Al-Quds Al-Arabi

محض القوّة المسنود بالإعلام

-

التّدخلات الأمريكيّة في أمريكا اللاتينية علنيّة كانت أم سريّة، رافقتها دائماً وفي كل مــرّة جوقة إعلاميّة متكاملة تبدأ من كبرى تلفزيونات وصحف ومجلات )ولاحقاً المواقــع الإلكترونيّة( في الولايات المتحـّـدة وتتبعها دون تدقيق مختلف وســائل الإعلام الغربيّ والعالمي، فيما لا تكاد تجد الشعوب التي تتعرّض للعدوان لها صوتاً ينقل وجهة نظرها أو حتى لون دمائها المهدورة، اللهم إلا عدد قليل من العناوين ذات الانتشار والتأثير المحدودين.

والحــال هذي، لا تَحْتكر واشــنطن امتلاك السّــرديّة وصياغــة نقل الحدث بما يتناسب ورؤيتها فحسب، وإنما تفرض على العالم قيوداً على التفكير وطريقة قراءة الأحداث من خلال سيطرتها على المصطلح والتعابير المستخدمة في العمل الإعلاميّ. فمثلاً «الحصار» يســمى أمريكيّاً «الحظر الإقتصادي» ليتحوّل أسلوب خنق شعوب برمتها في ذهن متلقــي المادة الإعلاميّة مجرّد امتناع عــن تصدير بعض المنتوجات التجاريّة لا أكثر، مع أنّ الحكومة الأمريكية لا تمنع مواطنيها وشــركاتها من التجارة مع كوبا فحسب، بل تحظر أيضا التجارة مع الكيانات الأجنبية التي تتعامل أيضا مع كوبا، مما يعني أن على الشركات أن تختار بين التعامل مع كوبا الصغيرة أو الولايات المتحدة الهائلة )كوبا تعادل نصف في المئة من حجم الاقتصاد الأمريكي(.

ويُطلــق على كل من يقاوم العدوان الأمريكي ألقاباً مثل إرهابيين ومتمردين، فيما تســبغ على القتلة الذين يكلّفون بقمع الشــعوب بـ»القوات الحكوميّة» أو «مقاتلو الحريّة» (حســب موقعهم في الســلطة أو المعارضة( ويتهم كل رئيس دولة تعارض الولايات المتحدة بأنّه ديكتاتور متسلط، مهما كانت طريقة وصوله إلى السلطة، بما في ذلك الانتخابات الديمقراطيّة، فيما انقلابيــو­ن وجلاوزة يقودون أنظمة مؤيدة للولايــات المتحدة يعاملون إعلامياً كرؤســاء دول محترمين، لا غبار على شــرعيّة تمثيلهم لبلادهم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom