Al-Quds Al-Arabi

بتنقله بين منصور عباس وأيمن عودة: نتنياهو ومناكفته بينيت... من المحرض على العرب إلى «المشرعن القومي!»

- كارولينا ليندسمان

■ خرجت إســرائيل من الطريق السياسي المسدود، لكنها سقطت في دوامة سياسية. إن مفاهيم «يمين» و»يسار» لم تعد تخدم من يريد أن يقرأ الخارطة السياسية بصورة صحيحة. قل لي هل أنت في اليمين أم اليسار وسأقول لك بأني لا أملك فكرة عما تفكر فيه.

المطلــوب خدمات تحليــل فورية لتفهم ما الذي حدث في الكنيســت. اقترحت القائمة المشــتركة مشــروع قانون هدفه تشــكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق في «إخفاقات الشرطة أمام منظمات الجريمة في المجتمع العربي». وقد حاول مقدم المشــروع، وهو رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيســت أيمن عودة، تجنيد تأييد أعضاء اليســار في الائتلاف، لكنهم فضلوا التمســك بالاتفاقات الائتلافية. ولكن حدث الأمر الذي لا يصدق: فقد صوت نتنياهو والليكود مع مشــروع القانــون، فيما الأعضاء العرب في الائتلاف وراعم وأعضاء وميرتس، عارضوه. وفي أعقاب تصويتهم، سقط مشروع القانون بأغلبية 57 ضد، مقابل 45 مع.

فضل كل من «راعم» و»ميرتس» الانضباط الائتلافي على الانضباط الأيديولوج­ــي. وثمة أعضاء، ومنهم من هم فــي «راعم» أثبتوا الإخلاص للمنتخب «المهني» الذي يلعبون فيــه دون منتخبهم القومي. ويعتبر هذا استمراراً مباشــراً لتصويت غريب على تمديد تعليمات الطوارئ بدلاً من تعديل قانون المواطنة. في حين انضــم الليكود والأصوليون إلى القائمة المشــتركة وأفشلوا مشروع قانون «منع لم شــمل العائلات» وهي الروح «غير الدســتوري­ة» لليمين القومي المتطرف. في حين، سعى أعضاء راعم وميرتس إلى تمديد صيغة محسنة له.

هذا غريب جــداً، لكنه ثــوري. فبعد ســنوات مــن التحريض ونزع الشرعية للصوت والتمثيل العربي في الكنيست، أوجد نتنياهو والليكود تمييزاً بين «راعم» وأجزاء «القائمة المشــتركة» الأخــرى. الأوائل حلال، والآخرون حرام. هذه الرســالة التي تقول إن كل ما قيل عن العرب وعن دعمهم للارهابيين وما شابه، هو ســاري المفعول. ولكن «راعم» مختلفة، حيث يمكن عقد الصفقات معها.

ولكن شــهادة الحــال التــي منحها نتنياهــو لـ»راعــم» مكنتها من دخول حكومــة نفتالي بينيــت. والآن حيث وجد نتنياهــو، والليكود، والأصوليون، والعرب من «المشتركة» أنفسهم في نفس القارب المعارض، فثمة عملية مهمة لا مثيل لها تحدث هنا. رغم أنفه وليس حســب ما يريد، يواصل نتنياهو مهمته التاريخية، وهي اســتكمال عملية شرعنة التمثيل السياسي العربي، وشرعنة التعاون السياسي حتى مع القائمة المشتركة. نعم، المحرض القومي لـ «العرب يتدفقــون». بالتحديد هو. هذا كما يبدو نوعاً من الكوميديا الإلهية.

صحيح أن قوة العرب السياســية ازدادت. إذا كان منصور عباس هو «رئيــس الحكومة الفعلي» كمــا يوجه نتنياهو انتقــاده لبينيت، فيمكن القول أيضاً إن أيمن عودة هو رئيس المعارضة الفعلي. على ســبيل المثال، عند إفشال تعديل قانون المواطنة، الذي لا تقل أهميته عن قانون القومية، حينئذ يمكن لعودة أن يسجل لنفسه الإنجاز الأهم في السنوات الأخيرة لصالح الأقلية العربية وتعزيز الديمقراطي­ة في إسرائيل.

من يدرك في أعماقه أن مستقبل إسرائيل يرتبط بقدرة اليهود والعرب على العثور على طريق للعيش بســام وبتعاون حقيقي، ســيجد الأمل في هذه العمليات السياســية الغربية. صحيح أن الأمــر يدور حول أمر اضطراري وليس حول أيديولوجيا، ولــو كان الليكود والأصوليون في الســلطة لصوتوا لصالح تمديد تعليمات الطوارئ وضد لجنة التحقيق. لقد وجدوا أنفســهم في نفس القارب، ولهم مصالح مشــتركة للعمل معاً. ربما هذا هو اللاوعي السياسي وربما المصير وربما الضرورة التاريخية. من يعرف؟

على المدى البعيد، ســيبدو العمل المشــترك ومتعة جلسات الكنيست بكامل هيئتهــا والقمع وليالــي التعطيل وعمليات الشــرعنة والتطبيع العلنيــة، هي أكثر أهمية من الهدف الذي يعملــون معاً من أجله. عضلات التعاون تتقــوى بين اليهود والعرب أمام ناظرينــا. وهذا أمر مرحب به. فالشرعية ممارسة لا كلمة.

هآرتس 2021/7/16

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom