتلة الديمقراطية ومن حزب التيار الديمقراطي لأنطلق نحو فضاء أرحب".
وأضــاف: "لم أعد أعرف الحزب -الذي كنت أحد مؤسســيه عام 2013 - حتى وصلت قيادته الرشــيدة أمس إلى استجوابي حول مسائل تهم الوطن والمواطــن، منها المســاعي التي بذلتهــا مؤخراً لمحاولة المســاعدة في جلب اللقاحات بغية إنقاذ الأرواح رغم فقداننا لأمهاتنا وآبائنا وأبنائنا، ولم تخلُ عائلة تونســية من قبول العــزاء في مُصاب أصابها. أتمنــى التوفيق لحزب التيار، وأعتذر من بنات وأبناء التيار على عدم مواصلة "الحلم"، لكن أعدهم أننا سنتقابل في ربوع هذا الوطن من أجل مصلحة تونس".
وتأتــي اســتقالته عمار بعد أشــهر مــن الخلاف مــع مكونــات الكتلة الديمقراطية، بدأت مع نشــر النائب راشد الخياري تســجيلاً مسرباً لعمار يؤكد فيها تدخل مؤسس الحزب ووزير مكافحة الفساد السابق محمد عبو في القضاء، مشيراً إلى أن عبو هو من يقف وراء محاسبة القاضيين الطيب راشد والبشير العكرمي، كما تحدث عن تدخل الرئيس قيس سعيد في القضاء عبر زوجته القاضية إشــراف شــبيل، وهو ما دفع عدداً كبيراً من مكونات الكتلة الديمقراطية لمطالبته بالتنحي عن رئاســة الكتلة، وهو مــا حدث قبل أيام، حيث تخلى عمار عن منصبه الذي آل مؤقتاً للنائب نعمان العش.
وحــذرت الخارجية الأمريكية مواطنيها من الســفر إلى تونس، بســبب الوضــع الوبائي في البلاد وتحســباً لـ"عمليات إرهابيــة" توقعت حدوثها خلال الفترة المقبلة.
فيما كشــف رئيس حركة الشــعب زهير المغزاوي، عن تعرض النائب عن الحركة هيــكل المكي لتهديــدات بالاغتيال من قبل متطرفين، مشــيراً إلى أن وزارة الداخليــة لديها علم بهذه التهديدات، وعلق بقولــه: "تُهتك أعراضنا صباح مســاء، وهناك عملية شيطنة ضدنا، تشــبه تلك التي سبقت اغتيال الشهيد محمد البراهمي )الأمين العام السابق للحركة(".
وشــهدت تونس خلال الســنوات الأخيرة عمليات إرهابية عدة، أبرزها اغتيال القيادين اليســاريين البارزين شــكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، فضــاً عن العملية الإرهابية ضد متحف بــاردو وتفجير حافلة تابعة للأمن الرئاسي عام 2015.