Al-Quds Al-Arabi

«واشنطن بوست»: إدارة بايدن أخطرت الكونغرس بصفقات أسلحة لمصر والفلبين وإسرائيل ... فأين حقوق الإنسان؟

- لندن ـ «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

علّقت إليســا إبســتين من منظمة «هيومان رايتــس ووتش» في مقال نشــرته صحيفة «واشــنطن بوســت» على إخطار إدارة جوزيف بايدن الكونغرس في حزيران/ يونيو باقتراح بيع أســلحة تزيد قيمتها عن 2.5 مليار دولار إلى الفلبين، بما في ذلك طائرات مقاتلة ونوعان من الصواريخ الدقيقة.

وجاء الإشــعار بعد أقل من أســبوعين من طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الموافقة على فتح تحقيق رسمي في جرائم ضد الإنسانية تتعلق بحرب الفلبين الوحشــية على المخدرات. وأعربت منظمات حقوق الإنسان فوراً عن قلقها من مكافأة الإدارة حكومة مسيئة على نحو متزايد بمثــل هذه الصفقــة الضخمة للأســلحة، وبخاصة في ضــوء التعهدات العلنية من قبل كل من الرئيس بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن بأن الإدارة الجديدة ستضع حقوق الإنسان في قـــلب الســـياسة الخارجيـة الأمريكيـة.

تدمير الأبراج

وتقول الكاتبة إن هذه ليســت المرة الأولــى التي تجد فيها إدارة بايدن نفســها موضع انتقادات بعد إعلان صفقات أســلحة خــال فترة حكمها القصيــرة. ففي شــباط/ فبراير، وافقــت أمريكا على خطــط لبيع مصر صواريخ بقيمة 197 مليون دولار.

في أيار/ مايو، انتشــرت أنباء عن الموافقة على صفقة بيع أسلحة بقيمة 735 مليــون دولار مــن القنابل الموجهة بدقة لإســرائيل وســط هجومها العسكري الأخير على غزة، حيث استخدمت ذخائر كبيرة دقيقة التوجيه لتدمير الأبراج التي تحتوي على عشرات الشركات والمنازل بحجة وجود بعــض التواجد غير المثبت لحماس في تلك المواقــع. ووفقا للأمم المتحدة، قتلت الضربات الجوية الإسرائيلي­ة في أيار/ مايو 260 فلسطينياً في غزة، من بينهم ما لا يقل عن 129 مدنياً، بينهم 66 طفلاً.

وهو ما يعني صراحة أن إدارة بايدن تبيع الأسلحة لثلاثة بلدان تنتهك حقوق الإنســان على الأقل الفلبين ومصر وإســرائيل على الرغم من تعهدها بجعل حقوق الإنسان مركزية في سياستها الخارجية.

وتقول الكاتبة إن الجيش الفلبيني كان مســؤولا عن انتهاكات خطيرة في عملياتــه لمكافحة التمــرد، بما في ذلــك القتل خارج نطــاق القانون للناشــطين السياســيي­ن ومنظمــي أنشــطة الفلاحين وزعماء الســكان الأصليين. كما مارس الختم بالأحمر متهماً الناشــطين اليساريين بصلاتهم بالتمرد الشيوعي، مما أدى في كثير من الأحيان إلى قتل الناشطين.

ولــم تكن حكومــة الرئيس رودريغــو دوتيرتي مســتعدة للاعتراف بالانتهاكا­ت ناهيك عن معالجتها، ولم تربط إدارة بايدن البيع بأي شروط

على الأقل ليس علنا. في اليوم التالي لإخطار الكونغرس بالصفقة، أعلن رئيس الشــرطة الفلبينية عن إنشاء ميليشيا مسلحة جديدة لتكون «قوة مضاعفة» لمساعدة جهود مكافحة التمرد و «حرب المخدرات.»

وفي الوقت نفسه، تتواصل مبيعات الأسلحة ومساعدات أمنية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار لمصر على الرغم من سنوات من تدهور أوضاع حقوق الإنســان في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، من جرائم حرب محتملة في حملة عسكرية مطولة في شمال سيناء، إلى آلاف المعارضين المحتجزين بشــكل تعســفي، والمحتجزين لأجل غير مســمى، ويتعرضون للتعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة.

ولم تقم الحكومة المصرية حتى بالتظاهر بالسعي للمساءلة في عمليات القتل واسعة النطاق والممنهجة لما لا يقل عن 1150 متظاهراً في 2013، 817 منهم على الأقل في يوم واحد في أحد مواقع الاحتجاج.

وفــي الواقع، قبل أيــام من الإعلان عــن بيع الأســلحة الأخير، داهم المســؤولو­ن المصريون منازل عائلــة المدافع عن حقوق الإنســان محمد سلطان في مصر، واعتقلوا تعسفياً العديد من أبناء عمومته.

ثم جــاء الصراع في غزة على خلفية القمع المتصاعد للفلســطين­يين في القدس الشــرقية المحتلة، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة ضد المصلين في المســجد الأقصى، والجهود التمييزية من قبل الســلطات الإسرائيلي­ة لإخراج العائلات الفلســطين­ية من منازلهم - سياســات وأفعال تشــكل جزءاً من جرائم الحكومة الإســرائي­لية ضد الإنســاني­ة من فصل عنصري واضطهاد.

واعتاد المســؤولو­ن الأمريكيــ­ون على الحديث عن مبيعات الأســلحة كمسألة عسكرية أو أمنية فقط، بعيدا عن الأولويات الدبلوماسي­ة وحقوق الإنســان الأخرى. ولكن مــن الناحية العملية، فإن هــذا النهج له عواقب وخيمة على قدرة أمريكا على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها.

وترى الكاتبة إنه يجب على إدارة بايــدن الوفاء بالتزاماته­ا في مجال حقوق الإنســان. إذا لم تســتطع أو لــم ترغب، فيجب علــى الكونغرس ممارسة درجة إشراف أكبر ومعارضة البيع للأنظمة المسيئة. ولا يزال من الممكن وقف البيع في الفلبين إذا أقر الكونغرس تشــريعا يمنع الاســتمرا­ر في الصفقة.

حكومات سيئة السلوك

لكن حقيقة إخطار الإدارة الكونغرس في النصف الأول فقط من توليها المنصب بثلاث صفقات أسلحة رئيسية لحكومات سيئة السلوك، أمر مقلق للغاية. ويجب على الكونغرس الضغط على الإدارة للتأكد من أن المبيعات الأمريكية لا تكافئ أو تشجع السلوك الســيئ، أو أن الأسلحة لا تستخدم لمزيد من انتهاكات حقوق الإنســان. ويمكن للكونغرس أن يفعل بعضاً من ذلك بنفسه، على سبيل المثال، بإدراج شــروط حقوق الإنسان في مجمل المساعدة الأمنية التي غالباً ما تمول هذه المبيعات، كما فعل لجزء صغير من 1.3 مليار دولار من المســاعدا­ت العسكرية التي تتلقاها مصر سنوياً. يجب على الكونغرس أيضاً الإصرار على أن تشترط الإدارة تحسينات ملموسة يمكن التحقق منها في مجال حقوق الإنسان للمضي في هذه المبيعات.

وفي النهاية، لا يمكــن للحكومة الأمريكية أن تدعــي أنها تعزز حقوق الإنسان بينما تبيع أســلحة متطورة للحكومات المنتهكة لحقوق الإنسان. فهذا لا يقوض مصداقية بايدن فحسب، بل إنه يقوض أيضاً احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom