Al-Quds Al-Arabi

إلى الأم الثكلى جرار: منذ متى تبث إسرائيل ولو «ومضة إنسانية» واحدة تجاه الفلسطينيي­ن؟

- جدعون ليفي – – – –

■ لا شــك لدي بأن الســيد عومــر بارليف )الذي نادانــي بـــ «الســيد ليفي») إنســان ملــيء بالنوايا الحسنة، ولا شك أيضاً في نزاهته. للعلم: عملت مع والده وأحببته؛ ووقّعت كشــاهد على وصيته، لكن ثمة شــك مــا إذا كان بارليف يعــرف وظيفته كوزير يطبــق رؤيا مــا. وإذا ما حكمنا حســب ســلوكه في قضيــة عدم إطلاق ســراح خالدة جرار من الســجن بعد وفــاة ابنتها ســهى، وإذا ما حكمنــا وفق مقال التوضيح الذي نشــره في «هآرتس» (7/16( فيبدو أن لا حاجــة إلــى وزير أمــن داخلي. يكفــي روبوت وآلة، وللأســف، يكفــي موظف ممتثل. شــغل هذه الوظيفــة بارليــف بتميــز. كانت عضوة الكنيســت عايدة توما سليمان )القائمة المشتركة( لفتت انتباه بارليــف إلى مــوت ابنة عضــوة البرلمان الســجينة، فوعد بفحص الأمر. إذا كان الأمر من صلاحيته، كما وعد، فسيســمح لها بالخروج للمشاركة في جنازة ابنتها. هاكم حكومة التغيير: سلفه في هذا المنصب، أميــر اوحانــا، لم يكن ليعد بأي شــيء كهــذا. وهنا يُدفــن الكلب بارليــف حرك الموضــوع، فهو ليس أوحانــا. وليس مثل ســلفه. هو شــخص إنســاني. ولكن هناك شــيء ما تشــوش في الطريق، شيء ما لم يجــر على ما يــرام. إنه ليس الوقــت الصحيح أو الحالة الصحيحــة، فثمة قانون، كمــا تعرفون. كما أن هنــاك إجراءات، خصوصــاً عندما يدور الحديث عــن احتلال. وهاكــم النتيجة: ســلوك بربري تجاه أم ثكلى، سجينة سياســية. ورغم دعاية الكذب في موضوعهــا، فهــي تقضي عقوبة بســبب نشــاطها السياسي، وبعد شــهرين سيتم إطلاق سراحها من الســجن. لماذا نحــن إذاً بحاجة إلــى بارليف؟ كانت النتيجة لدى اوحانا نفــس النتيجة بالضبط، بدون أي ورع. تظاهر بالجمال وتظاهر بالعدالة. هكذا هو الأمر دائماً لدى اليسار الصهيوني: لو كان يستطيع، ولو ســارت الأمــور كمــا أراد، لأنهــى الاحتلال منذ زمن. ببساطة، لم يستطع ولم يتأتّ له.

فــي نهايــة المطــاف، اوحانــا، ســيئ الســمعة، أفضــل مــن بارليف. فهــو على الأقل حــاول تطبيق رؤيته للعالــم عندما كان وزير الأمــن الداخلي. وقد حــاول تحدي القانون والإجــراء­ات من أجل تطبيق معتقداته. وبث من روحه )الشريرة في نظري( على شــرطة إســرائيل، هذه هي وظيفته. وفي المقابل، لا يحــاول الموظف بارليــف ذلك. المستشــار القانوني فــي الوزارة قال له إن هذا غير ممكن. والأســاس أنه حاول... حرك ساكناً وعاد إلى الروتين.

اضطــرت جــرار إلى الحــداد وحدها في ســجن الدامــون. وأنا علــى ثقة بــأن الوزير يعتقــد أن هذا العمل غير إنســاني. ولا شــك لدي بأنه يدرك أيضاً عظم اللامعقول. فبعد شــهرين ســيتم إطلاق سراح خالدة جرار على أي حال. قانون الســجون يســمح للوزيــر بالإفراج عــن الســجناء وإعطائهــم إجازة. ولكــن هــذه الصلاحيــة أعطيــت لمفتــش مصلحــة السجون. تم تفصيل الشروط بشكل خاص للفصل العنصري. تقريباً لا توجد أي طريقة لإطلاق ســراح سجين فلسطيني لإجازة. ولكن المستشار القانوني في جمعية حقوق الإنســان، دان ياكير، قال إنه كان يمكن التوجه إلى قائد المنطقة العســكري، الذي كان يمكنــه خفــض حكم جــرار وإطــاق ســراحها على الفور. ولكن ومن أجل ذلــك، كان يجب على بارليف العمــل أكثــر من تحريــك الســاكن نحن هنــا كنا بحاجة إلى شــخص لديه عقل كبير، وهذا كما يبدو أمر أكبر من مقاسه.

إذا كانــت لبارليف رؤية وقيــم، فعلى الأقل كان عليــه قول شــيء ما عن الإجــراءا­ت التي لا تســمح بإطلاق ســراح أم ثكلــت ابنتها. وأن يعطي إشــارة لمصلحة الســجون بأن هناك وزيراً له رؤية مختلفة. ولكن بارليف حرك ساكناً وصمت.

عنــد قراءة مقال بارليف يتذكــر قارئ «هآرتس» الدكتور ايلان غال «حملة العم ماكس» لحانوخ لفين. ماكس يبحث عن المذنبين الذين يتسببون بالشر في العالم. وقد تم إرســاله من موظــف إلى قيصر، ومن قيصــر إلى تنين، والجميع يتهمــون بعضهم بعضاً. «الجميع يعرضون هذا المســاء في الســيرك الملك هــو المهــرج/ القمر هو المصبــاح/ البــكاء ليس بكاء والألــم ليس ألماً/ ضحكوا بصــوت عال لا تأخذوا هذا الأمــر على محمــل الجد». ولكن كيــف يمكن أن تضحك دون أن تأخذ الأمر على محمل الجد؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom