Al-Quds Al-Arabi

من الصعب تجنب الإثارة الجنسية في أعمال بيكاسو

الروائي الفرنسي باتريك غرينفيل:

-

حوار: برنارد روزين | ترجمة: عبدالله الحيمر

هــل تمــارس بأســلوب رمــزي «الرواية - التشكيل» إلى حد ما؟

■ أحب الرســم بالكلمات، وهذه الرواية للرسم، يظل بيكاســو في نظري رســاما رمزيــا، حتى لو أنه شــكّل وأظهر نفســه على أنه جريء. أمــا نيكولا دي ستايل، من جانبه، فتبين أنه فنان ملموس إلى حد ما سينتهي به المطاف إلى التشخيص والتجريد.

قيــل الكثير عــن العــودة إلى الرســم: هل ستجسده في الأدب؟

■ الكلمات موحية، هناك أحاســيس، مجموعات من الألوان تســعدني: الكتابة معبــرة. لكنني أتعامل مع رموز عظيمــة: كما في رواياتي الســابقة «منحدر الحمقــى» التي تــدور حول شــخصيات الرســامين مونيــه وكوربيه، والأخيرة لبيكاســو ودي ســتايل: الأولى رمزية، وفي الوقت نفسه استفزازية.

أسلوبك الأدبي هو أيضًا تجسيدي وباروكي..

■ أقــل باروكا مما قيل، خاصــة أن الكلمة اليوم مفرطة في الاســتخدا­م، بل تم اســتهلاكه­ا.كتاباتي تندرج في سلســلة الكتّاب الذين أقدرهم مثل كوليت وجيونو.. الباروك يعني محمّلا ومتحركا ورائعا.في الأساس، تأتي نماذجي الروائية، مثل فيكتور هوغو، من تقليد فرنســي أكثر من الباروك.كوني شــاباً، بلا شــك، لقد استفدت من ذلك كثيراً، لكن مع تقدمي في السن، تغيرت نظرتي استقرت وتشددت.

هنــاك رســامو المعارك.هل أنت من رســامي حروب الحب؟

■ قليلا،بالنســبة لــي الحــب دائمــا يتعــرض للتعذيب.كان بيكاســو والفنان دي ســتايل عاشقين عظيمــن: أحدهما أتقن الأمر على حســاب النســاء، بينما كان دي ســتايل على وشــك المــوت... ميلوس، )الشخصية في الرواية( كان من المفترض أن يتفوق عليه الحب الذي كســره: لذلــك كانت هناك حرب.مع بيكاســو، في البداية، إنهــا اللحظات الرومانســ­ية، قبل أن تتدهور لأنه يذهب للبحث في مكان آخر.. في الحب، غالبا ما تكون هناك خســارة وأزمات، كما هو الحال مع راسين: الجنة وجحيم الحب.

هل هناك إثارة جنســية للكلمات، كما ان هناك صيغة مصورة؟

■ الرســم أكثر مباشــرة وبصرية كمــا في حالة روبنــز، الــذي تتجلــى فيه الإثــارة الجنســية عندما يرســم هيلين فورمنت، زوجته الثانية والشــابة. من خــال الصــوت، واختيار الكلمــات، يتمكــن الكاتب من اســتعادة المشاهد الجنســية على العموم.وغالبا ما يكــون مفرطــا: على ســبيل المثــال، ينفــذ حوالي خمســن لوحة حــول موضوع مــاري تيريــز والتر. حاولت اســتعادة مينوتــور بيكاســو )بالميثولوج­يا اليونانيــ­ة، وحش كبيــر، نصفه رجــل ونصفه ثور( الشــره المرضي غير المحتمل للرجل الثــور والأضرار التي سببها لضحاياه، الذين مارس عليهم هذا الفنان مثل هذا الانجذاب، لدرجة أنه أصبح مدمرا.

الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يتكلم أثناء التزاوج..

■ الإنســان يتحــدث قبل وأثناء وبعد ممارســة الحب. هناك طقوس، بعضها صامت: يمكن للكلمة أن تكون حافزا، أو رمزا سريا، أو مثل رسائل الحب.من المؤكد أن الحيوانات لا تحتاج إلى لغة، فحب الإنسان غالبــا مــا يكون محاطــا باللغــة: حروفا، وأشــعارا، وكلمــات، وهي الوظيفة الشــعرية والإثارة للغة. في بعــض الأحيان تكــون فطرية أو أدبية.هناك عشــاق صامتون أو آخرون أكثر غنائية.

مشــاهدك الجنســية جميلة جدا، مثل مشاهد هويلبيك..

■ معه، ربما يكون الأمر أكثر صرامة واستفزازا، وأكثــر حســية فــي حالتي.علــى أي حــال، يجــرؤ هويلبيك أيضا على هذا النوع من المشاهد، وهو نادر اليوم. في «عيون ميلوس» اســتحضرت اللوحة هذه المشــاهد،حيث الرسام دي ســتايل ينجــز لوحــات عارية لعشــقه الأخيــر الــذي يحتفــل به.يعتقد أنه أكثر نقاءً، لكنه مهووس بجســد جــن ماثيــو، التــي لا تنضم إليــه في مدينة أنتيب، حيث ينتحر.

هل بيكاســو هــو رجــل «المغــارة» «وليس الكهوف »؟

■ كلاهما: يرســم جنــس المرأة بالفعــل، أحيانا بطريقــة حرفيــة للغايــة، إنــه بالفعــل رجــل المغارة والكهوف، التجاويف، رســام الجنســن.حاولت أن أنقل حقيقة أن لوحاته ورســوماته أصبحت شديدة الاستقطاب حول هذا الموضوع في نهاية حياته.

يظهــر في بعــض الأحيان كإنســان الكهوف البدائي، يلعب أكثر على موضوع الثور؟

■ كان مفتونًا بمصارعة الثيران، لكن رؤيته للثور كانــت للقوة.. فــي لوحته «غيرنيكا» هــو ثور يمتطي صهــوة حصان: لقــد عبّر عن هــذه المذبحة من خلال مفرداتــه في مصارعة الثيران، قــال إنه يريد فقط أن يكون «الماتادور»..

إذن بيكاســو كان من مصارعي إناث الثيران؟ كأنه نوع من «ثوروماشو»؟

■ كان لديــه هذا الجانب الرجولي، الأندلســي، المتوســطي، الــذي لاحظتــه جيــدا زوجته الســابقة الرســامة فرانســواز جيلو، احدى رفاقــه الكثيرين، التــي كتبــت كتابــا عنــه.كان لديــه ذلــك الجانــب الأندلســي المتوســطي. ومع ذلــك، كانــت مصارعة الثيــران في ذلك الوقت موضــع تقدير من قبل جميع أنواع الشــخصيات المشــهورة: كان مصارع الثيران دومينغويز محاطًا بممثــات هوليوود كغريتاغارب­و وأفــا غاردنــر، من قبل النســاء اللواتي لــم يصبحن مصارعات لثيران. اليوم لدينا حساســية أكبر بكثير تجاه الحيوانات،لكن في ذلك الوقت، لم تكن النساء اللاتي حضرن مصارعــة الثيران من نوع المترجلات. لقد حضرت الرسامة فرانســواز جيلو، وهي مثقفة، كثيرا مســابقات مصارعة الثيران، في الوقت نفسه، تخيل نفســك مثل الماتادور أكثر من الثور هو تناقض كبير، خاصة بالنسبة للمينوتور... يــرى بيكاســو الحــب وكأنــه حلبــة، مصارعة ثيران.علاقته بالنســاء ليســت علاقــة إغــواء، بــل هــي علاقة ســيطرة على هؤلاء النساء، من الصعب تجنب الإثارة الجنسية فــي أعمــال بيكاســو: لديه عمل مرتبط باســتمرار بالمرأة، بشكل عــام جديــد. وغالبــا مــا يكــون مفرطا.

بيكاســو مــن جنــوب أوروباودي ســتايل من شمالها، كيــف عالجــت الجنســي مقابل الرومانسي؟

■ الرسام دي ستايل الروسي الأصــل، رومانســي، بينمــا كان رجل نســاء. هــو أكثر فــي العاطفة والشغف، ولا سيما مع حبه الأخير. بيكاســو هو أكثر في الرغبة المكثفة، دون أن يكــون ســاخرا، لكــن الرغبة الجنســية هي التي تفوز، بينما تغلب العاطفــة على دي ســتايل، الذي تســلبه روحه وأخيراً... حياته.

مثل بيكاسو، هل تسلط الضوء على الحيوانية المكبوتــة، التــي هــي مرفوضة من طــرف الجنس البشري؟

■ كان بيكاســو محاطًــا بالحيوانات.كان يحب الأقنعــة والذهاب إلــى متحف الإنســان في باريس، كان فيــه هــذا الجانــب الشبحيوالس­ــحري.هذه النظــرة الحيوانيــ­ة تخاطبنــي: هناك حيــاة، غريزة. يتــم الآن إعادة تأهيــل الحيوان وتنقيتــه في الوقت نفســه،لقد تم محــو حيوانية الإنســان، لأننا لا نرى ســوى الحروب، والجنــون والهمجية.مــن الواضح أن هــذه النزعة الحيوانية مرفوضة. لكن هذا الجمال فــي الرجال والنســاء، الــذي يجده المــرء في الحب والاحتضــا­ن، يُنظر إليه اليوم على أنــه عنيف، بينما يجــد المرء هناك مجموعة من الاحتفــال بـ»الحيوان» الذي يصبــح مثاليًا. يجب حمايتــه، وتجريده تماما في النهاية من حيوانيته.

 ??  ?? باتريك غرينفيل
باتريك غرينفيل
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom