Al-Quds Al-Arabi

في موريتانيا ضريبة يفرضها الصغار على الكبار في عيد الأضحى

- نواكشوط ـ «القدس العربي» من عبد الله مولود:

قضــى كوفيــد علــى عــادات كثيــرة فــي المعايــدا­ت: فما من تجمعــات في عيد الأضحى الذي يتواصل إحيــاؤه الفاتر في يومه الثاني، ومــا من تبــادل للزيــارات؛ فإجــراءات كوفيد وحظر التجــوال تحول دون حريــة الناس في الاحتفاء بعيدهم الكبير.

لكن كوفيــد بجبروته لم يتمكــن من القضاء علــى عــادة "أندوينــه" أو ضريبــة العيــد التي يفرضها الصغار على الكبار، لقد استمرت هذه العادة بطقوسها ومكوسها.

ولــم تتوقف ورطــة العيــد ولا متاعبــه عند شــراء الأســر المنهكة لأغلى الخرفــان ولا عند اقتنــاء أغلى الملابــس والأحذيــة، فهناك عادة المعايدة التي يســمونها محلياً غرامة "أنديونه" وهي عبارة عن مبلغ مالــي تلزم التقاليد الكبار بدفعه للصغار أيام العيد الثلاثة.

هــذه العــادة غــزت المجتمــع الموريتاني منذ ســنوات رغم أنهــا في الأصــل عــادة المجتمع السنغالي المجاور.

ومنذ الأربعاء، اليوم الــذي قررت موريتانيا متأخــرة أنــه يــوم العيــد تبعــاً لرؤيــة الهلال عندهــا، ولحد اليوم الجمعة، يواصل عشــرات من الأطفال مــن مختلف الأعمــار جولاتهم في الأحيــاء طلبــاً لضريبــة "أنديونــه" ولا محيــد مــن الاســتجاب­ة لذلــك، لأن تطبيق الوتســاب وصفحات إنستغرام تتيح نشر قائمة الكرماء، وقائمة البخلاء أيضاً.

ومــن إكراهــات "أنديونــه" أنهــا لا تدفع إلا بالنقــد، فلا يمكــن التعويض عنها بــأي هدايا

أخــرى، وهي مع ذلك ملزمة لا بد من ســدادها أيضاً وإلا حل العار بساحة من يبخل بها.

ويظــل الجانب الميســر في هــذه الإتاوة هو أنها غيــر محددة بمبلغ معين، لكــن كرم وبخل الدافع ينقاســان بما ســيجود به هــذا أو ذاك، فيكــون المدح حظ هؤلاء والقــدح والهجاء حظ أولئك.

أمــا وقت "أنديونــه" فممتد طيلــة أيام العيد الثلاثة، ووقت التحصيل مفتوح لهذه الضريبة التــي أصبحــت مــع اشــتداد وطــأة الأســعار وارتفاع نسب التضخم، عبئاً كبيراً على معيلي الأسر في مجتمع تنجذب إليه العادات الغريبة كثيراً.

هذه الإتــاوة الاجتماعيـ­ـة التكافلية اختلقها مخيال إفريقيا الخصب بالتقاليد والأســاطي­ر، وفرضتهــا العــادة على الكبار الذيــن عليهم أن يدفعوها عشــية يــوم العيد للصغــار المتلهفين لهــا، وقــد غــزت المجتمــع الموريتانـ­ـي المختلط بالزنوج واستقرت فيه وأصبحت من نواميس العيد وطقوسه الثابتة.

ويرى الطبيب التقليدي الســنغالي أن "عادة أنديونه خرجت عن أصلها التكافلي غير الملزم وتحولت إلى فريضة إلزاميــة، وهذا ما جعلها عادة سلبية".

ويقــول الإمــام حســن انجــاي: "إن عــادة أنديونــه تقليــد اجتماعي عريق"، فهي حســب رأيــه، "مثــل زكاة الفطر، تفرض علــى الأغنياء دفع جزء مــن أموالهم للأطفــال فيحدث بذلك نوع من التكافل".

وتنبني على عادة "أنديونه" خرافات كثيرة، منها أن من ســددها بطيب نفــس يضمن له ألا يموت قبــل العيــد الموالي، ومن بخــل بها ربما يغيب عن العيد المقبل، أو هكذا يعتقدون.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom