Al-Quds Al-Arabi

مبادرة حمدوك: هل ثمة ضوء في آخر النفق؟

- سيداحمد علي بلال

أو كادقلي في جنوب كردفان . يأتي ذلك كله والسلطة الانتقالية بشقيها الوزاري والسيادي تقاتل من أجل اكتساب الخبرة للتعامل مع أمر إدارة دولة والذي يختلف من إدارة تحالف سياسي معارض أو مـنـاطـق ضيقة تحــت إدارة جماعات كفاح مسلح/حركات مـتـمـردة على سلطات الــدولــة. ويظهر ضعف الخبرة والسعي لتكوينها لإدارة حياة الناس، في التردي الظاهر في قطاع الخدمات من وقود وصحة ونظافة وتعليم، وتحـسـن قـطـاعـات منه لفترات يستقر فيها إمـــداد الــوقــود أو الـكـهـربـ­اء أو الــــدواء لشهر أو شهرين ثم يدخل أي قطاع منها في أزمات حادة وندرة في الخدمة تكاد تكون خانقة وقاتلة للجهاز التنفيذي والحكومة التي تسارع لمضاعفة سعر السلعة الأساسية من وقـود أو خبز ليهيج المواطن

ويظهر ضجره في شكل مظاهرات وإغــاق الطرقات احتجاجا، ثم يعود ويتكيف مع السعر الجديد قبل أن تنعدم الخدمة لتدور نفس الساقية مـن جـديـد ويظهر قلة الخـبـرة والعمل على اكتسابها واضحا في متلازمة الندرة ورفع الأسعار والاحتجاجا­ت ثم الوفرة وهكذا دواليك. الانشقاق في هرم السلطة

لكن المخيف فـي أمـر الانتقال الـذي تشهده الدولة السودانية لــيــس ضــعــف الخـــبـــ­رة ولـكـنـه الانشقاق الظاهر في هرم السلطة داخــل المكون العسكري تحديدا وهـــو الانــشــق­ــاق الــــذي ماثله اصطفاف مماثل في القوى المدنية والحزبية التي اكتفت بدور المناورة بين المكونين العسكريين ولا مبادرة لتحقيق مبدأ القيادة المدنية إلا من محاولة أخيرة من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي أطلق مبادرة سياسية اسماها «الطريق للأمام» بعد أن وجــد نفسه بــن تحمل مسؤولية تاريخية عـن الفشل أو النجاح في وطـن يحاول قدر الإمـكـان عـدم الغرق والانضمام لــنــادي الــــدول الـفـاشـلـ­ة. حيث وصــف حـمـدوك هــذا التشاكس بوضوح في مبادرته عندما تحدث عن وجود خلاف عسكري عسكري ومـــدنـــ­ي مـــع الـعـسـكـر ومــدنــي مدني، وهي وصفة الدخول في نــادي الـــدول الفاشلة بامتياز. كل هـذه الخلافات مقدور عليها لكن الخلاف العسكري العسكري يهدد بقاء الدولة السودانية رغم نفي العسكريين المتكرر له عقب كل شائعة أو أزمة لكنه ظاهر في الاصـطـفـا­ف بـن رأســي القوات النظامية والذي على أقل الفروض يكبل الدولة في السير في الطريق لــأمــام، مـع ان قـاعـدة الانتقال فــي الـــســـو­دان اثـيـة الأضـــاع )عسكريين/ مدنيين وقوى حديثة ثــائــرة/ وحــركــات كـفـاح مسلح أو جماعات مطلبية مسلحة لو شئت( لكن كل ضلع من هؤلاء لا يرى الضعف الكامن فيه ويعمل للانقضاض على أحـد الضلعين الآخرين والاستفراد بجهاز الدولة دونا عن الآخرين، وهذا ظاهر في دعوات إعادة العسكريين للثكنات تحقيقا للحلم السياسي لدولة مدنية مع استخسار مكتسبات قــوى الـسـام الـتـي تحـــاول هي الأخـــــر­ى تمــتــن الــتــحــ­الــف مع الـعـسـكـر­يـن لإخــــراج المـدنـيـن والقوى الحزبية التي يصورونها لأنفسهم أنها بلا جماهير وحصلت عـلـى السلطة فــي حــن غفلة . كل هذا الصراع السياسي داخل مــكــونــ­ات الـسـلـطـة بأضلاعها الثلاثة آنفة الذكر التي لا تريد أن تــرى )عـوجـة رقبتها( يوفر مساحات خالية واسعة تتحرك فيه الدولة القديمة/نظام البشير للتمدد واكتساب أرضـيـة تبني فـيـهـا عــلــى ســخــط الجـمـاهـي­ـر

بغية الـصـعـود للحكم مـجـددا. يأتي ذلك كله في خضم مشاكل إقليمية تهدد بقاء السودان مستقرا بشكل جاد أن كان بجهة التوتر مـع إثيوبيا بشأن سـد النهضة وأراضـــي الفشقة والحـــدود، أو الصراع الداخلي في إثيوبيا من حـــروب وتـدفـق لاجـئـن وسـاح وتقاطعات إقليمية مع ارتريا التي كلما شعرت أن الخرطوم بعيدة عن دعم اسمرا حركت عناصرها فـي شــرق الــســودا­ن المجـــاور لها لتخفيف الضغط عليها أو كف يد الـسـودان عن حليفتها الجديدة أديس أبابا أو أبي احمد تحديدا، في ظل سعي مصر للحفاظ على حقوقها المائية من داخل أراضي السودان الذي تتصارع على أرضه رغبات دولية متمثلة في الولايات المـتـحـدة الــتــي تــريــد للخرطوم توجها غربيا نحوها ونحو أوروبا وإسرائيل مقابل دعمها للاستقرار واكـمـال الانتقال للشوط حتى نهاية الديمقراطي­ة وتبادل السلطة، في حين تريد روسيا المحافظة على مكانتها التي حازتها من الرئيس السابق عمر البشير طوال سنوات حكمه الثلاثين وليس لدى موسكو أي وازع أو رادع يمنعها من استمرار نظام شمولي ديكتاتوري في مقرن النيلين وأرض الذهب التي مصت عروقه لسنوات طويلة وتـــراود العسكريين عن نفسهم لتحقيق مصالحها والمحافظة على امتيازاتها الاقتصادية وموقع السودان الجغرافي في إطار خطتها للعودة والسيطرة فـي أفريقيا التي تظهر في أفريقيا الوسطى المجاورة للسودان بشكل مخيف. أوضــح صـور النجاح بعد مرور عــامــن عــلــى تــوقــيــ­ع الـوثـيـقـ­ة الدستورية في شهر آب/اغسطس تتمثل في رفـع العقوبات واسم الـــســـو­دان مــن لائــحــة الإرهـــاب وإعــفــاء الــديــون والتطبيع مع الاقـتـصـا­د العالمي ومؤسساته من بنك وصندوق النقد الدولي، وعـــــودة الــتــحــ­ويــات البنكية مباشرة من مصارف الخرطوم. ضعف الأداء الحكومي

وأبــرز صـور الفشل أو سمها تحديات تلطفا تظهر في ضعف الأداء الحــكــوم­ــي وان كـانـت الحكومة الثانية التي جرى إعلانها قبل 6 أشهر تظهر أفضل حالا من الحكومة الأولى لكنها ينطبق عليها عجز القادرين عن الاتمام حيث لم تستطع الحكومة الثانية إكمال هياكل الحكم في الولايات التي تكمل عامين بـا حكومات تنفيذية أو مجالس تشريعية، حيث تجد في كل ولاية أو إقليم، مسرح الـرجـل الـواحـد أو المــرأة الواحدة يحكم لكنه لا يحكم لأنه مسير بفعل جهاز الدولة الموالي للبشير وحزبه، ولا تجد تفسيرا لـعـدم إكـمـال هياكل الحـكـم من مجالس وزارات ومحليات سوى العجز عن اتمام الفعل السياسي.

هذا الضعف وسط الحاكمين في الخـرطـوم من أحــزاب مصطرعة عــلــى تــكــويــ­ش أكـــبـــر قــــدر من المحاصصة السياسية والممتد حتى عواصم الولايات والأقاليم، قاد لتمدد الطموح السياسي للصعود على أكتاف القبيلة ما قاد لتفشي القبلية والـصـراعـ­ات العنصرية العنيفة ليمد رجال وقادة القبائل أرجلهم ولسانهم للقوى الحديثة في أكبر ارتداد في تاريخ الثورات التي استخدمت فيها كل فنون ومخرجات الحداثة من سوشال ميديا وإنترنت وشباب متطلع للتغيير لكنه وجد أن كهول الإدارة الأهـلـيـة تـسـيـدوا المشهد الــذي عمت به الفوضى الأمنية جراء كل ذلك وصـارت حروب القبائل وطموحات نخبها تعم الأرجــاء مــن شـــرق الـــســـو­دان وحـــوادث القتل على الهوية والعنصرية فـي البحر الأحـمـر ورجــع صدى ذلك في ولايـة كسلا والقضارف مرورا بالنيل الأزرق حيث للصراع أكثر من وجـه، أولـه داخـل قبائل المنطقة حيث الصراع بين الادوك الذين يـوالـون عبدالعزيز الحلو وقبائل الانقسنا الذين ينتمي لهم عضو مجلس السيادة مالك عقار رئـيـس جـنـاح الحـركـة الشعبية التي وقعت السلام، وهو الصراع الـــذي يـأخـذ شكلا مشابها في غـرب كـردفـان وجـنـوب كردفان وصولا إلى دارفــور حيث مسرى الـصـراعـا­ت القبلية ومعراجها. يبقى مسار النجاح واضحا في إكمال هياكل الحكم مع الاحلال والإبـــــ­دال فــي حـكـام الــولايــ­ات وتجويد الأداء الحكومي في جانب الاقتصاد بتقليل وطأة سياسات التحرير الاقتصادي ووقف ربط السلع الأساسية والخدمات بسعر الدولار أو السعر العالمي، وتحقيق الــتــواف­ــق الـسـيـاسـ­ي وإيــقــاف الــصــراع­ــات بــن أضـــاع المثلث )عسكريين/ مدنيين/ قوى سلام( عبر مبادرة سياسية مثل مبادرة رئيس الوزراء الحالية، مع الإبحار والمــنــا­ورة بـن رغـبـات التيارات الــعــالم­ــيــة والإقــلــ­يــمــيــة وتجـنـب الدخول في حروب خارج حدود السودان للمحافظة على السودان نفسه مــوجــودا فــي الأســـاس. أما وصفة الفشل فبوادرها بائنة وعديدة منها صـدام العسكريين فيما بينهم والتي يمكن بسهولة ان تقود لفناء الـسـودان كدولة وحكومة وشـعـب؛ أو استمرار سـوء الأداء الحكومي مع تنفيذ سياسات اقتصادية قاسية ما يزيد من الفقر والجريمة والخروج في تظاهرات تخلف لا دولة تعتمد شريعة الغاب، أو في سياسة الشد من الأطراف باستمرار الصراعات القبلية وسط أطماع إقليمية .

أخــيــرا خـــرج رئـيـس الــــوزرا­ء السوداني عبدالله حمدوك عن نبرته الخافتة إلى نبرة أعلى، إذ أعلن عن مبادرة بعنوان «الأزمـة الوطنية وقضايا الانتقال-الطريق إلى الأمام» تحدث فيها عن أزمة أو نوع من انسداد الأفق أمام حكومته مدافعاً عن تصوره لإدارة الشأن العام.

كتب حمدوك في مبادرته التي أعلن عنها يوم 22 حزيران/يونيو 2021 عن أزمـة وطنية شاملة لم تشهدها الـبـاد منذ الاستقلال وحدّد مظاهرها بـ«غياب المشروع الـوطـنـي الـــذي يحظى باجماع السودانيين» لكن لم ينس أن يعدد إنجـــازات حكومته فـي العامين السابقين بالآتي: «السلام وفك العزلة الدولية وإزالــة السودان عن قائمة الإرهاب، والإصلاحات القانونية والسياسية والانفتاح الاقتصادي».

ولخـص حمدوك في مبادرته التحديات التي تعترض مسار الانـتـقـا­ل بعناوين عريضة هي «الوضع الاقتصادي-والعدالة والسيادة الوطنية، والعلاقات الخارجية، واستكمال السلام، وتعدد مراكز القرار وتضاربها، والـــوضــ­ـع الأمــنــي والــتــوت­ــرات الاجتماعية والــفــسـ­ـاد، وإزالـــة التمكين وبناء المؤسسات».

وتم تقسيم مبادرته المكتوبة إلى ستة بنود هي: التمهيد؛ ومظاهر الأزمــــة الــعــامـ­ـة وخــطــرهـ­ـا على الانتقال؛ والوجه الجديد للأزمة وخطره على الــســودا­ن؛ وأسس التسوية السياسية الشاملة؛ والطريق إلى الأمـام الذي يضمن مقترحات.

فـــي مــظــاهــ­ر الأزمـــــ­ة الـعـامـة وخطرها على الانـتـقـا­ل، ينتقل حمدوك إلى الوجه الجديد للأزمة وخطره على السودان فيقول بنبرة مرتفعة: «شهدت الفترة الماضية تصاعد الخلاف بين شركاء الفترة الانتقالية مما شكل خطرا جديا لا على الفترة الانتقالية فحسب بل على وجود السودان نفسه، وقد بـذلـت مـجـهـودات فـي التواصل مع الأطــراف المختلفة ونـزع فتيل الأزمــة، والتي أرى أنها لن تحل إلا فــي إطـــار تـسـويـة سياسية تشمل تـوحـيـد الجـبـهـة المدنية والعسكريين وإيجاد رؤية مشتركة بينهما للتوجه صـــوب إنجــاح المرحلة الانتقالية وبناء الدولة المدنية الديمقراطي­ة التي تنهض على قاعدة المواطنة المتساوية».

سباق سياسي

يأتي كل هذا القول على خلفية سـبـاق سـيـاسـي أتـــى بعبدالله حمدوك إلى دائرة الفعل السياسي المباشر في ظل ظروف معقدة يمكن رصد ملامحها العامة منذ انتفاضة ايلول/سبتمبر 2013 التي شهدت تظاهرات ضخمة وتمت مواجهتها بالقوة المفرطة مما أدى إلى مقتل 170 شخصاً.

حيث كان النظام السابق يرتكز على ترسانة من أسلحة وجنود القوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع وقوات وميليشيات جهاز الأمـــن وحـــزب المــؤتمــ­ر الوطني وميليشياته.

لـكـن الــتــظــ­اهــرات عـــادت من جديد في كانون الأول/ديسمبر 2018 بعد قــرار الرئيس المخلوع البشير بـرفـع الـدعـم عـن الخبر وغـاء الأسعار وتدهور الأحـوال المعيشية.

وفـــي كــانــون الـثـانـي/يـنـايـر 2019 عـقـد صـــاح قـــوش مدير جهاز المخابرات اجتماعاً مع قادة المعارضة السودانية والمجتمع المـدنـي معبرا عـن دعمه لانتقال السلطة.

وفــي 11 نيسان/أبريل أعلن قادة جهاز الأمن الوطني والجيش وقـــوات الـدعـم السريع عـن خلع البشير وتسليم الجنرال عوض ابن عوف السلطة، بصفته قائداً لـلـجـيـش. لـكـن المـتـظـاه­ـريـن لم يقتنعوا بذلك وظلوا معتصمين بميدان القيادة العسكرية تحت

لـواء تنظيم اتحـاد المهنيين، وهو ائــتــاف نـقـابـي أصــــدر وثيقة دستورية طالبت بتشكيل حكومة انتقالية وأنـهـاء الحــرب الأهلية وعقد مؤتمر دسـتـوري، ووقعت على الوثيقة قــوى عــديــدة مما أدى إلـــى تـكـويـن قـــوى إعــان الحرية والتغيير، وصـارت مظلة لقوى ثم حاضنة للقوى الموقعة عـلـى إعـــان الحــريــة والتغيير. أمـــا الصيغة الـتـي انبثقت من الوثيقة الدستورية فإنها أعطت دورا مركزياً للقطاع العسكري - الأمة وبالتالي أعطت البرهان، بحكم الأمر الواقع، منصب رئيس الـدولـة وحافظت على السيطرة العسكرية على جميع الشؤون الأمنية والدفاعية لكنها تركت حينذاك قضية الـسـام معلقة.

رأب الصدع

وبالرجوع إلى مبادرة حمدوك الــذي يبدو فيها مفاوضاً لرأب صــدع أطـــراف فـي تحـالـف أكثر مما هو تنفيذي، يبرز خطابه الذي يفيض بالعموميات كـي يعطي الجـمـيـع فـرصـة الانـــضــ­ـواء فيه والذي يفضي إلى «أسس لتسوية سياسية شاملة» فنجد فيه «في الطريق إلى الأمام» الذي يقدم:

أولا: إصـــاح الـقـطـاع الأمني

والعسكري )يقول حمدوك بأن هـــذه ليست مهمة العسكريين وحدهم، وبدونها لا يمكن إجراء اي إصلاح آخر(؛

ثـانـيـا: قضية الـعـدالـة )على مـن تقع مسؤولية مذبحة فض الاعتصام؟(؛

ثالثا: قضايا الاقتصاد )جعل الاهـتـمـا­م بـالخـارج تكملة لجهد الداخل(؛

رابعا: السلام )استكمال عملية السلام وتعزيز الإرادة السياسية لشركاء السلام(؛

خامسا: تفكيك نظام 30 يونيو ومحاربة الفساد؛

سادسا: السياسة الخارجية )تكوين آلية واحــدة بين أطـراف المرحلة الانتقالية(؛

سـابـعـا: المجـلـس التشريعي )تكوين المجلس في مدة أقصاها شهر(.

لــكــن مـــن بـــن نــصــوص هــذه المبادرة لا بد للمراقب أن يتوقف طويلا أمام مقطعين؛ المقطع الأول ينحو منحاً تفكيكيّاً إذ يطالب بـ: «اضطلاع الجهاز التنفيذي بدور أكبر فـي إدارة جهاز المخـابـرا­ت وتغيير كـافـة مــــدراء الإدارات بآخرين حادبين على إنجاح المرحلة الانتقالية وإجــــراء إصـاحـات جوهرية وسريعة في هيكلة وطرق عملية».

ويتبنى المقطع الثاني، شديد الأهـمـيّـة :»تـكـويـن لجنة وطنية للعدالة الانتقالية تتولى مهمة الاتفاق على القانون والمفوضية وتصميم عملية شاملة بمشاركة ذوي الضحايا تتضمن كشف الحـقـائـق وإنــصــاف الضحايا والمصالحة الشاملة والإصــاح المؤسسي الذي يتضمن عدم تكرار الماضي مجددا».

ربما يجلب المقطع الثاني، حلولا لعدد من القضايا وقد تتضح من خلاله أشياء غامضة في مسار الـعـدالـة الانتقالية لــم تتوصل إليها التحقيقات، وربما قد لا يتم التوصل إليها بالطريقة التقليدية وربما إذا نجحت مثل هذه المساعي قـد ينفتح الطريق واسـعـاً أمـام رئاسة مدنية للمرحلة الانتقالية.

إلى جانب التعميمات ومحاولة إرضـــاء الجميع هـنـاك مـا ذكـره حـمـدوك فـي لقائه مـع الشباب العاملين مـع لجنة تفكيك نظام 30 يونيو والذي تم توزيع مقاطع كثيرة منه بمـا فـي ذلــك إشــارة حـمـدوك إلــى «وجـــود ضــوء في نهاية النفق».

كما أن اللقاء التنويري للضباط من الجيش وقوات الدعم السريع فوق رتبة عميد والـذي جرى يوم 24 حزيران/يونيو المنصرم والذي حضره البرهان وحمدتي قد شهد تصريحات قال فيها البرهان: «إن القوات المسلحة والدعم السريع قوة واحـدة على قلب رجل واحد هدفها المحافظة على أمن السودان والمواطنين ووحـدة التراب وأنها بالمرصاد للعدو الذي يسعى إلى تفكيك الـسـودان» فهل تميل كفة المدنيين أم هي مجرد أحلام مدنية تسكن الأزمة وتقليل مدى الفترة الانتقالية حتى يأتيها الخلاص بالانتخابا­ت، مما يؤكد أن الإشارة إلى وجود صدع بين العسكريين خـصـوصـاً وهـــم مـقـدمـون على ترتيبات أمنية لا بد أنها ستشكل حــافــزاً لــصــراع مصالح تضعه مــبــادرة حـمـدوك فـي حسبانها ولا تستصغره وتضعه في خانة الاشاعات، في البحث عن توازن مـسـتـقـر ضـمـن قـطـبـي الجـيـش والدعم السريع؟

ويــظــل الاقــتــص­ــاد والــوضــع المعيشي شـاغـاً أساسياً حتى نهاية المرحلة الانتقالية.

التفاؤل هو ألا يكون السودان حقل تجارب، حيث اقيمت فيه عام 2005 مع اتفاقية السلام الشامل، ترتيبات لوجود نظامين في بلد واحد أدى إلى انفصال واستقلال جنوب السودان، بينما أقيم عام 2019 نظام )عسكري- مدني( برأسين أحدهما بقرون والآخـر بأنامل ناعمة.

 ??  ??
 ??  ?? عبدالله حمدوك
عبدالله حمدوك

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom