حزب مغربي معارض: الانتخابات المقبلة ستجري في سياق ... لكن العزوف عن المشاركة لن يحل المشكلة «أزمة ثقة»
يرى حــزب "التقدم والاشــتراكية" المغربي المعــارض أن الانتخابات التشــريعية والبلدية المقرر تنظيمها أيلول/ سبتمبر المقبل، ستجري في سياق مطبوع بما ينعته الكثيرون بـ"أزمة الثقة".
ويعتبر أن هذه الأزمة "واقع لا جدال فيه، وتتســم بالشمول، وتعاني منها كل المؤسسات الحكومية والهيئات العمومية والمؤسسات التمثيلية والأحزاب والنقابات بالإضافة إلــى فاعلين وقوى أخرى متنوعة" مؤكداً أن استعادة الثقة أصبحت رهاناً أساسياً للاستحقاقات الانتخابية المقبلة ورهاناً للتشكيلة الحكومية التي ستفرزها.
وقــال إن "محاولة نكران هــذا الواقع، وعدم الاهتمام بالشــأن العام المتمثل في العزوف عن المشاركة لن يشكلا الحل أبداً".
تداعيات أزمة كوفيد
جــاء ذلك في تقــديم البرنامــج الانتخابي الذي كشــف عنه الحزب المذكور، مستحضراً سياق الوضعية الوبائية الحالي، حيث ذكر أن الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار كوفيد19 ما زالت تفرز تداعيات عميقة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
وأشــار إلى أنه مــن المؤكد أنه ســيكون على الحكومــة المقبلة تدبير ومعالجة وضعيــة صعبة جداً، نتيجــة هذه التداعيات وما ســبقها من إخفاقات، والتي كشفت ضخامة الفقر والهشاشة المتفشيين وسط سكان الوطن، والعجز المتراكم والمتفاقم في قطاعي الصحة والتعليم، وما عمقته من تفاوتــات اجتماعية ومجالية، حيث أدت إلى الإيقاف شــبه النهائي لكثير من الأنشطة وزادت في حجم العطالة، وبالخصوص وسط الشباب )أكثر من 40 فــي المئة(، وقلصت من المداخيــل الضريبية )ما يقرب من 6 فــي المئة( وأضعفت الرؤى والأفق، مما أدى إلــى نوع من الانكماش لدى المقاولات والمستثمرين.
رغم كل ذلك، يوضح "التقدم والاشــتراكية" تمكن المغرب، في المجمل، من التحكم فــي تدبير الجائحة بفضل الاختيــارات والتوجهات المقدامة للعاهــل المغربي، حيث تحقق، على وجه الاســتعجال، مواجهة العواقب الاقتصادية والاجتماعيــة، وإدارة الحملة الوطنيــة للتطعيم بنجاعة، رغم ضعف التواصــل الذي برهنت عليــه الحكومة، نظــراً لعدم قربها وعدم تحاورها مع المواطنين باعتبارهم أكبر المتضررين من الأزمة.
يقوم البرنامج الانتخابي لهــذا الحزب المعارض، وفق ما اطلعت عليه "القدس العربي"، على المحــاور التالية: ضرورة بناء اقتصاد قوي مدمج يوفر فرص العمل، وأهمية متطلبات الاســتقلالية والسيادة الوطنية في المجالات الاقتصادية الاســتراتيجية من صحة وصناعة وطاقة وتغذية، وإعطاء الأســبقية القصوى للتربية والتعليم، بمــا في ذلك القضاء على الأميــة، والصحة، والثقافــة والقضايا الإيكولوجية، )بطالة الشــباب، بمن فيهم خريجو الجامعــات والمعاهد(، محاربة الفــوارق الاجتماعية
محمد نبيل بن عبد الله
والمجالية، وإبراز الــدور المركزي للدولة الفنية والحامية، وتحفيز الروح الوطنية العالية للمغاربة، وتضامنهم وقدراتهم الابتكارية، والاســتمرار في الكفاح من أجل الوحدة الترابية كقضية وطنية أولى، وضرورة تعزيز الجبهة الداخلية.
رد الاعتبار للشباب
ويلــح "التقدم والاشــتراكية" على أن الهدف الــذي يجب تحقيقه في الأمــد القريب يتمثل في تحقيق معدل نمــو لا يقل عن 6 في المئة على مدى زمني مستمر. كما يدعو إلى رد الاعتبار لفئة الشباب، عبر صياغة وتفعيل استراتيجية شــمولية منســجمة تدمج وتنصهر فيها جميع القطاعات، وفــق مقاربة تشــاركية وتهــدف إلى ضمان الاســتفادة مــن الخدمات الاجتماعية الأساســية )التربية، التعليم، الســكن، الثقافة، الرياضة(،
وتكريــس مبدأ تكافؤ الفرص، عبر الرفع من منســوب ثقة الشــباب في منظومة التعليم والتدريب، عبر إصــاح طرق ومناهج التوجيه وولوج الجامعات ومؤسســات التكوين، وتقوية وتوسيع الخدمات الاجتماعية الموجهة للشــباب، ولا ســيما الطلبة، المنح، الســكن الجامعــي، النقل، التغطية الصحية، بالإضافة إلى تشــجيع التشــغيل والتشغيل الذاتي عبر برامج ومشــاريع محــددة، وتطوير تجهيزات القــرب الاجتماعي والرياضة الموجهــة للشــباب، وتقويــة برامج القرب وولوج الشــباب للأنشطة والفضاءات الترفيهية، وللثقافة خصوصاً في الأحياء المحرومة والهامشية بالمناطق التي يعاني سكانها من فقر كبير.
كما يتضمــن البرنامــج الانتخابي محاربــة كل الظواهــر المنحرفة والسلبية المرتبطة بالعنف في الأماكن العمومية وبالإدمان على المخدرات والكحــول، بتعاون مع جمعيات الشــباب، وتنشــيط وتحريك المجلس الأعلــى للشــباب والعمل الجمعوي، وتوفيــر حماية قانونيــة وفعلية
للأطفال المتخلى عنهم، مع ضمان حقوقهم الأساســية وتوســيع شــبكة المراكز المخصصة لاســتقبالهم، بغاية احتضانهم والعناية بهم وتكوينهم للاندمــاج الكلي والناجح في حياة المجتمــع، وتكريس حقوق الطفل في التعليم والصحة مع منع زواج القاصرات والقاصرين، وتشــديد العقاب والرفع من المدد الســجنية في كل حالات العنف المعنوي والجسدي تجاه الأطفال.
المناصفة والمساواة
ويتمســك حزب "التقدم والاشتراكية" بشــعار "التوجه بعزيمة قوية وحزم نحو المناصفة والمســاواة"، باعتبار أن تقدم المجتمع المغربي يظل مشــروطاً بتفعيل مبدأ المســاواة، والاعتراف بحقوق النساء على جميع المســتويات. في هذا الصدد، يوضح البرنامج الانتخابــي قائلاً: "ما من شــك أنه بفضل كفاحات قوى التقدم والحداثة ومن ضمنها حزب التقدم والاشتراكية، تم تحقيق مكتسبات في هذا المجال، لكن ما تزال هناك كوابح ومعيقات وجب العمل على رفعها في الأجل المنظور، والتوجه بحزم نحو المناصفة والمســاواة، لا ســيما من خلال تعزيز تمثيلية النســاء في كل المجالس المنتخبة للتوجه الفعلي نحو المناصفة، وخلق الشروط الملائمة لانخراط المــرأة في الحياة السياســية والجمعوية، وتقويــة الاندماج الاقتصادي للنساء، برفع نسبة نشاطهن وعملهن، فضلاً عن الجهود التي يجب بذلها وتعزيزها لتعليم الفتيات الصغيرات والاستمرار في ذلك.
ومن الضروري، وفق البرنامج الانتخابــي المذكور، اعتماد "المطاردة الممنهجة" لكل أشــكال التمييــز أثناء العمــل، وداخل الوســط المهني، وبالخصوص ضمان إمكانية الوصول إلى مناصب المسؤولية، مع احترام المســاواة التامة في الأجور بين النســاء والرجال، وتشــجيع التوظيف الذاتــي والمقاولة الذاتيــة النســائية، وضمان المســاواة في الحصول على العقار عبر القروض، وتشــجيع تأســيس التعاونيات النســائية وبالخصوص في مياديــن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتســهيل الولوج للتمويل، فضلاً عن تقوية القدرات التدبيرية.
كما يشدد حزب "التقدم والاشتراكية" على التنفيذ الفعلي للمقتضيات القانونية لمدونة الأسرة، ولمدونة الجنســية، والقانون المناهض للعنف ضد النســاء، عبر تعزيز المســاعدة الفضائية والتأنيث المتدرج لبعض المهن مثل القضاء والأمن الوطني ومفتشــية الشــغل، فضلاً عن محاربة كل الصور النمطية والتحقيرية للمرأة فــي المجتمع، والتطوير والتنفيذ الفعلــي لمقاربة النــوع، على جميع المســتويات، والتثمــن الاقتصادي والاجتماعــي العمل النســاء، وبالخصوص عمل المــرأة القروية ونظام المساعدة للأسرة، وضمان حد أدنى للدخل المخصص للنساء في وضعية الهشاشة، والرفع من معاشات الخلف للأرامل.
في ســياق متصــل، أعلن محمــد نبيل عبد اللــه، أمين عــام "التقدم والاشــتراكية"، أن حزبه ســيقدم أكثر من 10 نســاء على رأس القوائم الانتخابية المحلية.