Al-Quds Al-Arabi

مواسم اغتيال الرؤساء!

-

■ تعرّض عدّة رؤســاء مؤخرا، وخــال فترة متقاربة، لمحاولات اغتيال، تعددت الوسائل فيها.

نجحــت محاولــة الاغتيــال المنظمــة التــي اســتهدفت جوفينيــل مويس، رئيس هاييتي، في الســابع من الشــهر الجاري، مما أدى لوفاته في منزله.

أما في مالي، الدولة الأفريقية، فحاول شــخصان طعن رئيســها المؤقــت، الكولونيل أســيمي غويتا، باســتخدام ســكين، وذلــك خــال الصــاة فــي الجامــع الكبيــر في العاصمة باماكو، في العشرين من الشهر نفسه.

وفــي اليوم نفســه، ولكــن في أفغانســتا­ن هــذه المرة، ســقطت ثلاثة صواريــخ بالقرب من القصر الرئاســي في العاصمة كابول، وجرت المحاولــة أيضا، في مالي، خلال صــاة عيد الأضحى التــي حضرها الرئيس أشــرف غني وسياسيون ومسؤولون آخرون.

ويوم أمس أعلن مكتب المدّعي العام في مدغشــقر، البلد الأفريقــي المطلّ علــى المحيط الهندي، عــن إحباط محاولة اغتيال اســتهدفت رئيســه أندريــه راجولينــا، وتأتي هذه العملية بعــد محاولة أخرى جرت فــي 26 حزيران/يونيو الماضي، واســتهدفت حينها وزير الخارجية المسؤول عن قوات الدرك.

يمكــن تتبع عمليــات اغتيال ضــد الزعماء فــي التاريخ العربيّ المعاصر مع مقتل العائلة المالكة العراقية في تموز/ يوليو 1958، والتي جرّت بعدها سلسلة من حوادث العنف «الرئاســية» مع إعــدام عبد الكريم قاســم قائــد الانقلاب العســكري الذي أنهــى الحكــم الملكي في شــباط/فبراير 1963، ومصــرع الرئيــس عبد الســام عــارف في ظروف غامضة، وصولا إلى إعدام الرئيس العراقي صدام حسين )خلال فجر عيد الأضحى عام 2006.)

وفي اليمن، جرى أول انقلاب ضد عبد الله السلال، أول رئيس للجمهوريــ­ة، خلال زيارة له إلى العــراق عام 1957، حين كانــت الحرب مســتعرة بين الملكيــن والجمهوريي­ن، وأن الرئيس الثالث فيها، إبراهيم الحمدي، قد اغتيل أيضا )مع أخيه( في ظروف غامضة عام 1974، ثم اغتيل ســلفه أحمد الغشــمي بقنبلة عام 1978، وصولا إلى علي عبد الله

صالح، الذي قتل في كانون الأول/ديسمبر عام 2017.

لســوريا نصيبهــا الكبيــر مــن الاغتيــال­ات، كمــا جرى مع حســني الزعيم )الــذي انقلب على رئيــس الجمهورية المنتخــب شــكري القوتلي( الــذي أعدم عــام 1949 )بعد 4 أشــهر من انقلابــه( ثم ســامي الحناوي، قائــد الانقلاب الثانــي، الــذي اغتيــل في بيــروت، عــام 1950، ثــم أديب الشيشكلي، قائد الانقلاب الثالث، الذي اغتيل في البرازيل عام 1964، ونور الدين الأتاســي الذي أصيب بالســرطان وهو في السجن بعد انقلاب حافظ الأسد عليه وتوفي في باريس عام 1992، وقد تعرّض حافظ الأسد نفسه لمحاولة اغتيال عــام 1980 كان من تداعياتها عملية اغتيال جماعية قادتها قوات «ســرايا الدفاع» في سجن تدمر وقُتل المئات من السجناء.

لا يمكــن، ضمن هــذا الســياق، تجاهل اغتيــال الزعيم الليبــي معمــر القذافــي، فــي تشــرين الأول/أكتوبر عام 2011، ولا عملية اغتيال الملك فيصل آل ســعود، عام 1975، ولا اغتيــال الملــك الأردني عبد الله بن الحســن عام 1951،

واغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981، وكذلك محــاولات اغتيــال أخرى تعرّض لها حســن ملــك الأردن بالرصاص والقنابل والطائرات والســم، والحسن الثاني ملك المغرب، خــال محاولة انقلاب الجنرال محمد أوفقير )وزير الداخلية والدفاع(.

بغضّ النظر عن الأســباب المتعددة لكل هذه الاغتيالات، فهــي تعبّر، فــي مجملها، عــن إرادة للتغييــر العنيف وعن اســتعصاء الحلول السياسية المتوفّرة في تلك النظم، وما يثير التفكّر أن عمليّة الاغتيال الأولى تكون فاتحة لمجموعة من عمليات الاغتيال اللاحقة التي تلتهم المشاركين فيها.

غير أن أســوأ ما في هــذه الظاهرة التي استشــرت في الجغرافيا العربية أن الملوك والرؤســاء مــا زالوا يلجؤون إلى وصفــة العنف نفســها ضــد معارضيهم وشــعوبهم وأن أوهام التســلّط ما تزال تراودهــم وبدلا من التعلّم من ميتــات نظرائهــم الفظيعــة، والعمل على مأسســة الحكم المدني والديمقراط­ية وســيادة القانون، فإنهم ينزعون إلى الوصفة نفسها التي أودت بغيرهم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom