Al-Quds Al-Arabi

بايدن نفذ شعار «أمريكا أولاً» عندما قرر الانسحاب من أفغانستان

البيت الأبيض يتجاهل المخاوف من سيطرة طالبان على السلطة

- واشنطن ـ «القدس العربي»: رائد صالحة

مع خروج القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي، سيطرت طالبان على عشرات المناطق، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إنه من الواضح أن الجماعة عازمة على الاستيلاء على السلطة بالقوة.

يحظى قـرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانسحاب الكامل من أفغانستان بشعبية ساحقة، لدرجة أن الرئيس السابق دونالد ترامب قدم مدحاً نـادراً للقرار، الذي يحظى أيــضــاً، بتأييد مــن الحــزبــن الديمقراطي والجمهوري، ولكن الأيام الأخيرة شهدت نشر العديد من التعليقات الرفيعة المستوى الناقدة للانسحاب من «الحرب التي لا نهاية لها».

وعلى سبيل المثال، تجنب الرئيس الأسبق جـورج دبليو بـوش بشكل عـام الحديث عن خلفائه، كما لاحـظـت صحيفة»واشنطن بوست» ولكنه حذر من الانسحاب من الحرب، التي شنها بعد 11 ايلول/سبتمبر، وحذر من المآسي والفظائع التي تلوح في الأفق مشيراً إلى أن المترجمين الأفغان سيتعرضون لمجزرة، كما زعم بوش أن المستشارة الألمانية ميركل تتفق معه فيما وصفه بحماقة الانسحاب.

وأثارت تصريحات بوش توبيخاً من أولئك الذين أشاروا إلى دوره في غزو البلاد وقيامه بغزو العراق قبل إنجاز المهمة في أفغانستان، وقالوا إن الخطأ الحقيقي كان في تحويل مهمة مناهضة تنظيم القاعدة إلى مشروع طويل الأجل لبناء دولة بقيمة تريليون دولار.

وتحدث العديد من المحللين الأمريكيين عن مخاطر حقيقية للانسحاب الأمريكي، حيث أصبح من الواضح في الأسابيع الأخيرة أن الانسحاب يمهد الطريق لحركة طالبان بتجاوز الحكومة المركزية الموالية للولايات المتحدة وقــال المحللون إن بايدن سيواجه قــرارات صعبة في حالة حــدوث ذلـك في المستقبل القريب.

وبالنسبة لبايدن فإنه لا يريد إلا مناقشة «الأشياء السعيدة» قبل عطلة نهاية الأسبوع ولكنه اضطر للنهاية للدفاع عن تقديم دفاع أكثر كثافة في قضية الانسحاب قائلاً إنه لا يوجد أي شيء يمكن كسبه من البقاء في البلاد، بسبب المشاكل المستعصية هناك.

وأكـــد بــايــدن بـأنـه ليس على استعداد لإرسال جيل جديد من الأمريكيين للحرب في أفغانستان من دون توقع معقول بتحقيق نتيجة مختلفة.

وفي خطاب ألقاه من البيت الأبيض، نفى بايدن أن يكون استيلاء طالبان على السلطة حتمياً، وقال إن من المستبعد للغاية أن تتغلب طالبان على كل شيء وتسيطر على الدولة بأكملها.

كما ألقى المسؤولية بشكل مباشر على القيادة الأفغانية وقوات الأمن لحماية كابول، وقدر أنه «من الواضح أن لديهم القدرة على دعم الحكومة القائمة».

وأثار الجدول الزمني للانسحاب مخاوف

من العديد من المشرعين في الكونغرس من الحزبين بشأن المترجمين الأفغان وعائلاتهم، ولكن البيت الأبيض تعهد بإجلاء آلاف الأفغان إلى مكان خارج القارة الأمريكية في انتظار معالجة القضية كجزء من برنامج تأشيرات الهجرة الخاصة.

وكشف بـايـدن أنــه تـشـاور مـع الرئيس الأسبق بــاراك أوباما وسلفه جـورج دبليو بـوش في نيسان/أبريل، وقــال أوبـامـا إن بايدن أتخذ القرار الصحيح، كما أعلن ترامب أن انسحاب القوات الأمريكية بأنه «شيء رائع وإيجابي».

ومع خروج القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي، سيطرت طالبان على عشرات المـنـاطـق، وقـالـت وزارة الــدفــاع الأمريكية )البنتاغون( إنه من الواضح أن الجماعة عازمة على الاستيلاء على السلطة بالقوة.

وحاولت إدارة بايدن تنشيط المفاوضات بـن طـالـبـان والحـكـومـ­ة الأفـغـانـ­يـة، وقـال مسؤول كبير في الإدارة إن الولايات المتحدة لا تزال واثقة من أن القوات المسلحة الأفغانية لديها الأدوات والقدرات للدفاع عن البلاد، وأن الصراع في نهاية المطاف يتعين حله على طاولة المفاوضات.

وحذر محللون أمريكيون من أن أفغانستان مقبلة على حــرب أهلية، فـي حـن حـذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من أن البلاد تواجه «أزمـة إنسانية وشيكة» داعية إلى وقف العنف.

ووفقاً لتحليل قدمته شبكة «إن بي سي» فـإن بايدن نفذ فكرة «أمريكا أولاً» عندما قرر بحزم الانسحاب من أفغانستان، ولكنه لا يستطيع قــول ذلــك، ولاحـظـت أن بايدن يتمتع بنوع من الغطاء السياسي في قضية الانسحاب إذا تغيرت مشاعر الناخبين بمرور الوقت.

ومـــن الـــواضــ­ـح أن الانــســح­ــاب يوحد الديمقراطي­ين، الذين يدعمونه بأغلبية ساحقة، في حين أن الجمهوريين أكثر انقساماً حوله.

وأصر بايدن على أن الولايات المتحدة قد حققت أهدافها في أفغانستان، ووضعها في أطـار ضيق حول قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن والتأكد من أن البلاد ليست ملاذاً للإرهابيين، ولكن بن لادن مات منذ أكثر من عقد وتلاشت قدرة القاعدة على شن هجمات على أمريكا قبل ذلك بوقت طويل، مما يشير إلى أن العقد الأخير من المشاركة الأمريكية كان غير ضروري للمهمة.

وعرّف أوباما النجاح في أفغانستان في عام 2009 على أنه تحقيق الاستقرار، في حين أكد العديد من المحللين أن الانسحاب سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار.

ووصـــف الـنـائـب الجـمـهـور­ي عــن ولايــة أوهـــايــ­ـو، مـايـك تــورنــر، الانــســح­ــاب بأنه استسلام، على الرغم من أنه لا يعارض إنهاء العمليات العسكرية في أفغانستان، ولكنه يعتقد أن بايدن تخلى بشكل غير مسؤول عن القوات الأفغانية من دون سابق إنذار.

وعلى أية حـال، الولايات المتحدة بصدد إنهاء أطول حرب في تاريخ البلاد، وعلى الرغم من أن بايدن حدد يوم 31 اب/أغسطس كموعد نهائي رسمي لخـروج القوات الأمريكية من أفغانستان، إلا أن الانسحاب اكتمل بنسبة 90 في المئة في وقت سابق من الأسبوع الماضي.

 ??  ?? الصورة: عنصر من القوات الأفغانية بالقرب من قندهار
الصورة: عنصر من القوات الأفغانية بالقرب من قندهار

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom