Al-Quds Al-Arabi

موسم حرب الوكالات الأمنية في إدلب: التوحد بالقوة حجة «تحرير الشام» للقضاء على المقاتلين الشيشان

- منهل باريش

يسعى قائد تحرير الشام إلى القضاء على المقاتلين القادمين من الجمهوريات الروسية، فبعد اعتقال الاوزبكي، يقوم اليوم بالقضاء على المقاتلين الشيشان، ليأتي دور الحزب الإسلامي التركستاني قريبا.

في تشرين الأول )أكتوبر( 2018 انتقد قائد المقاتلين الشيشان في إدلـب، مسلم الشيشاني أبــو الـولـيـد، دعـــوة مشايخ «الجـهـاد الـشـامـي» للفصائل الصغيرة بالتوحد مع الفصائل الأقرب للحق.

وأشار الشيشاني حينها إلى أن الكثير من الجماعات المهاجرة اندمجت في بعض الجماعات السورية لكنها عادت وخرجت منها بعد أن تلطخت أيدي تلك الجماعات بــدمــاء المسلمين بسبب الاقــتــت­ــال بين الفصائل.

وقــال فـي

‪On the‬

مقابلة مـع موقع Ground News

يومها، إن طالبان لم تفرض على الجماعات الصغيرة الاندماج بها أو بأي من الجماعات الكبيرة. وانتقد الشيشاني في تلك المقابلة دور القادة العسكريين متمنيا قادة أفضل للمنطقة.

اليوم، تشهد جماعة «جنود الإسـام» الشيشانية التي تقاتل النظام في جبل الكبانة، شــرق محافظة اللاذقية حملة لتفكيك نفسها وإجبارها على الاندماج داخل هيئة «تحرير الشام» أو إلقاء سلاحها ومغادرة إدلب.

ويأتي كلام أبو الوليد الشيشاني قبل ثلاثة أعوام بمثابة تنبؤ لما يتجه إليه الوضع في شمال سوريا من متغيرات، خصوصا وان الرجل يملك «خبرة جهادية» إذ قاتل الروس لسنوات طويلة، وتعرف فيها على المقاتلين العرب الذين التحقوا للقتال في الشيشان. وعرف عن المقاتلين الشيشان في إدلب ابتعادهم بشكل نهائي عن الخلافات الـتـي حصلت بـن الفصائل الجهادية، خصوصا بعد انشقاق الجماعة الشيشانية في سوريا والتحاق أبو عمر الشيشاني وعــدد كبير من مقاتليه بصفوف تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

ووجـهـت «تحـريـر الـشـام» تهمة إيـواء الـلـصـوص وقـطـاع الـطـرق مستشهدين بحوادث حصلت في مناطقة كفر تخاريم وسلقين، ورد مسلم الشيشاني ببيان مكتوب كذب فيه ادعاءات الهيئة.

وفي تسجيل صوتي، حصلت «القدس العربي» عليه، أكد مسلم الشيشاني لمخاطبه اقـتـحـام عناصر «تحـريـر الــشــام» مقره العسكري، وانه لا يرغب بخلق أي مشكلة معهم. وأنه لا يستطيع الخروج خلال الفترة المحددة له ولفصيله، والبالغ مدتها أسبوع. واشتكى من تكرار قـدوم عناصر الهيئة، وان قيادة الهيئة تقول شيء والعناصر الميدانيون يفعلون شيئا آخر. مشيرا إلى تخوفه من وقوع قتال بين المسلمين وهم لا ينجرون إلى ذلك.

وعلمت «الـقـدس العربي» مـن مصدر محلي فـي ريــف جسر الشغور الغربي، أن قوة من «تحرير الشام» قطعت الطرق المؤدية إلى مقرات «جنود الشام» وداهمت المقر الرئيسي لهم قـرب قرية اليمضية وحاصرته، وحصلت ملاسنة بين الجانبين لم تتطور إلى اشتباك بالسلاح بينهم.

وجـــرت مــحــاولا­ت مـن بعض مشايخ السلفية، للتوسط لحل الخلاف، لكنها لاقت رفضاً من الهيئة. وكانت أبرز تلك المحاولات من قبل الدكتور عبد الرزاق المهيدي، خلال جلسات مطولة ليل الخميس/الجمعة، لكنها لم تلق ترحيبا من قبل الهيئة. كذلك رفـضـت الهيئة طلب مسلم الشيشاني بتشكيل لجنة شرعية مصغرة من عدد من رجال الدين، وتنازل الأخير عن طلب تشكيل لجنة محايدة إلـى تشكيل لجنة مستقلة تسميها الهيئة نفسها، شريطة ألا تتبع لهيئة «تحرير الشام» أو أن ينتمي أي من أعضائها إلى الهيئة، لكن طلبه قوبل برفض من قبل الهيئة أيضاً.

وانتهى تطويق مقرات «جنود الشام» مع بدء جلسة بين الجانبين، حاول خلالها مــنــدوب «تحــريــر الــشــام» الضغط على الشيشاني بهدف اسـتـفـزاز­ه. وانتهت الجلسة بدون التوصل إلى اتفاق، وعدم وضوح رؤية الهيئة وتحديد مطالبها.

وفي نهاية الجلسة، طلب مندوب «تحرير الــشــام» إعـــادة تمـوضـع انتشار «جنود الشام» الشيشان وإعــادة انتشارهم في نقاط غير التي يتواجدون فيها حالياً.

ورغم أن المطلب ما زال أولياً وغير نهائي، إلا أنه يشير إلى رغبة شديدة لدى الهيئة لكسر شوكة الفصائل الصغيرة الخارجة عن إرادتها والتي تتخذ من أعالي جبال التركمان والأكراد موقعا لها وتتحصن فيها منذ سنوات عديدة، وهي التي استبسلت في الدفاع عن تلك المناطق مع كل القصف الجوي الروسي.

وفــي سلسلة كسر إرادة الفصائل الجـهـاديـ­ة، بعد تأسيس غرفة عمليات «فاثبتوا» بين عـدة فصائل جهادية، في 12 حزيران )يونيو( 2020 بـدأت «تحرير الشام» بسلسلة اعـتـداءات على فصائل الغرفة الخمسة، وهــي «حـــراس الدين» و«جبهة أنصار الدين» و«أنصار الإسلام» وتنسيقية الجهاد المنشقة عن هيئة «تحرير الشام» بقيادة أبو العبد أشــداء، و«لـواء المقاتلين الأنصار» بقيادة «أبو مالك التلي». وتعتبر الغرفة نسخة مطورة عن غرفة عمليات «وحرض المؤمنين» التي أسستها في تشرين الأول )أكتوبر( 2018 حاولت الفصائل الجهادية من خلالها إعادة ترتيب صفوفها بعد أبعاد تنظيم «أنصار التوحيد» عنها، حيث أصـبـح الأخــيــر، أكـثـر قربا والتصاقا بهيئة «تحرير الشام» إذ نجحت الهيئة بشق صفه وقامت بتمويل الجناح الأقرب لها على حساب التيار الأكثر تطرفا وقربا من تنظيم «حـراس الدين». وبذلك نجحت بتفكيك أكثر الفصائل شراسة وعنفا بين الفصائل الجهادية.

ومـــع لحـظـة تـأسـيـس غــرفــة عمليات «فاثبتوا» شنت الهيئة هجوما على أبو مالك التلي وقامت باعتقاله ولم تفرج عنه إلا بعد موافقته على عدم الانخراط بالعمل المسلح في كيانات أخــرى. ولاحقاً بـدأت حربها على «حراس الدين» حتى أضعفته بشكل كبير. وقضى قسم كبير من قادة الصف الأول فيه )حراس الدين( بقصف طائرات الدرون الأمريكية في إدلب وهو ما فتح باب الاتهامات واسعة حول من يقوم بتزويد الأمريكان بمواقع وإحداثيات القادة في منطقة منضبطة أمنيا للغاية وتسيطر عليها «تحرير الشام» التي تملك قوة أمنية كبيرة للغاية.

وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتياً لشخص غير معروف، رجح نشطاء أن يكون عضوا في مكتب العلاقات الإعلامية، ينفي المتحدث أن تكون الهيئة طلبت من الشيشاني «مغادرة إدلب أو أن تجبره على المغادرة. فهذا ليس من أخلاقنا أو من مروءتنا». لكن يمكن ان نوقفه على العمل ونـأخـذ النقطة )نقطة ربـاطـه مع النظام( التي هو فيها حتى لا يجلب لنا الضرر، كما أوقفنا حــراس الدين وجند الأقصى. مشيرا إلى تمني الهيئة أن يقبل الشيشاني وينضم للهيئة أو على الأقل يقبل أن يكون العمل منظما بينه وبين الهيئة و«ما طلبنا أي شيء آخر، لكنه رفض».

وأقـــر المتحدث أن الهيئة تريد تنفيذ «مشروع توحيد الفصائل بالقوة وأنها تنادي بوحدة الصف الشعب والعسكريين، وستقوم بفرض الوحدة بالقوة على من يـرفـض هــذا الـشـيء ويـكـون العمل بيد وحـدة ورايـة وحـدة وفصيل واحـد وقائد واحد وكلمة وحدة، فلماذا يحارب الجميع الهيئة ويتحدث عنها لأنها تحــاول دمج الفصائل تحت قيادة واحــدة؟ وستعطي الهيئة المجموعات كل شيء لأن المجموعات لا تمـلـك ســاحــا أو دبـــابـــ­ات، فالهيئة ستخسر بسبب المشروع ولن تربح، لكن في سبيل الساحة ستوافق مجموعات ومـجـمـوعـ­ة وافــقــت وكــانــت سـعـيـدة». لافتا إلى أن «مشروع التوحد كبير وهناك عـدد كبير من المجموعات ستطلب منهم الهيئة الانضمام وسنحل من يرفض بالقوة أو التفاهم».

أخيراً، يبدو أن أبو محمد الجولاني أتخذ قـراره بتصفية منطقة «خفض التصعيد» من الفصائل الراديكالي­ة، والمصنفة على

لوائح الإرهاب، فبعد ضرب تنظيم «حراس الـديـن» المبايع للقاعدة قـام باستهداف جماعة «أنصار الإسلام» التي تضم مقاتلين إيرانيين في صفوفها.

والــيــوم يسعى قــائــد تحــريــر الـشـام إلـى القضاء على المقاتلين القادمين من الجمهوريات الـروسـيـة، فقد اعتقل أبو صـاح الاوزبـكـي وفتت جماعته، ويقوم اليوم بالقضاء على المقاتلين الشيشان، ليأتي دور الحزب الإسلامي التركستاني في وقت غير بعيد.

ويعتقد الجـولانـي أنــه مـن خــال هذه الخطوة سيتمكن من التخلص من الفصائل المتشددة في إدلب، وسيبقى هو الفصيل القوي والوحيد القادر على تلبية الخدمات الأمنية لـلـدول والتخلص مـن مقاتليها المنضويين في التنظيمات الجهادية، وبذلك يحل عقدة المقاتلين الأجانب في سوريا بعد القضاء عليهم.

وهــذا يعنى أن «تحرير الـشـام» تعمل جـاهـدة للحصول على الـوكـالـة الأمنية للشمال السوري، بضرب الفصائل الملاحقة من روسيا وإيران والصين وأمريكا.

بالتأكيد، فـإن قــرار القضاء على تلك الفصائل الجهادية يحتاج إلى توافقات دولـيـة تسهل نقلهم وعـبـورهـم أو غض الطرف عنهم، ولا يمكن اعتبار قرار الجولاني قرارا داخليا محليا بدون توافقات إقليمية ودولية. ويرجح أن تبذل تركيا جهودا أكبر فـي الحفاظ على الهدوء في إدلـب مهما قدمت من تنازلات.

 ??  ?? مسلم الشيشاني
مسلم الشيشاني

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom