Al-Quds Al-Arabi

منظمو أولمبياد طوكيو يواجهون معضلة الرسائل السياسية للرياضيين!

- لندن - «القدس العربي»:

لـسـنـوات اسـتـرشـدت اللجنة الاولمبية الدولية بالقاعدة رقم 50 من ميثاقها، والتي تنصّ على أنه لا يُسمح «بأي نوع من التظاهرات أو البروباغند­ا السياسية أو الدينية أو العرقية» في المواقع أو المنشآت الأولمبية. ومـع ذلــك، تعرّض هذا المبدأ «للانتهاك» خلال اضطرابات عام 2020 وبات يَنظر إليه النقاد على أنه مفهومٌ عفا عليه الزمن من حقبة ماضية، حيث أظهر الرياضيون في جميع أنحاء العالم دعمهم لحركة «بـاك لايفز ماتر» (حياة السود مهمة(.

وبعد مرور 53 عاما على الرسالة الاحتجاجية التي وجهّها الأمريكيان تـومـي سميث وجـــون كـارلـوس على منصة التتويج في أولمبياد مكسيكو، يستعد جيلٌ جديدٌ من الـريـاضـي­ـن الـنـاشـطـ­ن لتصدّر العناوين للأهداف ذاتها في ألعاب طوكيو. وواجه العداءان الأمريكيان عقوبة قصوى بسبب تحية «القبضة بالقفازات السوداء» في دورة العام 1968، وطُردا من الألعاب وعادا إلى الوطن حيث اتُهما بالسلوك المخزي على نطاق واسع. لكن بعدما تغيّرت المواقف اتجـاه سميث وكارلوس مع مرور الوقت، حيث يُحتفل الآن بالثنائي كبطلين منهاضَين من

أجل الحقوق المدنية، لا تزال اللجنة الأولمبية الدولية تعارض أي نوع من الاحتجاج على منصات التتويج. يعني ذلك أن الرياضيين الأمريكيين العازمين على استخدام منصاتهم للفت الانتباه إلى الظلم العنصري الذي عاد إلى الواجهة بشكل لافت في أعقاب مقتل جورج فلويد العام الماضي، هم في مسار تصادمي مع القيّمين على الأولمبياد.

في الـولايـات المتحدة، أجبرت الاحتجاجات المناهضة للعنصرية الـلـجـنـة الأولمــبـ­ـيــة والـبـارال­مـبـيـة الأمـريـكـ­يـة على اتــخــاذ منعطف درامي. وفي 2019، وجّهت اللجنة توبيخا لـرامـيـة المـطـرقـة غوين بـيـري والمـــبــ­ـارز رايـــس إمـبـوديـن بسبب المظاهر الاحتجاجية على منصة التتويج خلال ألعاب القارة الأمريكية في العاصمة البيروفية ليما، محذّرة من أن عقوبات أكثر قــســاوة فــي انـتـظـار الرياضيين الذين يقومون بذلك في الألعاب الأولمـبـي­ـة. لكن المشهد تغيّر في أعقاب مقتل فلويد، حيث راجعت اللجنة قـواعـدهـا وبـاتـت تسمح

بالاحتجاجا­ت مثل الـركـوع على ركبة أو رفع القبضة المشدودة على المنصة. وفي حين أن تغيير القاعدة ينطبق فقط على المنافسات المحلية، أوضحت اللجنة الأولمبية الأمريكية أنها لن تعاقب الرياضيين الذين يحتجون في ألعاب طوكيو التي تنطلق الجمعة المقبل. وقالت المديرة التنفيذية للجنة سارة هيرشلاند: «من الأهمية القول بشكل لا لبس فيه إن حقوق الإنسان ليست سياسية، ويجب عـدم الخلط بين الدعوات السلمية للإنصاف والمساواة من

جهة والتظاهرات الانقسامية من جهة أخـــرى». وتؤكد بيري التي عوقبت من اللجنة الامريكية في 2019 أنها لن تتردد في الاحتجاج في حال فازت بميدالية في طوكيو. وقـامـت اللاعبة البالغة 32 عاما بوقفة احتجاجية خلال التجارب الامريكية فـي سباقات المضمار والميدان الشهر الماضي في ولاية أوريغون، عندما أدارت ظهرها للعلم الأمريكي عند عزف النشيد الوطني خلال حفل توزيع الميداليات. وقالت بـيـري بعد تأهلها إلــى طوكيو: «عندما أصل إلى هناك سأفكّر بما سأقوم به. ما عليّ فعله هو التحدث باسم مجتمعي، تمثيل مجتمعي ومساعدة مجتمعي، لأنه أهم بكثير من الرياضة».

ومع ذلك، رفضت اللجنة الأولمبية الدولية صرف النظر عن القاعدة 50. في حين أن الإرشادات المحدّثة الصادرة في 2 تموز/يوليو تسمح للرياضيين الاحتجاج بشكل سلمي قبل المنافسات، لا يزال أي نوع من التظاهرات على المنصة ممنوعا. لكن ما هو غير واضح حتى الآن هي العقوبة التي سيواجهونها. وتنص قـواعـد اللجنة الأولمـبـي­ـة الدولية المحدّثة على أن العواقب التأديبية ستكون «متناسبة مـع مستوى الزعزعة ودرجــة المخالفة التي لا تتوافق مع القيم الأولمبية».

وتـــرى «غـلـوبـل أثـلـيـت» وهـي

منظمة غير هادفة للربح تدافع عن الرياضيين في جميع أنحاء العالم والتي كانت دائمًا معارضة للقاعدة 50، أن تهويل اللجنة الأولمبية الدولية قد يكون أكبر من فعلها عندما يتعلق الأمــر بمعاقبة الرياضيين. وقال روب كولر المدير العام للمنظمة: «سأتفاجأ كثيرا في حال عاقبت اللجنة الدولية أي شخص يركع على ركبة واحـدة أو يرفع قبضته على منصة التتويج. إذ إن رد الفعل العنيف من المجتمع سيكون هائلا، سيواجهون بعض الأمــور التي لا يمكنهم التعافي منها أبدا.» وتابع: «تتحدث اللجنة الأولمبية الدولية عن هـذا النهج العقابي القاسي، قُم بذلك وستكون خارج الألعاب. لكنها عقوبة تعسفية. لا توجد قواعد حقيقية بشأن ما سيحدث إذا فعلتَ ذلــك.» ويؤكد: «اللجنة الأولمبية الدولية ليست محايدة سياسيا، كيف تتوقع شيئا مختلفا من الرياضيين ولكنك تتوقعه من نفسك؟»، مضيفًا ان رئيس اللجنة «توماس باخ يلتقي الرؤساء عندما يزور البلدان الاجنبية. لماذا تلتقي الـرؤسـاء؟ لأنها )اللجنة( منظمة سياسية». ويختم: «عليك أن تسمح للرياضيين باتباع نفس النهج الذي تملكه، وإذا كانت لديك وجهة نظر بشأن شـيء مـا، فيجب أن تكون قادرا على التعبير عنه».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom