Al-Quds Al-Arabi

بغداد تهدد بتدويل قطع إيران مياه الأنهار عن العراق

-

2021 نظراً لتخفيض قيمة العملة.

أمـــا فيما يتعلق بالنفقات، فــإن عـائـدات ليبيا مـن العملات الأجـنـبـي­ـة، والــتــي تـأتـي بشكل شبه حصري من مبيعات النفط، تُستخدم بشكل رئيسي لتسهيل التمويلات التجارية لمؤسسات القطاعين العام والخاص.

كما استخدمت هذه الإيـرادات في صرف التمويلات عبر برامج معينة مثل منحة أربــاب الأسـر. ويُسلط التقرير الضوء على فرص إصلاح عملية إصدار الاعتمادات المصرفية وتحسينها.

وقـالـت البعثة أنــه وبتسليم التقرير تنتهي عملية مراجعة الحسابات المالية لفرعي مصرف ليبيا المـركـزي، والتي تــزود كلا الفرعين بالمعلومات والإرشـــا­د الـازم للشروع في عملية توحيد هذه المؤسسة، مضيفة أن التقرير يـقـدم سلسلة مــن التوصيات لاستعادة نـزاهـة مصرف ليبيا المــــركـ­ـــزي وتـــعـــز­يـــز مـسـتـوى شفافيته، بما في ذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر، اعتماد معايير دولية لإعداد التقارير المالية وتقييم أثر تخفيض قيمة الدينار الليبي، إلـى جانب تأسيس إدارة فعالة وإرسـاء ضوابط رقابية داخلية. وتعرب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن استعدادها لمواصلة دعم عملية توحيد هذه المؤسسة.

انتقادات

العديد من المتتبعين للمشهد انــتــقــ­دوا عـــدم قـيـام البعثة أو الحكومة أو المصرف بنشر التقرير علنا خاصة وأنه يخص مؤسسة تدير أموال كافة الليبيين، مشيرين إلـى حق الشعب في معرفة أين ذهبت أمواله، وأين تدفقت طوال تلك الفترة، خاصة مع استمرار وجود ذات الأشخاص في نفس المناصب .

التقرير انتقد من نـواح أخرى أيضا ومنها عــدم وجــود آليات عملية لا لتوحيد مصرف ليبيا المركزي والقضاء على الانقسام المؤسساتي في الدولة، ولا لآلية تسديد الدين العام الذي تضاعف بـشـكـل كـبـيـر خـــاص مــن جهة المصرف المركزي بالبيضاء .

ويـرى مختصون أن الحكومة تشترك فــي الإثـــم مــع المصرف كونها لم تضع آلية معينة ضمن مشروعها لـسـداد الـديـن العام المـتـراكـ­م والـــذي جعل المصرف يـضـطـر مــرغــمــ­ا لـتـعـديـل سعر الــصــرف لمـضـاعـفـ­ة الايـــــر­ادات ومحاولة مجاراته .

كما أن المطالبة بالتوحيد في حد ذاتها لاقت اعتراضا وامتعاضا واسـعـا نظرا لانتظار المواطنين انـتـهـاء عملية تغيير متقلدي المناصب السيادية الأمــر الـذي سيمثل توحيدا فعليا للمصرف دون الحاجة إلى استدعاء وجوه قديمة ساهمت فـي تمطيط أمد الأزمــة وحصلت على عــداوات لا

بأس بها من المواطنين .

إلا أن مجلسي النواب والدولة، أوصلوا فكرة باستحالة التوافق على قضية المناصب السيادية فكل بــات يعمل مـفـردا رغــم أن بنود الاتفاق السياسي واضحة وصريحة وتجمعهم في إطار واحد ومهام واحدة .

وحتى لو توافق المجلسان على تغيير متقلدي هـذه المناصب الا أن ذهاب منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي إلى الشرق الليبي يثير مخاوف من توجه الأمـوال وتدفقها لدعم الأنشطة الحربية بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر كونه يسطو ويسيطر على كافة تدفقات الأموال في الشرق الليبي .

مشاكل اقتصادية عديدة ظلت تعاني منها ليبيا مع تأخر توحيد هذه المؤسسة أولها وأهمها مشكلة المـقـاصـة حـيـث ومـــع الانـقـسـا­م انفصلت المنظومة المصرفية بين شــرق ليبيا وغـربـهـا، وأغلقت المقاصة بينهما ما جعل التعاملات المالية تتوقف بين الشرق والغرب من سنوات عديدة .

ورغـــــم عــقــد مــجــلــس إدارة مـصـرف ليبيا المــركــز­ي للعديد مــن الاجـتـمـا­عـات بـهـدف وضع حــلــول لـــأزمـــ­ات الاقـتـصـا­ديـة التي أرهقت الدولة إلا أن مشكلة المقاصة ظلت دون حلول وكانت مـوضـع خــاف بــن المـركـزيـ­ن، بل وأشــارت المصادر أن محافظ المصرف المركزي بطرابلس رفض فتح المقاصة خوفا من استخدام الأموال في دعم حفتر مجددا .

كما أن القيود المفروضة على الحـصـول على العملة الصعبة وهيمنة السوق السوداء الموازي عــلــى ســعــر صــــرف الــــــدو­لار، وصعوبة اتخاد قـرار بتخفيضه يرتبط بشكل كلي بتأخر توحيد المــؤســس­ــة المــصــرف­ــيــة كـونـهـا المسؤولة عن اتخاد تدابير بناءة للحد من هذه المشاكل .

كما أن ثقة المواطنين بالمصارف باتت شبه معدومة بسبب غياب السيولة غالبا ونقصها في أوقات عديدة ما جعل أبرز الضروريات ارجـــــاع الــثــقــ­ة بـــن المــواطــ­نــن والمـــصــ­ـارف مـــن خـــال توفير السيولة بشكل سلس وبلا قيود، وتعزيز أنظمة الدفع الإلكتروني للقضاء على التضخم وللكتلة النقدية ولتقوية القوة الشرائية للدينار الليبي عقب سنوات من استقراره عند القاع .

وبمقارنة الفترة الاقتصادية الحالية بما سبقها من فترات نجد أن انتعاشا بـدأ ينهض بالمؤشر الاقتصادي للدولة منذ اعتماد الإصلاحات الاقتصادية عام 2017 وانتهاء بتعديل سعر الصرف خلال العام الجــاري، إلا أن هذه الانتعاشة تحتاج إلى مؤسسات قوية وموحدة وسيادية بمعنى الكلمة تستطيع أن تدعمها وتسير بها إلـى خط الاستقرار النهائي السابق .

بغداد ـ «القدس العربي»:

موقف لافت لحكومة بغداد، الخاضعة لأحزاب وقوى موالية لإيران، عندما أعلنت أنها قد تلجأ إلى المجتمع الدولي لاستعادة حقوقها المائية من إيـران التي قطعت الأنهار عن العراق وتسببت بكارثة كبيرة، كما ترفض التفاوض حول تقاسم المياه بين البلدين.

فقد هدّد وزير المـوارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، السبت الماضي، بالتوجه إلى المجتمع الدولي من أجل الحصول على حقوق بلده المائية من إيران، مؤكداً أنه ليس هناك «أي بوادر إيجابية» من الجانب الإيراني حيال أزمة المياه وتقاسم الضرر الإقليمي. وقال الحمداني، في مؤتمر صحافي، إنّ «الجانب الإيراني لم يبد أي تجاوب معنا وما زال يقطع المياه عن أنهر سيروان والـكـارون والكرخة والـونـد، ما سبب أضــراراً جسيمة لسكان ديإلى التي تعتمد بشكل مباشر على المياه الآتية من إيران».

وأكــد الـوزيـر العراقي أنـه «فـي حـال إصـرار إيران على عدم التعاون مع العراق حيال الأزمة المائية وفق المواثيق الدولية، سنضطر للجوء إلى الأمم المتحدة لاستحصال حقوقنا من الروافد والجداول المشتركة مع إيران» كاشفا أنّ «الجانب الإيراني رفض عقد اجتماع كان مقرراً في منتصف حزيران/يونيو الماضي وتم تأجيله، ووعدونا بعقد اجتماع بعد الانتخابات إلا أن ذلــك لم يتحقق».

وكــان الرئيس العراقي برهم صالح، أعلن تضرّر سبعة ملايين عراقي من نحو 40 مليوناً، من «الجفاف والنزوح الاضطراري» بسبب نقص المياه. وقال في كلمة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة «ملف المياه يستوجب حوارا صريحا وبناء بين العراق وتركيا وإيران وسوريا يستند على مبدأ عــدم الإضـــرار بــأي طــرف، وتحمل المسؤولية المشتركة».

وبسبب حجم الكارثة البيئية في العراق، فقد حذرت منظمات دولية من النتائج السلبية على الحياة في البلد.

فقد أعلن «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» أن العراق يفقد حاليا نحو 25 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة سنويا، معظمها في الجنوب، كما يزداد التصحر بسبب قلة المياه. وفيما كشفت لجنة الزراعة والمياه البرلمانية العراقية أن تقريرا صدر عن الأمم المتحدة يؤكد فقدان العراق لـ 100 ألف دونم سنويا من أراضيه بسبب التصحر، فإن تقريرا صادرا عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي، أكد أن مستويات المياه في نهري دجلة والفرات تتناقص «بمعدل غير مسبوق» مما قد يـؤدي إلى تهجير قسري لمجتمعات بأكملها.

تداعيات كارثية لقطع الأنهار

مع بدء موسم الصيف في العراق، بدأت أزمة عطش ونقص مياه حقيقية تعصف بالبلاد، لتزيد من عمق معاناته وأزماته، نتيجة قيام إيران بقطع العشرات من الأنهار عن العراق، من دون تنسيق مع بغداد.

وذكـرت حكومة إقليم كردستان العراق في وقت سابق أن إيران «غيرت مجرى نهر الكارون بالكامل وأقامت ثلاثة سـدود كبيرة على نهر الكرخة بعدما كان هذان النهران يمثلان مصدرين رئيسين لمياه الإقليم والعراق ككل». فيما كشفت المصادر المحلية في الإقليم إن إيـران تتعمد منذ سنوات حجب مياه نهر الزاب الصغير الذي يدخل

أراضـي إقليم كردستان العراق، بعد ان أقامت سدودا ضخمة داخل أراضيها، وحوّلت مجرى مياه النهر، إضافة إلى انخفاض منسوب المياه بشكل كبير في نهر سيروان وسد دربندخان.

أما في محافظة ديإلى المجــاورة لإيــران، فقد كشف النائب فــرات التميمي، إن «الإيـــراد­ات المائية المتدفقة من الأنهر الحدودية القادمة من إيران انخفضت بنسبة 70 في المئة خلال الأيام الماضية» مشيرا إلى إن «حوض نهر ديإلى من أكثر المناطق تضررا، ويقطنها حوالي مليون نسمة» ودعا النائب إلى «أهمية تكثيف المساعي من أجل تفادي أزمة جفاف حادة تضرب مناطق واسعة في ديإلى خلال الصيف ، والسعي إلى إطلاق ايرادات مائية من خلال الأنهر الحدودية خاصة سيروان الذي يمتد إلى سد دربندخان ومنه عبر نهر ديإلى إلى بحيرة حمرين التي تشكل الخزين الاستراتيج­ي للمياه في ديإلى».

وبدوره حذر مدير ناحية مندلي في ديإلى مازن الخزاعي من ان «أكثر من 20 قرية في حوض الندا )شرق بعقوبة( تعاني منذ أسابيع من عطش حاد وسط مخاوف جدية من نزوح جماعي هو الأكبر في تاريخ ديإلى».

ولا يخفى ان لقطع المياه بهذا الشكل الكبير عن العراق، العديد من النتائج السلبية الجانبية والخسائر الاقتصادية والاجتماعي­ة، أبرزها تزايد الهجرة من الريف إلى المدن وانخفاض المساحات الـزراعـيـ­ة، وارتـفـاع نسبة التلوث والتصحر، وانخفاض الثروة السمكية والحيوانية.

اعتراف إيراني بقطع المياه

وقد أصبح واضحا ان قطع إيران لمياه الأنهار عن الـعـراق يتم وفـق خطة حكومية بــدأت منذ عام 2003 حيث أقدمت السلطات الإيرانية على قطع المياه عن أكثر من 42 رافدا وجدولا موسميا كانت تغذي الأنهار والأهـوار في العراق، أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند، والزاب الصغير، وسيروان وآخرها نهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية.

وفـي هـذا السياق أقـر معاون وزيـر الزراعة الإيراني علي مراد أكبري، إنه «سيتم قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صـوب الحــدود الغربية والشمالية الغربية العراقية بأمر من المرشد الأعلى، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والـزراعـة للتحكم بحركة المياه» حسب وكالة «تسنيم» الإيـرانـي­ـة. وأضــاف المسؤول الإيراني أن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، في خوزستان )الأحواز( وإيلام.

وكان الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، افتتح مـؤخـرا، عــددا من المشاريع المائية على الحدود مع العراق. ففي محافظة إيلام الحدودية، قام بتدشين سد «كنجان». فيما قال محمد الحاج رسولي، أمين عام إدارة المصادر المائية، إن «عدد الـسـدود التي افتتحت في محافظة إيــام في السنوات الثماني الماضية كان 4 سـدود، وسد كنجان هو المشروع الخامس» وهو أحد روافد نهر دجلة في العراق.

وتمثل الموارد المائية القادمة من إيران 35 في المئة من إجمالي الإيـرادات السنوية في العراق، وقبل العقدين الأخيرين كانت تلك الموارد تجري برمتها إلى العراق من دون عوائق، لكن إنشاء سدود ومنشآت كبيرة على صدور تلك الأنهار غيّر من وضعها الطبيعي.

ورغم ادعاء إيران بحاجتها للمياه، إلا ان وزير المـوارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، كشف في مؤتمر صحافي، أن إيـران تريد ربط ملف المياه باتفاقية الجزائر، بين بغداد وطهران الموقعة عام 1975 التي تتضمن بروتوكولا خاصا بالمياه. موضحاً، أن وزارتـه حاولت فصل ملف المياه عن اتفاقية الجزائر، التي تتضمن «تفاصيل سياسية» إلا أن «إيران تصر على هذا الموضوع» حسب قوله.

ويذكر ان الاتفاقيات والمعاهدات الدولية حول تقاسم مياه الأنهار بين الـدول تشدد على عدم جـواز تغيير أو تحويل مجرى النهر الـذي يعبر بصورة طبيعية من أراضي دولة إلى أراضي دولة أخرى عبر منشآت بغرض التحويل أو التغيير بدون أخذ موافقة الدول المشاركة في النهر.

تعاون تركي

وفي الوقت الذي تقوم فيه إيـران بإجراءات أحادية لقطع مياه الأنهار عن العراق من دون التفاوض مع حكومتها، فإن هناك تعاونا عراقيا تركيا واتصالات مشتركة متواصلة لحل أزمة نقص المياه.

فقد أعلنت وزارة الموارد المائية العراقية موافقة البرلمان التركي على مذكرة التفاهم الموقعة في عام 2009 و 2014 والتي تلزم تركيا فيها بإطلاق حصة عادلة ومنصفة للعراق من نهري دجلة والفرات، وكذلك جاء إعلان الرئيس التركي رجب اردوغان بضرورة تقاسم المياه مع دول المصب.

وبدوره بحث وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني مع المبعوث الخـاص لرئيس الـوزراء التركي فيصل أوروغلو حسم «مواضيع المياه المشتركة بين البلدين» مؤكدا على «أهمية تقاسم الضرر بين الدول المشتركة في مياه نهري دجلة والفرات لتجاوز أزمة شح المياه».

وضمن التفاهمات لحل الأزمة، يتبادل العراق وتركيا زيارات الوفود المختصة بهذا المجال، كما تم تأسيس مركز بحثي مشترك عراقي تركي مقره في بغداد حول قضية المياه، يكون هدفه تبادل الخبرات والاستشارا­ت بين الطرفين و«هذا بحد ذاته يمثل تطورا إيجابيا في طريق التعامل مع الجانب التركي» حسب وزارة الموارد المائية. كما عرض العراق على تركيا إمكانية مساهمة شركاتها في تنفيذ مشروع سد مكحول.

وكان وزير المـوارد المائية في العراق، مهدي الحمداني، أعلن «إن إيران ما زالت تقطع بعض التدفقات مـا تسبب بانخفاض غير مسبوق بالإيرادات المائية، أما تركيا فالإيرادات المائية تأتي على وفق معدلاتها».

ومن المؤكد ان الضغوط الشعبية والسياسية والتبعات الاقتصادية الكارثية لقطع الأنهار عن العراق، هو الذي شجع حكومة بغداد، على الإعلان لأول مرة عن مسؤولية إيران عن هذه الكارثة، مع القناعة ان قطع إيران للمياه عن العراق الذي بدأ بعد الاحتلال الإمريكي للعراق عام 2003 هو قرار ذو أبعاد سياسية واقتصادية، استغل ضعف حكومة بغداد ونفوذ أصدقاء وحلفاء إيران في العراق الذين يتغاضون عن المطالبة بحقوق العراق وفق معاهدات تقاسم المياه الدولية. إلا ان استمرار التعنت الإيراني وانتهاك حقوق العراق المائية، أديـا إلى تصاعد الدعوات من القوى الشعبية والسياسية لحكومة بـغـداد بـضـرورة تدويل القضية إضافة إلى استعمال الورقة الاقتصادية والتجارية للضغط على الجانب الإيراني، لا سيما أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ نحو عشرة مليارات دولار العام الماضي. علما ان إيران لم تجروء على قطع الأنهار عن العراق حتى خلال الحرب العراقية الإيرانية )1980 - 1988.)

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom